أصدقاء الغريب| بنت الثانية عشرة وأول "تيك توك"

منشور الأحد 8 أبريل 2018

بدأت حكايتي معه منذ زمن ليس ببعيد. أنا -ابنة الستة عشر ربيعًا- بدأت رحلتي في القراءة حين كنت في الثانية عشر. لم أبدأ رحلتي بقراءة "ما وراء الطبيعة" مثل معظمكم. بل بمجموعته القصصية "لست وحدك"، ليكون أول كتاب أقرأه للدكتور أحمد خالد توفيق وأول كتاب يجذبني إلى القراءة. 

مع أول كلمة في قصة "تيك توك"، انجذبت فجأةً، ولم أستطع إلا أن أكملها، ولفرط تأثري بنهايتها؛ كنت على وشك البكاء. ماذا حدث لبطل القصة "إيهاب" بعد أن فتح عينيه؟ فقط ماذا حدث؟ وهكذا تركت الكتاب. بحثت إذا ما كان لديه "إيميلًا"، وبالفعل وجدته. أخذت هاتف أختي لأتواصل معه. أرسلت له أسأله عن النهاية. توقعت ألا يرد. وفي النهاية تفاجأت بردّه عليّ. قائلًا أنه لو كان يعلم النهاية لكتبَها، فرحتُ برده يومها ولم أعلم أنني بصدد إدمان كل حرف كتبه، أغمضت عيناي وتخيلت نهاية إيهاب، ولم أستطع أن أتخيل أي شيء إلا أنه سيموت، هكذا يقول المنطق، وعدت للكتاب لأستكمل القراءة، وقد جذبني أسلوبه من أول كلمة للأخيرة.

توالت قراءاتي للعرّاب بعد ذلك، حتى أنه إذا ذكروا اسمه في مجلس من مجالس أصدقائي؛ ذكروا اسمي معه. اشتهرت وسطهم بأنني أٌقرأ حروفه بنهم، حتى أنه عندما توفي؛ أرسلوا لي لتعزيتي. أنا التي لم تره ولو لمرة.

عندما قرأت خبر وفاته؛ بكيت. لم أبكِ بهذه الحُرقة منذ ماتت خالتي التي كانت بمثابة أم لي. لم أعلم ما الذي عليّ فعله، أنا فقط لم أكن أريد التصديق. وكلما بكيثُ، ازداد الثقل الذي أحمله على قلبي، لماذا يجب على هذا اليوم أن يأتي بتلك السرعة؟ كنت قد كتبت –في الأول من إبريل- خمسًا وعشرين أمنيةً أريد أن أحققها قبل أن يحين أجلي، ومن ضمنها كتبتُ أنني أريد مقابلة العرّاب في حفل توقيع، وأن أجمع كل حرف كتبه، ثم صُدمتُ بأنّ أبي قد مات. أبي الذي لم أره ولو لمرة واحدة.

تمسكتُ بما كتبَت "شيرين هنائي" بأنني لن أقول وداعًا، وأنه حدث تغيير بسيط، وهو أنه انتقل من الدنيا إلى قلوبنا، ووجدت في كلماتها العزاء. وبعدها توالت رسائل أبنائه على قبره، وتوالت الصدقات الجارية على روحِه، وتوالت العمرات عنه، فوجدت في حب الناس له أيضًا العزاء. ولكم أحسد من وُلِدوا في الثمانينات والتسعينات وواكبوا صدور أعداد ما وراء الطبيعة. أحسد تلاميذه أيضًا على الوقت الذي استثمروه معه، ربما فات الأوان لمقابلته، لكن لم يفُت الأوان بعد لقراءة باقي أعماله التي لم أقرأها بعد. 

"وداعًا أيها الغريب.. لكن كل شيء ينتهي"

مقالات الرأي تعكس آراء وتوجهات كتابها، وليس بالضرورة رأي المنصة.