حسام غالي قائد الأهلي. المصدر: يوتيوب

السوبر المصري.. عندما يهزمك مدرب فريقك المفضل ومنافسه بالملل

منشور الأحد 12 فبراير 2017

"معسكر إعداد ناجح جداً، اللاعبون في قمة تركيزهم وتدربوا جيدًا على ركلات الترجيح، الصفقات الجديدة ستأخذ فرصتها مع الفريق وسنحدد موقف الدوليين عند وصولهم للمعسكر".

التصريحات السابقة جاءت على لسان حسام البدري المدير الفني للنادي الأهلي في أحد المؤتمرات الصحفية التي عقدها قبل إقامة مباراة السوبر بين الأهلي بطل الدوري والزمالك بطل الكأس، والتي انتهت بتفوق الأبيض بركلات الترجيح حيث تكفل لاعبو الأهلي بإهدار ثلاث ركلات من أصل أربع قاموا بتسديدها.

الشخص نفسه خرج علينا بعد المباراة بالكلمات التالية "الزمالك لم يلعب طوال 90 دقيقة، ولم يحصل حتى على ركنية واحدة، أبارك لهم ونستعد من الآن لعودة الدوري ومباراة الإسماعيلي".

المدير الفني للأهلي يستحق لفت نظره لعدة أمور فنية تخص فريقه نُفصّلها في النقاط التالية:

أولاً: نجاح معسكر الإعداد يمكن قياسه أو التدليل عليه بتحقيق الغرض المطلوب في المباراة أو البطولة التي يستعد لها الفريق، وليس من خلال المؤتمرات الصحفية واللقاءات المفتوحة قبل المباراة على القنوات الراعية.

بطبيعة الحال مباريات كرة القدم مثل كل أمور الحياة تحتمل العديد من السيناريوهات والمفاجآت. لا يجب التعامل معها من منظور واحد فقط.

كعادته في المباريات الكبيرة التي خاضها الأهلي تحت قيادة البدري يتخلى الفريق عن الاستحواذ على الكرة برغبته، تاركاً المجال للمنافس من أجل أخذ المبادرة وامتلاك الكرة، ثَمَ يلجأ للهجمات المرتدة والكرات المباشرة العميقة خلف خطوط المنافس تماماً مثلما حدث في مباريات مصر للمقاصة والمصري والزمالك.

بالأمس القريب في ليلة السوبر وضع البدري السيناريو نفسه الذي هزم به الزمالك قبل أقل من 45 يومًا، ولكن الفريق الأبيض تعلم من أخطائه السابقة ورفض هدية الأهلي حيث قرر محمد حلمي الرد على عرض الأهلي بهدية مماثلة مفادها؛ أن فريقه لن يأخذ المبادرة مهما ترك المنافس الفرصة له ليفعل ذلك.

هنا لم يكن الأهلي جاهزاً لذلك، البدري لم يُعِد لاعبيه للتصرف في حالة إجبارهم على الاستحواذ وبناء هجمات منظمة من أجل تفكيك خط وسط ودفاع الزمالك الوهمي؛ الذي تكتل في العمق تاركاً المجال مفتوحاً على الأطراف.

الشكل التالي يوضح توزيع نسبة استحواذ كل فريق على الكرة على مدار أوقات المباراة.

 

استحواذ الأهلي كان سلبيًا إلى حد كبير جدًا بسبب معدلات فقد الكرة العالية على مدار أوقات المباراة. الغريب في الأمر أن الزمالك لم يحاول على الإطلاق الاستفادة من معدلات الأهلي السلبية في فقد الكرة، واكتفي فقط بالتفوق في الصراعات الثنائية كما يوضح الشكلان التاليان.

 

 

ثانيًا: عندما تقول إنك ستحدد موقف الدوليين عقب انضمامهم للمعسكر فهذا يعني أمرًا واحدًا فقط؛ أنك تمتلك خطة أساسية وخطة أخرى بديلة في حالة عدم جاهزية بعضهم أو كلهم إن اقتضى الأمر.

البدري ظن  أن الثلاثي الدولي المصري جاهز تماماً للمشاركة في المباراة من بدايتها، وبالتالي دفع بتشكيلته التقليدية معتمداً على خطة 4-2-3-1.

 

راهن المدير الفني على الأسماء فقط لا غير دون النظر لحقيقة مستواهم أو مدى جاهزيتهم. افتقد الفريق الحركية اللازمة والترابط المعتاد فيما بين اللاعبين داخل الملعب بسبب الإرهاق وعدم الاستعداد الكافي.

تقوم استراتيجية الفريق على وجود "مثلثات" أو مجموعات ثلاثية من اللاعبين في كل مناطق الملعب منوطين بالواجبات الهجومية والدفاعية، إن اختلت إحدى نقاط ذلك المثلث تتأثر النقطتين الأخرتين بطبيعة الحال.

النقطة المحورية الأهم في كل تلك المجموعات هي التي تقع مسؤوليتها على عبد الله السعيد.

صانع الألعاب الدولي يشترك مع عاشور وفتحي في مثلث قلب الملعب، فيما يُكوَّن الشكل الهندسي نفسه مع وليد وهاني، أو وليد وفتحي في الجهة اليمنى.

كذلك الأمر على الناحية المقابلة بمشاركة مؤمن زكريا، حسام عاشور، وحسين السيد.

المجموعتين الأهم في الحالة الهجومية يُكونهما اللاعب نفسه مع وليد وأچايي، ومع مؤمن وأچايي كذلك.

ديناميكية لاعبي الأهلي في التحرك وتبادل التمريرات كانت غائبة تماماً بسبب عدم استعداد الفريق لخوض المباراة بسيناريو الاستحواذ على الكرة وبناء الهجمات حتى يستفيد الفريق بتلك المجموعات الثلاثية التي يُكونها اللاعبون.

في المعتاد يخرج ثلاثي الوسط فتحي، عاشور، والسعيد بمعدل كبير يتخطى 25 تمريرة بين كل ثنائي منهم على حدة في عملية تدوير الكرة حتى يساعدوا باقي الفريق على التمركز السليم وبناء الهجمات بشكل صحيح.

في ليلة السوبر أرسل فتحي 9 تمريرات للسعيد فيما اكتفى السعيد بتمرير الكرة لفتحي 5 مرات فقط بإجمالي 14 تمريرة بين الثنائي على سبيل المثال وليس الحصر.

 

هل كان أداء السعيد على مقدار أهمية دوره في الملعب؟

الأرقام التالية ومن أهمها نسبة 71.74% فقط من التمرير السليم توضح فشل اللاعب في مواكبة ذلك، ومن قبله فشل مديره الفني في اختياره لأداء ذلك الدور الكبير وهو في مثل تلك الحالة الفنية السيئة بسبب الإرهاق وعدم الجاهزية.

 

الظهير الدولي التونسي علي معلول شاهد المبارة من المدرجات بداعي عدم الجاهزية الفنية، رغم أن بديله حسين السيد كان صاحب أسوأ معدل في التمريرات السليمة داخل أرض الملعب بنسبة بلغت 68.75% فقط.

الظهير القادم قبل عامين من مصر للمقاصة مقابل 4 ملايين جنيه كان سبباً مباشراً في إفشال 25% من الكرات العرضية للأهلي؛ رغم نجاحه في الوصول لمناطق صناعة الخطورة دائماً بفضل مجهود زميله مؤمن زكريا في التحول من الأطراف للعمق؛ ساحباً معه رقيبه أسامة إبراهيم ظهير الزمالك الأيمن مرات عديدة.

 

ثالثًا: المدير الفني للأهلي قال في تصريحاته بعد المباراة إن الزمالك لم يلعب طوال الوقت، ولَم يتحصل على أي ركلة ركنية. ولكن ماذا استفاد الأهلي من حصوله على 4 ضربات ركنية وقيامه بإرسال 20 كرة عرضية في المجمل مقابل 7 فقط للزمالك؟ في النهاية كانت محصلة الزمالك أفضل بنجاح كرتين عرضيتين من أصل سبعة فيما اكتفى الأهلي بواحدة فقط سليمة.

 

رابعًا: اللاعبون تدربوا على ركلات الترجيح بحسب تصريحات البدري قبل اللقاء، يكفي الإشارة لإهدار هؤلاء اللاعبون أنفسهم 3 ركلات من أصل 4 قاموا بتسديدها، بسبب سوء تنفيذهم لها في الأساس قبل الإشارة لتألق حارس مرمى الزمالك.

من المفارقات الغريبة أن الأهلي خسر جهود أفضل 3 لاعبين في تنفيذ ركلات الترجيح من خلال التغييرات الاضطرارية أثناء المباراة إما للإصابة بسبب الإرهاق أو عدم تحمل المجهود البدني الزائد مثل وليد سليمان وأحمد فتحي أو لسوء المستوى مثل عبد الله السعيد.

بكل تأكيد اللوم كله يقع هنا على المدير الفني الذي اختار الدفع بهم متجاهلاً خطورة امتداد وقت المباراة لأكثر من 90 دقيقة، واحتمال خسارة تميزهم في تسديد الركلات الحاسمة.

خامسًا: أهمية مباراة السوبر في أغلب دول العالم لا تتخطى كونها حدث تجاري وتسويقي في المقام الأول، يتم استغلالها للترويج والدعاية من قِبَل المسؤولين عن لعبة كرة القدم في بلادهم بشكل احتفالي.

من هنا جاءت فكرة إقامة تلك المباراة في بلاد أخرى مثل السوبر الإيطالي أو الفرنسي على سبيل المثال، وبالتالي من الممكن استغلال تلك الفرصة في تقديم الصفقات الجديدة، وإشراك لاعبين جدد لا يظهرون باستمرار في التشكيل الأساسي مع إراحة الأسماء المعتاد ظهورها.

الفريقان لم يفعلا ذلك. اكتفى المدربان بالاعتماد على التشكيل التقليدي لتجنب الهزيمة بقدر الإمكان وخوفاً من تحمل مسؤوليتها إن حدثت.

أخيرًا.. العرض السابق ربما لم يتناول الزمالك بالشيء الكثير، ليس على سبيل التقليل من الفريق أو مجهوده ولكن ذلك مبعثه في الأساس أن الفريق الأبيض لم يُصب ولم يُخطئ بالشكل المؤثر. محمد حلمي أراد تجنب الهزيمة والوصول لركلات الترجيح وكان له ما سعى إليه بفضل أخطاء منافسه.

على الجانب الآخر، أراد حسام البدري تجنب الهزيمة ولَم يعرف كيف يسعى للفوز عندما رأي ضرورة ذلك. فيما لَم تخدمه الظروف الصعبة التي وضع نفسه وفريقه فيها، وجاءته فرصة رجل المباراة الأول چونيور أچايي الضائعة في اللحظة الأخيرة قبل الهزيمة بضربات الترجيح كعقاب سريع وعادل.