كوريا الشمالية

مصر قد تكون ضحية مغامرات كوريا الشمالية

منشور الأحد 3 سبتمبر 2017

 

بعد ربيع قصير شهدته العلاقات المصرية الأمريكية عقب وصول الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض، واستقباله بالغ الحفاوة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مايو/ أيار الماضي، يبدو أن كوريا الشمالية وتجربتها النووية الأخيرة قد تسهم في المزيد من المشكلات التي لم يكن يتوقعها نظام الرئيس السيسي مع الولايات المتحدة، في سنة صعبة تسبق انتخابات رئاسية مقررة دستوريًا. 

اقرأ أيضًا: زوتشيه.. طريق الفتى المتهور نحو تحقيق الأحلام القديمة

فردًا على ما أعلنته كوريا الشمالية وأكدته الإدانات الدولية اليوم، بإجراء الدولة النووية الفقيرة تجربة لقنبلة هيدروجينية يمكن حملها على صاروخ بعيد المدى، غرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل قليل عبر حسابه الرسمي على تويتر، معلنًا أن دولته تفكر "إلى جانب إجراءات أخرى محتملة" في قطع كافة العلاقات التجارية مع أية دولة لها مصالح اقتصادية مع كوريا الشمالية. 

التهديد الذي أطلقه ترامب باسم الولايات المتحدة يتهدد قائمة قصيرة جدًا من الدول، على رأسها الصين، الداعم الأهم لكوريا الشمالية ومنفذها الوحيد تقريبًا على العالم الخارجي. كما تشمل أيضًا روسيا وبلغاريا

لكن تقارير صحفية غربية متعددة كشفت خلال الأيام القليلة الماضية عن صديق غير متوقع، حريص على العلاقات السياسية والتجارية مع كوريا الشمالية وهو مصر. 

فبمجرد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الأسبوع الماضي عن تعليق جانب من المساعدات التي تقدمها لمصر واعتزامها اقتطاع جانب آخر من تلك المساعدات، بسبب ملف مصر المتراجع في حقوق الإنسان؛ ذهبت تحليلات للبحث عن أسباب أخرى قد تكون خفية وراء القرار الأمريكي الذي لم يكن متوقعًا في ظل المساندة التي أكدها الرئيس الأمريكي لنظيره المصري، وإصراره على تجاهل ملف حقوق الإنسان في المباحثات العلنية التي جرت بينهما، خلال زيارة السيسي للبيت الأبيض.

وخلصت بعض هذه التحليلات لكون العلاقات المصرية بكوريا الشمالية قد تكون سببًا مهمًا وراء تغير موقف قيادات داخل الإدارة الأمريكية من مصر. 

وفقًا لشبكة CNBC الأمريكية، فإن مصر قد تكون "بيدق في المعركة الأمريكية الكورية". ووفقًا لهذا التحليل، فإن مصر استطاعت طويلا أن "تتفادى تحركًا جادًا من الإدارة الأمريكية تجاه التراجع في ملفات حقوق الإنسان والاستقرار الاجتماعي"، لكنها لن تتفادى كونها "نقظة ضغط مهمة" ضد كوريا الشمالية، بعدما قالت تقارير للأمم المتحدة إن ميناء بورسعيد المصري استخدم في تهريب أسلحة إلى كوريا الشمالية في ظل الحصار الدولي الصارم المفروض عليها، خاصة في شؤون التسليح.

وقال تقرير لمركز "مشروع ويسكنسون للتسليح النووي" وهو مركز بحثي غير هادف للربح؛ إن كوريا الشمالية حصلت على صاروخ "سكود ب" الذي طورت على أساسه منظومة صواريخها الباليستية كهديه من مصر، وذلك وفقًا لتقرير CNBC الأمريكية. 

ووفقًا لصحيفة ذا ديبلوماتThe Diplomat فإن مصر تتمتع بعلاقات تاريخية مع كوريا الشمالية تعود إلى فترة الستينات، وامتدت إلى تدريب الطيارين الكوريين الشمالين لنظرائهم المصريين قبيل حرب 1973، وتحرص مصر من وقتها على علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع كوريا الشمالية. وذَكَّرَت الصحيفة في هذا السياق بزيارة الرئيس الأسبق حسني مبارك لكوريا الشمالية 4 مرات بين عامي 1983 و1990.

ورجحت ديبلومات أن تكون مشروعات رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس في كوريا الشمالية، تجري بضوء أخضر من القاهرة. وتملك مجموعة أوراسكوم شركة الاتصالات الوحيدة العاملة في كوريا الشمالية، كما نفذت عبر شركة أوراسكوم للمقاولات عدة إنشاءات مهمة بينها واحد من أكبر فنادق العاصمة بيونج يانج.                               

فندق نفذته أوراسكوم في بيونج يانج - 2011 

 

أما الأهم؛ فهو ما أسمته الصحيفة بـ"الاهتمام المصري بالتكنولوجيا العسكرية لكوريا الشمالية" والذي يشكل في رأي صمويل راماني -كاتب التحليل- محركًا رئيسًا في استمرار وقوة العلاقة بين القاهرة وبيونج يانج. وأكدت الصحيفة أن مصر هي مستورد مهم للتكنولوجيا العسكرية الكورية الشمالية منذ عهد مبارك، وأن كوريا الشمالية تبيع مصر الأسلحة إلى جانب الخبرات العسكرية، إذ ساعد عسكريوها نظراءهم المصريين على تطوير نظم بناء الصواريخ محليًا.

ورجح التقرير أن كوريا الشمالية ربما مثلت أملا لدى السلطات المصرية في تصنيع السلاح النووي، خاصة بعد عثور بعثات من الوكالة الدولية للطاقة النووية على آثار يورانيوم مخصب في مفاعل انشاص المصري في 2008. 

لكن بالعودة إلى تهديدات الرئيس الأمريكي التي أطلقها عبر تويتر اليوم، فإن التقارير الصحفية الدولية نفسها لم تذكر وقائع واضحة تؤكد على استمرار التعاون العسكري والاقتصادي بين القاهرة وبيونج يانج عقب واقعة ميناء بورسعيد في 2015، لكن هذا قد لا يستبعد مصر من قائمة التهديدات الأمريكية.