أفراد من عائلة التميمي بينهم عهد يتقدمون مسيرة بقرية النبي صالح ضد سياسات الاستيطان

بعلم وهتاف وعدسة موبايل.. عائلة "التميمي" في مواجهة الاحتلال

منشور الاثنين 26 فبراير 2018

عائلة التميمي قررت التصدي للمشروع الإسرائيلي عبر وسائل متنوعة للمقاومة السلمية. يمكننا أن نقرأ بداية الحكاية مع ناريمان وباسم التميمي.

 

ارتفعت في الأيام الأخيرة وتيرة استهداف السلطات الإسرائيلية لأفراد عائلة التميمي، التي تنتمي إليها المراهقة الفلسطينية عهد. وقامت السلطات الإسرائيلية باعتقال عدد من أفراد العائلة، وإدراج بعضهم الآخر على قائمة "خطر مُحتَمل على إسرائيل". 

يشكل أفراد عائلة التميمي غالبية سكان قرية النبي صالح التابعة لمدينة رام الله. وتقع القرية ضمن الحزام الذي تسعى السلطات الإسرائيلية للاستيلاء عليه، وبناء المستعمرات غير القانونية على أراضيه بعد طرد وتشريد السكان. 

بدأت سلطات الاحتلال مساعيها المكثفة للاستيلاء على أراضي القرية مع بدايات عام 2013. من خلال إصدار قرارات مصادرة الأراضي وممارسة التضييق على السكان واستهدافهم، بالإضافة للمضايقات والتحرشات التي يمارسها المستوطنون. 

عائلة التميمي قررت التصدي للمشروع الإسرائيلي عبر وسائل متنوعة من المقاومة السلمية. يمكننا أن نقرأ بداية الحكاية مع ناريمان وباسم التميمي، وهما زوجان من قرية النبي صالح، تشاركا في الحياة وفي تنظيم المسيرات السلمية الرافضة للاستيطان. وشاركا مع غيرهما من سكان القرية والناشطين الفلسطينيين في التصدي للجرافات الإسرائيلية، التي حاولت مرارًا تجريف أراضي القرية وهدم منازلها لتسليمها للمستوطنين، كما جرى في كثير من قرى الفلسطينية.

من شراكتهما في الحياة جاءت عهد التميمي، المراهقة التي صار عمرها الآن سبعة عشر عامًا، طفلة في نظر المواثيق الدولية لحقوق الطفل، وكذلك في نظر قانون دولة الاحتلال الذي لا يسري على الأطفال الفلسطينيين.

شاركت عهد منذ الصغر في المسيرات السلمية الرافضة للاحتلال والاستيطان بصحبة والديها. وفي مراهقتها، صارت رمزًا للمقاومة الفلسطينية، إذ لفتت ملامحها الجادة رغم طفولتها أنظار وسائل الإعلام الدولية، بعد تصديها لجنديين إسرائيليين حاولا اصطياد المقاومين من فوق سطح منزل عائلتها، لتُحال المراهقة الفلسطينية للمحكمة العسكرية الإسرائيلية، متهمة بالتعدي على مجندين اثنين من جيش الاحتلال. 

عهد التميمي نموذج لاهتمام عائلة التميمي بالتعليم كسبيل في الحياة والمقاومة. فعهد تجيد اللغات الأجنبية وقادرة على التحدث بها واستخدامها في الدعوة لقضية الشعب الفلسطيني، ومثلها ابنة عمها الأصغر سنًا جنى جهاد التميمي، التي شكلت بمفردها وحدة إعلامية متنقلة، تصور التقارير الصحفية بالفيديو عبر الهاتف المحمول، وتقوم ببث تقاريرها التي تغطي فيها تعديات جيش الاحتلال والمستوطنين عبر قناتها على يوتيوب، والتي تنقل من خلالها كذلك أخبار قرية النبي صالح. 

تتحدث جنى الإنجليزية بطلاقة، وتفتح بها خطوط التواصل مع وسائل الإعلام الدولية لتتحدث عن قضية شعبها. لتكون قناتها إلى جانب المظاهرات الأسبوعية التي يسير فيها أفراد عائلة التميمي في القرية كل جمعة. 

كبر أبناء عائلة التميمي ومنهم عهد وجنى ومحمد -شقيق عهد- منذ طفولتهم على رائحة قنابل الغاز وعُصي الهروات واعتقال آبائهم وأمهاتهم. وتعرضوا للضرب أحيانًا وكسر الأيدي أحايين أُخر. صمود القرية في وجه قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين منذ عام 2013 وحتى اليوم؛ شكَّل صفعة لسلطات الاحتلال التي اعتبرت المعركة مع القرية والعائلة التي تشكل غالبية سكانها، معركة ندية. بعد أسابيع من اعتقال القوات الإسرائيلية للطفلة الفلسطينية عهد التميمي، وتمديد اعتقالها الإداري أمام المحكمة العسكرية مرة تلو الأخرى، فتحت السلطات الاسرائيلية النار على ابنة عمها جنى جهاد التميمي، وأدرجتها وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية على قائمة "خطر مستقبلي"، ليأتي اسمها بجانب دولة عملاقة مثل إيران، وحركة فلسطينية صارت ذات قوة دولية مؤثرة تؤرق إسرائيل منذ سنوات، وهي حركة المقاطعة (BDS)، التي لم تقف عند حدود المقاطعة الاستثمارية والاقتصادية لدولة الاحتلال، وامتدت لتشمل الجوانب الثقافية والاكاديمية كذلك، وحققت الكثير من الانتصارات في هذا الإطار.

صوت النبي صالح 

                                 

                                      

جنى التميمي

الطفلة جنى التي تعرف نفسها "بأصغر صحفية"، بدأت في الاهتمام بالإعلام وهي بعمر السابعة، حيث كرست جهدها لتوثيق الاقتحامات الاسرائيلية لقريتها –النبي صالح- وإطلاق الجنود الإسرائيليين النار على شبابها.

 تقول جنى في مقابلة خاصة مع المنصة، إنه في ظل القصور الإعلامي لتغطية إقتحامات قوات الجيش الإسرائيلي لمنطقة سكناها، وكذلك حادثة استشهاد خالها وصديق لها على يد قوات الاحتلال؛ تنبهت الطفلة -التي تبلغ الحادية عشرة الآن- إلى نقص التغطية الإعلامية للانتهاكات التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في قريتها، وغيرها من القرى التي تحاول دولة الاحتلال الاستيلاء على أراضيها. ما دفعها لتوثيق الاعتداءات الإسرائيلية ونشرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي باللغتين العربية والإنجليزية.

وتضيف جنى أنها تستخدم وسائل بسيطة لتوثيق وتغطية الاقتحامات المتكررة، مثل هاتفها النقال بالإضافة لهاتف والدتها نوال، التي تستمر في تشجيعها كي تواصل جهدها في هذا الطريق، كما تساعدها في إتقان اللغة الإنجليزية. 

وترى جنى أن إدراجها على قائمة "خطر مستقبلي على إسرائيل"، لن يمنعها من مواصلة طريقها في توثيق ممارسات القوات الإسرائيلية من اقتحامات وإطلاق نار على شباب وأطفال قريتها. وترى أن وزارة الشؤون الإستراتيجية أقدمت على هذه الخطوة انزعاجًا مما توثقه بأدواتها البسيطة، "لأنهم رأوا أن الحقيقة صارت تصل للعالم".

نضال أطفال عائلة التميمي دفع الإعلام الإسرائيلي لاتهام أفراد العائلة بأنهم يستغلون أطفالهم ويضعونهم في مواقف خطرة. وأن الآباء في تلك الأسرة وسواها من الأسر الفلسطينية المُقاوِمة غير أمناء على الأطفال، ضاربين الأمثلة بعهد وجنى التميمي، ومحمد الدرة، والطفل فارس عودة الذي تصدى لدبابة إسرائيلية بجسده، والفتى فوزي جنيدي من الخليل الذي اعتقله ٢٣ جندي.

                                  

الطفل فارس عودة الذي تصدى لدبابة إسرائيلية بحجارته واغتالته رصاصات جيش الاحتلال عام 2000

الإعلام الإسرائيلي يحاول تعزيز وجهة نظره باستضافة بعض المختصين في الإعلام الرقمي الجديد، لتسويق فكرة أن ما تقوم به الطفلة جنى ليس مجرد جهد فردي من طفلة فلسطينية، بل إن عائلتها ومنظمات دولية وإعلامية تقف خلفها "في مسعى لتشويه إسرائيل"، كما يظهر في هذا التقرير.

https://www.facebook.com/plugins/video.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FMaanNews.net%2Fvideos%2F1832056676845354%2F&show_text=0&width=560