واجهة تطبيق "RCS" حسبما نشرها مؤسسة "سيتيزن لاب" للتحليل التقني التابعة لجامعة تورنتو

هل انتهت حقبة تصدير "هاكينج تيم" تكنولوجيا التجسس إلى الأنظمة القمعية؟ 

منشور الأحد 10 أبريل 2016

مرة أخرى يُسلَّط الضوء على شركة "هاكينج تيم" الإيطالية المختصة بتطوير برامج تكنولوجيا التجسس، وذلك عقب قرار وزارة التنمية الاقتصادية الإيطالية بسحب ترخيص تصدير التكنولوجيا من الشركة قبل عامين من موعد انتهاء الترخيص القانوني المقرر في 2018. اقرأ | الحكومة الإيطالية توقف تصدير برمجيات التجسس لـ"مصر" ودول أخرى "هاكينج تيم" طالتها تسريبات نشرتها ويكيليكس في الخامس من يوليو/ آذار من العام الماضي بعد اختراق البريد الإلكتروني للشركة، وكشفت التسريبات النقاب عن وثائق ومراسلات بريدية يصل حجمها قرابة 400 جيجا، وأظهرت اتفاقيات أُبرمت مع حكومات مختلفة عبر العالم اشتملت على عقود شراء وتقديم الدعم الفني ببرمجيات تسمح بالتجسس واعتراض المكالمات الهاتفية ونقل بيانات أجهزة الحاسوب المتعقبة من تلك البرمجيات باستخدام تقنية نظام التحكم عن بعد "RCS". 

وهذه الوثائق كشفت تعاقدات تمت بين الحكومة المصرية وهاكينج تيم عبر شركة وسيطة تحمل اسم "GNSE TRade" وهي إحدى شركات تكنولوجيا المعلومات التابعة لرجل الأعمال المصري يوسف لطفي منصور، وبحسب ويكيليكس بلغت قيمت التعاقدات بين الطرفين 720 ألف يورو منذ عام 2011 وحتى 2015.

 

هاكينج تيم.. وحقبة من القرصنة التجارية 

تأسست شركة "هاكنج تيم" عام 2003، ويقع المقر الرئيسي لها في مدينة ميلانو الإيطالية، ويرجع تأسيس الشركة إلى ألبيرتو أورناغي وماركو فاليري الذين طورا تطبيقًا إلكترونيًا يحمل اسم "EtterCap" بإمكانه مراقبة أجهزة الكمبيوتر المستهدفة والتحكم فيها عن بعد، وهو التطبيق الذي قامت على إثره شرطة ميلانو بالتعاون مع أورناغي وفاليري من أجل تطويره لاستخدامه في مراقبة المكالمات عبر تطبيق "سكايب"، لتصبح أول شركة تبيع برامج القرصنة إلى الشرطة على مستوى إيطاليا. هكذا نشأت شركة "هاكنج تيم" التي يعمل بها حاليًا قرابة 40 موظفًا في مكتبها الرئيسي في ميلانو، بالإضافة إلى فرعيها في الولايات المتحدة (في مدينتي واشنطن وآنابوليس) وسنغافورة.

وأشهر التطبيقات التي تقوم "هاكينج تيم" بتطويرها هما تطبيقا "دافنشي" و"جاليليو"، وهما تطبيقان بإمكانهما التحكم عن بعد في أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية بالإضافة إلى إمكانية نقل البيانات، وتشغيل الكاميرا والميكروفون في الأجهزة المحمولة والكمبيوتر، ومعرفة الحروف التي تكتب من خلال لوحة المفاتيح، وإمكانية فك شفرات المراسلات المشفرة، والولوج إلى شبكات الإنترنت اللاسلكية. 

وكشف اختراق ويكيليكس للبريد الإلكتروني لهاكينج تيم عن الكثير من التعاقدات والاتفاقيات المبرمة بين الشركة والعديد من حكومات العالم لشراء برمجيات "التجسس". إذ أعلن إدوارد سنودن مؤسس ويكيليكس عن نشر قاعدة بيانات البريد الإلكتروني للشركة والتي كشفت عن صفقات بين حكومات إلى جانب شركات وسيطة تقوم بنقل تلك البرمجيات للحكومات.  ورصدت مؤسسة "سيتيزن لاب" التابعة لجامعة تورنتو بكندا عن حالات "تجسس" أجرتها الحكومة الإثيوبية باستخدام تقنية "RCS" المطورة من قبل "هاكينج تيم" عبر البريد الإلكتروني لصحافيين يعملون في القناة التلفزيونية الإثيوبية "ESAT"، وذلك في فبراير/شباط عام 2014، و"Esat" هي محطة تليفزيونية فضائية مستقلة تعمل من الخارج يديرها معارضون للحكومة الإثيوبية، وتعرضت المحطة الفضائية إلى عمليات تشويش متعمد داخل إثيوبيا خلال الثلاث سنوات الماضية. وكشفت "سيتيزن لاب" عن ثلاث محاولات منفصلة يوم 20 ديسمبر 2013 لاستهداف اثنين من كبار الصحافيين العاملين بـ "ESAT" باستخدام برامج تجسس متطورة تعمل على سرقة كلمات السر والمعلومات من على أجهزة الكمبيوتر. وأظهر التحليل التقني للملفات المرسلة عبر البريد الإلكتروني لموظفي "ESAT" على استخدام تقنية "RCS" والتي تبيعها "هاكنج تيم" بشكل حصري للحكومات.

هذه التقارير دفعت هيومان رايتس ووتش إلى مناشدة الحكومة الإيطالية لإجراء تحقيق مع "هاكينج تيم" حول ممارسات القرصنة التي تحدث في إثيوبيا، وضرورة تقييد مبيعات تكنولوجيا المراقبة، والتي بات من المرجح إنها تسهل حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان. ما دفع ديفيد فينزيتشي المدير التنفيذي لـ "هاكينج تيم" إلى التحقيق في الواقعة التي نشرتها هيومان رايتس، وقطع العلاقات التجارية مع الحكومة الإثيوبية. 

قرار الحكومة الإيطالية بسحب الترخيص لم يكن الأول من نوعه، إذ كشفت رسائل البريد الإلكتروني المسربة في يوليو/ تموز الماضي، عن مراسلات بين ديفيد فينزيتشي، المدير التنفيذي للشركة، وموظفين آخرين في "هاكينج تيم" في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2014، كشفت النقاب عن اجتماعات مغلقة بين مسؤولي الشركة ومسؤولين بوزارة التجارة والصناعة، بعد اشتباه في احتمالية فرض حظر تصدير من قبل الحكومة الإيطالية، وهو الامر جعل فينزيتشي يجري اتصالات بمسؤولين، وقيامه بتسليم مذكرة إيضاحية إلى ماتيا كوربيتا - السكرتير الفني لمكتب الوزير -  وتجهيز أوراقه القانونية بالتواصل مع محامي الشركة، إذ وصل الأمر إلى ضرورة معرفة القرار قبل صدوره، وهى الرسالة التي قال فيها فينزيتشي نصًا: " نحن لا نعرف أين ستصل ضغوط وزارة التنمية الإقتصادية". ولكن بعد قرار الحكومة الإيطالية فرض قيود على تصدير تكنولوجيا برمجيات "هاكنيج تيم"، والذي استند على قرارات سابقة من البرلمان الأوروبي حول نظام مراقبة التصدير متعدد الأطراف، وإتفاقية "ويسنار" المتعلقة بفرض ضوابط على عمليات تصدير الأسلحة والتقنيات والبضائع ذات الاستخدام المزدوج تتبقى معرفة دور فروع الشركة الإيطالية في كل من سنغافورة والولايات المتحدة، وإذا كان قرار الحكومة الإيطالية يمتد لهذه الفروع. ولكن في أول تعليق من إيريك ريب المسؤول الإعلامي بشركة هاكينج تيم، صرح لموقع "Mother Board" أن بإمكان الشركة بيع منتجاتها في دول الإتحاد الأوروبي بدون الحصول على إذن مسبق من السلطات الإيطالية، ولكن في حالة البيع خارج إطار دول الإتحاد الأوروبي، يتوجب علينا تقديم طلب حتى نتمكن من البيع لهذه الدول".

 

 

 

 

قرار السلطات الإيطالية أغلق الباب جزئيًا على إحتمالية بيع "هاكينج تيم" تقنيات التتبع لشركات وسيطة قد تستخدمها الحكومات مثلما كشفت عنه الوثائق المسربة، هذا الذي حدث في الإمارات والسعودية ومصر والمغرب.

 

ولكن لأنه كان من ضمن الوثائق المسربة، تسريب لشفرة تطبيق برنامج "RCS"، فقد صارت بعض برمجيات "هاكينج تيم" متاحة لقراصنة عبر شبكات الإنترنت، ويتم تداول برمجيات أنظمة التحكم عن بعد بسعر 150 دولار أمريكي. هذا الأمر الذي قد يجعل الحكومات تلجأ لهؤلاء القراصنة بعيدًا عن القيود التي فرضتها السلطات الإيطالية على شركة هاكينج تيم.