صفاء عصام الدين- المنصة.
المؤتمر الصحفي لتدشين التيار الحر، الذي عُقد بمقر حزب المحافظين في 25 يونيو 2023

التيار الحر.. رؤى ضبابية وفرص محدودة

منشور الثلاثاء 27 يونيو 2023

بعد مرور عام تقريبًا على بدء الاجتماع التشاوري لإطلاق تيار ليبرالي يجمع أحزاب ليبرالية وشخصيات عامة، أعلن رؤساء أربعة أحزاب وسياسيون تدشين التيار الحر، وإطلاق الوثيقة التأسيسية له، دون أن يوضح القائمون عليه آليات العمل الفترة المقبلة، أو الإعلان عن الشخصيات العامة الشريكة، وعددها. وهو ما يكشف أن التيار لم تكتمل معالمه حتى الآن.

يحاول التيار الذي بدأ بأحزاب المحافظين، والدستور، والإصلاح والتنمية، ومصر الحرية، بالإضافة لبعض الشخصيات الليبرالية، تكوين تجمع سياسي وفكري يقدم خارطة طريق للخروج من الأزمات الحالية، في حين اكتفى المشاركون في التأسيس بالحديث عن الاقتصاد وأهمية توسيع مشاركة القطاع الخاص.

خلافات مبكرة

قبيل ساعات من بدء المؤتمر الصحفي، أول من أمس الأحد، الذي استضافه مقر حزب المحافظين، لإعلان تدشين التيار، تواصلت المنصة مع رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، وتعليقًا على طول المدة التي استغرقتها الأحزاب في الوصول لمرحلة الإعلان، ضحك السادات "نعم بعد عام كامل من الاجتماعات، ولادة متعثرة".

وقبل أن يُعلن عن التيار، تردد وجود خلافات حول الوثيقة التأسيسية، التي اعتبرها السادات "عناوين في إطار التطوير والتحديث"، مشيرًا إلى أن الخلافات التي بدأت قبل أيام من انطلاق التيار سببها أن "البعض كان لديه رغبة في التروي، وإطلاق التيار بعد العيد، لأن ناس كتير أبدت رغبة لكن لم تأخذ فرصة للمناقشة. لكن الوثيقة قابلة للتطوير والتجديد، والبعض الآخر كان يرى أننا تأخرنا كثيرًا".

ورغم الفترة الطويلة التي استغرقتها مرحلة التأسيس، أوضح السادات أن الهياكل التنظيمية لم تُحسم حتى الآن "بعد إعلان التدشين ناس كثيرة ستنضم، نقعد نتفق على النظام الأساسي والمتحدث الرسمي ومجلس الأمناء"، وبشأن الشخصيات العامة وعددها قال "جاري حصر الشخصيات العامة وسيتم الإعلان عنهم".

بينما علمت المنصة من ثلاثة مصادر داخل التيار أن بعض الخلافات نشبت عقب التصويت على الوثيقة، ومحاولة أطراف في التيار تعطيل خروجها وتأجيل التدشين لبعد العيد. ليبدأ التيار خطوته اﻷولى بـ"الصراعات"، وهو يبدو تحديًا متكررًا خلال مبادرات السياسيين في مصر.

كانت الوثيقة اعتمدت على تحليل الوضع الاقتصادي، الذي تعتبر أن جذوره تعود لعام 1961 مع بداية قرارات التأميم ونزع ملكية بعض الشركات. ويسعى التيار الحر إلى تحرير الاقتصاد الذي "تسيطر عليه الدولة على مدار  70 سنة"، بحسب الرئيس الأسبق للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان هشام قاسم، خلال المؤتمر الصحفي.

من أجل رجل الأعمال وصاحب الكشك

يتحدث قاسم عن رؤية التيار الاقتصادية "نستهدف إصلاح الاقتصاد ككل"، موضحًا "نحن معنيين بصاحب الكشك زي ما احنا معنيين بصفوان ثابت وكل من يتجه للعمل الحر". ويراهن قاسم على أن التيار له أرضية تنطلق من ملايين المواطنين العاملين في القطاع الخاص، ويوضح أن خطاب التيار سيتلاقى معهم "نحاول جذب الكوادر المختلفة وليس بالضرورة شخصيات عامة، ممكن مصرفي متقاعد، أو مصرفي لا يزال يعمل ولديه رؤية، نحاول خلق مظلة لدفع الاقتصاد للأمام".

يوضح قاسم، أنه خلال ثلاثة أشهر سينتهي التيار من وضع تصوراته في عدد من القضايا مثل الضرائب والعدالة الاجتماعية، وقال "نحن مستعدون لتقديم البديل".

من جهته، قال نائب رئيس حزب المحافظين عماد جاد، للمنصة "رؤيتنا أن تمتلك الدولة مشروعات استراتيجية مهمة مثل محطات الكهرباء والسكة الحديد"، مضيفًا "لكن أساس الاقتصاد يقوم على القطاع الخاص".

ويشدد جاد أن الأوضاع الاقتصادية الحالية "لا توجد بها شفافية أو محاسبة، ولا دراسات جدوى على الأقل". كما أن "الدولة لا تحابي رجال الأعمال، فمشروعات كثيرة جدًا الدولة دخلت فيها بالمزايا النسبية لتنافس القطاع الخاص، فالدولة لا تدفع ضرائب ولا جمارك ولا عندها عمالة".

يستكمل "الدولة مفروض تمتلك جزء من صناعة الحديد والأسمنت لأنها سلع استراتيجية، على الأقل تواجه الاحتكار، أو توزع الرخص ولا تقتصرها على رجال أعمال الدولة والمقربين من السلطة في كل مرحلة"، ويوضح "الدولة نافست القطاع الخاص في العقارات فوقّعت الشركات العقارية".

هل هناك فرص؟

في الوقت الذي زاد فيه تحكم الدولة في الاقتصاد وتوسع مشروعاتها في مجالات مختلفة، مع فرض القيود على العملية السياسية، يكاد يكون التيار الليبرالي الخاسر الأكبر على مدار السنوات الماضية، لكن يبدو أن مؤسسي التيار الحر يرون فرصًا جيدة في ظل التحديات القائمة.

ويعتبر السادات أن التيار الليبرالي الآن "في أفضل فرصه. في حالة نجاحه في أن يجمع بعضه، ويتبنى حلول للمشكلات مثل الاستثمار المحلي والخارجي، والشراكات مع العالم، وطرح رؤى وأفكار وسياسات"، مضيفًا "الفرصة متاحة للتيار لو قدم نموذج لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاستثمارية التي تنعكس على حياة الناس".

من جانبه، يعتقد جاد أن الفرصة متاحة لوضع أسس دولة ديمقراطية حديثة "نحن في لحظة الدولة مأزومة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، ولديها مشكلات الديون وأقساطها والعجز في الموازنة".

ويتابع "الدولة أمام أزمة مركبة، ليس لها مخرج. الوقت متاح لتقديم رؤية بديلة والدفع بالقطاع الخاص، ودور الدولة منع الاحتكار وليس التملك، ليه الدولة تملك محطات بنزين ومزارع جمبري؟ أزمتنا مع صندوق النقد الدولي ما يقال إن الجيش يمتلك 70% من اقتصاد البلد".

الرهان على فشل الآخرين

يراهن التيار الحر في نجاحه على الأزمات التي تواجهها السلطة من تراكم الديون وضغوط الخارج، لكن مؤسسوه لا ينظرون للتحديات الأخرى التي أدت لميلاده الضعيف وضبابية رؤيته، وغياب تصورات وآليات عمله، وعدم إعلان أسماء المنضمين.

قد تؤدي هذه التحديات لتراجع فرص التيار وضعف تأثيره خلال الأشهر المقبلة، لكن ربما تكون راهانات أعضائه قابلة للتحقق حال تخطيهم العقبات، وإيجاد سبل لطرح خطاب ورؤى قادرة على تقديم بدائل للسياسات الراهنة.