أرسنال.. موت متعة كرة القدم

منشور الخميس 4 يناير 2018

 

"شجع ماتشاء واستمتع بأرسنال"، جملة قالها عيسي الحربين، معلق بين سبورت، منذ موسمين في تعليقه علي إحدى مباريات أرسنال في الدوري الإنجليزي، فهل ما زال أرسنال يقدم المتعة في كرة القدم؟

لا أكتب بصفتي ناقدًا أو محللًا كرويًا، ولكن بصفتي محبًا ومشجعًا لنادي أرسنال منذ سنوات عديدة، النادي الذي تربيت علي مشاهدة متعتة الكروية حتي في الخسارة والتعثر.

بدأت تشجيع أرسنال في أوائل الألفية الحالية، كنت أشاهد إحدى مباريات الدوري الإنجليزي، وكان أرسنال أحد طرفي المباراة، وعلى الرغم من هزيمته، إلا أنني أحببت هذا الفريق، وطريقة تقديمه لكرة القدم. صرت أتابع مبارياته بشغف ومتعة سواء فاز أم خسر. أحببت سرعة هنري ومهارة بيريز وصلابة فييرا وحماس كامبل وروعة تصديات سيمان وعبقرية آرسين فينجر في تقديم كرة لا تشبه سوى كرة أياكس في السبعينيات. 

 

بداية الكارثة

أتى عام 2006، وصعد أرسنال لنهائي دوري أبطال أوروبا، ليقابل برشلونة، عملاق إسبانيا في ذلك الوقت، كان الوصول للنهائي صعبًا، تغلب أرسنال في طريقه على ريال مدريد ويوفنتوس، وفعلها وصعد للنهائي. 

بات حلم أول لقب لدوري الأبطال على بعد خطوة. ولكن في التسعين دقيقة لم تجر الأمور على ما يرام، طُرد يانس ليمان حارس المرمى، ونزل الحارس ألمونيا بدلًا منه. وعلى الرغم من ذلك انتهى الشوط الأول بتقدم أرسنال بهدف. ولكن في الشوط الثاني حدث الانهيار، وخسر أرسنال البطولة بهدفين لهدف.

حزنت كثيرًا لهذه النهاية التعيسة، وتوسمت خيرًا في المواسم التالية، ولكن أزمة الديون التي لحقت بأرسنال نتيجة بناء ملعب الإمارات ليكون بديلًا لملعب هايبري، أثر علي أرسنال كثيرًا فانتهج فينجر سياسة الاعتماد علي الناشئين مع رحيل عدد كبير من نجوم الفريق الي فرق أخرى.

بدأ فينجر في تكوين جيل جديد، ولكن سياسة التقشف  التي انتهجها جعلت أنصاف اللاعبين يلعبون لأرسنال وبدأت معاناة كل موسم من بعد 2006، الفريق توجد به أسماء مميزة ولكن هناك أسماء أخرى لا تستحق اللعب لأرسنال. مرت عدة سنوات والفريق لا يحقق  أي لقب. الجماهير في حالة غضب من فينجر والإدارة في وقت كان ليفربول يصول في أوروبا، ومانشيستر يونايتد يسيطر محليًا بالشراكة مع تشيلسي العائد بقوة بعد غياب، حتى حل عام 2011 واشترى الملياردير الأمريكي ستان كرونكي المهووس بالإستثمار في الرياضة وخصوصًا الأندية الرياضية الحصة الأكبر  في النادي في صفقة قدرت بمليار و 195 مليون دولار أمريكي.

خيبة الأمل

مع مجيء كرونكي  ووعده بالعمل علي تلبية مطالب الجماهير، ومع قرب انتهاء ديون الملعب الجديد، استبشر الجميع خيرًا، وانتظروا عودة الأمجاد على يده، ومع وجود المحنك فينجر، سيعود النادي قويًا كما كان في الماضي، ولكن حدث العكس تمامًا.

 بدأ أرسنال يترنح في الدورى الأنجليزي. بات لا ينافس علي اللقب بل أصبح منافسًا على المراكز المؤهلة لدوري الأبطال، الذي لا يحقق فيه الفريق أقصى من الوصول إلى دور الستة عشر، والخروج على يد برشلونة أو بايرن ميونخ أو حتى موناكو الفرنسي.

مع حلول عام 2013 وانتهاء أزمة الديون، اشترى أرسنال أوزيل وسانشيز سعيًا لبناء فريق قوي ومحو سنوات الانكسار، ولكن الحال لم يتبدل، وبات أرسنال كمن ضل طريقه في البحث عن هويته، في الوقت الذي بدأت فيه أندية لا تاريخ لها في تحقيق الألقاب وكتابة تاريخها كمانشستر سيتي.

الموسم الماضي كان هو الكارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. لم يتأهل الفريق لدوري الأبطال بعد انتهاء الموسم، وحل في المركز الخامس. لم يعد الفريق يقدم المتعة التي اعتدناها منه، أصبح فريقًا مملًا، ظهر فينجر كالمشلول تمامًا، لا يحرك ساكنًا. أصبح الفريق مهترئًا، ولم يعد من الصعب على أي ناد هزيمته. 

كانت هذه السنة هي إعلان موت متعة أرسنال الكروية، وموت فينجر فنيًا، مع وجود إدارة لا يهمها سوى المال والاستثمارات. ذهبت كرة أرسنال الممتعة مع جيل اللا هزيمة وجيل 2006، ذهبت مع هنري وبيريز وفييرا وكامبل وليونبرج. صار أرسنال فريقًا من فرق الصف الثاني في أوروبا. لم يعد هناك ما يجذب اللاعبين ليوقعوا للنادي. 

فينجر والإدارة مسؤولان عما أصبح عليه الفريق حاليًا، ولكن اللاعبين أيضًا يتحملون جزءًا مما حدث، بعد أن أصبحوا كموظفي الشركات، ولا يستحقون ارتداء قميص أرسنال، فالمواسم الثلاثة الأخيرة، بما فيهم الموسم الحالي، تؤكد أن الفريق في طريقه إلى الانهيار سريعًا، وذلك بأسلوب الإدارة وسياستها المالية التقشفية، أو فينجر بطريقة لعبه التي صارت تقدم وجبة من الملل أسبوعيًا، وأيضًا اختياره للاعبين لا يصلحون للعب في أرسنال، والإبقاء على مجموعة أخرى لا تصلح من الأساس لأندية الوسط في إنجلترا. ولا أتمنى أن أشهد اليوم الذي أجد فيه أرسنال في وضع يشبه أندية إنجلترا التي كانت تحظى بتاريخ محلي وأوروبي قبل أن تنهار، كفريق أستون فيلا أو ليدز يونايتد.