صراع العروش | "التنين والذئب".. أثر براندون البنّاء ينتهي الآن

منشور الاثنين 28 أغسطس 2017

شبحٌ ينتاب ويستروس، شبح الموتى السائرين، ضد هذا الشبح اتحدت باطراد رهيب قوى ويستروس كلها: دينيريس وإيجون تارجيريان، جيمي وتيريون لانستر، جيوش الشمال والهمج والمخصيون والدوثراكيز.

في مشهد مهيب يمتطي ملك الليل التنين فيسيريون ويهجم على الجدار من الجهة الشرقية، ينفث شيئًا أزرق ليهدم أخيرًا الجدار الذي بناه منذ آلاف السنين براندون ستارك الشهير بالبنّاء، أول ملوك الشمال ومؤسس عائلة ستارك وباني قلعة وينترفيل، والأهم، باني الجدار بمساعدة العمالقة الذين رفعوا أطنانًا من الحجر والثلج، وأطفال الغابة الذين عززوا هذا البناء الضخم بالسحر. 

 

براندون ستارك الشهير بالبنّاء، أول ملوك الشمال ومؤسس عائلة ستارك وباني قلعة وينترفيل والجدار. 

 

ما كان قبل سقوط الجدار ليس كما بعد السقوط، في البداية كان الصراع بين عائلات مدعمة بجيوش، دروع وسيوف، يتقاتلون على نفوذ أو مالٍ أو حتى عرش الممالك السبع، ويتحدثون فقط فيما بينهم، عن أساطير تتعلق بجيش من الموتى السائرين الموجود في مكان ما شمال الجدار. الجدار الذي يعرف الجميع أن السحر الذي وضعه فيه أطفال الغابة، يحول دون مرور ملك الليل وجيوشه. 

يسقط الجدار لتدخل جيوش الموتى السائرين وتُجتاح قارة ويستروس معززة بعمالقة موتى، وبملك ليلٍ يمتطي تنينًا حصل عليه من دينيريس تارجيريان بعد أن دفع ثمنه مسبقًا؛ أحد أفراد جيشه، سائرٌ ميت، كان بدوره سببًا في إطلاق محادثات الهدنة ولقاء بعض الأشقاء المتنافرين. 

هدنة الميّت

 

سيرسي لانستر لدى رؤية الميت السائر، الحلقة السابعة من الموسم السابع

طوال أربعين دقيقة نشاهد الأعداء يجتمعون في "دراجون بت"، وهو مكان يشبه الحظيرة، بناه التارجيريان لرعاية تنانينهم على قطعة أرض كبيرة فوق إحدى تلال كينجزلاندينج، يضم بقايا هياكل عظمية لآخر أجيال التنانين، عندما ضمرت وصغر حجمها وبات التنين بحجم كلب صغير.

كل وفد من الوفود التي حضرت كان يؤمن نفسه جيدًا، دينيريس حضرت مع تنينيها وجيوشها حاصرت كينجزلاندينج تحسبًّا لأي غدر من سيرسي التي تنتمي لعائلة اعتادت تدبير هذا النوع من المكائد، أما هذه الأخيرة فحصنت أسوارها جيدًا ببراميل الزيت وحملة السهام ينظمهم قادة الجيوش. الثقة المتبادلة بين الجانبين تقترب من الصفر. 

التأم الجمع بمن فيهم بريان أوف تارث ممثلة لسانسا ستارك سيدة وينترفيل، والتي حتى الآن لم نفهم سبب دعوتها من قِبل سيرسي إلى هذه الاجتماع، التأم الجمع كله باستثناء دينيريس التي انتظرت حتى يحضر الكل قبل أن تهبط بحركة مسرحية من على ظهر تنينها. 

حضور دينيريس في هذا الاجتماع لم يكُن طاغيًا إلا في لحظة الهبوط، فقد تركت أم التنانين مهام الحديث واستعراض المشكلة لساعدها تيريون لانستر وحليفها في الشمال جون سنو الذي سنعرف اسمه الحقيقي لاحقًا، شرح تيريون أن هناك مشكلة، وشرح جون بشكل عملي كيفية التعامل معها، بالنار، أو بزجاج التنين.

على الجانب الآخر لم يتحدث كيبورن ساعد الملكة سيرسي على الإطلاق، وجيمي تحدث قليلًا يستوضح بعض الأمور، فقط سيرسي هي من ناقشت أعداءها -باستثناء يورين جرايجوي الذي تفوّه بالحماقات حتى هددته الملكة بعد أن نهره جيمي، فقط سيرسي من تداولت معهم، فقط هي من قبلت الهدنة بعد أن رأت الميت السائر يهجم عليها، وفقط هي من رفضت الهدنة عندما رفض جون سنو شرطها بأن يلتزم الحياد لاحقًا في معركة الملكتين على العرش الحديدي، بعد كسر شوكة السائرين البيض. 

 

تيريون يقدّم لشقيقته الملكة كأسًا من النبيذ أثناء محاولاته إقناعها بقبول الهدنة

يعكس الحوار الذي جرى بين تيريون وسيرسي في واحدٍ من أفضل مشاهد المسلسل طوال مواسمه السبع، بعضًا من شخصية الملكة، وبعضًا من الارتباك الذي يغلف علاقة الأشقاء الذين يصلون إلى نقطة العداء. 

تيريون لا يكره أحدًا مثلما يكره سيرسي، التي تبادله بدورها ذات مشاعر الكراهية -لا يمكن الجزم بأن تيريون هو أكثر من تكرهه سيرسي، فهي تكره العالم عدا أولادها، يقف الاثنان على طرفي نقيض، واحدهما يتمنى رؤية رأس الآخر معلقة فوق رمح على بوابات العاصمة، ولكن رغم ذلك كله فلا يمكن أن تغيب بعض مظاهر الحميمية. 

يخاطب تيريون شقيقته الملكة باسمها الأول، "سيرسي"، هكذا، وهو ما لا يجرؤ أقرب حلفائها على مجرد التفكير فيه، ينهض من مكانه بأريحيه ويصب لنفسه كأسًا من النبيذ، يشربه ويصب آخر لشقيقته، يقدمه إليها ويعود إلى جلسته. 

الآن سيرسي تصدق أن الموتى السائرين موجودون، وأنهم يشكلون خطرًا، ولكنها لا تأبه بما سيحل بالعالم، تمامًا مثلما قالت لجون سنو إن موت المليون شخص الذين يعيشون في كينجزلاندينج، سيجعل أوضاعهم أفضل. سيرسي لن تدافع إلا عن قصرها وابنها المنتظر. 

سيرسي لا تريد أن يكبح أحدهم جماح جنونها، هي ليست مثل دينيريس التي عيّنت مساعدين ينصحوها بألا تذهب بعيدًا مع جموحها، هي تريد أتباعًا مثل كيبورن تأمره فيطيع، أو جيمي الذي كلما همّ بالاعتراض همّت هي به أو ابتزته بحبه لها، أو الجبل الذي يتبعها كإنسان آلي.

سيرسي التي ذكرت لجون أن تومين خانها في أولى حلقات الموسم السابع، أكدت لتيريون أنه من يتحمل مسؤولية انتحار تومين، تناست تمامًا أن المتاعب التي واجهتها المملكة في عهد تومين كانت بسبب خطتها بتقوية شوكة جنود الإيمان وعصفورهم الأكبر، وأن تومين سقط فريسة لهم بسبب خطتها الذكية هذه، وأنها فجّرت المعبد لتنجو من محاكمتها على يد هؤلاء الذين اختارت هي أن تقوّي شوكتهم، وأن ابنها انتحر لأن البديل الآخر أمامه كان أن يحاكم أمه بتهم تتعلق بالخيانة وعصيان الأوامر الملكية وتفجير معبد الآلهة.

ولكن هذا ترى سيرسي الأمور دائمًا: الآخرون هم الجحيم. 

ناكثة العهود

 

جيمي لانستر يقرر الانضمام للحرب ضد الموتى السائرين خلافًا لرغبة شقيقته الملكة سيرسي

منحت سيرسي لانستر وعدًا لا تنوي الالتزام به، وحاولت إجبار جيمي على أن ينكث الوعد مثلما ستنكثه، ولكنه يرفض. 

اضطراب واضح بدا على ملامح سيرسي عندما اكتشف جيمي أنها لن تأمر الماونتن بقتله وأنها تطلق التهديدات ليس إلا، تحاول أن تسوّق له خطتها الذكية، ننتظر من سينتصر من معركة الأحياء والأموات في الشمال ونحاربه بنصف قوته، سنستعين بمرتزقة "المجموعة الذهبية" لسحقهم، ولكننا لن نحارب إلى جانب أعدائنا. 

هنا نستطيع أن نلحظ مدى تطور شخصية جيمي، الذي دفع في شبابه بران ستارك في قلب وينترفيل فأصابه بالشلل، قبل أن يمر بالكثير من التجارب بلغت ذروتها بقطع يده، نلحظ الأثر الذي تركته بريان أوف تارث خلال الفترة القصيرة التي قضياها معًا، نضجت تمامًا شخصية جيمي وأصبح الآن مستوعبًا لما يجري، وتخلص أخيرًا من ابتزاز اخته المستمر. 

خطة سيرسي، التي نقص حلفاؤها أعقلهم ولم يبقَ معها سوى اثنين من المجانين، تفتح الباب أمام الكثير من الاحتمالات، فهي سوف تستغل انشغال الجميع بحرب الشمال لتستعيد ما أخذ منها من أراضٍ، فهل ستترك دينيريس الحرب الكبرى وتعود لتأديب سيرسي؟ أم أننا سنشهد عقاب سيرسي بعد القضاء على ملك الليل؟ 

وينترفيل.. هل تجمّد المنطق؟ 

 

سانسا وآريا وبران ستارك أثناء محاكمة بيتر بيليش في وينترفيل، الحلقة السابعة من الموسم السابع

ما الذي يحدث في وينترفيل؟!

منذ عودة آريا إلى وطنها وعلاقتها بسانسا غير مفهومة. في البداية كان السلام باهتًا ولكن بعض أحاديث الذكريات جعلت الأجواء أكثر دفئًا، ولكن سرعان ما تصاعد خلاف غير مفهوم، وبدا أن الشقيقتين تقعان في الفخ الذي نصبه لهما بيتر بيليش. 

فرق كبير بين أن تُظهِر الشقيقتان أنهما سقطتا في الفخ، وأن تسقطا فيه بالفعل. التظاهر بالسقوط في الفخ لا يتطلب على الإطلاق الشجار في الغرف المغلقة حيث لا تتواجد أطراف أخرى معهما، ولا يصح أن يكون بسبب رسالة تافهة كتبتها طفلة في الثالثة عشر من عمرها كانت شبه مختطفة لدى اللانسترز، وكأن الشقيقتين لم تتبادلا حديثًا واحدًا عمّا جرى لكل واحدة منهما منذ وصول آريا إلى وينترفيل، وبالتأكيد التظاهر لا يوجب أن تعثر سانسا بالصدفة على وجه والدر فراي في حقيبة آريا فتُفاجأ بما رأت، وتنقله نصًا لبيتر بيليش. 

بُني هذا الصراع بطريقة غير منطقية من أجل تحقيق هدفٍ واحد يتعلق برمزية الأحداث وتحقيق العدل بشكل متطابق، فمثلما فوجئ نيد ستارك بأنه مهزوم داخل غرفة العرش، يجب أن يفاجئ بيتر بيليش بأنه مهزوم. ومثلما وضع بيتر بيليش خنجره على عنق نيد ستارك، ينبغي على بيتر بيليش أن يجرب الخنجر نفسه على عنقه، ولكن آريا ليست مثل بيتر، آريا تقتل ولا تهدد! 

التنين والذئبة

 

ريجار تارجيريان يمنح ليانا ستارك قبلة زفافهما السري، الحلقة السابعة من الموسم السابع

يصل سام تارلي إلى وينترفيل حيث هرب من المدينة القديمة حاملًا معه بعض الكتب. يلتقي بران ستارك الذي سيخبره أن جون سنو ليس ابن نيد ستارك ولكنه ابن ليانا ستارك وريجار تارجيريان، ومرة أخرى يُطرح السؤال نفسه حول غياب المنطق في وينترفيل؛ لماذا خص بران ستارك سام تارلي وحده دون غيره بهذا السر؟ 

بطريقة غير معقولة يكمل سام الحكاية، يعتقد بران أن لقب جون ليس سنو ولكنه ساند لأنه ولد في دورن، وهذا هو لقب أنغال دورن، ولكن سام يؤكد له أن جون ليس نغلًا لأن ريجار تزوج زواجًا شرعيًا، وهذا مثبت في وثائق المدينة القديمة. يسافر بران عبر الزمن، يحضر عرس عمّته، ونعرف أن جون سنو هو إيجون تارجيريان، ابن ليانا ستارك وريجار تارجيريان ووريث العرش الحديدي.

في هذه الأثناء، كان وريث العرش الحديدي يترجم للملكة حبّه في مخدعها على متن ذلك القارب، دون أن يعلم واحدهما قرابة الآخر له، بينما تيريون، الذي يتضح أخيرًا  أنه انضم إلى قافلة المتيمين بأم التنانين، يراقب باب الحجرة المغلق بصمت حزين.