الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين- صورة أرشيفية

بوتين في القاهرة.. منغصات وطموحات زيارة القيصر الثانية

منشور الاثنين 11 ديسمبر 2017

من دمشق إلى أنقرة، رسم بوتين مسار جولته الحالية مرورًا بالقاهرة، في ثاني زيارة يجريها لها في عهد السيسي، والتي من المنتظر أن تشهد مباحثات حول طموحات وكذلك مُنغّصات.

عودة رحلات الطيران والسياحة الروسية، واستكمال الاتفاقات الرسمية حول محطة الضبعة النووية، محوران هما الأبرز على جدول أعمال الرئيسين عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي وصل اليوم الإثنين القاهرة في زيارة رسمية.

ووصل الرئيس الروسي مصر قادمًا من سوريا، حيث التقى في قاعدة حميميم العسكرية بمحافظة اللاذقية، نظيره وحليفه الأبرز في المنطقة بشار الأسد، ومن هناك أعلن بوتين قرارًا ببدء سحب القوات الروسية من سوريا، بعد عامين من مشاركتهم قوات النظام السوري في معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ومن دمشق إلى أنقرة، رسم بوتين مسار جولته الحالية مرورًا بالقاهرة، في ثاني زيارة يجريها للعاصمة المصرية خلال هذه الولاية للرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي من المنتظر أن تشهد مباحثات حول ملفات، منها ما يُشكّل لمصر طموحات وكذلك ما يُشكل بآثاره السلبية المستمرة مُنغّصات.

مُنغّصات الإيرباص

تُعد عودة رحلات الطيران الروسية إلى مصر، واحدة من أكبر التحديات التي تسعى القاهرة لتجاوزها، منذ حادث استهداف الطائرة الروسية، في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، والذي أسقطها في منطقة الحسنة بمحافظة شمال سيناء، بعد أقل من نصف الساعة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ إلى سانت بطرسبرج؛ ما أسفر عن مقتل 224 شخصًا هم جميع من كانوا على متنها.

وعلى مدار ما يُناهز سنة ونصف منذ تاريخ الحادث، تواصلت المساعي المصرية لإعادة رحلات الطيران وبالتبعية السياحة الأجنبية إلى مطاراتها وأراضيها، بعد أن تخطت ردود الفعل على حادث "الإيرباص" روسيا، إلى عدة عواصم أوروبية أخرى أعلنت وقف رحلاتها إلى مصر، ما كان له بالغ الأثر على الاقتصاد المصري في قطاعي الطيران والسياحة على وجه التحديد.

اقرأ أيضًا: السياحة في 2016.. عام التَعَثُّر في حُطام الطائرة الروسية

لهذا، وبعد مناشدات ومبادرات من الجانب المصري مقابل وعود روسية لم تتحقق حتى الآن وإجراءات أخرى من موسكو؛ صار متوقعًا أن يشغل أمر عودة الرحلات الروسية إلى مصر حيزًا من لقاء الرئيسين اليوم.

أمر آخر ذو تأثير إقليمي، ربما يجد لنفسه مُتسعًا في لقاء اليوم، إذ تتزامن زيارة بوتين للقاهرة مع تأجج في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء الماضي، قرار بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس باعتبارها "عاصمة إسرائيل"، ما لاقى اعتراضات من دول كان بينها روسيا، التي يعدّ الشرق الأوسط واحدًا من ساحات عدّة لعراكاتها السياسية مع واشنطن، ولا دليل على ذلك خير من الأزمة السورية.

وطموحات الضبعة

كانت أول زيارة من الرئيس الروسي لمصر، خلال فترة تولي السيسي المنصب الرئاسي، في فبراير/ شباط 2015، أي قبل وقوع حادث الطائرة؛ ما جعل من اللقاء مُفعمًا بأحاديث وتفاهمات حول مشروعات اقتصادية بين الجانبين، بعضها ما يزال صالحًا للحديث عنه اليوم، وعلى رأسه مشروع المحطة النووية المصرية بالضبعة.

وشهدت زيارة بوتين لمصر عام 2015، توقيع الجانبين على مذكّرات تفاهم لإقامة المحطة النووية، دارت حول سُبل التعاون في تمويل وإقامة المحطة التي من المُقرر أن تضم 4 مفاعلات نووية بطاقة 1200 ميجاوات لكل منها، وتدريب كوادرها البشرية.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، أعلنت مصر الحصول على قرض حكومي روسي بقيمة 25 مليار دولار، لتمويل الأعمال والخدمات الخاصة بمعدات الإنشاء والتشغيل الخاصة بالمحطة، فيما أعلنت وزارة التربية والتعليم، في نوفمبر 2017، بدء الدراسة في مدرسة الضبعة الفنية لتكنولوجيا الطاقة النووية السلمية.

بتتابع كل الخطوات السابقة؛ صارت الأرض ممهدة لأن تُبرم الرئاستان المصرية والروسية العقود الخاصة ببدء تنفيذ أعمال إنشاء المحطة، وهو ما تم عصر اليوم بالفعل وفقًا لما أعلنه التليفزيون المصري الرسمي.

وتعود العلاقات بين مصر وروسيا إلى منتصف القرن الماضي، وفقًا للهيئة العامة للاستعلامات، التي تؤرخ لمهد التعاون الاقتصادي بينهما بعام 1948 حين وُقع البلدان أول اتفاقياتهما الاقتصادية وكانت لمقايضة القطن المصري بالحبوب واﻷخشاب الروسية، لتزدهر العلاقات في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، حين شارك الروس في مشروعات كبرى مثل السد العالي فضلًا عن إبرام صفقات لمدّ القاهرة باﻷسلحة.

وحتى هذه اللحظة، تتدفق الواردات الروسية إلى مصر بقيمة بلغت عام 2016 حوالي 2 ونصف مليار دولار، وكان أبرزها القمح الذي تتربع مصر على رأس قائمة مستورديه، رغم ما أحيط به من مُشكلات دفعت ملفّه للقضاء، بينما تأتي البطاطس والفواكه على رأس قائمة الصادرات المصرية إلى روسيا، التي بلغت قيمتها جميعًا في العام نفسه 277.9 مليون دولار بانخفاض نسبته 19% عن الأعوام الماضية، بحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة. وعلى هذا الصعيد، التجاري، يُعد الحديث عن إقامة منطقة للتجارة الحُرّة بين البلدين، أحد الأمور الوارد التطرق لها خلال هذه الزيارة، لا سيما وأن الجانب الروسي أعلن في وقت سابق من العام، أن مفاوضتها مع مصر ستبدأ بنهاية 2017، من أجل تعظيم نمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين.