جاي سولومون كبير مراسلي الشئون الخارجية في صحيفة "وول ستريت جورنال"

صحفيون أم رجال أعمال.. "بيزنس" صحافة المصادر

منشور الثلاثاء 27 يونيو 2017

عاد الحديث مجددًا عن حدود علاقة الصحفي بمصادره، بعد طرد صحيفة وول ستريت جورنال كبير مراسليها للشؤون الخارجية جاي سولومون، بعد ظهور أدلة تشير لتورط سولومون في عقد صفقات بيع أسلحة وأجهزة تجسس لعدد من الحكومات الأجنبية بالتعاون مع أحد مصادره الصحفية وهو رجل الأعمال الأمريكي من أصل إيراني فرهاد أزيما. 

جاء الطرد عقب تحقيق نشرته وكالة أسوشيتد برس عرضت فيه فحوى مراسلات بريدية بين سولومون وأزيما، وأظهر وثيقة عقد إنشاء شركة ناشئة تدعى دنكس المحدودة، جاء فيه نصًا اسم سولومون باعتباره يحمل 10% من قيمة أسهم الشركة بجانب رجل الأعمال الإيراني فرهاد أزيما، وضابط المخابرات الأمريكية المركزية "سي أي إيه" جاري بيرتسن، والأخيرين يحملان نسبة 40% لكلا منهما من أسهم الشركة، بالإضافة إلى وجود حصة 10% لسكوت موديل، مستشار  قيادة العمليات الخاصة الامريكية فى قضايا التمويل ومكافحة التهديدات المتعلقة بالجماعات الارهابية فى الشرق الاوسط والدول الراعية للارهاب.  

ورصد تحقيق وكالة أوشيتدبرس عشرات الآلاف من الرسائل بين كبير مراسلي الشؤون الخارجية بالصحيفة الأمريكية ورجل الأعمال فرهاد أزيما، التي استمرت لمدة ثماني سنوات، من بينها 18 شهرًا من الرسائل الإلكترونية المتواصلة، والتي تحتوي على ذكر عمليات تجارية واضحة. وفي إحدى الرسائل طُلب من المراسل الأمريكي رقم ضمانه الاجتماعي من أجل تقديم أوراق ضرائب الشركة الناشئة.

 

 

 

 

جاي سولومون

 

 

 

وفي إحدى الرسائل الإلكترونية قال أزيما إلى شركائه في شركة دنكس المحدودة: "نتمنى جميعًا حظًا سعيدًا لجاي (سولومون) في أول صفقة بيع له". 

علاقة سولومون بأحد مصادره الصحفية وتربحه من هذه العلاقة تبرز الجدل حول أخلاقيات وحدود العمل الصحفي، فعلى سبيل المثال تقول المدونة الأخلاقية لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ضمن بنود حدود علاقة الصحفي مع المصادر الصحفية: "تعامل صحيفة التايمز مصادر الأخبار بنفس القدر من الوضوح والصراحة التي تعامل بها معاملة القراء. نحن لا نستعلم بلا جدوى عن الحياة الشخصية لأحد. ولا يجوز للعاملين التهديد بإلحاق الضرر بالمصادر غير المتعاونة... ولا يجوز لهم دفع ثمن المقابلات الصحفية مع المصادر أو الوثائق غير المنشورة." كما تذكر أيضًا أن "الصحفي يجب أن يكون واعيًا في علاقاته الشخصية مع المصادر الجديدة أنها يمكن أن تتحول إلى محاباة، ويجب أن يكون الصحفيون على دراية أن تلك المصادر تعمل على كسب صفنا لأسباب خاصة بهم". 

كاتب مقالات أم مضارب في البورصة

 

 

 

آر.فوستر وينانز

 

الاهتمام بالخطوط الفاصلة لعلاقة الصحفي بمصادره ليس جديدًا، خاصة مع تكرار حوادث لصحفيين يتربحون بسبب عملهم الصحفي واتصالهم بمصادر بعينها. في الثمانينينات من القرن العشرين، أدين صحفي يعمل في جريدة وول ستريت جورنال أيضًا، وهو الصحفي فوستر وينانز كاتب عمود الرأي في الجريدة، وذلك بسبب انتهاكه للقانون الفدرالي، مما أدى لسجنه 18 شهرًا. كان وينانز سرّب معلومات إلى بيتر برانت، سمسار الأوراق المالية في إحدى الشركات الملحقة بالبورصة، وذلك قبل نشرها في عموده الصحفي، كان الهدف هو أن يستفيد برانت من المعلومة للفوز بصفقة قدرت أرباحها بحوالي 700 ألف دولار أمريكي. 

 

 

 

 

 

من اليسار لوينارد أبكر، وجيمس جريف

 

واقعة أخرى  دارت في أروقة صحيفة "سان بطرسبرج تايمز" عام 1990 تظهر تورط مراسلين في صفقات مع مصادرهم الصحفية، أبطالها جيمس جريف المراسل الاقتصادي للصحيفة، وليونارد أبكر كبير محرري الصحيفة.

 

تبدأ وقائع القصة عقب كشف النقاب عن قيام مراسل الصحيفةببيع أسهم في شركة ويلز فارجو، وهو الأمر الذي تم على إثره طرد جيمس جريف بتهمة تتعلق بتضارب المصالح مع عمله الصحفي، ليعقب ذلك إرغام ليونارد أبكر على تقديم استقالته بعد اكتشاف أنه يستثمر بحسابه التقاعدي مع أحد البنوك الكبرى. 

مصر.. مدونات سلوك مبهمة على الرغم من أن أغلب المؤسسات الصحفية العالمية تفرض على موضفيها اتباع مدونة سلوك تحدد خطوط التماس بين علاقة الصحفي بمصادره، لا توجد مدونات سلوك معلنة داخل أروقة المؤسسات الصحفية المصرية باختلاف أنواعها وأطيافها، في حين تنشر الصحف العالمية قواعد السلوك والكتاب الاسترشادي المتبع لطاقم الموظفين عبر مواقعها الإلكتروني، يظل تحديد طبيعة تضارب المصالح أو علاقة الصحفي بمصادره مبهمًا نوعًا ما في الصحف المصرية، بل تحولت طبيعة ارتباط الصحفي بمصادره الصحفية والعمل داخل مؤسسات الدولة أو كمستشارين إعلاميين للشركات سُننًا متداولة داخل أروقة الصحافة المصرية باعتبارها عملًا طبيعيًا.  اقرأ أيضًا: تركة هيكل الصحفية.. سُنَنْ تستحق المساءلة