جنديان في الجيش التركي

الوجود التركي في سوريا والعراق.. عمليات عسكرية محفوفة بالاتهامات

منشور الأربعاء 26 أكتوبر 2016

اتهمت تركيا، اليوم، القوات التابعة للحكومة السورية، بأنها قصفت ليل أمس، عناصر تنتمي للمعارضة السورية، التي "تُحارب تنظيم الدولة الإسلامية" بدعم تركي، في شمال ريف حلب، فيما يعد سابقة منذ بدء عملية "درع الفرات".

وأعلنت "أنقرة" أن طائرات مروحية سورية، ألقت براميل متفجرة على عناصر من"الجيش السوري الحُر"، في بلدة تل نايف، جنوب شرقي دابق؛ فقتلت اثنين وأصابت 5 آخرين.

وأكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحفي عٌقد اليوم، إن بلاده لن توقف عملياتها داخل سوريا، على الرغم من قصف أمس.

ودعم موقف "أوغلو"، الرئيس التركي، رجب طيب أرودجان، الذي أكد بعد ساعات من القصف، أن بلاده ستكون موجودة في كل تطور يحصل في سوريا والعراق.

وقال الرئيس التركي، في تصريحات مقتضبة نقلتها وكالة "الأناضول" للأنباء اليوم، "نحن عازمون على الوقوف بجانب إخوتنا في هاتين الدولتين، فيما يخص مكافحتهم للإرهاب، وسندعمهم بقوتنا العسكرية والدبلوماسية".

وتفتح كلمات "أردوجان"، بابًا للحديث عما يحيط بالوجود العسكري التركي من مشكلات، إذ شهدت العلاقات السياسية بين "أنقرة" وكل من العراق وسوريا توترًا، ظهر في الهجوم والاتهمات المتبادلة.

اتهامات تركية- سورية متبادلة

اتهم وزير خارجية تركيا، القوات الموالية للرئيس السوري، بأنها "تواصل قصف مقاتلي الجيش الحر، وليس تنظيم الدولة الإسلامية"، فيما ردّ قائد العمليات الميدانية للقوات الموالية لـ"الأسد" بتوعد بالتعامل "بحزم وقوة" مع أي تقدم للمعارضة السورية الموالية لتركيا، صوب شمال حلب وشرقها.

 

جانب من الحدود السورية- التركية

وقال القائد، في تصريحات لوكالة "رويترز"، دون ذكر اسمه، "إن أي تقدم سيمثل تجاوزا للخطوط الحمراء، ولن نسمح لأي كان بالتذرع بقتال تنظيم الدولة، للتمادي ومحاولة الاقتراب من دفاعات قوات الحلفاء".

وتأتي تصريحات القائد المجهول، بعد أيام من إعلان الجيش النظامي السوري، عزمه التعامل مع أي قوة تركية في أراضيه باعتبارها "قوة احتلال".

وأطلقت تركيا، فجر 24 أغسطس/ آب الماضي، عملية عسكرية تحت مسمى "درع الفرات"، استهدفت بلدة جرابليس الحدودية السورية، وقالت إن الهدف منها "تطهير الحدود من العناصر الإرهابية"، وذلك بدعم من قوات التحالف الدولي.

ويلقى النظام السوري دعمًا من إيران وروسيا، وجماعة حزب الله اللبنانية، بينما تقف تركيا في صف الفريق المعارض، إذ أعلن "أردوجان" صراحة، في 2014، أن إسقاط "الأسد" هو أحد أولويات بلاده.

في المقابل، أمطرت "دمشق" تركيا بوابل من الاتهامات، على مدار الأعوام الماضية، وتزايدت حدتها بانطلاق عملية "درع الفرات"، إذ أعلنت وزارة الخارجية السورية، في رسالتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، أن العملية العسكرية "تمثل جريمة عدوان، وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان".

وفي عام 2015، نددت سوريا بتنفيذ تركيا عملية عسكرية في أراضيها، لإجلاء حراس ضريح سليمان شاه، جد أول حاكم للدولة العثمانية، ونُقل رفاته، وقبلها بأعوام ثلاث، اتهمت وزارة النقل السورية أنقرة بـ"القرصنة الجوية"، بسبب إجبار طائرة قادمة من موسكو إلى دمشق على الهبوط في تركيا.

"بعشيقة".. معضلة بغداد

في 11 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، شن الرئيس التركي هجومًا، على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، استخدم فيه عبارات حادة، كان منها قوله "لست من مستواي، ولست بنفس منزلتي. صراخك وصياحك في العراق لا أهمية له لدينا. عليك أن تعرف أننا سنمضي في طريقنا. اعرف حدودك، الجيش التركي لن يأخذ الأوامر من العراق، وسنفعل ما نشاء".

 

إردوجان

كان السبب في هجوم "أردوجان" قاعدة بعشيقة العسكرية التركية، شمال مدينة الموصل، والتي تسبب إرسال "أنقرة" قوات عسكرية إليها، أواخر عام 2015، لتدريب مقاتلين ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، تفجر التوتر بين البلدين.

وطالب العراق بانسحاب القوات التركية، إذ يعتبر هذا الوجود العسكري "انتهاكا" لسيادته، وسلًمت وزارة الخارجية العراقية، السفير التركي لدى بغداد، مذكرة احتجاج، وهو ما ردت عليه نظيرتها التركية، بالقول إن هذا الوجود بطلب من محافظ نينوى، وبتنسيق مع وزارة الدفاع العراقية.

وتشهد مدينة الموصل العراقية، منذ 17 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، عملية عسكرية، لتحريرها من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية، وأعلنت تركيا أن قواتها تشارك في هذه العملية، عن طريق تقديم الدعم لقوات البيشمركة الكردية.

ويلقى الوجود العسكري التركي رفضًا، حتى من جهات عراقية غير رسمية، ومنها الحشد الشعبي، الذي اعترضت تركيا على مشاركته في تحرير الموصول، واعتبرتها "لن تحقق السلام"، ليكون رد الحشد أنه سيتعامل مع القوات التركية "كقوات احتلال".

وتُصر تركيا على رفض وصم قواتها بهذه الصفة، إذ أكد المتحدث باسم حكومته، نعمان كورتلموش، أن قوات بلاده في بعشيقة "ليست قوة احتلال"، وذلك ردًا على مطالبة مجلس النواب العراقي حكومته، بتقديم إنذار للسفير التركي في بغداد.

وبالتصريحات التي صدرت عن الرئيس ووزير الخارجية التركيين، اليوم، تجدد أنقرة تأكيد فرض وجودها العسكري في سوريا والعراق، بل ومشاركتها في أي تطورات يشهدها البلدان، غاضة الطرف عما تلقاه من اتهامات.