اﻷبعدية.. قاعة عزاء تؤجج صراع الكنائس

منشور الخميس 8 فبراير 2018

شهدت قرية بني مُحمد سُلطان بمحافظة المنيا، في الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس، أعمال عنف طائفي بين مسيحيين ينتمون للطائفتين الإنجيلية والأرثوذكسية، إثر هدم أبناء الطائفة الثانية لمبنى تضاربت الأقاويل حول طبيعته وملكيته بينهما.

ويقول الأرثوذوكس إن المبنى دار مناسبات تمتلكه كنيستهم، بينما كان للإنجيليين قول آخر يُمد في أجل الجدل حوله، والذي بدأ عام 2002 وما تزال آثاره باقية في روايات الفريقين وتقديرهما للموقف الحالي.

وفقًا لما ذكره مصدر أمني لموقع "مصراوي"، فإن مسؤولي مطرانية المنيا وأبو قرقاص للأقباط الأرثوذكس، هدموا "قاعة مناسبات" في تلك القرية، دون الحصول علي ترخيص الهدم من الجهة الإدارية، رغم أن القاعة محل نزاع بينهما وأبناء الطائفة الإنجيلية.

بأقوال تتشابه مع رواية الأمن، أصدرت الكنيسة الإنجيلية بيانًا اليوم الخميس، واستهله رئيس لجنة الإعلام بها القس إكرام لمعي، بوصف المبنى بأنه "كنيسة إنجيلية تأسست بقرية بني سلطان عام 1886، تابعة لمجمع المنيا الإنجيلي لخدمة القرية والقرى المجاورة".

وفي بيانه الذي نشرته صحيفة "اليوم السابع" أوضح لمعي أن راعي الكنيسة الإنجيلية بقرية بني سُلطان القس شكري إسحاق، تقدّم عام 2002 بطلب هدم وإعادة بناء تلك الكنيسة وحصل على موافقة الجهات المسؤولة، حتى اعترضت الكنيسة اﻷرثوذكسية على القرار؛ ما قررت الشُرطة معه بوقف القرار وإغلاق المبنى لحين انتهاء النزاع القضائي الذي بدأ بين الطرفين.

حاولت "المنصّة" التواصل مع طرفي النزاع من مسؤولي الكنيستين، لكن أيًا منهما لم يردّ حتى موعد نشر التقرير.

في المقابل، قدّمت جهة تابعة للكنيسة الأرثوذكسية ما يُفيد بانتهاء النزاع القضائي مع الإنجيليين لصالحها، كما أكد قساوسة عرّفوا أنفسهم بأنهم "كهنة ولجنة كنيسة القديس العظيم الأنبا برسوم العريان بناحية الأبعدية ببني محمد سُلطان"، أن ما تم هدمه هو قاعة عزاء آيلة للسقوط تابعة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وذلك في بيان نشرته صفحة على فيسبوك تحمل اسم "كنيسة القديس العظيم الأنبا برسوم العريان".

 

بيان منسوب لكهنة وقساوسة كنيسة الأنبا برسوم العريان بالمنيا- المصدر: صفحة على فيسبوك تحمل اسم الكنيسة نفسه

وأفردت الصفحة، بعد صورة البيان، أوراقًا قالت إنها لـ دعوى قضائية استأنفت بها الكنيسة الإنجيلية على حُكم أول درجة صدر عن محكمة المنيا الابتدائية في 26 مايو/ أيار 2013، في دعوى أقامها رئيس الطائفة الإنجيلية تحمل رقم 1211 لسنة 2008 يُطالب فيها خصومه الأرثوذكس في مطرانية المنيا وكنيسة اﻷنبا برسوم العريان بالقرية، بتسليم المبنى له.

واختُتمت أوراق الدعوى المنشورة على الصفحة، وتحمل رقم 1147 لسنة 49 قضائية محافظة المنيا، بحكم صدر عن محكمة استئناف بني سويف/ مأمورية المنيا، بتأييد حُكم أول درجة ورفض دعوى الإنجيليين ﻷن مُقيم الدعوى "عجز عن إثبات أن الطائفة التي يُمثّلها هي المالكة للمبنى محلّ النزاع".

وقال القساوسة اﻷرثوذكس، في بيانهم، إن الحديث عن أن ما تم هدمه كنيسة إنجيلية قديمة استولى عليها الأقباط "أمر عارٍ من الصحة"، وأضافوا أن الكنيسة اﻷرثوذكسية "قررت إقامة قاعة حديثة للعزاء مكان القاعة القديمة لخدمة جميع أبناء القرية".

واتفق طرفا الصراع في قول واحد فقط حول المبنى وهو كونه دار مناسبات أو قاعة عزاء، وهو ما ورد في الحُكم القضائي سالف الذكر، ولكن الخلاف بينهما الآن هو ملكية هذا المبنى.

يقول القساوسة الأرثوذكس في بيانهم، إن القضاء "أصدر حُكمه النهائي بملكية الكنيسة القبطية للمبنى"، مُدللين على ذلك بصور الدعوى القضائية، فيما يقول القس الإنجيلي أندريه زكي في بيانه إن المحكمة "أصدرت حُكمها باستخدام المكان كقاعة المناسبات لجميع الطوائف (الارثوذكسية، الانجيلية، والرسولية)"، مُضيفًا "ولا يسمح لأى طرف بأى طرف من الأطراف المتنازعة أن يتصرف فى المكان بمفرده".

بالرجوع لأوراق الدعوى التي نشرتها صفحة كنيسة الأنبا برسوم العريان التابعة للكنيسة الأرثوذكسية، فإن محكمة الاستئناف قالت إنها رأت وفقًا لما تقدم لها من أوراق وشهادات أن المبنى "دار مناسبات تحت مُسمّى جمعية بني مُحمد سلطان، يستخدمه كافة الطوائف المسيحية في تلك القرية في المناسبات المُختلفة… ولا يعتبر كنيسة ﻷي من الطائفتين المتنازعتين".

 

ورقة من دعوى الاستئناف التي ذكرت المحكمة فيها أن المبنى دار مُناسبات تستخدمه الطوائف المسيحية المُختلفة- المصدر: صفحة الأنبا برسوم العريان.

لم تنشر صفحة "الأنبا برسوم العريان" ولا أي جهة أرثوذكسية- حتى موعد نشر التقرير- ما يُفيد بملكية الكنيسة الأرثوذكسية للمبنى، وفقط حُكم المحكمة الخاص بكونه دار مناسبات لمختلف الطوائف، فيما يُبين موقع الكنيسة الإنجيلية فيما يتعلق بكنائسها في المنيا إلى وجود "كنيسة بزاوية سلطان تأسست عام 1886 وخضعت للترميم عام 1994، وترعى أكثر من 250 أسرة من أهل القرية".

وبعيدًا عن حُجج وبيانات الطرفين، أدان مُدير ملف الحُريات الدينية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إسحاق إبراهيم، طريقة هدم المبنى بصرف النظر عن تبعيته ﻷي منهما، وذلك مع الأخذ في الاعتبار أنه وارد استخدامه في فترة ما ككنيسة للإنجيليين.

وقال إبراهيم لـ"المنصّة"، إنه حتى ولو ثبُتت ملكية المبنى للطرف اﻷرثوذكسي فهذا لا يعني هدمه دون اتفاق وتراضٍ بين جميع الأطراف، خاصة وأن النزاع ليس بين أفراد ولكن بين أبناء مؤسسة دينية خطابها يرتكز على مبادئ السلام والمحبة.