المصيلحي يدير جلسة مساءلته - المنصة

يوميات صحفية برلمانية| وزير التموين يدير لقاءه "مع نفسه" في "الاقتصادية"

منشور الاثنين 22 مايو 2017

في أجواء ودية، عُقد اليوم لقاء بين وزير التموين والتجارة الداخلية، علي المصيلحي، ونواب لجنة الشؤون الاقتصادية لمناقشة موازنة الوزارة كما ترد في الموازنة العامة الجديدة، وهو اللقاء الأول منذ ترك مصيلحي منصبه كرئيس للجنة نفسها ليتولى منصبه الوزاري في فبراير/ شباط الماضي.

كان اللقاء هادئا لم يتخلله سوى خلاف وحيد مع واحد من النواب، لم يكن لصوت شكاوى المواطنين من التضخم وارتفاع أسعار السلع الغذائية أي صدى في الاجتماع الذي امتد 6 ساعات، رغم أن قفزات الأسعار وصلت ذروتها مع اقتراب شهر رمضان.

لن نبالغ إذا قلنا أن النواب بدوا وكأنهم  يتحاشون مواجهة المصيلحي خلال اجتماعه الأول بهم كوزير، خاصة اذا قارنا أداءهم اليوم بمواجهاتهم مع وزيري التموين السابقين خالد حنفي، ومحمد علي الشيخ.

الوزير يدير الاجتماع

المشهد الغريب بدأ مع دخول الوزير إلى القاعة بينما تسبق خطواته عمرو غلاب-الرئيس الحالي للجنة- متوجهًا نحو المنصة.

فرض الوزير وضعه كمدير لجلسة مساءلته، عندما توجه لمقعد رئيس اللجنة وجلس عليه قبل وصول عمرو غلاب لموقعه الذي يقتضيه البروتوكول البرلماني، فاضطر غلاب للجلوس على المقعد المجاور، المخصص أصلا للوزير، وهو المقعد الذي جلس عليه من قبل خالد حنفي، ومحمد علي الشيخ أمام نفس النواب.

سلوك المصيلحي وثقته لم ينعكسا فقط في حركاته وإشارات جسده، بل في العبارات التي وجهها للنواب كذلك، إذ قال لهم "إحنا اخوات، أنا جاي من عندكم".

اللافت، أن كل هذا لم يستوقف عمرو غلاب، ومن انتبه لغرابة الموقف هو النائب مدحت الشريف وكيل اللجنة، فخلال النقاش، وعند بدء مداخلات النواب، صاح المصيلحي بالموظف المسؤول عن الميكروفون:"الميكروفون يا ابني"، فذكّره الشريف ضاحكا "إنت الوزير".

وفي مرات مختلفة ردد المصيلحي " أنا بتكلم  كوزير مش كرئيس لجنة اقتصادية"، وظهر المصيلحي وكأنه يتولى مهمتين: الأولى تنفيذية متعلقة بوزارة التموين، والأخرى نيابية وهي إدارة الاجتماع، وأكد سيطرته على مجريات الاجتماع عندما أعلن بنفسه إنهاء اللقاء بعد ست ساعات تقريبًا قائلا: "أشكركم انا بقى".

الخلاف الوحيد

اللقاء الذي مر بسلاسة لم يعكر صفاءه الواضح سوى خلاف وحيد مع النائب محمود محيي الدين، الذي شكا من توقف العمل في بعض المطاحن في أشمون بمحافظة المنوفية، وقال "المطاحن ماعندهاش قمح من أسبوع"، وأوضح أن المطاحن لم تحصل على القمح بسبب تكلفة النقل.

وحاول المصيلحي الرد فاستمر النائب في مقاطعته، فانفعل المصيلحي وقال بالفرنسية "بردون"، واستطرد "أنا لم اقاطعك، ومسؤولية المطحن الحصول على القمح، لو في تقاعس وسيادة النائب يدعم هذا التقاعس، سأفتح تحقيق ويعلم الجميع ما سيتم".

فرد عليه محيي الدين مشيرا إلى "فرض عشر آلاف جنيه على صاحب المطحن الذي يحصل على الأقماح من الموانئ، وهو الأمر الذي بسببه لم يتوجه المسؤولون عن المطاحن للحصول على القمح" فانفعل المصيلحي وقال "انت تتكلم فيما لا تعلم"، ليرد محيي الدين " لا، أعلم يا فندم"، واتهمه الوزير بدعم تقاعس المطاحن فرد النائب "أنا لا أدعم، أنا أدافع عن المواطن"، فيعقب المصيلحي بنبرة ساخرة "المواطن؟" .

ثم قال المصيلحي "من الذي لم يذهب لإحضار القمح ؟ المطحن هو المسؤول عن إحضار القمح، ليس من العدل إضاعة وقت اللجنة و[بدلا من] مناقشة الموازنة، نضيعها في الدفاع عن المتقاعسين"، فرد النائب: "المواطن ما يصرفش عيش وشوف النتيجة في الشارع".

فقال الوزير  "لما نتكلم عن قضية نتكلم عنها في إطارها القانوني والتنظيمي. سأحقق وألتزم بما جاء في المضبطة أن المطاحن رفضت الذهاب لإحضار القمح"، فيما قال محيي الدين "أنت توجه الاتهام لأصحاب المطاحن، أنت تدافع عن الفساد في الوزارة".

وتدخل وكيل اللجنة، مدحت الشريف وقال "علينا أن نضمن أن المواطن يصل له رغيف العيش وهذه مهمة وزير التموين"، فعقب الوزير "الحمد لله أنها مسؤوليتي وسأقوم بدوري وسأحاسب كل من قصر".

إتاحة السلعة أهم من السعر

"الأهم من خفض الأسعار هو ضمان توفر السلع"، هذه القاعدة هي التي ينطلق من خلالها وزير التموين، وعبّر عنها عدة مرات خلال حديثه مع نواب اللجنة، وقال "نحن جميعا نشعر بما يشعر به المواطن، لكن إذا لم يكن ما أقوم به قابل للتنفيذ والاستمرار [..]... لا أحب أن أعمل لقطة حلوة وبعدين الدنيا تقع وأعتذر لكل من وقف في طابور أو لم يجد عيش،  ولكننا وضعنا قواعد وكان في صعوبات لكن ملتزمين بالقواعد فالدنيا بتمشي". 

واستطرد "نمرة واحد السلعة تكون موجودة ومتوفرة ومافيش كلمة أزمة. ما ينفعش أقول لواحد دي وقفت عليك بعشرة صاغ بيعها بتمانية صاغ"، مشددا على ضرورة تطبيق مبدأ السعر العادل، وعدم تحميل المنتجين والتجار كامل المسؤولية عن ارتفاع الأسعار.

ووجه المصيلحي رسائل طمأنة بوجود مخزون من السلع الاستراتيجية يكفي ثلاثة أشهر، مسترجعا أزمات ما قبل توليه الوزارة في الأرز والسكر.

تعويم الجنيه

بالطبع كان تعويم الجنيه هو المبرر الدائم الذي أثر على ارتفاع أسعار جميع السلع الاستراتيجية، والذي استدعاه المصيلحي عدة مرات خلال الحديث عن زيادة أسعار الزيوت على وجه التحديد، إذ أن مصر تستورد 95% من احتياجاتها من زيت الطعام.

مبررات التعويم أدت لانفعال النائب حسن السيد، الذي وجه انتقادات شديدة للحكومة وللبرلمان نفسه خلال مداخلته قائلا: "كل ما نقول عن الأسعار اللي بتزيد يقولولنا التعويم، قرفنا من التعويم ده".

وحذر من زيادة أسعار المحروقات وقال  "لو المحروقات زادت في ١ يوليو الشعب مش هيسكت عليكم، هيجي بدل ما يحتفل بـ30 يونيو؛ يحتفل باسقاط مجلس النواب. وتابع"واحنا في اليابان بنتفسح وفي إيطاليا بنتفسح"، في اشارة الى الزيارات البرلمانية التي قام بها رئيس المجلس علي عبد العال، بمرافقة بعض النواب  خلال الأسبوعين الجاري والماضي.

الأسعار زادت بس اطمنوا

رغم أن الأيام الماضية شهدت ارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية وخاصة الدواجن واللحوم، إلا أن الرسالة التي أصر عليها وزير التموين كانت "لن تكون هناك زيادة في رمضان".

ورغم مقاطعة بعض النواب الذين قالوا إن الزيادة حصلت بالفعل، لم يرد الوزير مباشرة، واكتفى بالإشارة لمعرض "أهلا رمضان" الذي افتتحه رئيس مجلس الوزراء صباح اليوم، موضحا توافر السلع بأسعار معقولة.