الريال يترنح.. الريال قادم؟

منشور الثلاثاء 5 ديسمبر 2017

بالأرقام، يبدو ريال مدريد قويًا؛ فريق فاز بـ 57% من مبارايته الـ 19 حتى الآن خلال هذا الموسم، وبمعدل تهديف يبلغ 1.97 هدفًا في المباراة. لكن الأرقام وحدها لن تأتي للريال بالليجا الإسبانية، فالفريق الملكي يحتل المركز الرابع في جدول الدوري الإسباني متخلفًا بثمان نقاط عن برشلونة المتصدر.

عند مقارنة أداء الفريق بأداء الموسم الماضي، تجد أن هناك هبوطًا ملحوظًا وحادًا في مستوى الفريق. ففي الموسم الماضي، فاز الملكي بـ 76% من المبارايات التي خاضها، بمعدل 2.79 هدفًا في كل مباراة. ففي أول 14 مباراة خاضها الريال في الليجا الإسبانية الموسم الماضي، أحرز النادي الملكي 37 هدفًا، كما تعادل في أربعة مبارايات، ولم يخسر مباراة واحدة. مقارنة ب 25 هدفًا أحرزهم الريال هذا الموسم، حتى الأن، وأربع تعادلات بالإضافة إلى خسارتين.

بعد أربعة عشر جولة، فقد الريال 16 نقطة من أصل 42 نقطة في الدوري الإسباني حتى الأن، كما فشل في الفوز بأي من مباراياته الثلاث الأولى على ملعبه هذا الموسم، وهو ما لم يحدث منذ عام 1995. كان من المفترض أن يسير الموسم بشكل مختلف لبطل الدوري الإسباني وبطل أبطال أوروبا، خاصة بعد فوزه بكأس السوبر الأوروبي، وسحقه لبرشلونة في السوبر الإسباني قبل أيام من انطلاق منافسات الدوري.

نعلم جيدًا أن الريال يمكنه اللعب بشكل أفضل، وبالتأكيد سيفعل ذلك، لكن السؤال يبقى ما الذي حدث ليترنح بطل إسبانيا وأوروبا بهذا الشكل؟ 

فقدان شهية الفوز

بعد تعادل برشلونة مع سيلتا فيجو، فوّت الريال فرصة العودة للمنافسة، وتقليل الفارق بينه وبين برشلونة المتصدر، بالتعادل مع أتليتكو بلباو. لم يستفد الريال من هذه الفرصة، بل ظهر كفريق لا يملك الرغبة بالفوز. هذا الموسم يبدو فريق الريال غير مكترث بالفوز، كما لو أن لاعبيه يعانون من فقدان الشهية الكروية.

https://www.youtube.com/embed/7i3LymfKdGY

يعد هذا السلوك واحدًا من أهم أسباب تراجع مستوى الريال هذا الموسم. الفرق الكبرى لا تعرف سوى الفوز، ولا تشبع منه أبدًا. وأن ترى الريال، في كل مباراة، ينافس فرقًا تريد الفوز أكثر منه، فالمسؤول عن هذا السلوك بالتأكيد هو المدير الفني، زين الدين زيدان، الذي يجب أن يدفع لاعبيه للتعطش للفوز والحاجة إليه، مرة بعد مرة.

العقم التهديفي

استقبلت شباك الريال، هذا الموسم، حتى الأن ،11 هدفًا مقابل 12 هدفًا في أول 14 مباراة في الموسم الماضي. لكن لم يكن أحد يسلط الضوء على مشاكل خط الدفاع المتذبذب، والأخطاء الساذجة والثغرات؛ طالما يستطيع خط الهجوم تسجيل الأهداف بوفرة. لكن في هذا الموسم، يعاني الريال دفاعيًا وهجوميًا.

كريستيانو رونالدو، على سبيل المثال، لعب 900 دقيقة في 10 مبارايات، من أصل 14 مباراة في الدوري الإسباني هذا الموسم، ولم يحرز سوى هدفين. في هذا الموسم زاد معدل تسديدات رونالدو على المرمى ليصبح 6.8 في المباراة، مقارنة بـ 5.6 تسديدة لكل مباراة في الموسم السابق، وفي أول ست مبارايات له في الليجا هذا الموسم سدد رونالدو 40 تسديدة، ولم يسجل سوى هدف واحد.

يوازن هجوم الريال القوي وقدرة لاعبيه على تحويل الفرص إلى أهداف مشكلة خط دفاعه. لكن في هذا الموسم، استطاع الريال خلق فرص مؤكدة للتسجيل، ولكن دون جدوى. ويشير نموذج "الأهداف المتوقعة" إلى أن الريال كان يجب أن يحرز  حوالي 36 هدفًا في الليجا حتى الأن، بدلا من 25هدفًا.

دكة الاحتياطي

تعتبر دكة الاحتياطي هي المشكلة الأكبر في ريال مدريد الآن. في الموسم الماضي كان الملكي لا يواجه صعوبة في الفوز حتى مع عدم وجود أهم لاعبيه. وكان السبب واضحًا وبسيطًا وهو قوة وتنوع دكة الاحتياطي لدى الفرنسي زين الدين زيدان، الذي لم يستطع الحفاظ على عمق فريقه وقوة دكته.

لم يكن مستغربًا رحيل موراتا وخيميس رودريجز، الذّين لم يكونا سعيدين على دكة الريال. ولعل هذا أبرز خطأ وقع فيه زيدان، الموسم الماضي، وهو عدم وجود نظام واضح لتدوير لاعبي الفريق. ولكن حتى مع رحيلهما، غامر زيدان بعدم استبدال موراتا، الذي يعد ثاني هداف للفرقة بعد رونالدو رغم قلة مشاركاته، بمهاجم أخر بديل لدعم خط الهجوم.

ومع رحيل المدافع البرتغالي بيبي والبرازيلي دانيلو، فقد الفريق تنوع اختياراته وعمق دكته، نقطة قوة الريال في الموسم الماضي.

تأثير إيسكو

مما لا شك فيه، يعد الإسباني واحدًا من أفضل لاعبي خط الوسط المهاجمين في العالم، ولكن يبدو أن إيسكو يلعب دور سلبيًا في تشكيلة الريال، فإيسكو بالطريقة التي يستخدمه بها زيدان، يتم منحه حرية التحرك في الملعب، لكن هذا الدور المعطى لإيسكو كان يجب أن يكون للاعب قادر على اتخاذ قرارات والتحرك جيدًا لإفساح المجال لكريستيانو رونالدو وكريم بنزيما.

يلعب إيسكو دورًا في تعطيل الريال، بتمريرات لا داعي لها. وكلما كنت أبطأ في بناء الهجمة كلما منحت خصمك الفرصة للرجوع وإعادة ترتيب خطوطه. هذا بخلاف أن تحركات إيسكو تبدو عشوائية، ما يتسبب في تداخل دوره مع أدوار كل من توني كروس، و لوكا مودريك، وكريستيانو رونالدو وبنزيما، ينتج عن هذا التداخل ارتباك واضح للاعبين الأربعة الذين يضطرون لتغيير مواقعهم باستمرار.

بالطبع هذا الدور الذي يلعبه إيسكو داخل المعلب، هو بتعليمات من الفرنسي زين الدين زيدان، ولكن يبدو أن لهذا الدور أثر سلبي على طريقة لعب الفريق.

زيدان المبتدئ

حسنًا، حقق زين الدين زيدان نجاحًا رائعًا مع المرينجي، لكن بنظرة متمعنة لفلسفته مع الريال، نلاحظ أن الفريق الملكي تحت قيادة الفرنسي، يبدو كفريق الهجمات المرتدة. يعتمد زيدان بشكل كامل على العامل الفردي، وليس هناك أي أسلوب جماعي حقيقي في طريقته، يبدو هذا واضحًا الآن.

https://www.youtube.com/embed/oN1ecGtWbzY

مع إصابة جاريث بيل وتعثر رونالدو وبنزيما، لا يستطيع فريق الريال، على الرغم من امتلاكه القدرة التكتيكية والتقنية في لاعبي خط الوسط، على خلخلة دفاعات الخصم.

يحتاج زيدان إلى المزيد من العمل على تحسين مهاراته كمدرب؛ يستطيع تحويل الريال إلى فريق جماعي، يحتاج إلى تحسين قدراته التكتيكية قبل الجري إلى سوق الانتقالات الشتوية لتدعيم صفوف الفريق.