محمد بن سلمان.. أمير التكنولوجيا "غير الآمنة"

منشور الاثنين 26 يونيو 2017

في يوليو/تموز 2016 وبعد أيام من محاولة الانقلاب العسكري في تركيا، نشر المغرد السعودي مجتهد تغريدة عن مساهمة ولي ولي العهد السعودي آنذاك الأمير محمد بن سلمان في المحاولة، والتي وصفها مجتهد بأنها "محاولة شخصية"، ليتم إيقاف حساب مجتهد على تويتر، بعد أقل من شهر على زيارة بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية، ومقابلته جاك دورسي الرئيس التنفيذي لشبكة التواصل الاجتماعي تويتر الذي يمتلك أمير سعودي أخر وهو الوليد بن طلال 5.2 بالمئة من الشركة.

رسميا، لا توجد علاقة بين إيقاف حساب المغرد السعودي على تويتر، والوليد بن طلال الذي يعد ثاني أكبر مساهم في الشركة، ومقابلة بن سلمان ودورسي، لكن على الجانب الأخر، لم تقدم إدارة تويتر سببا لوقف حساب المغرد السعودي بعد تغريدته عن محمد بن سلمان وانقلاب تركيا.

يحاول ولي العهد السعودي، الذي وصفته وكالة بلومبرج بـ "Mr. Everything" أو "السيد. كل شيء"، تحرير الاقتصاد السعودي من الاعتماد على إيرادات النفط بضخ مليارات في قطاع الصناعات التكنولوجية، الأمر الذي جعله مقربا من دوائر صناعة التكنولوجيا والمعلومات في العالم.

فبعد إعلان السعودية عن ضخ 3.5 مليار دولار كاستثمار في شركة أوبر الأمريكية، أجرى محمد بن سلمان سلسلة من المقابلات مع عمالقة عالم التكنولوجي في العالم، فبخلاف مقابلته مع جاك دورسي، تم تصوير بن سلمان بصحبة مارك زوكربرج في مقر فيسبوك، كما تم التقاط صور له بصحبة بيل جيتس.

يطمح ولي العهد السعودي أمير التكنولوجيا بالعبور بالمملكة والمجتمع إلى مرحلة ما بعد النفط، فبخلاف رفع نسبة الصادرات غير النفطية وتقليل الاعتماد على النفط، يطمح بن سلمان لرفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، بحسب رؤية 2030 التي قدمها بن سلمان لمجلس الوزارء وتم الموافقة عليها في إبريل 2016.

وضع بن سلمان رؤية 2030 معتمدا على تقرير أصدرته شركة ماكينزي لاستشارات الأعمال عن الاقتصاد السعودي، تعتمد الخطة على عائدات النفط التي ستضخ كاستثمارات في شركات التكنولوجيا الناشئة والشركات الكبرى، الأمر الذي قد ينتج عنه تحكم سعودي في إدارة هذه الشركات، فبعد الاستثمار السعودي في أوبر تولى ياسر الرميان، المدير العام لصندوق الاسثتمارات العامة السعودي، مقعدا في مجلس إدارة الشركة.

في 2016 ورغم التحسن الطفيف الذي شهدته السعودية في مجال الحرية على الانترنت إلا أن مزودي خدمات الإنترنت في السعودية لديهم قائمة طويلة بالمواقع المحجوبة داخل المملكة، ويعتبر الإنترنت في السعودية "غير حر" بحسب تقرير "الحرية على شبكة الانترنت" لعام 2016 الذي صدر عن مؤسسة فريدم هاوس .

 

كل هذه الأموال التي تضخها السعودية في مجال صناعة التكنولوجيا رغم المراقبة الشديدة لشبكة الانترنت داخل المملكة، بالإضافة إلى حرص السعودية لعدم السماح بأي مساحة للتعبير عن الرأي داخل المملكة، قد يضعنا أمام خدمات تكنولوجية غير آمنة تهدد خصوصية مستخدميها بسبب إداراتها غير المستقلة سياسيا.

جرت العادة أن تتقدم الحكومات بطلبات لإدارات الشركات التكنولوجية للولوج إلى بيانات عملائها، وقد ترفض هذه الشركات الطلبات الحكومية أو توافق، بل رأينا شركة مثل آبل تتحدى الحكومة الأمريكية بعد أن رفضت آبل تنفيذ حكم قضائي من المحكمة الفيدرالية يأمر آبل بالتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي والسماح لهم بفتح هاتف آيفون لمنفذ هجوم إرهابي في ديسمبر  2015.

لكن مع وجود مقاعد للسعودية كنظام سياسي في مجالس إدارات الشركات التكنولوجية العالمية الكبرى والناشئة، يُفقد هذه الشركات مصداقياتها ووعودها بالمحافظة على بيانات عملائها، حيث قد يستخدم السعودية نفوذها في هذه الشركات، أو أموالها واستثماراتها لتضغط على هذه الشركات لتحقيق مصالح سياسية لها أو لحلفائها.

يحاول محمد بن سلمان جاهدا أن يقدم صورة مغايرة للمملكة المحافظة التي تعتمد على أموال النفط من خلال خططه واستثماراته وعلاقاته بعمالقة التكنولوجيا حول العالم، إلا أن عدم وجود الديموقراطية في خطط بن سلمان جعلت غاري سيرنوفيتز يصفه بـ "معطل التكنولوجيا" في مقاله الذي نشره في نيويوركر.