أسطورة عَبَدة الشيطان: مجتمع خايف

منشور السبت 23 يناير 2016

لما كان عندي 16 سنة وعايش في القاهرة، كان شعري طويل، بس مش طويل بالمعايير الغربية، يعني ما كانش واصل لكتافي. ساعتها كنت بسمع موسيقى روك Rock، وكانت عارف ناس بيسمعوا موسيقى أتقل اسمها هيفي ميتال Heavy Metal. وفي يوم كنت ماشي و البوليس فتّشني، ما كانش معايا غير شنطة كتف جواها كتب المدرسة. سابوني، بس ده حصل لما كنت في نص الشارع ورايح للمترو عشان اروّح البيت من المدرسة. لما روّحت، كانت أخبار القبض على عبدة الشيطان اللي بيسمعوا هيفي ميتال مالية التلفزيون. الحكاية كان شكلها سريالي، خصوصا لأنها مرتبطة بناس انت تعرفهم حتى ولو من بعيد.. ما اتقبضش عليا، بس ساعات كنت بحس ان ده حصل، عشان الطريقة اللي الناس في الشارع كانت بتبص لك بيها باعتبارك شخص منبوذ، كأنك حيوان مريض، والتعبير عن التأثير الغربي الخبيث اللي أفسد مثال الإنسان المصري.

أسطورة عَبَدَة الشيطان: 19 عاما على مطاردة "المَتّيلة"

في السنين اللي بعد كده، لما طوّلت شعري جدا، وربيت دقن صغيرة، كان بيتقالي "يا عبد الشيطان" وبعدها بسمع صوت تفّة، ما كنتش بحسّ إني ضحية، بيبقى سخيف إنك تفكر كتير وانت ماشي في الشارع في القاهرة؛ الثقافة هنا فيها كبت وغسيل دماغ وسذاجة للأسف، فيه سور متكهرب حوالين الفكر والإبداع. جوهر الموسيقى هو الثورة، الثورة هي أداة الموسيقى القوية. عشان كده قررت استخدم تجربتي الأخيرة كدافع عشان أعمل تجربة اجتماعية، وفي نفس الوقت مشروع فني.

 

من أعمال نادر صادق

قُريّب نقلت لمدينة نيويورك، ولقيت أن مظهري كعاشق للميتال شائع في نيويورك بالذات، عشان كده فكرت إني أعمل حاجة ممكن تبقى مزعجة، معتمدة على الثقافة اللي نشأت فيها، ففكرت في "النقاب" اللي بيغطي الجسم كله، ولبسته في شوارع نيويورك، وكنت عارف ان الناس هتبص لي بالتشكك والخوف نفسهم اللي كان المصريين بيبصوا لي بيه في شوارع القاهرة، في حين ان الناس في مصر مش بينزعجوا من صورة النقاب. استخدمت التجربة دي عشان أمزج ثقافتين بيتخوفوا من الغريب مع بعض، أخدت صورتين مزعجتين من الثقافتين، وحطتهم سوا. النتيجة كانت مقارنة مناسبة جدا، إذا كنت جاهل تماما بعشق موسيقى الروك أو بالتدين الشديد، مش هتبقى قادر تحدد في المشروع الفني إن الشكل من ثقافة والخلفية من ثقافة "ضد". عشان كده كان هدفي أوضح إن إدراكنا لـ "الآخر" بيعتمد على عقلنا وثقافتنا. مش لمجرد إنك كفرد أو مجتمع بتخاف من حاجة، فدا معناه إنك بتكشف تهديده، إنما أنت بتكشف جهلك.