تصوير: صفاء سرور - المنصة
جانب من احتجاجات الصحفيين ضد اقتحام قوات الشرطة لمقر نقابة الصحفيين - مايو 2016

"المسار الديمقراطي" في نوفمبر.. تزايد الاحتجاجات و"مذبحة" للحريات

منشور الثلاثاء 6 ديسمبر 2016

"شكّلت مواده أشد مشروعات القوانين عداءً لمنظمات المجتمع المدني واستقلالها". تقرير المسار الديمقراطي، في وصف قانون الجمعيات الأهلية.

أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، مساء أمس، تقريرها لرصد المسار الديمقراطي في مصر خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والذي تصدره الشبكة من خلال مبادرة "محامون من أجل الديمقراطية".

وسجل التقرير الدوري الشهري تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة المنع من السفر، واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، لا سيما وأن الشهر المنصرم، شهد ميلاد قانون جديد "معاد لمنظمات المجتمع المدني" و يُنذر بـ"تأميم العمل الأهلي"، وهو قانون الجمعيات الأهلية.

وحفل الشهر المنقضي، على المستوى الحقوقي، بعشرات الأحداث القانونية والسياسية، بين المحاكمات- سواء الطبيعية أو العسكرية- وبين الفعاليات الاحتجاجية، التي لم تخلّ من تعرض المشاركين فيها لـ"اعتداءات"، رصدتها الشبكة العربية في تقريرها عن نوفمبر.

"تأميم" المجتمع المدني

 

ربما كان الحدث الأهم على مدار الشهر الماضي، رغم ترتيبه المتأخر في تقرير الشبكة العربية، هو الموافقة البرلمانية على قانون الجمعيات الأهلية الجديد، في جلسته التي انعقدت يوم 29 نوفمبر 2016، ليتبقى أمام القانون فقط تصديق رئيس الجمهورية ليصبح ساريًا.

لم ينصرم الشهر قبل موافقة صدرت بالإجماع من نواب البرلمان على مشروع القانون، والتي اعتبرتها الشبكة العربية "تجاهلاً لما يلقاه القانون من (رفض كبير) بين منظمات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية العاملة في مجال التنمية، وبعض الأحزاب السياسية والقوي المجتمعية الأخرى في مصر".

 

رئيس مجلس النواب، الدكتور على عبد العال

ووصف تقرير المنظمة الحقوقية القانون بأنه "مخالف للدستور والمواثيق الدولية"، وحذّر من أن مواده "شكلت أشد مشروعات القوانين عداءً لمنظمات المجتمع المدني واستقلالها"، وأن المنظمات والأحزاب اعتبرته سيشكل "مذبحة" لمنظمات المجتمع المدني، لاحتوائه علي عبارات "فضفاضة ومطاطية" من قبيل "الأمن القومي، والنظام العام، والجهة المختصة".

استهداف الحقوقيين

عرض تقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وقائع تشير إلى "تصاعد ملحوظ" في استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، بطرق مثل "التضييق علي حق التنقل، وتجميد حساب عدد من المنظمات الحقوقية"، بعد التحفظ علي أموال عدد من النشطاء الحقوقيين.

كان من بين حالات المنع من السفر، ما طال في ثاني أيام نوفمبر المحامي الحقوقي مالك عدلي، خلال توجهه إلى فرنسا، وكذلك زميله المحامي أحمد راغب، الذي منعته سلطات المطار منتصف الشهر الماضي من السفر إلى المغرب، وأيضًا الناشطة الحقوقية عزة سليمان، خلال توجهها يوم 19 من الشهر الماضي إلى الأردن، وتكرر الأمر بعدها بأيام قليلة مع زميلتها الحقوقية عايدة سيف الدولة، أثناء سفرها إلى تونس.

إقرأ أيضًا: منع الحقوقيين من السفر.. حالات متكررة في قوس مفتوح

وكان اللافت في التقرير الحقوقي، هو أن قرارات المنع من السفر، كانت في أغلبها بدون إبداء أسباب، باستثناء معلومة وحيدة هي أنها صادرة بناء على ورود اسم الممنوع من السفر في قضية، لم يتم إبلاغه بتفاصيلها أو بقرار المنع، قبل توجهه إلى المطار، وهو ما أكدت الشبكة العربية أنه "أمر متكرر مع المدافعين عن حقوق الإنسان في الآونة الأخيرة".

وكان المثال البارز، فيما يتعلق بتجميد حسابات المنظمات الحقوقية، وفقًا للتقرير، ما جرى يوم 10 من الشهر نفسه، بحق مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، وذلك "لحين توفيق أوضاعهم بحسب القانون رقم 84 لسنة 2002، قانون الجمعيات الأهلية"، الذي وصفته الشبكة العربية بأنه "سيء السمعة"، إلا أن التجميد تم رفعه بعد 5 أيام من صدوره.

وشملت الوقائع، التي رأت فيها الشبكة العربية استهدافًا للحقوقيين، توقيف الشرطة، في يوم 12 نوفمبر، كلا من الناشط إسلام خليل- أحد الناجين من الإخفاء القسري- ومحمود محمد "معتقل التيشرت"، واحتجازهما في أحد أقسام الشرطة، قبل إطلاق سراحهما تباعًا، فضلاً عن أن اليوم التالي مباشرة شهد اقتحام قوة أمنية بمحافظة الإسكندرية لمنزل والدة وشقيق المحامي الحقوقي محمد رمضان، "واحتجازهما كرهائن" لإجباره علي تسليم نفسه لقوات الأمن، دون اتهامات واضحة.

للصحفيين والأطباء نصيب

لم يغفل التقرير الحقوقي ما وقع الشهر الماضي، بحق الصحفيين، الذين دخلت نقابتهم، مايو/ أيار الماضي، في مواجهة مع وزارة الداخلية، إثر واقعة اقتحام قوات شرطية لمقرها.

وكانت السابقة في تاريخ العمل الصحفي النقابي، هو صدور حكم عن يوم 19 نوفمبر، عن محكمة جنح قصر النيل، بمعاقبة كل من نقيب الصحفيين يحيي قلاش ووكيل مجلس النقابة خالد البلشي وسكرتير عام النقابة جمال عبد الرحيم، بالسجن سنتين، وكفالة قدرها 10 آلاف جنيه لإيقاف تنفيذ الحكم حتى الاستئناف، وذلك بعد إدانتهم بـ"إيواء مطلوبين أمنيًا"، في إشارة للصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا، اللذين كانا معتصمين في النقابة، وقُبِض عليهما من داخلها، بعد اقتحام قوات الأمن مقرها.

إقرأ أيضًا: مصر تقترب من رقم قياسي جديد.. في سجن الصحفيين

وكان للأطباء مع الإجراءات القانونية نصيب، فقبل انتهاء نوفمبر بيومين، استدعت نيابة استئناف القاهرة الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، لحضور جلسة تحقيق عاجلة يوم 3 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، على خلفية تصريحات صحفية أدلت بها حول معلومات وصلتها عن تعليمات لبعض الأطباء باستخدام "السرنجة" أكثر من مرة، إثر العجز في المستلزمات الطبية بالمستشفيات.

الاحتجاجات مستمرة

قبل أن يستعرض التقرير الحقوقي- كمًا وكيفًا- الاحتجاجات التي انطلقت على مدار الشهر الماضي، لفت التقرير الانتباه إلى قرار تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه"، والزيادة المستمرة في أسعار السلع الأساسية وارتفاع سعر الدولار، كأسباب أصيلة فيما شهده الشهر من "زيادة كبيرة" في عدد الفعاليات الاحتجاجية، التي قدرّها بحوالي 146 فعالية.

وذكر التقرير أن جماعة الإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية، استأثروا بـ"نصيب الأسد" من الاحتجاجات، بواقع 101 فعالية، اختلفت شعاراتهم فيها بين "عودة الشرعية، وبين أزمة السكر" على سبيل المثال، وفي المرتبة الثانية الاحتجاج الاجتماعية والعمالية، بواقع 37 فعالية، التي كان من أسبابها "استنكار تعامل السلطات مع السيول، أو المطالبة بصرف مستحقات متأخرة"، بينما اقتصر نصيب الطلاب من الاحتجاجات على 4 فعاليات فقط، كان أبرزها اعتصام طلاب الجامعة الأمريكية.

وكما تواصلت الاحتجاجات، لم تتوقف المحاكمات، التي قدرها التقرير الحقوقي بـ40 محاكمة على مدار الشهر الماضي، نصفها يتعلق بقضايا جماعة الإخوان المسلمين، و7 منها بحق منتمين لنظام مبارك، فيما نظر القضاء العسكري 7 محاكمات مختلفة للمدنيين.

وبالنسبة للأحكام القضائية، أشار التقرير إلى أن شهر نوفمبر شهد 12 حكمًا بالإدانة، و8 أحكام بالبراءة، وحكمًا واحدًا بالإعدام ضد 2 متهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ"العائدين من ليبيا".