معارضو المملكة: إعدام وحبس وجلد وخطف

منشور الأربعاء 6 يناير 2016

عندما أعدمت المملكة العربية السعودية 47 شخصا يوم السبت الماضي، كان الاتهام الموجه لهم هو الإرهاب، ولكن وجهات نظر أخرى لا ترى بعضهم كذلك، من المعروف عن رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، الذي كان بين المحكوم عليهم بالإعدام، أنه معارض لآل سعود إلى جانب اختلافه الطائفي في دولة أغلب شعبها من السنة. رغم الاستقرار السياسي الذي تتمتع به المملكة السعودية إلا أنها لم تخل من وجود معارضين سببوا القلق لآل سعود. تعددت خلفيات هؤلاء المعارضين، وتنوعت أساليب المملكة في التعامل معهم، وهنا نكتب عن بعضهم.


ناصر السعيد.. "يساري" في السعودية

 

 

 

«باسم الله وباسم الحق، باسم العمال المعذبين، باسم الفلاحين الذين أصبحوا فريسة للمرابين، باسم البدو المشردين، باسم الشعب العظيم الذي حرم من نور العلم طويلا طويلا يا طويل العمر، هل تجشمتم مصاعب الطرقات الوعرة، بقصد الدعاية لنفسك أم بقصد الترفيه"." بهذه الكلمات بدأ ناصر السعيد، أول معارض يساري سعودي، خطابه أمام الملك سعود أثناء زيارته لمدينة حائل شمال غربي المملكة في11 ديسمبر عام 1953 بعد توليه مقاليد الحكم بالمملكة عقب وفاة الملك عبد العزيز.  وُلد السعيد بمدينة حائل عام 1923، قبل عام واحد من سيطرة آل سعود على المدينة. عمل في شركة "آرامكو"، وهي إحدى أكبر شركات استخراج النفط في ذلك الوقت. واستغل السعيد عمله بالشركة ليتضامن مع عمالها السعوديين بمدينة الظهران، ويخوض معهم سلسلة من الإضرابات العمالية ضد ظروف عملهم الشاقة آنذاك. 

عام 1956، عرف السعيد أن هناك نية للقبض عليه في السعودية، فانتقل إلى مصر وعمل بإذاعة صوت العرب بالقاهرة، التي بث من خلالها قصائد وخطابات مناهضة لنظام الحكم في السعودية.   

//www.dailymotion.com/embed/video/x2qevds

ومن القاهرة أيضا شرع في تأسيس تنظيم باسم "اتحاد شعوب الجزيرة العربية"، برفقة الضابط السعودي عبد الكريم القحطاني، أحد أعضاء ما عُرِف باسم تنظيم "الضباط الأحرار" بالمملكة. 

نشاط السعيد انتهى في مصر بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر وتغير السياسات المصرية. انتقل السعيد إلى دمشق، ومنها إلى بيروت، حيث أقام مع قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتعرض للاختطاف هناك يوم 17 ديسمبر عام 1979.  

اختفاء السعيد جعل الاتهامات تتوجه تلقائيا إلى السلطات السعودية، ولم تعقب السفارة السعودية في بيروت على الحادث. وبعد مرور ثلاثين عاما على اختفائه، نشر البريطاني مارك يونك، الحارس الشخصي لأحد عائلات آل سعود، مذكراته، وكشف فيها أن السعيد اختطف من بيروت وأُلقي من طائرة على أحد سواحل البحر المتوسط. 


الأمراء "الحمر" الأحرار.. أحلام الحقبة الناصرية

 

 

حركة سياسية سعودية  تأسست عام 1958، وتكونت من خمسة أمراء من بعض أبناء مؤسس الدولة السعودية الحديثة الملك الراحل عبد العزيز آل سعود، وهم الأمير طلال كرئيس للحركة، والأمير مشاري، والأمير بدر، والأمير تركي، والأمير فواز. انشئت تلك الحركة على إثر التوترات التي نشبت بين الملك سعود والأمير فيصل في ذلك الوقت. بعد فشلهم في الدعوة للإصلاح داخل المملكة، غادر "الأمراء الأحرار" السعودية واتجهوا إلى لبنان ومنها إلى مصر إبان الحقبة الناصرية، وكانت مصر في هذا الوقت تتبنى عدة تنظيمات معارضة لنظام الحكم السعودي، كان تدعو لعدة مباديء مثل فصل آل سعود عن الحكم، والمساواة بين الرجال والنساء، بالإضافة إلى إنشاء حكم دستوري على غرار المملكة المتحدة. 

ولكن في منتصف الستينيات عادوا من المنفى إلى المملكة، بعد تنازلهم طواعية عن لقب "الأمير". ولكن أحد الأمراء الخمسة وهو الأمير فواز بن عبد العزيز، تولى إمارة مكة في الفترة من 1970 إلى 1980.

سعد الفقيه ومحمد المسعري.. معارضا لندن

 

 

 

 

أسس الجراح السعودي سعد الفقيه إلى جانب الفيزيائي محمد المسعري لجنة باسم الدفاع عن الحقوق الشرعية في 3 مايو عام 1993، تشكلت اللجنة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان من "منظور إسلامي" كما جاء في البيان التأسيسي لها، وأرسلت اللجنة خطابًا إلى الملك فهد يدعوه فيه لعمل إصلاحات. حُظِرَت اللجنة فور إنشائها، وتعرضت لهجوم حاد من هيئة كبار العلماء التي وصفتها بأنه "غير شرعية"، ونصح مفتي المملكة آنذاك "بعد قراءة منشوراتها". 

غادر سعد الفقيه المملكة وتبعه المسعري وأنشأوا مكتبا للحركة في لندن قبل أن يختلفا في آليات عملها، ليؤسس الفقيه "الحركة الإسلامية للإصلاح"، ويؤسس المسعري "حزب التجديد الإسلامي"، ويمارسان أنشطتهما خارج المملكة.   


الأمير سلطان بن تركي بن عبد العزيز  

 

  مع بدايات عام 2002 طالب الأمير سلطان من مقر إقامته بالعاصمة السويسرية جنيف بمزيد من المشاركة السياسية للمواطنين السعوديين إلى جانب الشفافية ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى إصلاح النظام القضائي السعودي، ومع حلول مايو/آيار عام 2003  دعا سلطان الصحف العالمية إلى مؤتمر صحافي عالمي للإعلان عن شبهة فساد بوزارة الدفاع السعودية، ليتم إختطافه في 12 يونيو عام 2003 أثناء لقائه بمسئولين سعوديين بقصر الملك فهد بسويسرا، ونقله بالطائرة إلى الرياض.

ما زال المدعي العام السويسري يحقق في واقعة الاختطاف حتى الآن، ويعيش الأمير سلطان حاليا في الرياض مع والده الأمير تركي بن عبد العزيز. 


رائف بدوي..تعليق الجَلْد حتى تحسن حالته الصحية

 

 

 

 

دعا رائف بدوي من خلال موقعه الإلكتروني إلى إلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحالة رئيس الحركة إلى محكمة العدل الدولة. رائف كاتب وناشط سعودي وأحد مؤسسي موقع "الليبراليون السعوديون". اعتقِل رائف بتهمة "الإساءة للدين" الإسلامي إلى جانب عدة قضايا أخرى من بينها "الردة"، وحكمت عليه المحكمة بـ 7 سنوات و600 جلدة، ثم تحول الحكم إلى 10 سنوات وألف جلدة، بالإضافة إلى غرامة قدرها مليون ريال سعودي. 

 تلقى رائف بدوي يوم 9 يناير/كانون الثاني 2015 أول خمسين جلدة بعد صلاة الجمعة في ساحة عامة بمدينة جدة، من مجموع 1000 جلدة على مدار 20 أسبوعا طبقًا لقرار المحكمة، الأمر الذي أدى إلى احتجاجات دولية. علقت السعودية عقوبة الجلد على بدوي في الأسابيع التالية، بعد أن أوصت لجنة طبية لذلك لأسباب صحية، ولم يُجلَد رائف من وقتها.