Photo credit: Multivu.com

هل تعلم البهجة يساعدك على الاقتران بالحياة؟

منشور الثلاثاء 13 فبراير 2018

طريقك إلى البهجة يبدأ بالمرونة والاستشراف والعطاء وأن تكون متواجدًا هنا والآن.

"انشغل بالحياة أو انشغل بالموت."

بهذه الجملة ترك إندي عقل ريد وقلبه هائمين في إحدى النقلات المحورية في الفيلم الأعظم The Shawshank Redemption، فهل الانشغال بالحياة وحدها كافٍ أم أننا في حاجة للاقتران بها؟

الاقتران بالحياة ليس صفة إما تكون موجودة أو لا تكون، ولكنها عملية وتفاعل مستمر بين الاختيارات الشخصية وبين الدوافع التي تحرك هذه الاختيارات. ففي كل اختيار نختاره يكمن دافع، إما نحو الحياة أو نحو الموت نفسيًا.

كما أن الاقتران بالحياة أمر نسبي، يختلف من شخص لآخر. فنفس الاختيار قد يكون فيه حياة وقد يكون فيه موت. فقرار الدخول في علاقة قد يكون قرارًا تحركه دوافع الحياة، خاصة إن كانت علاقة حقيقية، يُسمح لي وللطرف اﻵخر فيها بأن يكون كل منا نفسه دون تصنع. وقد يكون اختيارًا تحركه دوافع الموت، حينما نخرج من علاقة إلى أخرى بلا فاصل زمني أو استيعاب لما حدث ويحدث وكأنه قرار "بتشويه الذات،" أو أن يكون عقابًا قهريًا يعاقب الشخص به نفسه. فنرى سيناريو يتكرر لفتاة تصر على اختيار الدخول في علاقات "إيذاء" مع أشخاص بصفات سادية، غير مدركة أن دوافع الموت داخلها هي التي تقودها بلا هوادة أو وعي منها.

وقد يكون بعض التأمل والحوار الذاتي حول الدوافع التي تحدد اختيارتنا كافيًا كبداية لمعرفة ما إذا  كان ما يحركنا هو دوافع الحياة أم دوافع الموت.

أما دوافع الحياة فيمكننا تعزيزها باختيار البهجة والسلام النفسي كاختيار يومي مما يساعدنا على الاقتران بالحياة ذاتها، وهذا الاختيار، على قدر غرابته، هو أمر يمكننا أن نتعلمه ونمارسه ونذكر أنفسنا به.

كيف نتعلم البهجة والسلام النفسي؟

تعلم اختيار البهجة والسلام النفسي يشبه تعلم أي آلة عزف كالتشيلو كما يقول ريتشارد دافيدسون Richard J. Davidson العالم الرائد في أبحاث العلوم العصبية وعلاقتها بالبهجة، فيشير إلى أن تعلم البهجة والسلام النفسي يعتمد على ممارسة أربع مهارات لها مسارات عصبية فى المخ وهي:

المهارة الأولى: المرونة

يقصد بالمرونة التكيف مع الصدمات والمتاعب. فيمكننا تخيل شخص يريد أن يجتاز شارعًا مزدحمًا. فحجم الصدمات والخبطات والدفعات التي سيتلقاها ستجعله بعد القليل من السير يبدأ في الشعور بالضغط والإنهاك. فإذا تخيلنا أن هذا الشارع ممتد إلى ما لا نهاية؛ فما حجم العطلة والضيق والصدمات التي يمكن أن نتعرض لها؟ مؤكد أنه عدد ضخم. فإذا ما تخيلنا أن هذا الشارع هو الحياة ذاتها، بكل ما نلاقيه يوميًا من مشكلات وضغوط، فلا يوجد حياة بلا ضغوط ومشكلات. وتكمن المرونة في مستويين: الأول في طرق تجاوز وتفادي الصعوبات التي تحول بيننا وبين أهدافنا. والمستوى الأعمق هو المرونة في تعديل وتبديل أهدافنا ذاتها.

المهارة الثانية: الاستشراف

وهي ببساطة قدرتي على أن آخذ خطوة للخلف فأرى الموقف بشكل أعم، بدلًا من أن أغرق داخله. ويلي ذلك التركيز على الجوانب الإيجابية من الموقف.

المهارة الثالثة: التواجد "هنا والآن"

وهي أن أعود بعقلي وذهني إلى ما أفعله في كل لحظة. فحينما أكتب تكون أفكاري ومشاعري مرتبطة بما أكتبه. وكلما شردت بذهني أذكر نفسي بذلك.

اقرأ أيضا: هنا والآن.. كيف تتحرر من ماضيك ومستقبلك؟

المهارة الرابعة: العطاء

يقال في الأدب العربي "الجود أن تعطيني ما أنت أشدّ إليه حاجة مني." وقد كشفت دراسات ريتشارد دافيدسون أن الإيثار والعطاء ينشطان دوائر عصبية تسبب الشعور بالبهجة والسلام النفسي.

بقي أن نشير إلى أن أية مهارة نتعلمها تحتاج إلى الوقت والممارسة والتعلم المستمر من الممارسة ذاتها، أو بكلمات أخرى التغيير في الذات مهمة شخصية تحتاج إلى أن تكون على قائمة الأولويات دائمًا.