محمد صلاح

مستقبل محمد صلاح.. روما خير وأبقى

منشور الخميس 11 مايو 2017

يبدو المصري محمد صلاح لاعب روما الإيطالي قريبًا من العودة لمنافسات الدوري الإنجليزي بنهاية الموسم الحالي (2016-2017) بعدما أشارت تقارير صحفية إلى رغبة ليفربول الإنجليزي في الفوز بخدماته.

وبينما يرى كثيرون أن هذا الانتقال منطقي بعد تألق اللاعب مع روما. وأنه سيكون بمثابة رد اعتبار للنجم المصري الذي لم يحظَ بفرصة المشاركة أساسيًا في تجربته الأولى بإنجلترا مع تشيلسي؛ إلا أن الرحيل عن روما في فترة الانتقالات الصيفية المقبلة قد ينعكس بالسلب على مسيرته.

الاستمرارية

نجاح صلاح في تجربته مع روما التي انطلقت الصيف قبل الماضي كان سببه الرئيس هو المشاركة بصفة منتظمة مع الفريق الإيطالي. وما ضمن لصلاح هذه الاستمرارية فضلاً عن تطور قدراته الهجومية هو تفوقه على منافسيه في خط هجوم الذئاب.

وانتقال صلاح إلى أحد فرق المقدمة بإنجلترا سيجعله يخوض منافسة أقوى وأصعب للمشاركة بشكل منتظم. وإذا كانت المشاركة أساسيًا مضمونة في فريق يضم هجومه إدين دزيكو وستيفين شعراوي ودييجو بيروتي فإنها لن تكون كذلك في هجوم يضم ساديو ماني وكوتينيو وفيرمينيو ودانيل ستوريدج على سبيل المثال.

وهذا هو التهديد الأول بالنسبة لصلاح. وهو الانتقال من مرحلة نجم الفريق واللاعب الذي يضمن المشاركة أساسيًا في كل المباريات إلى مرحلة أخرى يسعى خلالها لإثبات أحقيته بالتواجد في التشكيل الأساسي لفريقه الجديد.

الاستقرار

بنهاية الموسم الحالي، سيكون صلاح قد أكمل عامه الخامس في أوروبا. حقق خلال تلك الفترة نجاحات متباينة لكنه حتى هذه اللحظة لم يترك بصمة تدوم طويلاً في أيّ من الأندية التي لعب بقميصها.

أول ثلاثة أعوام في مسيرته شهدت ثلاث تجارب. نجح في اثنتان مع بازل وفيورنتينا وأخفق في واحدة حين كان لاعبًا في تشيلسي؛ لكن حتى هذا النجاح لم يدم إلا قليلاً فمسيرته مع بازل لم تستمر أكثر من 18 شهرًا ومسيرته مع الفيولا كانت لنصف موسم فقط.

هذه الأعوام الثلاثة كانت بمثابة فترة تعارف، إن صح الوصف، بين صلاح والكرة الأوروبية. أثبت فيها أنه لاعب جيد تتخطى موهبته فرق الوسط وتلامس الكبار لكنها ما زالت عاجزة عن منافستهم.

تجربته مع روما كانت مختلفة؛ فالفريق ينافس على مركز متقدم في دوري قوي لكنه في الوقت نفسه يبتعد بمسافة عن فرق الصف الأول في القارة العجوز. هنا اختلف الاختبار. روما أقوى من بازل وفيورنتينا وأضعف من تشيلسي. وهذا هو المكان الأنسب لصلاح ليتألق ويتطور ويعزز قدراته الهجومية ويشارك أيضًا في المنافسات الأوروبية. وهو أيضًا المكان المثالي لبناء قاعدة جماهيرية مع فريق يحظى بشعبية هائلة في بلاده وخارجها.

وهنا تجدر الإشارة إلى أمر يغفل عنه كثيرون خاصة اللاعبين العرب المحترفين في أوروبا. هؤلاء الذين يسابقون الزمن للوصول لأبعد نقطة في مسيرتهم دون أن ينظروا لأضرار التنقلات الكثيرة.

هذا الأمر هو حاجة لاعب الكرة. أي لاعب. للانتماء لفريق بعينه في مسيرته الكروية. والانتماء هنا لا يُقصد به الارتماء في أحضان مشجعيه والوقوف معهم في خانة واحدة. ولا يُقصد به أيضًا تلك الأمثلة النادرة في عالم الكرة التي لم تغادر جدران أنديتها مثل فرانشسكو توتي وباولو مالديني، أو حتى تلك التي قضت جُل مسيرتها في فريق ولم ترحل عنه إلا في الأعوام الأخيرة من مسيرتها مثل ستيفين جيرارد وفرانك لامبارد؛ لكنّ المقصود أن يترك اللاعب أثرًا لا يُمحى بسهولة مع النادي ومع الجماهير ومع المنافسين أيضًا.

وبالقياس على صلاح، فإن عامين فقط مع روما، خاض خلالهما 80 مباراة وسجل 32 هدفًا وصنع 23؛ غير كافيين لترك هذا الأثر مع النادي. سيزامل روما بازل في نفس الخانة. نجاح كبير لكنه لن يدوم طويلًا.

منتصف العمر

في الخامسة والعشرين ينتصف عمر لاعبي كرة القدم. بعدها يبدأ العد التنازلي حتى نصل للثلاثين. ثم تبدأ مراحل الخفوت. وهناك بالطبع استثناءات لهذه القاعدة.

صلاح، تجاوز مرحلة اللاعب الشاب المُبشر الواعد. ولم يصل أيضًا لتلك السنوات التي سينطفئ فيها نجمه. هو في المنتصف. سيحتفل بعيد ميلاده الـ25 بعد شهر من الآن. وفي مثل هذه المرحلة يصبح قرار الانتقال من فريق لآخر بالغ الصعوبة.

مغامرات السنوات الأولى من العشرينات وقرارات التنقل الكثيرة لن تكون الآن في محلها. فقرار واحد خاطئ في منتصف العشرينات سيهدر من صلاح عامًا أو اثنين يبدأ بعدهما سعره وراتبه في التراجع خطوة تلو الأخرى. وتبدأ بعدهما أيضًا سنوات الخذلان تلك التي يعجز فيها جسدك عن تحمل أعباء التدريبات اليومية والمشاركة في المباريات المتلاحقة.

كما أن أيّ قرار غير محسوب في هذه الفترة سيجعلنا نعود لنفس الخانة. خانة اللاعب الذي لا يقوي على اللعب مع الكبار وإن حدث ذلك في النصف الثاني من العشرينات فسيستمر، على الأرجح، حتى نهاية مسيرته.

مسيرة صلاح الأوروبية تبدو الآن في منتصفها أو قاربت على ذلك لكن كل ثمارها لم تنضج بعد. وآثار أقدامه على الأرض يسهل محوها من كل الأماكن التي وطأتها.

اقرأ أيضًا: القتل البطيء لكرة القدم