صورة مأخوذة عن الصن الإنجليزية
من اليمين: آرسين فينجر، أنتونيو كونتي، يورجن كلوب، جوزيه مورينيو، بيب جوارديولا، ماوريزيو بوتشيتينو

رسائل الجولة الأولى من البريميرليج.. ملايين مانشستر ومتعة ليفربول

منشور الخميس 17 أغسطس 2017

عاد الدوري المحلي الأكثر صيتًا وانتشارًا في العالم من جديد الأسبوع الماضي، إذ انطلقت النسخة الخامسة والعشرين من البريميرليج يوم الجمعة الماضي، في جولة لم تكشف بالقطع عن كامل أسرار الموسم الجديد لكنها تعطي -مع إشارات سوق الانتقالات الصيفية- بعضًا من الانطباعات الأولية التي تمهد لشكل وطبيعة المنافسة على اللقب بين كبار البريميرليج الستة هذا الموسم. 

بدايةً، يشهد الموسم الجديد 2017/ 2018 بعض التطورات التنظيمية المتعلقة بالمباريات والملاعب والتحكيم وغيرها. فعلى سبيل المثال افتتاحية الموسم كانت للمرة الأولى مساء يوم جمعة، عندما التقى أرسنال مع ليستر سيتي، أما تحكيميًا، فإن اللاعب الذي سيدّعي الإصابة داخل منطقة الجزاء للحصول على خطأ أو ركلة جزاء سيتعرض للإيقاف مبارتين. 

"تقنية الفيديو" الشهيرة ستكون حاضرة هذا الموسم لكن ليس لموقف التسلل أو للحُكم على دخول الكرة للمرمى بكامل محيطها من عدمه، بل ستُتاح للأجهزة الطبية الخاصة بالفرق كي يتمكنوا من الحكم سريعًا على مدى إصابة اللاعب من خلال إعادة مشهد الإصابة.

كذلك فإن التصميمات غير التقليدية الخاصة بأرضيات الملاعب المُحتضنة لمنافسات البريميرليج كونها تشوّش الرؤية على الحكام، والاكتفاء بالخطوط الأفقية التي تساعد الحكام المساعدين في اتخاذ قرارات التسلل. أيضًا ملاعب جديدة ستحتضن منافسات البريمير الليج هذا الموسم، أبرزها ملعب ويمبلي الشهير سيصبح ملعب توتنهام هوتسبير لحين الإنتهاء من أعمال التوسع بملعب النادي اللندني الأصلي وايت هارت لين، كما سيظهر ملعب الأميكس ليحتضن مواجهات الوافد الجديد برايتون.

ثنائي مانشستر

مانشستر يونايتد زعيم انجلترا الذي يعلو الجميع مهما تعرض لانتكاسات والفائز بعشرين لقبًا للدوري الإنجليزي بنظاميه القديم ثم البريميرليج المستحدث عام 1992، دعم صفوفه بصفقات قوية أبرزها انتزاع لاعب الوسط الصربي نيمانيا ماتيتش بـ 40 مليون يورو من حامل اللقب والمنافس المباشر تشيلسي، وكذلك النجم البلجيكي روميلو لوكاكو ثاني هدافي الموسم الماضي من إيڤرتون بصفقة تخطت السبعين مليون يورو.

الجولة الأولى أظهرت أن البرتغالي جوزيه مورينيو، المدير الفني لمانشستر يونايتد، وضع يده على التشكيل المثالي لفريقه في الموسم الجديد حين اكتسح فريقه وست هام يونايتد بأربعة أهداف نظيفة. قدم اليونايتد أمام وست هام عرضًا هجوميًا قويًا تألق فيه الوافدان الجدد ماتيتش ولوكاكو وأظهرا انسجامًا مدهشًا مع باقي اللاعبين. ماتيتش حصد لقب رجل المباراة، ولوكاكو أحرز هدفين مُبديًا جاهزيته لقيادة هجوم اليونايتد والمنافسة على لقب الهداف.

رباعية الجولة الأولى والأداء المقنع كانت بمثابة رسالة واضحة من مانشستر يونايتد أن الموسم الحالي لن يكون كسابقيه، وأن الفريق أصبح قادرًا على المنافسة لحصد اللقب الغائب منذ اعتزال المدرب الأيقونة سير أليكس فيرجسون في صيف 2013. لكن هل نرى تلك الشراسة والرغبة الهجومية لليونايتد في المواعيد الكبرى، أم يلجأ مورينو لأسلوبه الدفاعي أمام الكبار مثلما حدث مبكرًا في خسارته للسوبر الأوروبي أمام ريال مدريد، والتي لعبها مورينيو بخطة "الأوتوبيس" الشهيرة.

على الجانب الأخر من مدينة مانشستر بعث مانشستر سيتي  برسالته مبكرًا في بداية موسم الانتقالات الصيفية الحالي؛ فهو النادي الأكثر إنفاقًا على الإطلاق في البريميرليج هذا الموسم مُتخطيًا حاجز المئتي مليون يورو باستقدام لاعبين بصفقات قياسية هم كايل ووكَر من توتنهام هوتسبير وبنيامين ميندي وبرناردو سيلفا من موناكو ودانيلو من ريال مدريد والحارس إيدرسون من بنفيكا.

الجولة الأولى للسيتي أمام الوافد الجديد برايتون لم تكشف عن جديد بالنسبة للفريق الثري، الذي انتصر بهدفين نظيفين مع الرأفة، مع استمرار مشكلة إضاعة الفرص المحققة التي تسببت في فقد نقاط عديدة الموسم الماضي.

الموسم الأول في إنجلترا لجوسيب جوارديولا، مدرب السيتي، كان مخيبًا لعدم تحقيق هدف النادي الأول وهو لقب دوري أبطال أوروبا بخلاف الدوري المحلي. وزادت الضغوط على "بيب" منذ قدومه لانجلترا في الموسم السابق لأداء فريقه المتذبذب في أحيان والسيء في أحيان أكثر، فلجأ المدرب الإسباني إلى الأموال الغزيرة لمُلاك النادي لإنقاذ سمعته التدريبية. والواقع يقول أن قائمة السيتي هذا الموسم هي الأشمل والأكثر غزارة باللاعبين المميزين، ما يجعل السيتي مرشحًا قويًا للقب.

ثلاثي لندن

التوتر هو العنوان الأول المسيطر في الستامفورد بريدج معقل نادي تشيلسي اللندني. افتتح حامل اللقب موسمه بهزيمة مدوية على ملعبه بهدفين لثلاثة لصالح بيرنلي الناجي من الهبوط بصعوبة بالغة الموسم الماضي. إضافة إلى توتر لاعبي الفريق داخل الملعب ما أدى إلى إقصاء نجمي الفريق كاهيل وفابريجاس من المباراة نتيجة لتدخلاتهما العنيفة.

الهزيمة عكست أجواء التوتر المسيطرة على فريق المدرب أنطونيو كونتي، حيث جُمِّد هداف الفريق دييجو كوستا في نهاية الموسم الماضي واستبعاده لحين رحيله بسبب خلاف شخصي مع مدربه. كما فرطت الإدارة في نيمانيا ماتيتش أحد أعمدة الفريق الرئيسية للمنافس المباشر مانشستر يونايتد دون موافقة كونتي.

عدم التوافق بين الإدارة وكونتي دفعت المدرب الإيطالي نحو التصريح بأن الموسم الحالي سيكون الأصعب له في مسيرته التدريبية.

ومن المعروف أن إدارة تشيلسي لا تمنح المدرب الاستقلالية الكاملة في عقد الصفقات واستقدام اللاعبين، كما أنها لا تجد حرجًا في إقالة مدربي الفريق وفقًا لرؤيتهًا حتى لو حقق المدرب الألقاب.

حدث ذلك مع الإيطالي دي ماتيو والبرتغالي مورينيو. يشكو كونتي حاليًا من عدم تعدد الخيارات الفنية في قائمة فريقه بعد رحيل عدد لا بأس به من لاعبيه وعدم تعويضهم بشكل يناسب الموسم الطويل، خاصة مع مشاركة تشيلسي هذا الموسم بدوري أبطال أوروبا. تشيلسي عقد صفقات مهمة ولكنه يحتاج المزيد.

https://www.youtube.com/embed/LwowllB0Gy8

نجم ريال مدريد ألفارو موراتا القادم إلى الستامفورد بريدج بـ 70 مليون يورو، أحرز هدفًا وصنع أخر في لقاء الجولة الأولى بعد نزوله أرض الملعب بديلًا في الشوط الثاني. ولعب أساسيًا أنطونيو روديجير المدافع الألماني القادم من روما، بينما ينتظر بكايوكو نجم موناكو المنضم حديثًا للبلوز ظهوره الأول بالبريمير ليج.

يحتاج تشيلسي جناحين بديلين لفيكتور موزيس وماركوس ألونسو، كما يحتاج الفريق لمدافع ولاعب وسط على الأقل. ربما يتضح بعد ثُلث الموسم ما إذا كان تشيلسي قادرًا على الدفاع عن لقبه، أو يتعرض كونتي لضغوط الإقالة من الروسي رومان إبراموفيتش مالك تشيلسي.

آرسنال افتتح الموسم بمواجهة مثيرة انتزع خلالها انتصارًا صعبًا على ليستر سيتي بأربعة أهداف مقابل ثلاثة، محطمًا عقدة ضربة البداية التي عانى منها الموسمين الماضيين.

الفرنسي ألكسندر لاكازيت الذي انتظره جمهور المدفعجية طويلًا بدا وأنه القطعة المفقودة في تشكيل أرسنال الأعوام السابقة؛ حيث قدم أداءً جيدًا في أول ظهور له بالبريميرليج مفتتحًا أهداف الموسم.

أرسين فينجر، المدرب والمشرف العام على أرسنال، عقد صفقتين مميزتين هذا الصيف باستقدام لاكازيت من ليون بـ 52 مليون يورو في صفقة قياسية نادرة للمدفعجية، بالإضافة للمدافع الأيسر البوسني سعيد كولاسيناك من شالكة الألماني في صفقة انتقال حر. وظهر اللاعبان بشكل مميز للغاية في لقائهما الأول بالبريمير ليج، وكذلك بلقاء الدرع الخيرية أمام تشيلسي الذي فاز بها أرسنال بركلات الترجيح بعدما انتهى اللقاء بالتعادل الإيجابي. الوافد الجديد كولاسيناك أحرز هدف أرسنال الوحيد باللقاء.

 

لاكازيت مُحتفلًا بهدفه الأول بالبريمير ليج

البداية الجيدة غير المعتادة لموسم أرسنال مع الصفقات المميزة، ربما تُخفف من الضغوط المُلقاة على عاتق فينجر نتيجة سوء مستوى الفريق الموسم السابق، الذي وصل لدرجة أدت لمطالبات واسعة برحيله.

لكن جمهور البريمير ليج اعتاد على عدم الثقة بأرسنال لتذبذب نتائجه طوال الأعوام السابقة خاصة الموسم الماضي لخروجه من الترشح لدوري أبطال أوروبا، كذلك مع استمرار المعاناة على مستوى الدفاع كما في الموسم السابق، بخلاف غموض مستقبل نجم الفريق الأول أليكسيس سانشيز واحتمال مغادرته المتصاعد وكذا الإصابات المتكررة بالفريق.

ببساطة، أرسنال كالعادة لا يبدو مرشحًا للتتويج باللقب الغائب منذ عام 2004، ولكن بالتأكيد لاكازيت من شأنه أن يُسعد جمهور المدفعجية خاصةً إذا استمر أليكسيس بالفريق.

توتنهام هوتسبير الضلع الثالث في مثلث كبار لندن يسير واثقًا مُستكملًا مسيرته المذهلة الموسم الماضي، حيث افتتح الموسم بانتصار هاديء على نيوكاسل يونايتد بهدفين نظيفين بأقل مجهود. صحيح لم يعزز الفريق قائمته بلاعبين جدد حتى كتابة هذا التقرير، بجانب رحيل نجمه كايل ووكَر إلى مانشستر سيتي وتقدم نجمه الأخر داني روز بطلب للرحيل، إلا أن الفريق يتمتع باستقرار واضح تحت إمرة المدرب المميز ماوريزيو بوتشيتينو.

المدرب الأرجنتيني الشاب الذي يعمل في صمت أبرز قيمته التدريبية تدريجيًا منذ قدومه لتوتنهام صيف 2014، خاصةً الموسم الماضي الذي توهج خلاله توتنهام وكان الأفضل رقميًا بالدوري. توتنهام كان الأقوى هجوميًا بـ 86 هدفًا واستقبلت شباكه 26 هدفًا فقط كأقوى دفاع، كما أنه الفريق الوحيد الذي لم يُهزم على ملعبه، إضافة إلى كونه الأقل هزيمة طوال الموسم الماضي بأربعة هزائم فقط. بخلاف حصد نجم الفريق هاري كين لقب الهداف بـ 29 هدف.

 

ماوريزيو بوتشيتينو، مدرب توتنهام

فلسفة بوتشيتينو تُناقض الجنون المسيطر على انتقالات اللاعبين والأموال الغزيرة التي ترتفع موسمًا بعد الأخر في عالم كرة القدم، بوتشيتينو يعتمد على اكتشاف المواهب من الأندية الصغيرة والمتوسطة وتصعيد اللاعبين الشُبان. "نحن لا نستطيع منافسة مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي من حيث الإنفاق لشراء اللاعبين" هكذا صرّح المدرب الأرجنتيني بثبات في بداية موسم الانتقالات الحالي. ويُحسب له الحفاظ على قوام فريقه المليء بالنجوم أبرزهم الثلاثي الهجومي القوي هاري كين، ايركسين، ديللي آلي.

توتنهام ليس مرشحًا للقب؛ لأن أحدًا لن يرشح فريقًا بلا حضور قوي في سوق اللاعبين بمئات الملايين، وكذلك لن يُرشّح فريقًا بلا صخب إعلامي سواء من لاعبيه أو مدربه.

ليفربول

الوصيف التاريخي للدوري الإنجليزي إذ حقق في تاريخه 18 لقبًا ليحل ثانيًا بعد مانشستر يونايتد، وكبير إنجلترا على المستوى الأوروبي إذ فاز بـ11 لقب أوروبي من بينهم خمسة ألقاب دوري أبطال أوروبا. والمثير للتعجب أن أخر تتويج لليفربول بلقب الدوري الإنجليزي كان عام 1990. 

يبحث ليفربول عن لقبه الأول بالبريمير ليج، ولكن دائمًا محاولاته تكون موضع شك! فريق المدرب الألماني يورجن كلوب خيّب الآمال الموسم الماضي لتراجعه في الترتيب بعد بداية مذهلة للفريق في الدور الأول.

كانت المشكلة واضحة وقتها، لا توجد دكة بدلاء قوية تعوّض الإصابات والغيابات في الموسم الطويل. استقدم المدرب المُلقب بـ "النورمال وان" النجم المصري محمد صلاح من روما، في صفقة قياسية بلغت قيمتها 34 مليون يورو لتُعدد خياراته في الجانب الهجومي.

أظهر صلاح انسجامه مع الفريق سريعًا بأربعة أهداف في تحضيرات الموسم، قبل أن يتألق في اللقاء الافتتاحي أمام واتفورد. استقدم الفريق أيضًا نجم منتخب الشباب الإنجليزي دومينيك سولانكي في صفقة انتقال حر، بالإضافة إلى أندرو روبيرتسون ظهير أيسر هال سيتي بـ 8 مليون يورو.

افتتاحية ليفربول للموسمه المحلي كانت مقلقة لجمهوره بتعادل أمام واتفورد بثلاثة أهداف لمثلهم، بعكس الموسم الماضي الذي افتتحه الفريق بانتصار مدوي على أرسنال بملعب الأخير. المشكلات الدفاعية مستمرة كما كانت في الموسم الماضي، سوء في التمركز والتغطية من المدافعين ولاعبي الوسط.

أزمة رحيل كوتينيو المحتمل مع تعقد صفقة مدافع ساوثهامبتون فيرجيل فان دايك قد تضع ليفربول في أزمة إن لم يعوضهما كلوب سريعًا. غياب كوتينيو الذي لا يشارك في المباريات أفقد ليفربول النقل السريع للهجمة والتمريرات البينية الطولية التي يحتاجها ماني وصلاح، كما أن رحيل كوتينيو سيعرض الفريق لاهتزاز في الثقة كون البرازيلي النجم الأول والرجل المحرك لهجوم ووسط الفريق.

 

يورجن كلوب، مدرب ليفربول

يُخشى على كلوب من التشوش واللامبالاة كما حدث لفترة طويلة بعد فقده لنجمه ساديو ماني الموسم الماضي للإصابة، لذا عليه الاستفاقة من صدمته في رحيل كوتينيو الوشيك وسرعة استقدام لاعب وسط مهاجم مميز، كما عليه أيضا إيجاد بدائل لصفقة فان دايك قبل أن يُغلق سوق الانتقالات.

ليفربول يلعب كرة هجومية جميلة وممتعة تحت قيادة كلوب، والأخير قادر على إعادة أمجاد ليفربول وتحقيق حلم البريميرليج الذي أصبح كابوسًا. لكن كلوب والإدارة يجب أن يتعاملا بشكل أسرع مع الأزمات كي تُبنى الآمال على واقع. ليفربول ليس مرشحًا وفقًا لمدربه! ولكن لننتظر ما ستسفر عنه الأيام الأخيرة لسوق الانتقالات، والثُلث الأول من الدوري؛ فمن الوارد أن نرى ليفربول منافسًا.

--

بَذَخ ثنائي مانشستر غير المسبوق في الإنفاق بسوق الانتقالات يضعهما في مقدمة قائمة المرشحين لحصد لقب البريميرليج، وإن كان السيتي بدرجة أكبر لتنوع وشمولية قائمة الفريق بعد التدعيمات الأخيرة.

ليفربول سيقدم الأداء الممتع والجميل كما عودنا وإن كان بدرجة أقل في حال رحيل كوتينيو، لكن ليس هناك ما يمنع جمهور "الريدز" ومحبي الكرة الجميلة من الحلم بالأخص أن مدرب فريقهم دائمًا ما يُظهر شخصيته الحالمة.

أما توتنهام سيواجه تحديًا رهيبًا في الحفاظ على صلابته وأرقامه المبهرة الموسم الماضي أمام عمالقة سوق الانتقالات.  بوتشيتينو قادر على المنافسة كما فعل الموسم الماضي، فقط يحتاج لاستمرار إيمان لاعبيه به، كما أنه يستحق تقديرًا ومتابعة أكبر من جمهور الكرة الإنجليزية.