توابع "أزمة زبيدة" تهدد تداول الأخبار على الإنترنت

منشور الأربعاء 28 فبراير 2018

ليست هذه المرة الأولى التي يلوح فيها مسؤولون في مصر بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والمصادر الصحفية التي تتخذ من الإنترنت وسيطًا للنشر، والتهديد بغلقها أو حجبها.

أصدر النائب العام المستشار نبيل صادق، اليوم 28 فبراير/ شباط، قرارًا بتكليف المحامين العامين ورؤساء النيابة العامة بمتابعة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وضبط الجهات والأفراد "في حالة نشر أخبار من شأنها تكدير الأمن العام أو بث الرعب في نفوس أفراد المجتمع".

وصدر قرار النائب العام على وقع الصدام الدائر بين الهيئة العامة للاستعلامات، وهيئة الإذاعة البريطانية BBC، بعد نشر الأخيرة تقريرًا، قالت الهيئة العامة للاستعلامات إنه يحمل "أكاذيب"، ويفتقر للمعاير المهنية للصحافة.

اقرأ أيضًا| ضياء رشوان وبي بي سي.. تاريخ قصير مُثقل بالعداء

وقال حاتم زكريا، السكرتير العام لنقابة الصحفيين، وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن الحكومة المصرية قد تحجب موقع BBC،  لاستيائها من الأخبار التي وصفها بـ"الكاذبة" تجاه الدولة المصرية.

وأضاف زكريا أن الدولة ترى في تلك التصريحات تعديًا على استقرار البلاد، لتزامن نشرها مع اقتراب إجراء انتخابات الرئاسة المنتظرة في مارس/ آذار المقبل، و"حرب مصر ضد العناصر الإرهابية في شمال سيناء"، بحسب تصريحات زكريا.

تهديدات متكررة

ليست هذه المرة الأولى التي يلوح فيها مسؤولون في مناصب تنفيذية أو نيابية في مصر بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والمصادر الصحفية التي تتخذ من الإنترنت وسيطًا للنشر، والتهديد بغلقها أو حجبها، حال نشر ما يعتبره هؤلاء المسؤولون إساءة للدولة. ففي وقت سابق، صرح أمين سر لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أحمد زيدان، بأن مواقع التواصل الاجتماعي هدفها التحريض على الحكومة والرئيس السيسي لتشويه صورتهم، مطالبًا بإخضاعها للرقابة والمحاسبة، كما قال النائب محمد إسماعيل إنه قدم مشروع قانون لربط حسابات وصفحات فيسبوك ببطاقات الرقم القومي، وطالب النائب جمال العقبي الحكومة بغلق فيسبوك وتويتر لإساءة مستخدميه الشخصيات العامة.

بينما أضحى حاتم زكريا عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، هو المسؤول التنفيذي الأول الذي يصرح بوضوح بشأن اعتزام الدولة حجب جهة صحفية على لإنترنت. أما النائب العام - وهو منصب قضائي- الذي يعين بقرار من رئيس الجمهورية بعد اختياره من مجلس القضاء الأعلى -جهة تنفيذية-، فهو المسؤول القضائي الأول الذي يهدد مستخدمي وسيط الإنترنت في نشر الأخبار بالملاحقة والحبس ويصدر توجيهات للنيابة العامة بذلك.

BBC لن تكون الأولى

وفي 2017 حجبت الحكومة المصرية عشرات المواقع الإخبارية عن المستخدمين في البلاد، بحجة "دعمها للإرهاب ومساندتها لجماعة الإخوان المسلمين".

وأطلقت صحف وقنوات تليفزيونية محسوبة على النظام المصري حملة إعلامية ضد شبكة بي بي سي، متهمين إياها بدعم الإرهاب والانتماء للمخابرات البريطانية.

                                                

//www.dailymotion.com/embed/video/x6fdl8y

وعرض التقرير الذي بثته BBC بعنوان "ظل يخيم على مصر"، حالات معارضين ونشطاء تعرضوا للإخفاء القسري أو التعذيب على يد قوات الأمن المصرية، وتضمن حوارًا مع والدة فتاة تدعى زبيدة، زعمت والدتها أنها مختفية قسريًا، لكن بعد أيام من إذاعة التقرير أجرى الإعلامي عمرو أديب في برنامجه على قناة ON E حوارًا مع زبيدة، قالت فيه إنها لم تتعرض للاختفاء القسري، وإنها تعيش مع زوجها دون علم والدتها.

 

وطالبت هيئة الاستعلامات في بيان لها شبكة BBC بتقديم اعتذار رسمي عن "المعلومات المغلوطة" الواردة في تقرير "ظل يخيم على مصر"، الذي أعدته "أورلا جيورين" المراسلة السابقة لهيئة الإذاعة البريطانية بالقاهرة. واتهم البيان بي بي سي بنشر أكاذيب بشأن الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر.

وتصدر هاشتاج "بي بي سي راعية للارهاب" قائمة الأعلى تداولاً على تويتر، وطالب من غردوا عليه بطرد "أورلا جيورين" المراسلة السابقة لهيئة الإذاعة البريطانية بالقاهرة، وغلق مكتب الشبكة.

اقرأ أيضا| البحث عن زبيدة: أسرة تحت حصار الخوف في الجيزة

وأعلن عزت غنيم، مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، القبض على السيدة منى محمود محمد إبراهيم والدة زبيدة، بعد يوم واحد من مداخلتها على قناة "مكملين" التي ألمحت خلالها إلى أن أجهزة الأمن ضغطت على ابنتها للظهور في برنامج عمرو أديب وادعاء كونها غير مختطفة. بينما تقدم محام يدعى طارق محمود ببلاغ للنائب العام يتهم فيه والدة الفتاة بـ"الاستقواء بالخارج" لظهورها على شاشة BBC. 

وأصدرت الهيئة العامة للاستعلامات بيانًا، اليوم الأربعاء، قالت فيه إنها بصدد ترجمة اللقاء الذي أجراه عمرو أديب مع الفتاة لتوزيعه على وسائل الإعلام الأجنبية. 

وأبدى المحامي والبرلماني السابق، زياد العليمي، تعجبه من قرار النائب العام، معلقًا بأن قرارًا مثل هذا "يضرب المنطق القانوني" لكونه يجعل من مقدم البلاغ والمحقق فيه "وكلاء النائب العام ومحاميو العموم" هما نفس الجهة. وقال زياد للمنصة: "النيابة ليس دورها تلك الأمور، إذا اتخذت النيابة دور تقديم وتحرير البلاغات فما دور وزارة الداخلية إذن؟" ويعتقد زياد أن البيان بما فيه خرج "للاستهلاك الاعلامي فقط"، لأن مصطلح مثل "قوى الشر" الذي تضمنه، لا يشكل جريمة لها أركان قانونية واضحة يمكن المعاقبة عليها.