جانب من وقفة الصحفيين ضد اقتحام النقابة مايو الماضي- تصوير: صفاء سرور

اجتماع بالنقابة.. دفاعًا عن الصحفيين

منشور الأربعاء 23 نوفمبر 2016

بدأ عشرات الصحفيين، عصر اليوم الأربعاء، اجتماعهم داخل مقر النقابة، والتي احتشد في بهوها منذ ساعتين تقريبًا العشرات منهم، لمناقشة الحكم القضائي الصادر ضد النقيب يحيى قلاش، وعضوي مجلسها خالد البلشي وجمال عبد الرحيم، بالسجن والغرامة. لينتهي الاجتماع بوقفة احتجاجية على سلالم النقابة. 

 

وقفة أمام النقابة عقب مؤتمر نقيب الصحفيين- تصوير عزة مغازي

وقضت محكمة جنح قصر النيل، السبت الماضي، بمعاقبة نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وجمال عبد الرحيم وخالد البلشي، عضوي المجلس، بالحبس سنتين مع الشغل، وكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهم؛ لاتهامهم بإيواء "مطلوبين أمنيًا" داخل مبنى النقابة.

وتعود أحداث القضية إلى مطلع مايو/ آيار الماضي، حين اقتحمت قوات الأمن نقابة الصحفيين، وألقت القبض على الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا، اللذين كانا معتصمين بمقرها، عقب قرار من النيابة العامة بضبطهما وإحضارهما، بتهمة التحريض على التظاهر في "جمعة الأرض هي العرض".

دفاعًا عن الكيان

قال نقيب الصحفيين، يحيى قلاش، إن حبسه لو كان ثمنًا للدفاع عن الكيان النقابي، فإنه سيدفعه عن طيب خاطر، مؤكدًا أن "الصحفيين" إحدى مؤسسات المجتمع المدني، وأن أي شخص يتصور ما يحدث الآن أنه معركة تكسير عظام بين الدولة والنقابة "اخطأ القراءة".

وعلّق "قلاش"، على الاجتماع الذي بدأ عصر اليوم بأعضاء النقابة، بناءً على دعوة "جبهة الحريات" في أعقاب صدور حكمًا بحبسه وعضوين بمجلس النقابة، بقوله إنه وإن جاء بمناسبة الأزمة، إلا أنه "لمناقشة قضايا الصحفيين الحقيقية".

 

وأكد النقيب، فيما يتعلق بالحكم القانوني ضده، أنه وزميليه في القضية، لم يرتكبوا جرمًا، معقبًا: "ونحن من ارتضينا بقوة القانون مقابل قانون القوة. وهذه النقابة طول عمرها تطالب باستقلال القضاء، وهي ظهر لنادي القضاة المواجه لها في معركة الاستقلال".

وقال "قلاش"، فيما يتعلق بسجنه: "قراري وزملائي لن نئن ولن نشعر أننا ضحينا، فقد دفع قبلنا الكثيرون من حرية أجسادهم كي تبقى حرية الصحافة، وللحفاظ على كيان نقابة الصحفيين، وقبلي من النقباء- ومنهم شيخ الصحفيين كامل الزهيري- كان يعد حقيبة في مكتبه استعدادًا للسجن، بسبب مواقفه في الدفاع عن المهنة وصحفييها".

وشهدت القاعة التي تجمع الصحفيين، ، عقب كلمة النقيب، ترديد هتافي "عاشت حرية الصحافة، عاشت وحدة الصحفيين"، و"عاشت حرية الصحافة، عاش نضال الصحفيين"، والذي تكرر بعد أن طلب الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، الحضور بالوقوف دقيقة، تضامنًا مع الصحفيين المحكومين بالحبس.

ضد "البغي والانحطاط"

وقال "حجازي" عن اجتماع الصحفيين إنه يعكس استعدادهم الدائم للدفاع عن وحدة نقابتهم وحرية مهنتهم، مضيفًا: "ونحن هنا اليوم لنحافظ على هذا التراث الصحفي الممتد لقرنين، وطوال هذا التاريخ الطويل لم يكف الصحفيون المصريون عن الدفاع عن حريتهم، ولم تكف سلطات البغي والفساد والانحطاط والقهر عن الانقضاض على حرية الصحافة".

وخاطب "حجازي" المجتمعين بقوله: "نحن هنا لا للدفاع عن يحيى قلاش وحده، ولكن عن الصحافة المصرية، التي تقوم بدورها في الدفاع عن الشعب، باعتبارها نافذة تعبير الشعب عن رأيه كل صباح ومساء"، مشددًا على أنه بالدفاع عن الصحافة، يعني دفاع عن التراث وعن المستقبل والحق في الديمقراطية، لأن "الحرية ليست لواحد، بل للجميع".

ديمقراطية نقابية

كان من بين الحضور الكاتبة الصحفية أمينة شفيق، التي أعلنت تضامنها مع النقابة، قائلة: "قد أختلف مع أعضائها أو مجلسها، لكن هذا الخلاف أثيره هنا في نقابتي لا في المؤسسات الصحفية، نحن هنا نمارس الديمقراطية النقابية".

ووصفت "شفيق" النقابة بأنها "جزء من مؤسسات الدولة وليس الحكومة"، وشددت على أن وحدة الدولة تعني الحفاظ على الجبهة الواسعة، وطالبت الحضور بالالتفاف حول النقابة كجزء من الالتفاف حول الدولة "ضد الإرهاب".

 

وناشدت الكاتبة الصحفية زملائها باحترام العمل المهني، تمامًا كالنقابي، وفي هذا الصدد طالبت نقابة الصحفيين التونسيين- باسم حضور الاجتماع- بالتراجع عن إصرارها على سحب اتحاد الصحفيين العرب من القاهرة.

وتطرقت "شفيق" إلى عدد من القضايا المهنية والعامة، وأبرزها أزمة تخفيض الأجور، التي وصفتها بـ"الإدارة غير الرشيدة"، ودعت المؤسسات الصحفية لعدم اللجوء لها، كما طالبت الدولة بشكر اللجنة التي وضعت قانون الإعلام الموحد، والتي كانت هي بين أعضائها، الذين اختارهم نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة.

السيسي هو المسؤول

وصف الصحفي عمرو بدر، حكم حبس أعضاء مجلس النقابة، بأنه "ورقة في ملف الاعتداء على الصحفيين والنقابة والصحافة"، والذي بدأ بواقعة اقتحامها "بحجة القبض على مطلوبين"، مُحملاً الرئيس عبد الفتاح السيسي مسؤولية إغلاق هذا الملف، لأنه هو من اختار وزير الداخلية الحالي.

وأشار "بدر" إلى طرح النقابة قانونين بشأن المهنة، واتهم الحكومة بـ"التلاعب بهذين القانونين"، وأنها لا تعتزم تحويلهما لمجلس النقابة، وهو ما دفعه إلى مطالبة الصحفيين الأعضاء بمجلس النواب إلى المبادرة بتقديم القانونين، دون انتظار الحكومة و"تلاعبها".

كما طالب "بدر" زملائه، فيما يتعلق بالقرارات الاقتصادية الحكومية الأخيرة، بضرورة خلق تحرك قوي من كافة النقابات المهنية، وتشكيل قوة ضغط لتعديل هذه القرارات، التي رأى أنها أدت إلى "انهيار مستويات معيشة المواطنين".

وقال الكاتب الصحفي رجائي الميرغني، إن الحياة العامة والسياسية في مصر، فرض عليها قدر يتمثل في "ضغط القيادة السياسية والأجهزة الأمنية على المؤسسات، لكي تدعمها وتصفق لها".

وأضاف: "قدّر لنا خلال الشهر السابق أن نحيا في ظل نظام معادي للحريات العامة والسياسية، وقدر هذه النقابة أن تقاوم الضغوط وأن تدافع عن شرفها وحرية أعضائها، وعقب بقوله "نستدعي كلمة نقيب النقباء كامل الزهيري، اللي بيجي ع الصحافة المصرية مبيكسبش".

ووجه "الميرغني" عتابًا للصحفيين، فيما يتعلق بواجباتهم النقابية، قائلاً "الممارسة القطاعي لاحتشاد الكيان النقابي هي ما تقوي أعداء الصحافة"، وأشار إلى ضرورة أن يكون للجمعية العمومية مبادراتها الخاصة، وأن تدفع باتجاه الحفاظ على حرية الصحفيين والكيان النقابي.

وقارنت النائبة البرلمانية عبير تقبية بين وضع الصحفيين الآن ووضعهم في فترة كان توصف بالسيئة، وهي عهد وزير الداخلية السابق حبيب العادلي: "أيام حبيب العادلي كنا ننتقده وندخل الوزارة يعظّمولنا".

وقال أبو المعاطي السندوبي - عضو نقابة الصحفيين - أن الهدف هو عدم احترام الصحافة والتركيز على الإعلام المرئي.

في حين قال النائب البرلماني محمد عبد العليم داود أن نقابة الصحفيين لم تفتعل القضية، وقال إن النقابة تهدف إلى حل إصلاحي لا حل ثوري من أجل أن يفهم النظام مطالبهم. وطالب الدولة بأن تكون سياسية في تعاملها مع الأزمة. 

تواجد أمني

وانتشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن- أغلبهم بملابس مدنية- على الرصيف المقابل لنقابة الصحفيين، من تقاطع شارع عبد الخالق ثروت مع رمسيس وإلى تقاطعه مع شامبليون، كما وضعت الحواجز الحديدية عند مداخل الشوارع المؤدية للنقابة.

 وتواجدت مدرعات الأمن المركزي في مكانها المعتاد، عند مدخل "عبد الخالق ثروت" من جهة رمسيس، بينما تمركزت سيارات الأمن المركزي عند تقاطعه مع شارع طلعت حرب.

وفيما لوحظ ضعف تردادت شبكة المحمول والإنترنت في محيط النقابة، وغياب حشود "المواطنين الشرفاء"، لم تلجأ القوات الأمن المتواجدة إلى تفتيش المتوافدين عليها، وإن ضيقّت المساحة المخصصة من الرصيف لمرور المواطنين.

ومن المقرر أن يشهد اجتماع اليوم، الذي دعت إليه "جبهة الحريات"، مناقشة مفتوحة لقضية النقيب وعضوي المجلس، دون جدول أعمال محدد.