يوميات صحفية برلمانية| أكشن في "حقوق الإنسان".. وخلافات الجيش والشرطة في "الأمن القومي"

منشور الاثنين 17 أكتوبر 2016

كما هو متوقع كانت اشتعلت الخلافات داخل لجنة حقوق الإنسان أثناء إجراء انتخابات هيئة مكتبها، التي شهدت إقبالا وحشدًا كبيرًا من جانب علاء عابد، الذي انتقل إليها ليترشح لرئاستها. عابد الذي كان يعمل ضابطًا بإدارة المباحث العامة قبل ترك الداخلية والانضمام للحزب الوطني ثم دخول مجلس الشعب عام ٢٠١٠؛ أصبح الآن رئيسًا للجنة حقوق الإنسان، بينما صار وكيل اللجنة الأول هو ضابط الشرطة السابق محمد الغول.

قبل الانتخابات

كواليس الخلافات بدأت منذ عدة أسابيع، مع ترتيب حزب المصريين الأحرار وائتلاف دعم مصر للدفع بعابد والسيطرة على اللجنة، التي كان يرأسها محمد السادات في دور الانعقاد السابق. بالأمس تقدم 13 نائبًا من نواب اللجنة القدامى بمذكرة لعلي عبد العال، يعترضون فيها على تضاعف أعداد النواب الذين انضموا للجنة ليصل عدد أعضائها إلى 64 نائبًا، بعدما كان عدد أعضائها 40 فقط. واعتبروا أن هذا الحشد يُضِر باللجنة وأسلوب عملها. لكن علي عبد العال ووكيلي المجلس لم يردوا على المذكرة.

اليوم؛ ومع بدء توافد النواب على المجلس، أعد أكمل قرطام مذكرة يوضح فيها تجاوز هيئة المكتب للأعراف البرلمانية، وتجاهلها لقواعد الانضمام للجان مثل خبرة النواب في مجال عمل اللجنة. واعتبر أن وجود 13% من أعضاء المجلس في اللجنة يعيق عملها، ويؤثر على اللجان الأخرى ذات الأعداد القليلة. (بعضها لا يتجاوز عدد أعضائها 9 نواب). وهدد قرطام في تصريحات صحفية بالامتناع عن التصويت، احتجاجًا على أسلوب إدارة المجلس للانضمام للجنة والتنافس على مقاعد هيئة مكتبها.

قرطام رجل الأعمال المعروف ورئيس حزب المحافظين، اختتم مذكرته بالحديث عن الفقراء والجوع والديمقراطية وقال: "نحن نعيش اليوم في ظل نماذج اقتصادية مهيمنة خلقت حالة عدم المساواة والفقر والحرمان والجوع والبطالة والاضطراب الاجتماعي، وهي جميعها حتميات في مجال حقوق الانسان. فلا تضعوا الحقوق في نفس الكفة مع التربيطات الانتخابية؛ وإلا فإنكم تغوصون بنا في مستنقع المفاهيم التي ولّى عليها الزمان".


"أكشن" 

أوكل رئيس المجلس علي عبد العال مهمة إدارة انتخابات اللجنة لوكيل المجلس السيد الشريف، بدلا من اختيار أكبر اعضاء اللجنة سنًا وفقا للائحة.

 رئيس المجلس يعي جيدًا حجم الخلافات الشديدة التي تشهدها اللجنة، وأسند المهمة لوكيل المجلس بدلا من النواب المنقسمين. لم يعط رئيس المجلس مبررًا مقنعًا لقراره مكتفيًا بالإشارة لكبر عدد أعضاء اللجنة، باعتباره ذريعة لعدم الالتزام باللائحة. 

الانتخابات التي جرت في مقر اللجنة العامة بدأت بخلافات ومشادات شديدة بين النواب وبعضهم البعض. على طرف كان نواب اللجنة القدامي والطرف الآخر النواب حديثي الانضمام، بالإضافة للنائب أسامة شرشر الذي انتقل من لجنة الإعلام لحقوق الإنسان. واختار شرشر صف النواب القدامى الذين يقودهم أكمل قرطام المرشح لرئاسة اللجنة، ومحمد السادات رئيسها السابق، والداعم لقرطام. قرطام وشرشر تحدثا في بداية الاجتماع عن الحشد، متهمين النواب بأنهم أتوا من أجل التصويت لنائب بعينه- يقصدون علاء عابد- في الوقت الذي التزم فيه عابد الصمت تماما، بينما شارك في المشاجرات نواب يؤيدوه.      وقال شرشر: "هذه اللجنة ذات أهمية قصوى في الداخل والخارج. ألا يكون هناك عاقل أو حكيم؟ وأنت تعلم أهمية المواءمة السياسية بدل هذا الحشد؟". وعلق النائب علي عبد الونيس قائلاً: "هل النائب المنضم للجنة أخذ فلوس؟". وتطور الوضع لمشادات حادة بين نواب اللجنة وبعضهم البعض استمرت نحو ثلاث دقائق، وسط صمت عابد والسادات وقرطام. 

وبعد عودة الهدوء للقاعة، أعلن السيد الشريف تقدم علاء عابد، وأكمل قرطام، وأسامة شرشر، وسمير غطاس ومحمد صلاح عبد البديع، وشديد أحمد شديد، ومصطفى كمال حسين، وحسام الرفاعي، بالترشح لمنصب الرئيس. ثم أعلن غطاس تراجعه عن الترشح، منسحبًا لصالح قرطام. فيما استقال شرشر من اللجنة معلنًا عودته مرة أخرى للجنة الإعلام. وانسحب صلاح عبد البديع رفضًا لممارسات الحشد "التي تشبه ما جرى في الماضي"، في إشارة لما كان يجري في الانتخابات الداخلية للمجلس في عهد الحزب الوطني. كما أعلن الرفاعي انسحابه من الترشح لرئاسة اللجنة، واستنكر ما جرى واعتبره "سابقة برلمانية". وبهذا يكون الجميع تنازل لصالح قرطام، الذي فجّر مفاجأة بانسحابه من اللجنة، بل أعلن تقدمه باستقالته من المجلس نهائيًا واستعد للمغادرة.

لكن عابد طالبه بالجلوس والاستماع له، وبدأ رئيس الكتلة البرلمانية للمصريين الأحرار حديثه المصبوغ بخطاب ديني، مستخدما الآيات القرآنية والأحاديث التي تدعو للحكم على الناس بمجمل أعمالهم، داعيا أعضاء اللجنة لإعطاءه فرصة للعمل، مؤكدا أنه يمتلك أجندة وتصور لإدارة اللجنة. وقال عابد إنه كان يرغب ألا تُحسم انتخابات رئاسة اللجنة بالتزكية، فيما غادر قرطام مقر اللجنة وجلس في بهو مجلس الشورى في إحدى قاعات الانتظار، والتف حوله النواب: السادات وغطاس وإيهاب الخولي وآخرين، محاولين إثنائه عن قرار الاستقالة من المجلس.     

أكمل قرطام

وأعتقد أن قرار قرطام بالاستقالة من المجلس لن يدخل حيز التنفيذ، وسيستمر رجل الأعمال ورئيس حزب المحافظين في مكانه تحت القبة، رغم الضغينة التي يحملها تجاه حزب المصريين الأحرار وائتلاف دعم مصر.


خلافات الأمن القومي

لجنة الدفاع والأمن القومي التي يرأسها كمال عامر رئيس المخابرات الحربية الأسبق، هي اللجنة الوحيدة التي تغلق أبوابها أمام الصحفيين، واستمر هذا الوضع اليوم أثناء الانتخابات، فالسرية هي شعار اللجنة لدرجة أننا لا نعرف من المترشحين على الرئاسة والوكالة وأمانة السر. مرت فترة طويلة ظل فيها باب اللجنة مغلقًا، وقالت مصادر مُقربة من اللجنة: إن خلافات بين النواب عطلت الانتهاء من الانتخابات. اللجان الأخرى انتهت من انتخاباتها بينما ظل باب لجنة الأمن القومي موصدًا، وبقي الحديث عن الخلافات مستمرًا وتتعدد مصادره. وبعد نحو ساعة ونصف الساعة؛ صعد رئيس المجلس وحراسته بصحبة الأمين العام لمقر اللجنة، ودخل الاجتماع المغلق واستمر معهم نحو نصف ساعة.

المصادر تقول إن الخلافات سببها خلاف بين لواءات الشرطة ولواءات الجيش أعضاء اللجنة، إذ يرغب ضباط الشرطة السابقين في السيطرة، وهو ما رفضه النواب العسكريين، مما استدعى تدخل عبد العال. وانتهى الأمر ببقاء هيئة المكتب كما هي، وبقى عامر رئيسًا.