تصميم أحمد بلال، المنصة
تمكن المشروع الذي لم يتجاوز عمره الشهور من تشغيل 30 امرأة

"ممكن".. عبير ورضوى تنتصران لـ"المنقطعات عن العمل"

منشور الاثنين 11 مارس 2024

في حي المقطم، توقفت أمام عمارة متوسطة الارتفاع بها عدد من الموظفات وغرفة اجتماعات صغيرة، حيث استقبلتني عبير الليثي ورضوى العطار مؤسِّستا منصة ممكن التي تدعم النساء المنقطعات عن العمل في العودة إليه، من خلال توفير التدريب اللازم والتشبيك بالوظائف المتاحة.

نجحت "ممكن" مؤخرًا في الحصول على تمويل من رجال أعمال في برنامج Shark Tank Egypt، وهو ما يعدُّ خطوة نجاح للمشروع الذي لم يتجاوز عمره العام، سبقتها قدرته على الوصول إلى ما يقرب من 400 ألف امرأة تفاعلت مع الموقع، كما اقتربت نسبة التوظيف عن طريقها لـ30 امرأة في شهور قليلة. لفتت المرأتان الأنظار في البرنامج بمشروعهما الذي زادت الحاجة إليه في ظل الأزمة الاقتصادية التي تتفاقم.

من رحم التجربة

أرادت عبير الليثي تعميم تجربتها في العودة إلى العمل بعد انقطاع، حيث اضطرت بعد حصولها على درجة البكالوريوس في الصيدلة من جامعة عين شمس ثم الماجستير في الكيمياء الحيوية، والعمل لفترة قصيرة بإحدى الصيدليات، أن تتزوج ثم تنجب وتسافر مع زوجها وأسرتها خارج مصر، لتنقطع صلتها بسوق الحياة العملية نهائيًا.

عادت عبير بعد سنوات "حسيت إني عايزة أشتغل"، إلا أن أكبر تحدٍ واجهها كان فترة الانقطاع، فلم تكن تعلم من أين تبدأ مرة أخرى، بعكس رضوى التي لم تنقطع عن العمل منذ تخرجها في الجامعة، ولم يعطلها الزواج.

بدأت فكرة المشروع في التشكل، تقول عبير "قعدت في البيت سنتين، ماكنتش عارفة أبدأ منين؟ وخدت وقت طويل بحاول أكتسب مهارات بالدراسة والدورات التدريبية عن طريق الإنترنت" لتعود مرة أخرى بمؤهلات كافية للتسويق في مجال الأدوية، "فادني إنه نفس خلفيتي الدراسية".

النساء اللاتي يعدن للعمل بعد انقطاع طويل يكن أكثر التزامًا واستعدادًا

لم تكتفِ عبير بالدراسة عبر الإنترنت كمحاولة لإشباع ما لديها من نهم للتعلم "حصلت على دبلومة في التسويق من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وفادتني بشكل كبير بجانب الدورات التدريبية اللي بيديها فيسبوك، ودي معلومة مش كتير يعرفوها".

بدأت تتحدد ملامح طريقها المهني، "اشتغلت مطورة أعمال لحد ما قدرت أفتح شركتي الخاصة في مجال التسويق الإلكتروني سنة 2018".

تحولت عبير مع الوقت لنموذج ناجح في إطار معارفها وصديقاتها، في التغلب على فترة الانقطاع وتأسيس حياة مهنية ناجحة "اكتشفت إن أغلب الأمهات في النادي عندهم رغبة في النزول للشغل ومش عارفين يعملوا إيه. ولما بكلمهم عن السيرة الذاتية/CV ما بيبقوش عارفين يعملوها إزاي، ومن هنا جت فكرة المشروع".

شاركت عبير فكرتها مع صديقتها رضوى العطار، التي تحمست للفكرة. عملت رضوى في مجال التسويق الإلكتروني، وحصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال والدبلوم المهني في الأعمال الإلكترونية، ولديها أكثر من 15 عامًا من الخبرة في العمل بصناعات البرمجيات والتسويق.

الفرصة الثانية

رصدت دراسات السوق التي سبقت المشروع وجود أكثر من 13 مليون امرأة تجاوزن سن الثلاثين ولا يعملن، وهو العدد الذي يمثل الجمهور المستهدف من المشروع، تقول رضوى "في السنوات الأخيرة، فيه توجه للتمكين الاقتصادي للنساء، وده واحد من أهم أهداف مشروعنا".

يستهدف المشروع تدريب النساء وتطوير سيرهن الذاتية، وتأهيلهن لسوق العمل، وإتاحة الفرص الوظيفية في المجالات المختلفة، "خصوصًا مع وجود كوتة لتوظيف النساء في الكثير من الشركات"، حسب رضوى.

تؤمن رضوى بالنظرية التي تقول بأن إتاحة الفرصة لأشخاص بحثوا لسنوات عنها يساعد على تمسكهم بها، فالنساء اللاتي يعدن للعمل بعد انقطاع طويل يكن أكثر التزامًا واستعدادًا، "وبيتمتعوا بالمسؤولية والتقدير للعمل. دي حاجة شفتها بعيني". وهو ما عدته رضوى واحدًا من الأسباب التي دفعت رجال الأعمال في برنامج Shark Tank إلى تمويل المشروع.

المهارات اللازمة

تعمل "ممكن" في 3 مسارات؛ الأول مساعدة النساء في حجز جلسة مع مستشار وظيفي/career coach يرشدهن إلى نقطة البداية، وإذا كانت هذه الوظيفة متاحة. ثم يتأهلن للمسار الثاني وهو الوظائف الأكثر توافرًا للنساء، ويحصلن على مساعدات تدريبية. والمسار الثالث هو رفع سيرتهن الذاتية على الموقع لتصبح متاحة لأصحاب الأعمال، بعد مقابلة التوظيف الأولية للتأكد أن المتقدمة مناسبة لهذه الوظيفة.

تعتمد البرامج التي يقدمها المشروع على تأهيل النساء واكتشاف قدراتهن ومواهبهن ودعمهن خطوة بخطوة من خلال توفير المهارات الأساسية التي تساعدهن على العمل، مثل التعامل مع الموبايل وتعلم مهارات التعامل مع برامج مثل الإكسل والسوشيال ميديا وغيرها، بجانب توفير الفرص.

لا يضع المشروع حدًا أقصى للعمر، ولكن يعتمد الأمر على متطلبات الوظيفة نفسها "عندنا ستات فوق الأربعين" تقول عبير. كما لا يقف دور المؤسسة عند التحاق المتدربة بالوظيفة، "بنتابع الستات بعد فترة من التعيين وبناخد تقييم الشركات ليهم".

يستهدف المشروع كل الشركات، لكن الاستجابة الكبيرة تأتي من الشركات المؤمنة بالتمكين الاقتصادي للمرأة ولديها كوتة توظيف نساء، حسب رضوى. خاصة وأن قوانين العمل في القطاع الخاص لا تمنح المرأة حقوقها الكاملة في حالات الولادة والرضاعة، "القطاع الخاص بيقلق من الستات لما تروح تولد إنهم هيرجعوا مش مستعدين يكملوا أو إنهم ما يرجعوش أصلًا" وهو ما تعتبره رضوى تحديًا كبيرًا أمام المشروع.

تتمنى رضوى وعبير أن يستمر نجاحهما بما يحقق أكبر نسبة تشغيل للنساء ما بعد الثلاثين، وتضيف عبير "حابين كمان نضيف خطط مستقبلية وهي توفير فرص لصاحبات المشاريع الصغيرة والحرفية".

هذه القصة من ملف  النساء في مواجهة الدولار