الصورة ملك لـ عصام شرف، تحت رخصة المشاع الإبداعي CC BY-SA 3.0

حالة الإنترنت في مصر.. تقييد وبطء واحتكار

منشور الخميس 8 يونيو 2017

نُشر بالإنجليزية على موقع Medium


في أواخر الشهر الماضي، فوجئ أهالي مواقع التواصل الاجتماعي بحجب أكثر من عشرين موقعًا إخباريًّا، كثير منها مواقع بارزة، مثل مدى مصر، وهافنجتون بوست عربي، وDaily News Egypt، بالإضافة مواقع شبكة الجزيرة القطرية، وقد أثار الحجب موجة غضب بين المنتقدين، وبعضهم بات يعبر عما قد يحمله المستقبل من تمادٍ في الحظر والتقييد حتى على ما يعتبره البعض متنفسهم الأخير.

ولذلك، قررنا أن نرصد مراجعة سريعة لحالة الإنترنت في مصر، وإلى أين يمكن أن يتجه في المستقبل، وأين هو من الإنترنت في بقية دول العالم.

لا شيء بلا مقدمات

 

المتابعون جيّدًا يعلمون أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها مواقع إخبارية الحجب في مصر، ففي ديسمبر 2015، حجبت الحكومة المصرية الموقع القطري "العربي الجديد" بنسختيه العربية والإنجليزية، وصدق أو لا تصدق، فقد كان هذا القرار بعد قرار مشابه من المملكة العربية السعودية والإمارات بحجب الموقع ذاته.

وكانت تلك هي المرة الأولى التي تُقدِم فيها الحكومة المصرية على حجب من هذا النوع، وبهذا الدافع السياسي المحتمل، منذ يناير/كانون الثاني 2011، ويرصد تقرير "الحرية إلى الإنترنت" (Freedom on the Net) الذي تصدره منظمة Freedom House  سنويًّا تدني حرية الإنترنت في مصر باستمرار منذ ذلك العام.

 

وبما أن تقرير العام الأخير لم يصدر بعد، فما نجده في تقرير 2016 هو أن مصر لديها 63 نقطة في تصنيف المنظمة (مع كون المئة نقطة هي الأسوأ)، وهو ما يضع الإنترنت في مصر تحت حالة "غير الحر"، بحسب التصنيف، للسنة الثانية على التوالي.

ومن ضمن الأسباب الأخرى لتدني تصنيف الحرية على الإنترنت، بحسب ما أورد التقرير، هو التقييد الذي لوحظ على خدمات الاتصال الصوتي عبر الإنترنت (VoIP) في أكتوبر/تشرين الأول 2015، بجانب إصدار قانون الإرهاب، والمشروع المقترح حينها ضد الجريمة الإلكترونية، والذي ارتأت فيه المنظمة "عقوبات غير مكافئة ضد التعبير عن الرأي السلمي"، بالإضافة إلى واقعتي قبض واحتجاز بسبب منشورات على الإنترنت.

 

وفي المجمل، يعتمد التقرير في تصنيفه على ثلاثة مجالات أساسية: عوائق الوصول إلى الإنترنت، والتضييق على المحتوى، وخرق حقوق المستخدم (يمكنك الاطلاع على منهجية التصيف كاملة من هنا).

ولذلك، فما نتوقعه لتقرير 2017 ليس إلا قائمة أطول لأسباب حصول مصر على مزيد من النقاط السيئة التي ترصد تدنيًا أبعد في مستوى الحرية على الإنترنت.

 

ولو كنا بلا قيود، فنحن في بطء السلحفاة!

 

لا حاجة لنا أن نحكي لك عن بطء الإنترنت في مصر، ولكن هل تعرف أننا بالفعل رقم 35 في ترتيب أبطأ سرعات الإنترنت حول العالم؟ هذا ما سجلناه في الربع الأول من عام 2017، بحسب مؤسسة Akamai العالمية لخدمات الإنترنت.

لا يهم ربما، ففي هذا الترتيب كنا أفضل بقليل من دولة تيمور الشرقية، وهي دولة آسيوية لم تسمع عنها من قبل على الأرجح، ولا تقلق، فقد كنا بالفعل أفضل من سوريا، ولكن لم نكن أفضل من العراق مع الأسف.

 

متوسط سرعة الإنترنت في مصر في هذه الفترة هو 1.93 ميجابايت في الثانية، وعلى رأس القائمة كوريا الجنوبية، التي ينعم أهلها بمتوسط سرعة إنترنت أسرع 14 مرة من سرعتنا نحن. كما أننا نتخلف عن السرعة الوسطى للإنترنت في دول العالم بـ 3.43 ميجابايت في الثانية.

ولكن متوسط سرعة الإنترنت يزداد في مصر، ببطء لكن بثبات نسبي، مع استثناء الارتفاع الفجائي الذي حدث في الربع الثاني من 2016، وهو يزداد حول العالم كله بطبيعة الحال، فهل نصل يومًا إلى المتوسط العالمي حتى؟

 

 

مشكلة كبيرة للقلة القليلة

 

حاول أن تخمن كم بالمئة من سكان مصر لديهم إمكانية الدخول إلى الإنترنت. أغلبية الناس تدخل على الإنترنت، أليس كذلك؟ ربما 70% أو حتى 80%، صحيح؟

بالقطع لا. فوفقًا لإحصائيات مؤشرات التنمية العالمية، فقط 38% من سكان المحروسة لديهم إمكانية الدخول إلى الشبكة العالمية عام 2014، وهذه النسبة أقل من متوسط النسبة العالمية بحوالي 10%، فعلى قمة دول العالم في نسبة مستخدمي الإنترنت أيسلندا (بـأكثر من 98%)، ولكسمبورج (بـ 97.33%)، والنرويج (بـ 96.8%)، وفي قاع القائمة النيجر (بـ 2.2%)، والصومال (1.76%)، وإريتريا (1%).

 

 

 

 

ونحن بنسبتنا قريبون من متوسطات نسب مجموعات الدول التي ننتمي لها، مثل دول العالم العربي، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والدول ذات الدخل المتوسط المنخفض، كما أن النسبة في بلدنا مثال صريح على العلاقة الطردية (وليس بالضرورة سببية) بين نسبة مستخدمي الإنترنت وإجمالي الناتج المحلي الإجمالي للفرد.

 

ولكن في المجمل، فنسبة 62% من الشعب لا يمتلكون قدرة الوصول إلى شبكة الإنترنت، معناها أنه مهما حُجب من مواقع، ومهما كانت سرعة اتصاله بطيئة، ومهما ضُيّق على محتواه، فهذا ليس أكثر من كلام في الخيال بالنسبة للأغلبية من الشعب المصري حتى اليوم.