عبد العال محاطًا بحراسته بينما يقرأ "أبو شقة" نص تقرير التشريعية- صفاء عصام - خاص للمنصة

يوميات صحفية برلمانية| كواليس إسقاط عضوية السادات في خمس ساعات

منشور الاثنين 27 فبراير 2017

سطر اليوم مجلس النواب نهاية وجود النائب محمد أنور السادات تحت القبة، بتأييد قرار إسقاط العضوية الذي انتهت إليه اللجنة التشريعية في تقريرها الصادر أمس، واستغرق التصويت على إنهاء عضوية السادات خمس ساعات كاملة خلال الجلسة العامة اليوم. 

ويعد السادات هو النائب الثاني الذي يغادر البرلمان بإسقاط عضويتة، بعد النائب توفيق عكاشة الذي أسقط زملاؤه عضويته عقب لقائه بالسفير الإسرائيلي في مارس/ أذار 2016، بعد شهرين فقط من إلقائه القَسَم نائبًا بالبرلمان.

وأعلن عبد العال خلو مقعد السادات في دائرة مركزي شرطة تلا والشهداء في محافظة المنوفية، بعد موافقة  468 عضوا على إسقاط العضوية.

اقرأ أيضًا: النواب يصعِّدون ضد السادات وعبد العال يلوح بـ"الأمن القومي"

وتغيب عن جلسة اليوم 112 عضو، ولك يتجاوز عدد الرافضين لقرار إسقاط العضوية 8 أعضاء. وأوضح رئيس المجلس علي عبد العال، أن  بسقوط العضوية؛ فإن التقريرين الخاصين بواقعة تزوير السادات توقيعات غير حقيقية، وكذلك واقعة تسريب قانون الجمعيات لا محل لهما من المناقشة. وهما التقريران اللذان جرى بموجبهما إسقاط عضوية النائب "شبه المعارض".

كواليس اليوم الطويل  في البرلمان يمكن تلخيصها في عدد من المشاهد:

المشهد الأول: اجتماع عبد العال

 

في حوالي الواحدة ظهرًا، بدأ اجتماع علي عبد العال، في مكتبه، مع رؤساء الهيئات البرلمانية، ورؤساء اللجان النوعية.

الاجتماع المغلق الذي استمر نحو ساعتين، ناقش إحالة تقرير اللجنة التشريعية الذي رفعته إلى هيئة المكتب أمس إلى الجلسة العامة اليوم، ووافقت الهيئات البرلمانية لائتلاف دعم مصر، والأحزاب السياسية على رفع التقرير ومناقشته.

وبالطبع غاب عن الاجتماع محمد السادات نفسه، رغم أنه رئيس كتلة برلمانية ممثلاً لحزب الإصلاح والتنمية.

وبحسب النائب صلاح حسب الله ممثل الكتلة البرلمانية لحزب  الحرية، فإن الاجتماع ناقش التقرير ونتائجه واطلع على التحقيقات التي أجرتها لجنة القيم واللجنة التشريعية، ودفوع السادات نفسه أمام اللجنتين.

وكشف حسب الله قبل انعقاد الجلسة عن وجود اتجاه عام مؤيد لقرار اللجنة المتعلق بإسقاط العضوية، لاتهامه بارسال شكاوى  للاتحاد البرلماني الدولي، وتزوير توقيعات على مشروع قانون الجمعيات الذي تقدم به.

المشهد الثاني: السادات في البهو

بالتزامن مع اجتماع عبد العال مع الهيئات البرلمانية واللجان النوعية، كان  السادات جالسًا في مكان استراحة النواب "البهو الفرعوني" وبجواره عدد من النواب المناصرين له.    

   

محمد أنور السادات تحت قبة البرلمان

   كان السادات يعلم أن نهاية عضويته باتت مؤكدة، وعلى يقين أن النهاية لن تكون تحت القبة فقط، بل قد تمتد إلى ما هو خارجها من تحقيقات وملاحقات قضائية.

وقال السادات في تصريحات صحفية إن النواب يحتشدون منذ أمس للتصويت اليوم، وهو بالفعل ما تحقق بامتلاء القاعة بالنواب، وهي مرات لا تتكرر كثيرا إلا في الأيام التي يحتاج فيها البرلمان لتمرير قانون هام أو قرار بعينه.

المشهد الثالث: تقرير التشريعية

بدأت الجلسة العامة في حوالي الثالثة عصرًا. واعتلى رئيس المجلس المنصة وبجواره بعض الحرس في صورة لافتة نوعا ما، إذ تعد هذه المرة الأولى التي يقف بجواره هذا العدد من الحُرّاس خلال الجلسة العامة.

أعلن عبد العال في بداية الجلسة، إدراج تقرير اللجنة التشريعية الخاص بالتحقيق مع السادات، وطالب مقرر اللجنة بهاء أبو شقة  بعرض تفاصيل ما جرى مع السادات والتقرير الذي أصدرته اللجنة.

عرض أبو شقة مجريات التحقيق مع السادات في واقعة إرسال شكاوى للاتحاد البرلماني الدولي، موضحا أن اللجنة استمعت لأقوال السادات وردوده على الاتهامات، كاشفا عن مخاطبة الأمانة العامة للمجلس للاتحاد البرلماني الدولي لمعرفة كيفية تواصل النائب معه وصحة إرسال شكاوى من جانبه.

وقال إن التوصية بإسقاط العضوية جاء لتحريض السادات وإساءته للبرلمان المصري، باعتباره مؤسسة من مؤسسات الدولة، ورسائله لجهات ليس لها علاقة بأوضاع داخلية وأنشطة لمجلس النواب. وأشار التقرير الذي تلاه أبو شقه إلى أن رئيس اللجنة التشريعية أرسل كتابا للأمين العام لمجلس النواب، يطلب فيه مخاطبة الاتحاد البرلماني الدولي رسميًا، لاستيضاح حقيقة البيانات التى أرسلها البرلمان الدولي لنظيره المصري، فيما يخص النائب السادات. 

اقرأ أيضًا: السادات في انتظار لجنة القيم 

كما طالبت مذكرة أبو شقة للأمانة العامة، بالكشف عما إذا كانت تلك المخاطبات التي أرسلها السادات قد أرسلت بناءً على طلب مباشر من الاتحاد البرلماني الدولي، أو أنها جرت وفقًا لترتيب تقديم خدمات استشارية بين السادات والاتحاد نفسه.

وأوضح أن الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي فى كتاب رسمي للمجلس، أنه بعد الفحص والتحري "لم يطلب أي فرد من الاتحاد البرلماني الدولي أية معلومات تتعلق بالبرلمان المصري، سواء من السادات أو غيره. باستثناء الطلب المرسل من السادات نفسه، بشأن سؤاله إذا كان أرسل لهم أية شكاوى ضد البرلمان، وكان هذا الخطاب الوحيد طوعيًا من السادات". ونفى البرلمان الدولي تلقيه أية شكاوى من النائب ضد المجلس.

وركز أبو شقه خلال استعراضه التقرير على أن السادات أرسل رسالة "باللغة الأجنبية"، حول عدم ترشحه للجنة حقوق الإنسان لوجود مرشحين مدعومين من رئاسة مجلس النواب والأجهزة الأمنية، ورسالة للرئيس عبد الفتاح السيسي لعقد اجتماع مع اللجنة. ووجه التقرير اتهامًا للسادات بمراسلة جهات أجنبية بشأن الموضوعين.

وعرض أبو شقة لنصوص اللائحة الداخلية للمجلس المتعلقة بالإجراءات العقابية، والتي تكون أقصاها إسقاط العضوية بسبب فقدان الثقة والاعتبار.

وأكد أبوشقة على أنه تبين للجنة أن النائب أرسل إلى أحد العاملين بلجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الدولي؛ رسالة يستفسر فيها عن ما كان إذا تقدم بشكوى أم لا، وهو ما رد عليه أحد الموظفين بأنه لم يتقدم بأى شكوى.

وقال أبو شقة: "حسما لهذا الأمر، قام أمين عام مجلس النواب بمخاطبة البرلمان الدولي بهذا الصدد، ورد عليه [البرلمان الدولي] بتأكيده على إرسال هذه البيانات طواعية وبإرادة منفردة من السادات، بتواريخ 21 و25 أغسطس/ آب، ورسائل أخرى بتواريخ 1سبتمبر/ أيلول و11و16 أكتوبر/ تشرين أول، وقام بإرفاقها".

وأكد أبوشقة على أن البرلمان الدولي أكد عدم وجود أى صلة مع النائب محمد أنور السادات. وأن آخر اتصال به كان في أغسطس/ آب  الماضى فى جنيف. مشيرًا إلى أن الرسائل تضمنت أيضا عدم ترشحه على رئاسة لجنة حقوق الإنسان.

 وأوضح أبو شقة على أن السادات رد على هذه الاتهامات أثناء التحقيق بأنها تأتي فى إطار حرية الرأي والتعبير، فى كونها بيانات صحفية. وأن اللغة الأجنبية كونها لغة الشباب فى الفترة الأخيرة.

واعتبرت اللجنة وفقا للتقرير أن هذه الممارسة مرفوضة، وتحط من كرامة المجلس. وقال أبوشقة "النائب منتخب من الداخل وليس الخارج. وهذا التصرف يخرج عن إطار العمل الوطني والبرلماني، بالإضافة إلى أنه يوجد فرق واضح بين حرية الرأي والحض والكراهية".

المشهد الرابع: المواجهة 

 

                               

محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية

"أرجو أن تعطيني الفرصة كاملة، ربما للمرة الأخيرة للحديث معك" بهذه الكلمات بدأ السادات الدفاع عن نفسه بعدما سمح له عبد العال بالحديث عقب انتهاء أبو شقة من عرض التقرير.

وقال السادات "التقرير فيه لبس حاولت أوضحه، لكن واضح أنه مازال في خلط ولبس". وأضاف السادات: "الاتهام الموجه لي ما هو إلا حديث عن بيانات صحفية تصدر عني، ليس اليوم أو أمس، بل منذ سنوات طويلة أتواصل مع صحف عربية وأجنبية وموجودة على موقعي وصفحتي وهذا رأيي كبرلماني وسياسي".

وتابع السادات في دفاعه "أخبار إيه؟ وتحريض إيه؟ أحرض مين؟ إذا كان هذه رسائل مني أنا لرئيس البرلمان، البرلمان دوره غير مفعل نعم، وفي أمور كثيرة تحتاج إعادة نظر ومراجعة ما المشكلة في هذا؟ هذه مخاطبة مني لرئيس المجلس إيه المشكلة ينشر في جرايد مصرية؟ أنا لا أخاطب حد بعينه في الخارج، أقابل كثيرين حينما أكون في مؤتمرات ووفود هنا والخارج".

فقاطعه عبد العال "أنت قلت لا ترسل بيانات، والآن تقول ترسل بيانات. هل الخطابات للداخل أم الخارج؟ لماذا الإنجليزية؟ ولماذا البرلمان الدولي؟ مارتن شون قال إنك أرسلتها متطوعا وبطريقة تلقائية".

فعقب السادات مدافعا "الريس قال إن في شكاوى للبرلمان الدولي وهذا مثبت في المضبطة، وأنا أؤكد أنه لم يصدر مني شكوى".

فقاطعه عبد العال "أنت سُئلت  في اللجنة عن الفرق بين البيانات والشكاوى قلت لا يوجد فرق، البيان ينبئ بطبيعته ومضمونه أنه شكوى".

فرد السادات "الاتحاد أكد أنه لم يكن هناك شكوى، والشكاوى هناك لها نظام، وفي لجنة هناك اسمها لجنة حقوق البرلمانيين تتلقى شكاواهم".

فقاطعه عبد العال مجددا "أنت نائب قديم ورئيس حزب سياسي. ما يوجد في البيانات أن البرلمان غير فعال ولا يحترم نصوص الدستور، وتدعو لوقفة وتتحدث عن خيبة أمل محلية ودولية. هل مصر مقاطعة أجنبية أم دولة ذات سيادة"        

رئيس مجلس النواب، الدكتور على عبد العال

فأجابه السادات: "لا أريد أن تُحمَّل المسألة فوق حجمها، لو قلت البرلمان عظيم ويحترم الدستور هل كنت ستسألني نفس السؤال؟" فرد عبد العال "مخاطبة هيئة أجنبية سلبا أم إيجابا محظورة". فرد السادات "الهدف ليس إساءة لأني أخاطب رئيس البرلمان المصري وينشر هذا الكلام في صحف، وقدمت إلى اللجنة تصريحات صدرت عن لجان لجان أخرى بالإنجليزية، منها الأمن القومي والتشريعية والإعلام"

وسخر السادات خلال دفاعه من سرعة الخطابات الخاصة بالتحقيق معه قائلا "اللجنة التشريعية أرسلت للأمانة العامة خطاب، أرسلته بدورها للاتحاد الدولي الذي رد كل هذا في نفس اليوم؟ إيه الهمة دي"

واختتم دفاعه الذي استمر نحو ربع ساعة قائلا "العقوبة قاسية، [هذا] ليس مجرد إعدام سياسي، لكن حق الناس اللي نزلت طوابير لاختيار واحد من عشرة أوعشرين مرشح، حضراتكم شايفين الحملة الممنهجة ضدي في الصحف".

المشهد الخامس: السادات يغادر

قبل التصويت، أعطى عبد العال الكلمة للنائبين محمد السويدي، رئيس ائتلاف دعم مصر، وعلاء عابد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار والذي احتل موقع السادات على رأس لجنة حقوق الإنسان. والاثنان يقودان التكتلان الأكبر تحت القبة. وأعلن كلاهما تأييدهما قرار اللجنة بإسقاط العضوية عن السادات.

وأغلق عبد العال باب الحديث بعد الاستماع لنائبين أخرين مؤيدين لقرار اللجنة، وطالب السادات بالخروج من القاعة، منعا للحرج خلال مرحلة التصويت.

خرج السادات من القاعة بالفعل وسار عبر البهو الفرعوني مرورًا بطرقات المجلس وصولاً لسيارته "الجيب" من الباب الرئيسي للمجلس، وكأنه يودع المكان الذي قضى فيه سنوات نائبًا للبرلمان.

لم يتبع السادات خطى النائب السابق توفيق عكاشة الذي استمر جالسا في البهو الفرعوني يوم سقوط عضويته في مارس الماضي، وقضى الوقت ساعتها في حساب الأصوات التي ساندته والأصوات التي كانت ضده.

هذه ليست المرة الأولى التي يُسقِط فيها البرلمان عضوية السادات، إذ تعد هذه هي المرة الثانية بعد إسقاط عضويته في 2007 لفقدانه الاعتبار بعد إشهار إفلاسه.


كواليس التصويت

وفقا لتركيبة المجلس ومجريات الأحداث في الأسابيع الماضية، وخاصة بعد الحديث عن إهدار المال العام الذي تحدث عنه السادات بعد صدور الحساب الختامي لمجلس النواب، بات مؤكدا أن أيام السادات معدودة تحت القبة، وهو ما أثبته التصويت اليوم. لكن الجدير بالذكر في كواليس التصويت اليوم:

- انسحاب نواب تكتل (25-30) من التصويت وعقد اجتماع مغلق بالتزامن مع عملية التصويت.

- اعتراض عدد من النواب على الموافقة على قرار اللجنة بإسقاط العضوية، ورفضوا تأييد القرار وفي مقدمتهم النواب سمير غطاس- حسام الرفاعي- غادة صقر- طلعت خليل.

-امتنع عن التصويت عدد محدود من النواب منهم نائب شمال سيناء سلامة الرقيعي والنائب عبد الحميد كمال.

- دخل عبد العال مشادة مع النائب حسام الرفاعي الذي قال كلمة خلال تصويته برفض قرار  إسقاط العضوية. وهدده رئيس المجلس قائلا "لن أتهاون على الإطلاق، وكفى ما حدث في هذا المجلس. وعلى نواب سيناء الشرفاء اتخاذ إجراء مع هذا النائب، عندي حاجات كثيرة جدا لم أقلها".

- استغل عدد من النواب الفرصة للدفاع عن لجنة حقوق الإنسان ورئيسها الحالي علاء عابد الذي خلف السادات بعد استقالته من اللجنة، كما وجه عبد العال التحية لنواب اللجنة ورئيسها. 

                                              

مرتضى منصور

- قال النائب مرتضى منصور في كلمته المؤيدة لقرار اللجنة التشريعية؛ إن ما فعله السادات جريمة بنص المادة 8 من قانون العقوبات، التي تنص على معاقبة "كل من أذاع عمدا أخبار وبيانات وشائعات كاذبة تضر بأمن الوطن"، مضيفًا: "لما يتقال إننا برلمان أمني وأجلنا قانون الكنائس دي جريمة". يذكر أن مرتضى منصور يقود حركة ضغط قوية لمنع النائب عمرو الشوبكي من تسلم مقعده في البرلمان، عقب الإعلان عن تزوير الانتخابات لصالح نجله أحمد مرتضى منصور.

اقرأ أيضًا: رئيس "النواب" يتجاوز الدستور لصالح "ابن مرتضى"

- دافعت نائبة عن حق رئيس المجلس في ركوب "أكبر عربية في البلد".