أصدقاء الغريب| ربما تصبح أفضل حالاً إن لم تقرأ له

منشور الأربعاء 4 أبريل 2018

من يعرفني جيدًا يعلم أني تربيت داخل مكتبة، فأنا كنت سعيد الحظ- أو تعيس، كان أحد أقاربنا يمتلك مكتبة خاصة به وكنت أقرأ منها كل ما تقع عيناي عليه. أتذكر جيدًا القصة الأولي التي قرأتها لأحمد خالد توفيق، وكانت العدد رقم 13 من سلسلة فانتازيا "رجل من كريبتون" كنت صغير في السن أنظر للأبطال الخارقين نظرة مليئة بالشغف معتقد أني سأصل يومًا لهذا المستوى من القوة والذكاء.

هذا العدد قادني لباقي السلسلة وهذه السلسلة قادتني لرفعت إسماعيل، هنا أدركت أني معجب بهذا الكهل العجوز أكثر من إعجابي بالرجل الحديدي القادم من كريبتون، استمتع بقصص هذا المسن أكثر من أي شئ، أتذكر جيدًا كيف كانت رحلاتي معه، خوفي ليلًا عند قرائتي عن الجاثوم، كيف فصلتني قصة سادة النجوم عن الواقع من حولي، أثناء رحلة عائلية استمرت لساعات لم أرفع فيها عيني لحظة عن هذا الكتيب. 

أتذكر إعجابي بلوسيفر وهن تشوكان وبالتأكيد عزت، كهوف دراجوسان، لوخ نيس، ماجي. عرض لي الدكتور في كتيبه ما لم يعرضه لي أحد من قبل، قدم لي ثقافة وعلم لم أكن سأحصل عليها من أي مكان آخر.

لهذا اعتبرته أبي الروحي مثل الكثير من أبناء جيلى وقرأت كل ما يكتبه، ولكن المشكلة كانت في من حولي الذين اعتقدوا أن كتاباته  كانت السبب في رؤيتي الحياة بمنظور مختلف، اعتقدوا أنه ساهم في نظرتي السوداوية للحياة واكتئابي منها، كثيرًا ما سمعت "ربما أصبحت أفضل حالاً إن لم تقرأ له". وأتذكر دائمًا ردي بأني بأفضل حالًا حاليًا لا احتاج لأي تغير عما أنا فيه.

كان سببًا في تفتح عقلي وعيني على هذه الحياة، وجعلي ما أنا عليه الآن بنجاحاتي وإخفاقاتي. كتاباته كانت اليد التي تمتد لي لترفعني من قمة العادي لقاع التميز. علمني بألا عيب في كونك إنسان عادي، ولكن العيب أن تفقد استمتاعك بالأشياء لأنك "عادي".

لا أذكر عدد المرات التي رددت فيها "هذه هي فلسفتي.. دائماً أتوقع الأسوأ وفي كل مرة يتضح أن توقعاتي كانت أسوأ من الحقيقة، هذا جعل الحياة بالنسبة لي سلسلة من المفاجآت السارة، المتفائلون في رأيي هم أكثر الناس إصابةً بخيبة الأمل، بينما أنا أتوقع مثلاً احتمالية سقوط نيزك علينا في أي لحظة، لو لم يحدث هذا لشعرت بأني محظوظ وأن الحياة أجمل مما نظن".

ولا أذكر عدد المرات التي تم اتهامي بالكآبة لترديد هذه الجملة رغم أنها توحي عكس ذلك تماماً. أنا شخص سعيد بالحياة العادية أثناء محاولاتي للهروب منها. هذا ما علمني إياه أبي الروحي.

في النهاية أتمني للعراب لقاء سعيد مع رفعت إسماعيل على الرغم من أن لفراقه أنا لا أسعد، ولهذا قلبي لا يطرب.

الوداع أحمد خالد توفيق

مقالات الرأي تعكس آراء وتوجهات كتابها، وليس بالضرورة رأي المنصة.