صفحة المتحدث باسم الرئاسة (فيسبوك).
خلال قمة العشرين التي شهدت توقيع اتفاقية IMEC بين 8 دول ليس من بينها مصر.

الممر الهندي الأوروبي ليس بديلاً عن قناة السويس.. إلا إذا حاز "الغاز"

منشور الاثنين 11 سبتمبر 2023 - آخر تحديث الثلاثاء 12 سبتمبر 2023

لا زال مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا غامضًا، فعلى الرغم من توقيع مذكرة تفاهمه مؤخرًا خلال قمة العشرين، ورسم خطوطه الرئيسية، فإن تأثيره على مصر وتحديدًا قناة السويس، الممر الملاحي الأهم حاليًا على مستوى العالم، محل تساؤل. 

 وبينما أجمع خبراء تحدثوا لـ المنصة، أن مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، لن يكون منافسًا قويًا لقناة السويس، على الأقل خلال الوقت القريب، أشاروا إلى أنه قد يتحول لخطر حقيقي على القناة حال إتمام إنشاء خطوط أنابيب لنقل البترول والغاز بين الخليج العربي وأوروبا.

ووقعت 8 دول، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي قبل يومين، مذكرة تفاهم لإنشاء ما يسمى بـ"الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا"، المعروف اختصارًا بـ IMEC، بحسب موقع البيت الأبيض الأمريكي.

والدول الموقعة على المذكرة هي الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، والهند وفرنسا وإيطاليا، وألمانيا وإسرائيل.

 ويقول رئيس غرفة الملاحة ببورسعيد عادل لمعي لـ المنصة، إن "الممر لن يكون منافسًا لقناة السويس من حيث وقت النقل وتكلفته".

 ويؤيده رئيس غرفة ملاحة الإسكندرية محمد مصيلحي، قائلًا إن "مشروع الممر الاقتصادي هو مشروع سياسي بالمقام الأول، وقناة السويس لها قدرة تنافسية عالية يصعب على هذا المشروع أن يؤثر عليها".

ويتضمن مشروع IMEC، وفقًا للبيت الأبيض، ممرين منفصلين، أحدهما يربط الهند بالخليج العربي والآخر يربط الخليج العربي بأوروبا، وسيعتمد المشروع على نقل البضائع بحرًا من جنوب شرق آسيا إلى خطوط سكة حديد ستمر بالإمارات والسعودية وإسرائيل، ويتم استكمال النقل عبر البحر المتوسط وصولًا للشواطئ الأوروبية.

ويُعد المرور عبر الأراضي السعودية والإماراتية والإسرائيلية، بالسكك الحديدية، من أبرز العناصر التي سترفع من تكلفة التجارة عبر الممر الاقتصادي الجديد، وفق حديث عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق المهندس وائل قدور لـ المنصة.

ويشمل المشروع أيضًا مدّ خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز والهيدروجين النظيف؛ تُنشأ على الأراضي الخليجية وإسرائيل.

في غضون ذلك، يلفت مستشار وزارة النقل لشؤون القطاع البحري الأسبق الدكتور أحمد سلطان، إلى نقطة تميُّز أخرى للقناة، وهي أن حمولة السفينة تصل إلى 15 ألف حاوية، فيما أقصى قدرة شدّ للقطار حوالي 150 حاوية فقط.

لكن ذلك لا ينفي الميزة الوحيدة لمشروع IMEC في توفير وقت نقل البضائع بين الهند وأوروبا، نحو 6 و8 أيام، مقارنة بقناة السويس، وفقًا لقدور، موضحًا أن المشروع لن يُنافس قناة السويس في نقل كل البضائع، لكن قد تكون المنافسة في البضائع والمنتجات الإلكترونية فقط وذلك لخفة حمولتها.

 نشطت إسرائيل مؤخرًا في دراسة إنشاء قناة موازية تربط بين مينائي إيلات وعسقلان

ويضيف عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق، أن نسبة البضائع الإلكترونية المارة بقناة السويس ليست كبيرة، مقارنة بإجمالي حجم التجارة المارة بها.

ويمر بقناة السويس ما يزيد عن تريليون دولار من البضائع سنويًا، ما يُمثل حوالي 12% من حجم التجارة العالمية، وحوالي 30% من إجمالي حركة الحاويات العالمية.

خطر محتمل

ويشير المهندس وائل قدور، إلى أن مشروع IMEC يتضمن إنشاء خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز والهيدروجين الأخضر، من الإمارات والسعودية إلى أوروبا الغربية، موضحًا أن إتمام تلك الخطوط سيؤثر قناة السويس، لاسيما وأن ناقلات النفط والغاز تُمثل نسبة كبيرة من السفن العابرة للقناة.

"ارتفاع إيرادات قناة السويس العام المالي الماضي إلى قرابة 9 مليار دولار، كان بفضل زيادة حجم مرور ناقلات النفط، بعد اعتماد روسيا على الهند لبيع نفطها، نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا"، يقول قدور.

عبور إحدى السفن من قناة السويس.

وتنقل القناة ما بين 7 إلى 10% من النفط العالمي، و8% من الغاز الطبيعي المُسال.

ارتفاع رسوم القناة

إلى ذلك، ينفي قدور أن تكون زيادة رسوم مرور السفن في المجرى الملاحي لقناة السويس خلال السنة ونصف الأخيرة سببًا وراء البحث عن بديل للقناة.

وكانت هيئة قناة السويس رفعت رسوم مرور السفن العابرة في المجرى الملاحي مرتين، الأولى في شهر مارس/آذار 2022، وبنسبة 10% على ناقلات الغاز المسال، وناقلات الكيماويات، وناقلات المواد السائلة الأخرى.

وفي سبتمبر/أيلول من العام الماضي، رفعت القناة رسوم مرور السفن مرة أخرى بنسب تتراوح بين 10 إلى 15% على جميع سفن النقل سواء البضائع السائبة أو السياحية أو ناقلات الغاز والنفط، على أن يبدأ العمل بداية من العام الحالي.

مشروعات منافسة

ولم يكن هذا هو المشروع الأول الذي يُنافس القناة، إذ نشطت إسرائيل خلال السنوات الماضية في إجراء دراسات لتنفيذ قناة موازية لقناة السويس تربط بين مينائي إيلات وعسقلان.

كما عملت على مشروع آخر، وهو قناة البحرين التي كان من المُقترح أن تمتد بين ميناء عسقلان إلى البحر الميت، ومنها إلى البحر المتوسط، والتي تعدّها إسرائيل ضمن المشروعات البديلة لقناة السويس. ويتكلف المشروع 40 مليون دولار سنويًا على مدار 25 عامًا.

فضلاً عن المشروع الإماراتي الإسرائيلي الذي يستهدف نقل نفط الخليج إلى أوروبا؛ عبر خط أنابيب يربط بين ميناء إيلات على البحر الأحمر، وميناء عسقلان على البحر المتوسط، والذي يمر معظمه حاليًا عبر قناة السويس، بحسب الاتفاق الموقع بين البلدين عام 2020.

ومن المشروعات المنافسة ممر جنوب شمال الذي ينقل البضائع من الهند وأوروبا، مرورًا بإيران وتركيا وعدد من الدول العربية. إضافة إلى مشروع ممر الملاحة الشمالي الذي يمتد عبر منطقة القطب الشمالي ويربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ عبر المحيط المتجمد الشمالي. 

تغيير وجه الشرق الأوسط

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشروع الممر الاقتصادي الجديد بأنه حلم تحول إلى حقيقة، وقال إنه سيُغير وجه الشرق الأوسط ووجه إسرائيل، مشيرًا إلى أن بلاده ستكون مفترق طرق مركزي في هذا الممر الاقتصادي.

كما قال رئيس الوزراء الهندي، ناريندار مودي، إن مشروع IMEC سيُساعد على التغلب على العقبات التي خلقتها السياسات الصينية والباكستانية.

فيما تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الممر الجديد باعتباره شراكة من شأنها توفير تكلفة النقل، وزيادة قدرة الجنوب العالمي على النمو.

التنافس الأمريكي الصيني

وأرجع عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق الهدف الأساسي من المشروع إلى منافسة المبادرة الصينية "الطوق والطريق/طريق الحرير". وأوضح قدور أن المشروع جزء من التنافس المحتدم بين الولايات المتحدة والصين في السيطرة على حركة التجارة العالمية، وفي هذا السياق اتجهت الولايات المتحدة للتحالف مع الهند تحت مظلة المشروع الجديد.

مشروع IMEC.

وانطلق مشروع طريق الحرير الصيني في 2019، وتُشارك فيه 123 دولة، وينقسم إلى طريق بحري يمتد من الساحل الصيني عبر سنغافورة والهند باتجاه البحر المتوسط، وطريق بري يشمل ست ممرات من شأنها أن تنتهي بأوروبا الغربية.

ويوضح قدور أن أكثر أنماط التجارة استفادة من مشروع الـIMEC الجديد، هي التجارة بين الهند وأوروبا، "والتي تمثل أقل من 0.1% من حجم التجارة العالمية، وبالتالي فهو لن يمثل منافسة قوية للمسارات الأخرى".

وفيما ستكشف الأيام المقبلة عن مزيد من التفاصيل بشأن المشروع الجديد، فإن خطط الحكومة المصرية بشأن قناة السويس، وتوسعتها، والاستثمار فيها، لا تزال قائمة، لا سيما وأن القناة أهم أحد مصادر العملة الصعبة للبلاد.