"بوكابكيا".. سور الأزبكية يصل إلى منزلك

منشور الاثنين 18 ديسمبر 2017

مثل معظم محبي الكتب واجهت آيات محمود، مستشارة الموارد البشرية، ارتفاع الأسعار الشديد في الكتب، وكان أحد الحلول لإشباع هوسها هو تبادل الكتب من خلال إحدى المجموعات على موقع "فيسبوك"، ولكن تجربتها كانت سلبية بسبب "عدم دقة وغياب أمانة المتعاملين بخصوص حالة الكتاب، وبعض المكتبات التي تتعامل  بنسخ غير أصلية ورديئة الطباعة".

عرفت آيات بوجود موقع إلكتروني مختص بتبادل الكتب باسم "بوكابكيا"، تبرعت آيات ببعض كتبها، وحصلت على عدة كتب من ضمنها  كتاب "هكذا تكلم زرادشت" للفيلسوف الألماني نيتشه، والذي يبلغ ثمنه أكثر من 300 جنيه. 

كانت تجربة آيات مع الموقع، الذي يصلك إلى منزلك لتسلم الكتب المتبرع بها وتسليمها، تجربة إيجابية، ترى آيات أن هناك متابعة جيدة من الموقع وهناك انضباط في عملية الشحن، "ولا يتعامل الموقع مع الكتب المزورة ويصف حالة الكتب بدقة". 

بدأ موقع "بوكابكيا" نشاطه في فبراير/شباط عام 2017، كموقع لتبادل الكتب، ولكن بآلية تيسر عملية التبادل دون الحاجة للاتصال الشخصي بصاحب الكتاب أو المساومة على السعر أو نوع الكتاب. يستقبل الموقع تبرعات الكتب من المستخدمين ويصنفها ويقيم حالتها، ثم يعرض الكتب لمن يرغب في الحصول عليها وتوصيلها لباب منزله، وذلك في مقابل مصاريف للتوصيل. تبرعك بالكتب يعني إضافة نقاط لصالحك على الموقع، تستطيع بها الحصول على الكتب الأخرى المعروضة فيه، ولقد وصل عدد الكتب المتبرع بها للموقع لأكثر من 7500 كتاب.

تحدثت "المنصة" مع سيد بسيوني، أحد مؤسسي الموقع، للتعرف على تفاصيل التجربة، وذكر بسيوني أن الفكرة "بدأت بتبادل الكتب في العمارة التي نسكن بها، ثم انتقلنا بها للمدرسة الثانوية، حتى فكرنا في إنشاء موقع". يرى بسيوني أن الهدف هو أن يحصل الناس على الكتب بمقابل بسيط، وبالنسبة للمسائل المادية فهو يتمنى أن يغطي الموقع تكاليفه في السنة الأولى. 

 

سيد بسيوني في حواره مع

من بين الستة الذي أسسوا المشروع هناك أربعة يعيشون خارج مصر، وهم يتولون المهام التقنية المتعلقة بالإنترنت، يقول بسيوني: "أما تكاليف الموقع فنتحملها جميعًا".

لا تسلم التجربة من مواجهة صعوبات، يشكو بسيوني من ندرة الموارد البشرية ذات الكفاء اللازمة: "الملتزمون والأكفاء تكون أجورهم أكبر من إمكانياتنا". كذلك يشكو من عيوب شبكات الإنترنت وبعض الهفوات مع شركات الشحن التي يتعاملون معها "ولكن كل ذلك بداخل الإطار المقبول". 

ولكن الصعوبة الأكبر تكمن في التعامل مع الحكومة، يقول بسيوني: "بدأنا في إجراءات السجل التجاري منذ شهر فبراير الماضي، وتمت الإجراءات، ولكن السجل لم يصلنا حتى الآن، كذلك نخوض إجراءات طويلة ومعقدة لتسجيل موقعنا في القرية الذكية والحصول على العلامة التجارية. هناك صعوبات كثيرة في التعامل مع الجهات الحكومية". 

منذ البداية يتخذ موقعا "بوكابكيا" موقفًا حاسمًا من الكتب المزورة، يقول بسيوني: "نرفض التعامل مع أي كتاب مزور، ولكن المشكلة أن هناك بعض الكتب الأصلية الرديئة في طبعاتها بشكل ينافس المزور، ولكننا نستطيع التفرقة بينهما". والهدف في رأيه هو الحفاظ على حقوق الناشر والمؤلف.

تتنوع وسائل الدعاية والانتشار للموقع، وأهمها الآن بالطبع موقع فيسبوك، يقول بسيوني إن للصحفي "محمد أبو الغيط" فضل كبير في انتشار "بوكابكيا" عندما عرض فكرة الموقع على صفحته. ولكن القائمين الموقع يريدون الانتشار أيضًا إلى أبعد من فيسبوك، إذ شارك القائمون على الموقع في أكثر من معرض كمعرض ساقية الصاوي ومعهد الفنون التطبيقية في القاهرة الجديدة، يقول بسيوني: "نأمل الوصول للجامعات، ولكن الجامعات تحتاج تكلفة مادية كبيرة، بالإضافة إلى الموافقة الأمنية". ويسعى القائمون على الموقع إلى المشاركة في معرض الكتاب القادم. 

أغلب أعضاء "بوكابكيا" من الشباب، وهم يهتمون بالأدب المعاصر، وكذلك هناك إقبال كبير على كتب دور النشر الحكومية، وهناك طلب على الأدب المترجم من لغات أخرى، يقول بسيوني: "لدينا العديد من المجلات العلمية العربية والأجنبية، ولكنها لا تلقى الإقبال اللائق بأهميتها". وعن مشكلة وجود الكثير من الكتب التي لا تعتبر مطلبًا للقراء في الحالي يقول: "نحن نعرف أن هناك من سيطلبها مستقبلًا".

من منطلق تعاملها مع الموقع تقترح آيات محمود أن يتم تقسيم الكتاب إلى فئات أكثر تخصصًا وتفصيلًا بما يفيد القارئ في الوصول لنوعه المفضل، والعثور على كتب أخرى قد تسترعي انتباهه، وتتمنى آيات وجود المزيد من الكتب الأجنبية في الموقع نظرًا لارتفاع أسعارها الكبير مؤخرًا.

شارك مشروع "بوكابكيا" في مسابقة "أميد إيست" لأفضل المشروعات، ووصل إلى قائمة الأربعين الأفضل، وكذلك وصل لقائمة الثلاثين في تصفية مسابقة "حاضنة الأعمال" في الجامعة الأمريكية، ووصل إلى القائمة القصيرة لمبادرة "فكرتك شركتك"التي أطلقتها وزارة الاستثمار . ويسعى القائمون على المشروع التعاون مع شركاء في السعودية ولبنان والبحرين، والاتجاه للتعاون مع المؤسسات الثقافية في مصر.  

بوكابكيا تجربة شابة ومبشرة تفيد القراء، وتنتظر الفكرة أن تنمو بشكل أكبر لتحتوي على كل أنواع الكتب، بما فيها كتب دور النشر العربية التي وصلت أسعارها لأرقام خيالية، بشكل يجعلها بعيدة عن متناول غالبية القراء.