آثار الغارات على العاصمة اليمنية صنعاء

مُحَدَّث| "عاصفة الحزم" تضع تحالف السعودية على القائمة السوداء

منشور الأحد 9 أكتوبر 2016

أدرجت الأمم المتحدة التحالف العسكري الذي تقوده السعودية لمحاربة الحوثيين في اليمن في مسودة سرّية لقائمة سوداء،  ضمن تقريرها السنوي الخاص بالأطفال والصراعات المسلحة. وجاء اسم التحالف الذي قام بعمليات في اليمن تحت مسمى "عاصفة الحزم" إلى جانب اسم جماعة الحوثيين التي شن التحالف هجومًا عليها، وذلك وفقًا لما ذكرته وكالة "رويترز" في تقرير لها نُشر اليوم.

وتضمنت مسودة القائمة التي تصدرها الأمم المتحدة سنويًا، كذلك تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب بسبب انتهاكات بحق الأطفال في 2016، ليتكرر اسمه في القائمة نفسها بعد عام من اتهامه بالضلوع في الإضرار بالأطفال في تقرير الأطفال والصراعات المسلحة الصادر بخصوص انتهاكات 2015. 

وقبل أشهر، اعترف التحالف الذي تقوده السعودية باستخدام القنابل العنقودية، خلال الصراع الذي اندلع في مارس/ آذار 2015، وخلّف آلاف القتلى والجرحى.

واُدرِجَ التحالف السعودي في قسم من القائمة بعنوان "أطراف مدرجة اتخذت إجراءات خلال فترة التقرير لتحسين حماية الأطفال"، وذكرت قائمة شارحة أصدرتها المنظمة إلحاقا بالقائمة السوداء أن أفعال التحالف أدت بشكل موضوعي إلى إدراجه بالقائمة بسبب قتل وتشويه أطفال، متهمة إياه بالمسؤولية عن 683 حالة إصابة لأطفال. "ونتيجة لمسؤوليته عن 38 حادثة جرى التحقق منها عن هجمات على مدارس ومستشفيات خلال 2016".

وكانت أبرز أحداث القتل التي تعرض لها اليمنيون، ما وقع في 8 أكتوبر/ تشرين أول 2016، حين قُتِلَ وأصيب مئات المدنيين، في العاصمة اليمنية صنعاء، التي تسيطر عليها قوات الحوثيين، إثر استهداف قاعة عزاء بغارة جوية، شنتها قوات التحالف في إطار عملياتها العسكرية "عاصفة الحزم".

وعلى الرغم من تضارب حصيلة ضحايا القصف، الذي وقع خلال مجلس عزاء والد وزير الداخلية الموالي للحوثيين جلال الرويشان بـ"الصالة الكبرى"، أعلن المنسق الإنساني للأمم المتحدة في اليمن، جايمي ماكجولدريك، نقلاً عن مصادر طبية يمنية، مقتل أكثر من 140 شخصًا وإصابة 525 على الأقل.

اقرأ أيضًا: الأسلحة المحرمة.. ظلال الموت تفترش أرض العرب

قنابل "محظورة"

وأعلن التحالف العسكري العربي، الذي تقوده السعودية، أنه سيوقف استخدام الذخائر العنقودية- بريطانية الصنع- في اليمن، والتي قال إن استخدامها "اقتصر على ضرب أهداف عسكرية شرعية".

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، اليوم، عن المتحدث باسم التحالف، العميد أحمد العسيري، قوله "من الواضح أنه كان استخدامًا محدودًا من قِبَل التحالف لقنابل عنقودية من طراز BL-755 بريطانية الصنع في اليمن".

وقال "العسيري"، لوكالة الأنباء السعودية الرسمية، في أول اعتراف من التحالف باستخدام هذا السلاح، إن هذه الذخائر "استخدمت ضد أهداف عسكرية شرعية، للدفاع عن مدن وقرى سعودية تعرضت لهجمات مستمرة من ميليشيات الحوثيين، والتي أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين."

وقال مايكل فالون، وزير الدفاع البريطاني، إن السعودية أكدت إسقاطها ذخائر بريطانية الصنع، اشترتها في الثمانينيات من القرن العشرين، لكنها استخدمتها أثناء عملياتها العسكرية الحالية في اليمن.

وحظر القانون البريطاني بيع القنابل العنقودية منذ عام 2010، لما تشكله من خطر على المدنيين، لكونها قنابل صغيرة تمتد تفجيراتها على مساحات كبيرة.

وأضاف "فالون"، في بيان موجه لأعضاء البرلمان البريطاني، أن بلاده لم تورد قنابل عنقودية للسعودية منذ عام 1989.

الفعل المُدان

وفي أكتوبر/ تشرين أول الماضي، لاقى حادث "قاعة العزاء" إدانة دولية واسعة، منها ما صدر عن الأمم المتحدة، التي دعا ممثلها في اليمن "ماكجولدريك" إلى إجراء تحقيق فوري، وطالب المجتمع الدولي بممارسة الضغط والتأثير على جميع الأطراف لضمان حماية المدنيين، ووقف العنف ضدهم، وحمايتهم والبنى التحتية، وفقًا للقانون الدولي الإنساني.

وأصدرت قيادة التحالف، بيانًا، بعد القصف، لم تعلن فيه مسؤوليتها عن الحادث صراحة، وإن أعلنت إجراء تحقيق فوري في "الحادثة المؤسفة والمؤلمة"، التي قالت إنها "جراء الأعمال القتالية الدائرة منذ استيلاء الانقلابيين على السلطة هناك في سبتمبر/ أيلول 2014" .

وأكد التحالف في بيانه أن لدى قواته "تعليمات واضحة وصريحة بعدم استهداف المواقع المدنية"، وأنه سيزود فريق التحقيق بما لدى قواته من بيانات ومعلومات تتعلق بالعمليات العسكرية المنفذة في ذلك اليوم وفي منطقة الحادث والمناطق المحيطة بها.

وشن الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، هجومًا على السعودية-التي تشهد العلاقات بين سلطاتها والحزب توترًا في الآونة الأخيرة- ووصف القصف بأنه "طبيعي ومتوقع"، كما وصف تاريخ المملكة العربية السعودية بأنه"حافل بالمجازر".

اقرأ أيضًا: اليمن "المريض".. عاصفة الحرب السعودية تهُبّ بالكوليرا على صنعاء

تحذير أمريكي

أعلن بيان التحالف الذي تقوده السعودية، أن فريق التحقيق الذي سيُشكلَه سيسعى لـ"الاستفادة من خبرات الجانب الأمريكي"، وهو الطرف الدولي الوحيد الذي ذكره البيان.

في المقابل، كان لهذا الطرف "الأمريكي" رد فعل شديد اللهجة، إذ أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها تُراجع دعمها للمملكة العربية السعودية.

ونقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية، عن المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني الأمريكي، نيد برايس، قوله إن الدعم الذي تقدمه بلاده للسعودية والتحالف الذي تقوده "ليس شيكا على بياض"، مبديًا الانزعاج من التقارير الواردة إليهم بشأن هذه الغارة، التي وصفها باعتبارها "استمرارًا لسلسلة الهجمات التي يتعرض لها المدنيون في اليمن."

وأعلن المسؤول الأمريكي أنه في ضوء هذه الحادثة وحوادث أخرى مؤخرًا، بادرت "واشنطن" بمراجعة فورية لحجم الدعم "الكبير" الذي تقدمه للتحالف، مؤكدًا استعداد بلاده لتعديل هذا الدعم للتماشي مع "المبادئ والقيم والمصالح الأمريكية."

قصف مستشفيات ومدارس

قبل هذه الغارة بشهرين، أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" إجلاء موظفيها من 6 مستشفيات في شمالي اليمن، بعد أن استهدفت غارات للتحالف منشأة تابعة لها في ذلك الجزء من البلاد، مما أسفر عن مقتل 19 شخصًا.

وكانت "أطباء بلا حدود"- وفقًا لما ورد في موقعها الرسمي- تعمل، قبل القصف، في 11 مستشفى ومركزًا صحيًا في اليمن، وتدعم 18 مستشفى ومركزًا صحيًا في 8 محافظات، بطاقة عمالة تقدر بأكثر من ألفين موظف، بينهم 90 موظفًا دوليًا.

ونشرت المنظمة الدولية، في سبتمبر/ أيلول الماضي، تقريرين موثّقين عن الهجومين اللذين تعرض لهما مستشفى عبس في محافظة حجة في 15 أغسطس/آب 2016، وعيادة منظمة أطباء بلا حدود في مدينة تعز في 2 ديسمبر/كانون الأول 2015.

قبل الهجوم على المنشآت الطبية، قُتِل 10 أطفال وأصيب 28 آخرين- جميعهم دون الـ15 عامًا- إثر غارة لقوات التحالف، في 14 أغسطس/ آب 2016، على مدرسة في منطقة حيدان شمالي البلاد، وفقًا لمنظمتي "أطباء بلا حدود" و"يونسيف"، وهو ما أنكره المتحدث باسم التحالف، قائلاً إن الغارة استهدفت مركز تدريب للحوثيين.

بعيدًا عن المدارس والمستشفيات، تتداول وسائل الإعلام من وقت لآخر أنباء سقوط قتلى في غارات جوية للتحالف، كان بينها تلك الغارة التي أسقطت في حي مرفأ الحُدَيده الواقع تحت السيطرة الحوثية، يوم 22 سبتمبر/ أيلول الماضي، 20 مدنيًا على الأقل، ما أثار غضب مواطنين، ودفعهم لتدشين هاشتاج بمسمى "مجزرة سوق الهنود الحُدَيده".

تداعيات الصراع

يتعرض اليمن منذ اندلاع الحرب، لخسائر بشرية، ومادية في البنية التحتية، إضافة إلى امتداد الصراع للمؤسسات الاقتصادية والمالية الرسمية، في ظل تراجع أسعار النفط.

وأعلن محافظ البنك المركزي اليمني، في 19 سبتمبر/ أيلول 2016، أن احتياطي النقد الأجنبي صار على وشك النفاد، ولم يتبقَ منه سوى 700 مليون دولار فقط. واتهم الحوثيين بإجراء سحب نقدي "غير قانوني" من البنك، بلغت قيمته الإجمالية مليار 800 مليون دولار خلال عام ونصف حتى الشهر الماضي.

وزادت الأوضاع الإنسانية في اليمن سوءً وتعقيدًا منذ أعلنت المملكة العربية السعودية، في مارس/ آذار 2015، تشكيل تحالف عربي بقيادتها، يضم دول مجلس التعاون الخليجي، والأردن وباكستان والسودان والمغرب، لشن عملية "عاصفة الحزم"، دعمًا لـ"هادي"، المُعترف بشرعيته دوليًا.

اقرأ أيضًا: الصراع اليمني.. الوجوه السياسية تتبدل والأزمة الاقتصادية قائمة

يشهد على تأزم الوضع الإنساني في اليمن، تزامن قصف قاعة العزاء مع خسارة أخرى على المستوى الصحي، بإعلان منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، رصد حالات إصابة بمرض الكوليرا في مدينتي صنعاء وتعز، أغلبها بين أطفال، في ظل تدهور النظام الصحي في البلاد وندرة المياه الصالحة للاستخدام.

وأدى النزاع في اليمن إلى سقوط أكثر من 6400 قتيلاً بخلاف ملايين النازحين، منذ بدء عمليات قوات التحالف، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، التي عملت على رعاية محادثات السلام التي انعقدت في الكويت، بين النظام والحوثيين، على مدار 3 أشهر، منذ مايو/أيار، وإلى أن تم تعليقها في أغسطس/ آب الماضي، بعد الفشل في إحراز أي خطوة ملموسة لإنهاء الصراع.