لقطة من فيديو تظهر مجموعة من المتظاهرين يحرقون "الحوزة العلمية" لتدريب "العلماء" 

"تظاهرات سراسري".. من تطبيق "تيليجرام" إلى شوارع طهران 

منشور الأربعاء 3 يناير 2018

قيدت السلطات الإيرانية الخميس الماضي الوصول إلى تطبيقي التواصل الاجتماعي "تيليجرام" و"إنستجرام" عبر أجهزة الهاتف المحمول، مع تصاعد الاحتجاجات لليوم السادس على التوالي، والتي شهدتها مناطق عدة في إيران احتجاجًا على غلاء المعيشة، وتردي الأوضاع الاقتصادية في بلدِِ  تبلغ نسبة البطالة فيه قرابة 29 في المئة، ويبلغ عدد المتعطلين في إيران قرابة ثلاث ملايين ونصف، من إجمالي عدد سكان الجمهورية الإسلامية البالغ 80 مليون نسمة.

تطبيقا إنستجرام وتليجرام هما التطبيقان اللذان انطلقت من خلالهما دعوات التجمع والتظاهر، من خلال وسم حمل عنوان "تظاهرات سراسري"، ويعني باللغة الفارسية "المظاهرات العامة". إلى جانب عدد من الوسوم المستخدمة من قبل المحتجين على إنستجرام، ومنها "متحد شويم"، والتي تعني "اتحدوا".   

وظهر فيديو عبر موقع إنستجرام يبيّن تجمع مئات المحتجين في أحد شوارع طهران حول عمود إنارة مُعلق به صورة مرشد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي، وقيام بعض المتظاهرين بتمزيق اللافتة وسط صيحات المئات. ويعد منصب "المرشد" هو أعلى منصب ديني وسياسي في إيران منذ الإطاحة بنظام الشاه عام 1979، وتطبيق نظام "ولاية الفقيه". وعلى صعيد آخر  قال بافل دوروف، مؤسس موقع "تيليجرام" للرسائل النصية، أن السلطات الإيرانية بدأت في منع تيلجرام في إيران بعد رفض شركته علنًا ​​إغلاق قنوات المتظاهرين الإيرانيين السلميين، مثل قناة "Sedayemardom" وهى الشبكة الإخبارية الأشهر لتغطية الاحتجاجات الإيرانية في كافة المدن الإيرانية. وأضاف دوروف عشية ليلة رأس السنة "نحن فخورون أن تليجرام يُستخدم من قِبَل الآلاف من قنوات المعارضة الضخمة في جميع أنحاء العالم. ونعتبر حرية التعبير حقًا إنسانيًا لا يمكن إنكاره".  

يأتي رد دوروف عقب طلبات عدة من وزير الاتصالات الإيراني، محمد جهرمي، بإغلاق عدد من القنوات المستخدمة في تغطية أنشطة المحتجين في إيران، والتي تسعى فعليًا إلى إيقاف قناة "amadNews" والمعنية بتغطية الاحتجاجات.

وفي سياق متصل بزيادة تقييد الوصول إلى الإنترنت في إيران، وحجب تطبيقي "إنستجرام، وتليجرام" يحاول وزير الاتصالات الإيراني التفاوض مع السلطات اﻷمنية لإزالة "القيود على الفضاء السيبري" بحسب تغريدة له ظهر يوم الثلاثاء. 

مظاهرات الغلاء 

تشهد المدن الإيرانية موجة من الاحتجاجات ربما تضاهي موجة احتجاجات عام 2009 اعتراضًا على نتائج الانتخابات الرئاسية والتي كانت مطالب سياسية في الأساس، إلا أن ما تشهده الشوارع الإيرانية من احتجاجات الآن، بدأت مع تزايد تكاليف الحياة اليومية وارتفاع معدلات البطالة في بلدٍ يشارك في حروب إقليمية في المنطقة. وهو الأمر المنعكس في تأكيدات السلطات الإيرانية عبر وكالات الأنباء الرسمية للدولة عن وقوف "أعداء سخروا المال والسلاح وأجهزتهم الأمنية للإضرار بإيران" بحسب ما قاله المرشد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي أمس الثلاثاء في أول تعليق منه على الاحتجاجات المستمرة في شوارع المدن الإيرانية لستةٍ أيامٍ متتالية.  الاحتجاجات المتتالية والتي تواجه بالاعتقال والرصاص، تواجه أيضًا تعتيمًا إعلاميًا في كافة وكالات الأنباء والصحف الرسمية وشبه الرسمية في إيران، التي اكتفت بعرض عدد من المواقع الإخبارية لقطات لمظاهرات مؤيدة للنظام السياسي، بالإضافة إلى لقطات مصورة تُظهر "اعتداء" على سيارات الإطفاء.

بالتالي اعتمد المحتجون على تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي لنقل فعالياتهم وتحركاتهم على الأرض للتنديد بالأوضاع الاقتصادية المتردية وسوء إدارة البلاد. 

 

بطش متزايد..وتظاهرات مستمرة

استخدمت قوات الأمن الإيرانية خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، وبعد تزايد رقعة الاحتجاجات بدأت السلطات الإيرانية في استخدام الرصاص الحي تجاه المحتجين السلميين، لترتفع حصيلة قتلى الاحتجاجات الأخيرة التي تشهدها إيران إلى 21 قتيلًا بحسب ما أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي، وهو ما يظهره فيديو متداول عبر قناة "Sedayemardom" على تطبيق تليجرام، والتي أعاد أحد المستخدمين نشره عبر حسابه على إنستجرام، يظهر الفيديو أشخاصًا مصابين ملقون على الأرض جراء إصابتهم بطلقات نارية داخل أحد اﻷبنية. ويقول التعليق المصاحب للفيديو "مجزرة بحق الشباب الإيراني في مدينة شاهين شهر التابعة لأقليم أصفهان"  الواقع جنوب العاصمة طهران.  

https://www.instagram.com/p/BdchgU3njD6/

ويتابع المواطنون الإيرانيون، عبر تطبيقي تليجرام وإنستجرام، الإعلان عن الاحتجاجات القادمة.

السعودية على الخط

بينما تندلع التظاهرات لتحسين الظروف الاقتصادية والمطالبة بالإصلاح الاقتصادي وارتفاع سقف مطالب المحتجين لإسقاط ولاية الفقيه، كانت هناك معركة أخرى تدور رحاها عبر موقع تويتر من خلال هاشتاج بعنوان "تظاهرات سراسري" إذ أظهر التحليل التقني عبر موقع "TrendsMap" تصدر التغريدات الصادرة من إيران بنسبة 27% يليها السعودية بنسبة 17%، ثم الولايات المتحدة بنسبة 7%، والمملكة المتحدة  4%.  وتصدرت الروابط الإلكترونية التابعة لحركة "مجاهدي خلق" ضمن التغريدات المتداولة عبر الوسم تليها الروابط الإلكترونية لموقع العين الإماراتي. وفي إجمالي عدد التغريدات الصادرة خلال 24 ساعة الماضية يظهر تربع إيران بـ 36 ألف و500 تغريدة، يليها المملكة العربية السعودية بنسبة 25 ألف و400 تغريدة.

 

مظاهرات مؤيدة.. تطالب بالإصلاح أيضًا

يأتي استمرار المظاهرات المفاجئة للشباب الإيرانيين الغاضبين من تردي الأوضاع الاقتصادية، تزامنًا مع قيام السلطات الإيرانية بتوجيه مسيرات مؤيدة لشعارات الثورة الإسلامية، وولاية الفقيه، ورفضًا لأعمال "الفوضى" بحسب ما نقلته وكالة تسنيم للأنباء المقربة من السلطة الدينية في البلاد، ولكن المُلفت للانتباه خلال تلك المظاهرات هو مطالبتها أيضًا بضرورة الاصلاح الاقتصادي.