الثعلب السعودي يخلد إلى النوم (بروفايل)

منشور السبت 11 يوليو 2015

ترك الأمير الراحل سعود الفيصل منصبه كوزير لخارجية المملكة العربية السعودية في شهر أبريل/نيسان الماضي، ولكن عندما استلمه قبل ٤٠ عامًا في أكتوبر/تشرين الأول 1975، كان للعالم شكل آخر.

بنهاية عام 1975، كانت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا في أوجها، وفي الشرق الأوسط، كان صدام حسين يسعى للاستيلاء على حكم العراق، وحافظ الأسد يثبت دعائم حكمه رئيسًا لسوريا، وأنور السادات يسعى لترجمة ما حدث في حرب أكتوبر/تشرين الأول ١٩٧٣ إلى مفاوضات انتهت لاحقًا بتوقيع معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل.

وفي لبنان، كان عمر الحرب الأهلية التي استمرت ١٥ عامًا، ٦ أشهر، أما إيران، فكان الشاه مازال متربعًا على عرشها.

وتعامل الوزير السعودي مع أزمات طاحنة في الشرق الأوسط إذ غزت إسرائيل لبنان عامي ١٩٨٢ و١٩٨٧ أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، التي ختمت فصولها عام ١٩٨٩ باتفاق وقع في مدينة الطائف مسقط رأس الفيصل، الذي كان له دور كبير في التوصل إلى هذا الاتفاق.

وإلى جانب ذلك فقد شهد الفيصل على رأس الخارجية السعودية انتفاضتين فلسطينيتين عامي ١٩٨٧ و٢٠٠٢، ومقاطعة عربية واسعة لمصر بعد توقيعها اتفاقية السلام مع إسرائيل عام ١٩٧٩، ومؤتمر مدريد للسلام، وحربًا طويلة الأمد بين العراق وإيرن بين عامي ١٩٨٠ و١٩٨٨، واجتياح عراقي للكويت عام ١٩٩٠ وحرب تحرير الكويت عام ١٩٩١، ثم غزو الولايات المتحدة للعراق عام ٢٠٠٣.

ولكن عندما ترك الفيصل منصبه، كانت السعودية تتعامل مع أزمة من نوع آخر، إذ مازالت تحاول احتواء آثار الانتفاضات في العالم العربي، وتدير صراعًا مع غريمها الإيراني وخلافات مع حليفها الأميركي.

ولا تتخوف السعودية فقط من رياح التغيير التي هبّت على الشرق الأوسط، ولكنها أيضًا تحاول التعامل مع صراعات أهلية في محيطها الإقليمي مثل اليمن وسوريا والعراق.

وأثبت الأمير السعودي الذي ارتدى في مناسبات عديدة الملابس التقليدية السعودية من جلباب أبيض و”حطّة وعقال” فوق رأسه، كفاءة في تغليب المصلحة السعودية في كثير من الأحيان، حتى في آخر فترة قضاها وزيرًا عندما غلبه المرض.

وسعود الفيصل هو ثالث وزير للخارجية في تاريخ المملكة التي أسسها الملك عبد العزيز آل سود وأطلق عليها اسمه عام ١٩٣٢، بعد والده فيصل بن عبد العزيز (١٩٣٢-١٩٦٠)، وإبرايم بن عبد الله السويل (١٩٦٠-١٩٦٢)، وفيصل بن عبد العزيز لفترة ثانية (١٩٦٢-١٩٧٥)، ثم سعود الفيصل حتى أبريل ٢٠١٥، عندما قرر العاهل السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز تعيين الشاب عادل الجبير في هذا المنصب.

وولد سعود الفيصل في الطائف يوم ٢ يناير/كانون الثاني ١٩٤٠، وهو الابن الثاني للملك فيصل بن عبد العزيز. وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة برنستون عام ١٩٦٤، وبحسب موقعه على شبكة الإنترنت، فهو يجيد ٧ لغات حية عدا العربية، منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية والعبرية.

وبعد اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز، والذي احتفظ لنفسه بحقيبة الخارجية إلى جانب العرش، أقر الملك الجديد، خالد، حق سعود في وراثة وزارة الخارجية.

وأدار سعود الفيصل السياسة الخارجية السعودية طوال تلك الفترة التي شهدت أحداثًا جسامًا، وتحوّلت فيها مواقف المملكة في بعض الأحيان.

وبينما كانت الرياض تؤيد العراق في حربها ضد إيران خلال الثمانينات، وقفت موقفًا معاديًا من صدام حسين عقب اجتياحه الكويت في 1990.

وبعد 13 عامًا، رفضت السعودية علنًا على الأقل غزو العراق. وقال الفيصل في ذلك الوقت "إذا كان التغيير سيأتي بتدمير العراق فأنتم تحلون مشكلة وتخلقون خمس مشاكل أخرى".

وفي لبنان، قاد الفيصل التفاهم مع عبد الحليم خدام، وزير الخارجية السوري وقتها، والمسؤول عن إدارة الملف اللبناني، والذي أصبح لاحقًا نائبًا للرئيس قبل أن ينشق وينضم للمعارضة.

ولكن التفاهمات مع دمشق سرعان ما تغيرت بعد سنوات عديدة من نهاية الحرب الأهلية، بسبب المواقف من لبنان بشكل أساسي خاصة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

لاحقًا أبدى الفيصل حماسه لتسليح المعارضة السورية "المعتدلة" التي تقاتل ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ورد بسرعة على سؤال صحافي في هذا الصدد "نعم.. أعتقد أنها فكرة جيدة".