IMDB
جيسون سوديكس في دور تيد لاسو

ما بين أرتيتا وتيد لاسو كان الإيمان مفتاح النجاح

منشور الأربعاء 23 أغسطس 2023

ثلاثة مواسم ناجحة من تيد لاسو جذبت الكثير من المشاهدين من عاشقي الساحرة المستديرة حول العالم، في تشوق كبير لمعرفة مصير أشهر فرقة كرة قدم في تاريخ الدراما.

المدرب الأمريكي تيد لاسو الذي دخل ذلك المجال بالصدفة، وفريقه ريتشموند العائد مرة أخرى لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد أن هبط الموسم الماضي للتشامبيونشيب، قصة تابعناها لفصلين والآن نرى فصلها الأخير ولكن لحظة، هل تعتقد أنك مررت بتجربة مشابهة لتجربة تيد لاسو مع ريتشموند؟، هل ترى أن هناك فريقًا لندنيًا أيضًا مرَّ بظروف قد تكون مشابهة؟.

بالتأكيد هو ما خطر ببالك الآن، فتيد لاسو الشخص الذي جاء مجهولًا وأصبح النجم الأول والمحبوب من الجميع هو وجه آخر للإسباني ميكيل أرتيتا، الذي تولى قيادة الجانرز في ظروف سيئة، وأصبح الآن هو البطل الأول، وإن كنت لا ترى أي وجه تشابه فذلك طبيعي لأنهما قصتين مختلفتين، ولكن لنناقش الأمر ونرى إن كان ذلك حقيقيًا أم لا.

بدايةً، لنسترجع ذكريات الموسم الأول وقتما جاء تيد لاسو غريبًا من أمريكا لا يعرف شيئًا ولا أحد يعرفه، فهو بالأصل لم يكن مدربًا لكرة القدم، بل كان يُدرب إحدى فرق الكرة الأمريكية، واختارته ريبيكا بيلتون رئيسة النادي أملًا في هدم أحلام زوجها مالك الفريق.

على الجهة الأخرى، ربما لم تكن الظروف ذاتها ولكن جاء أرتيتا ليقدم تجربته الأولى كمدير فني لأرسنال، بعدما كان مساعدًا لبيب جوارديولا في مانشستر سيتي، جاء والعديد من جماهير أرسنال لا تتذكر له شيئًا كبيرًا فهو لم يكن ذلك اللاعب الأسطوري، بل قضى سنوات قليلة من مسيرته الطويلة بقلعة الجانرز.

ريتشموند وأرسنال

ربما نقطة التلاقي الأولى تأتي في الفريق ذاته ريتشموند صاحب غرفة الملابس المهلهلة، التي تحتوي لاعبين لا يحبون بعضهم بعضًا وينقسمون لأحزاب مشتتة، أتتذكر أرسنال في نهايات إيميري وبدايات أرتيتا؟، كان الحال ذاته وكانت المهمة صعبة للم الشمل، ولكن كان هناك تيد لاسو وأرتيتا اللذان استطاعا توحيد غرفة الملابس مرة أخرى، لنجد في الموسم الثاني فرقة ريتشموند تضع لاصقًا أسود على شعار راعي الفريق على قمصانها، شركة طيران دبي، لأنها تملك شركة نفط سببت أضرارًا بيئية واسعة لنيجيريا، البلد الذي خرج منه لاعب الفريق سام.

لاعبو ريتشموند يدعمون زميلهم سام بوضع ملصق أسود على شعار الشركة الراعية


تذكرت لقطة مشاهبة؟، نعم هي دعم لاعبي أرسنال للقضية الأوكرانية ولزميلهم أولكساندر زيتشينكو بمنحه شارة القيادة في ذكرى الحرب الأولى، تغيرت الروح بين الفريق وأصبح كعائلة هنا وهناك.

ربما هناك نقطة التقاء أخرى، أتعرف ستان كرونكي مالك نادي أرسنال؟، هل رأيت قلة اهتمامه في فترة ما بقلعة الجانرز؟، كذلك الحال كان مع ريبيكا التي كانت أقل المهتمين بريتشموند، وثم جاء أرتيتا وجعل الكرونكيز يولون اهتمامهم للفريق تمامًا، وهو ما استطاع تيد لاسو القيام به وتحويل ريبيكا لشخص يهتم بالفريق ويرى أنه يستحق الكثير من وقته.

العائلة سر النجاح 

هل اقتنعت بعد أم تريد المزيد؟، فقبل أن أتحدث عن وجهيّ العملة تيد وميكيل سآخذك لبعض المواقف والظروف التي عاشها الاثنين متماثلة، كانت أهم مباراة في موسم ريتشموند أمام مانشستر سيتي لحسم بقائه في الدوري الإنجليزي وتفادي الهبوط، وكان الجميع متفائلًا باحتمالية الفوز ولكن تحطم الفريق وخسر المبارة وهبطوا للتشامبيونشيب، تذكرت لحظة حزينة أليس كذلك؟، خسارة نيوكاسل وتوديع حلم العودة لدوري الأبطال فمن لم يكن متفائلًا بالفوز؟.

هل رأيت الخطاب الحماسي الذي ألقاه مصور فريق أرسنال، ستورت ماكفرلين، على اللاعبين وجملته الشهيرة "I fu**in love this club"، لقد سبقه خطاب حماسي آخر من عامل غرفة ملابس ريتشموند حينها، ناثان الذي ثار في اللاعيين لحبه وتعلقه الشديد بالنادي.

وجه الشبه الأكبر والأهم بين تيد وميكيل هو تعاملهما الإيجابي مع الانتقادات

لنتحدث الآن عن أكثر المدربين في العالم تعلقًا بالجانب الإنساني للعبة، تيد الشخص العاطفي الذي أحبه الجميع ورأى فيه ريتشموند رجل المرحلة بعدما فقد الجميع الثقة به، أرتيتا كذلك مر بتلك المرحلة مع أرسنال وكان أول الداعمين له هو الفريق، فهو كان أيضًا ذلك الرجل الذي كرس مشاعره في خدمة الفريق، فلم يكن الجانب التدريبي هو الشيء الوحيد الذي يُميزه.

إنه ذلك الشخص الذي جاء ليقوم بثورة في مكان عمله، ويغير الكثير من الأشياء السلبية، ويجعل المشككين به أول الداعمين له، وعلى رأسهم الصحفي ترينت كريم من ذا إندبينتنت، الذي استطاع أن يُفسر للجميع الجانب المميز في شخصية تيد.

تيد وميكيل وجها العملة الواحدة 

أما عن تشابه المواقف التي مر بها كلا المدربين وتعاملهما معها فدعنا نتذكر ختام الموسم الأول من المسلسل حينما خسر ريتشموند فرصته الوحيدة للبقاء بالدوري، تذكر خطاب تيد للاعبيه عن أهمية البقاء كعائلة وعن تحمله مسؤولية الفريق، هذا ما فعله أرتيتا تحديدًا بعد مباراة نيوكاسل الشهيرة عندما اجتمع بفريقه وطلب منهم عدم النظر للوراء، فهو من سيقف يدافع عنهم أمام الجميع. تميز كلاهما بتلك الشخصية التي تحملت مسؤولية المجموعة التي تديرها وعملت على الحفاظ عليها كأسرة.

كذلك، تعامل كلا المدربين مع قائدي الفريقين روي كينت وجرانيت تشاكا اللذان مرت عليهما فترة سيئة مع جماهير الفريقين بسبب سوء أدائهما وطريقتهما في التعامل، ولكن التعامل السحري من كلا المدربين حولهما من منبوذين إلى محبوبين يهتف الجماهير باسميهما طيلة الوقت، وبلا شك كان لهما الدور الأكبر والأهم في ذلك بتعاملهما النفسي والذهني مع روي وجرانيت.

وبالتأكيد، فإن وجه الشبه الأكبر والأهم بين تيد وميكيل هو تعاملهما الإيجابي مع الانتقادات، وكيف استطاعا تحويل كل الاتهامات التي ووجهت للفريقين لعوامل تحفيز لهما ولفريقيهما، فردودهما دائمًا ما اتسمت بالحكمة والعقلانية، ولعل هذا ما أسكت العديد من المنتقدين، بل وجعل الغالبية يقومون بالدفاع عنهما كما حدث من ريبيكا والكرونكيز في كل مرة خرجا للرد على انتقادات المدير الفني.

أخيرًا، ربما اقتنعت بمدى التشابه وربما لا، ولكن تأكد من أن كل هذا من وحي خيال الكاتب الذي تقرأ له الآن، فكم من مرة خرج صناع المسلسل ليؤكدوا أنه بعيد كل البعد عن حال أرسنال بعدما اتهموا بذلك مرات عديدة، ولكن يمكننا القول إنها مجرد مفارقات، في الحقيقة هي العديد من المفارقات المختلفة التي سردتها الآن والتي اقتنعت جزئيًا بها.

والآن ومع بداية بطولة الدوري الإنجليزي ننتظر نهاية سعيدة لميكيل أرتيتا مع أرسنال لنرى الأحلام تتحقق، ونتأكد من أن نتيجة السعي دائمًا هي تحقيق الغاية، وأن النهايات ليست حزينة دائمًا فهناك نهايات سعيدة قد نعيشها.