أنس عمارة يضع قانون الهيئات القضائية على أعتاب "الدستورية"

منشور الأحد 23 يوليو 2017

 

تقدّم أقدم نواب رئيس محكمة النقض المصرية المستشار أنس عمارة اليوم، الأحد، بدعوى ضد القرار الجمهوري الخاص بتعيين المستشار مجدي أبو العلا رئيسًا للمحكمة، في فصل جديد من فصول احتجاجات القضاة على تشريع، وضع مجلس النواب بموجبه حق اختيار رؤساء الهيئات القضائية بيد رئيس الجمهورية، الذي لم يرفض الهدية بدوره وصادق على القانون وأصدره. 

واعتبر عمارة في تصريحات صحفية أن دعواه التي تحمل رقم 1137 أمام دائرة رجال القضاء بدار القضاء العالي، وستنظر في جلسة 19 سبتمبر/أيلول المقبل، تستند إلى سببين، الأول هو أن القرار الجمهوري الصادر يتخطى مبدأ الأقدمية الذي استقر في أعراف القضاة، والثاني هو أن تعديلات مجلس النواب على قانون السلطة القضائية والتي صدر القرار الجمهوري بموجبها "تخالف الدستور". 

ومن شأن هذا الطعن أن يفتح الطريق أمام عرض التعديلات التي أقرها مجلس النواب وصادق عليها رئيس الجمهورية وأصدرها على المحكمة الدستورية العليا، لبيان مدى اتفاقها أو مخالفتها للدستور ومبادئه. 

وأقر مجلس النواب في نهاية أبريل/نيسان الماضي تعديلات على قانون السلطة القضائية، تتعلق بكيفية اختيار وتعيين رؤساء كل من محكمة النقض ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة.

ومنح هذا التعديل رئيس الجمهورية سلطة اختيار رؤساء الهيئات القضائية من بين ثلاثة من نواب رئيس كل جهة، يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة القضائية من بين أقدم سبعة نواب لرئيسها المنتهية ولايته، وذلك لمدة أربع سنوات، أو المدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أٌقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله.

وأوجب القانون أن ترسل كل هيئة إلى رئيس الجمهورية أسماء مرشحيها الثلاثة قبل نهاية مدة رئيس الهيئة بستين يوما على الأقل، وفى حالة عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء الأجل المذكور، أو ترشيح عدد يقل عن ثلاثة، أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة، يعين رئيس الجمهورية رئيس الهيئة من بين أقدم سبعة من نواب الرئيس المنتهية مدّته. 

وصادق الرئيس على القانون وأصدره في اليوم التالي لإقراره من مجلس النواب. 

ويرى معارضون لهذه التعديلات أنها تخالف المادة الخامسة من الدستور التي تنص على مبدأ الفصل بين السلطات، باعتبار أنها تضع اختيار رؤساء مجالس الهيئات القضائية بيد رئيس الجمهورية، الذي ينص الدستور على أنه يترأس السلطة التنفيذية. 

وينص الدستور المصري في مادته رقم 159 المتعلقة بإجراءات محاكمة رئيس الجمهورية، على أنه يُحاكم أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهو المنصب الذي يتولاه رئيس محكمة النقض حكمًا. 

ويرى قانونيون أنه لا يحق لرئيس الجمهورية أن يختار رئيس المحكمة الخاصة التي تُشكّل في حال وجّه له النائب العام أي اتهام جنائي وأحاله إلى المحاكمة. 

واعتبر قضاة وقانونيون أن التعديلات تخالف أيضًا المادة 185 من الدستور التي توجب أخذ رأي الهيئات القضائية في مشروعات القوانين الخاصة بها، وقد رفضت الهيئات القضائية الأربعة بالإضافة إلى نوادي القضاة مشروع القانون الذي أقرّه البرلمان. 

ويمكن أن يطلب عمارة خلال نظر دعواه إحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا لتنظر في دستورية القانون الذي تستند إليه المحكمة خلال نظرها للدعوى، وفي حال رأت المحكمة أن هناك أوجه معقولة لهذا الادعاء، فلها توقف نظر الدعوى وتحيلها إلى الدستورية العليا. 

وبدءًا من ديسمبر/كانون الأول 2016، وحتى مارس/آذار 2017، أعلنت أندية قضاة الهيئات القضائية، ونادي القضاة، والنيابة الإدارية، ومجلس الدولة، وهيئة قضايا الدولة، والمجلس الاستشاري لرؤساء أندية قضاة الأقاليم، والمجلس الأعلى للنيابة الإدارية، وأخيرًا مجلس القضاء الأعلى، رفضهم مشروع القانون الذي كان مجلس النواب يناقشه حينها.

وبينما التزمت محكمة النقض بنص التعديل القانوني، بإرسال أسماء ثلاثة من نواب رئيسها المنتهية ولايته إلى رئيس الجمهورية في الموعد المحدد، ليضع هذا الأخير أبو العلا على رأس المحكمة، فإن مجلس الدولة من قبل اختار مسلكًا آخر. 

 

ففي 13 مايو/أيار الماضي قررت الجمعية العمومية لمجلس الدولة ترشيح المستشار يحيى الدكروري منفردًا لرئاسة المجلس خلال العام القضائي المقبل، بعد أن قررت بأغلبية الآراء عدم ترشيح الأسماء الثلاثة كما نص التعديل القانون الجديد وإعمال مبدأ الأقدمية الذي استقر في الأعراف القضائية. 

وفي المقابل قرر رئيس الجمهورية في 19 يوليو/تموز تعيين المستشار أحمد أبو العزم رئيسًا لمجلس الدولة، مستخدمًا حقه في تعيين رئيس المجلس من بين أقدم سبعة نواب لرئيسه المنتية ولايته في حال عدم ترشيح أقل من ثلاثة.