جوليو ريجيني

يوميات صحفية برلمانية| لعنة ريجيني تلاحق النواب وفساد القمح يتصدر اهتمامهم

منشور الخميس 14 يوليو 2016

حفل الأسبوع الأول للنواب بعد عودتهم من إجازة العيد بالعديد من التحركات الدولية وبعد الاهتمامات المحلية، حيث يشارك عدد من النواب ومعهم علي عبدالعال رئيس المجلس في ثلاثة وفود تغادر إلى إيطاليا وفرنسا وروسيا، ويرأس عبدالعال الوفد المغادر إلى الأخيرة، بينما يحاول المجلس احتواء أزمة مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بعدة إجراءات بينها تلك الزيارة لإيطاليا. 

كما قامت لجنة تقصي الحقائق المشكلة للتحقيق في "وقائع فساد توريد القمح" بعدة تحركات مكثفة ومفاجئة. 

الزيارات الخارجية:

 

نبدأ من زيارة إيطاليا، التي اكتفى المجلس فيها بتمثيل "خفيف". حيث أوفد رئيس المجلس علي عبد العال، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، محمد العرابي لحضور اجتماع مكتب الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط.

زيارة العرابي لروما تخللها بالطبع مناقشات عن مقتل ريجيني، والعلاقات التي تتأزم بين مصر وإيطاليا خاصة بعد قرار البرلمان الإيطالي بوقف توريد قطع غيار طائرات F16 لمصر.

العرابي انتهى إلى أن موقف روما من القاهرة لم ولن يتغير، هذه محصلة زيارته التي استمرت حوالي ثلاثة أيام في إيطاليا غادر بعدها إلى روسيا مباشرة. والتقى خلالها رئيسي مجلس الشيوخ والنواب الإيطالي.

موقف العرابي في روما لم يكن سهلاً؛ إذ أنه لا يملك أية معلومات جديدة بشأن مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي تعتقد الدوائر السياسية والشعبية الإيطالية أن الحكومة المصرية تتعمد التشويش على الحقائق المرتبطة بمقتله. وهو ما يضع النواب أو الدبلوماسيين المصريين في مأزق خلال محاولاتهم تعديل المسار والعودة بالعلاقات لما قبل مقتل ريجيني، مع استمرار السلطات الأمنية والقضائية المصرية في التمسك بأدائها الذي يثير غضب الدوائر السياسية والقضائية الإيطالية.

العرابي توجه لروما "بلا ذخيرة" على حد وصف برلماني رفض ذكر اسمه، فوزارة الداخلية والجهات الأمنية الأخرى لم تمنح النواب أية معلومات يمكن أن يناوروا بها.

 بعد انتهاء اجتماعات روما انضم العرابي مساء الثلاثاء إلى وفد نيابي آخر يرأسه عبد العال توجه نحو موسكو، ويشارك فيه أسامة هيكل رئيس لجنة الثقافة والإعلام، وسحر طلعت رئيس لجنة السياحة، وطلعت السويدي رئيس لجنة الطاقة.

زيارة موسكو بحسب الأجندة المعلنة تستهدف عودة الطيران والسياحة إلى مصر، وتقوية العلاقات الاقتصادية. وتخللها زيارة صباح اليوم لأحد المفاعلات النووية الروسية.

وأعلن عبد العال في تصريحات رسمية من موسكو: أن النائب العام المصري سيزور روسيا قريبا، وقال محمد العرابي: إن وزير الطيران المدني أيضا سيزور موسكو.

زيارة النواب لفرنسا أيضًا لافتة وتستحق التوقف؛ فقد ترأس سليمان وهدان وكيل مجلس النواب وفد برلماني في تلك الزيارة، وضم الوفد علاء عابد رئيس الكتلة البرلمانية للمصريين الأحرار، والنائب ابراهيم عبد الوهاب والنائبه فائقه فهيم، في زيارة المعلن عنها هو أنها تهدف لتوطيد العلاقات البرلمانية مع فرنسا، ولقاء برلمانيين فرنسيين.

وخلال الزيارة التي بدأت يوم السبت الماضي، شارك النواب المصريون في مؤتمر المعارضة الإيرانية، وألقى وهدان - ريس الوفد- كلمة مؤيدة لحق الشعب الإيراني في الديمقراطية، وقال إن مصر تساند الشعوب المطالبة بالحرية.

وشهد هذا المؤتمر عينه حشودًا موالية للأسرة الحاكمة السعودية برئاسة الأمير تركي الفيصل، هتفت ضد النظام الإيراني وطالبت بإسقاطه.


لجنة مشتركة بعد تداعيات مقتل ريجيني:

 

القرار الإيطالي بوقف تصدير قطع غيار طائرات F16 لمصر، حرك المياه الراكدة في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني على مستوى البرلمان، بعدما كان آخر حديث عنه في تقرير زيارة وفد من النواب للبرلمان الأوروبي برئاسة أحمد سعيد في شهر إبريل/نيسان الماضي.

تلا القرار بيانات عاجلة وطلبات إحاطة موجهة لوزير الخارجية بشأن القرار وطريقة التعامل معه، بخلاف اجتماع مشترك بين هيئات مكاتب لجان حقوق الإنسان والدفاع والأمن القومي والشؤون الخارجية.

فاجتمع رؤساء اللجان الثلاثة بمشاركة الوكلاء وأمناء السر في اجتماع مغلق قبل يومين، لبحث طريقة تحركهم في هذه الأزمة. وبعد وجود مقترحات بتشكيل لجنة تقصي حقائق، وأخرى بإرسال وفود إلى إيطاليا، اتفقوا على استمرار اللجنة المشتركة التي ستعمل على بحث مقتل ريجيني، وإلى اين وصل التحقيق، وطريقة التعاطي مع العلاقات المصرية الإيطالية التي تشهد تراجع منذ قتل طالب الدكتوراه الإيطالي.

تتناول اللجنة المشتركة كل ملف العلاقات المصرية الايطالية بدءً من مقتل ريجيني وتداعياته. وستجتمع اللجنة الإثنين المقبل مع ممثلين عن وزارة الداخلية والمخابرات العامة ووزارة الخارجية.


فساد توريد القمح

 

(صومعة + مطحن + مخبز) منظومة فساد متكاملة الأركان مسئولة عن إهدار أطنان من القمح، تكشفت أبعادها مع تشكيل لجنة تقصي الحقائق البرلمانية بشأن فساد توريد القمح.

ملخص الحكاية أن الصوامع تسجل تخزين أطنان مضاعفة للأرقام الحقيقية، فيظهر على الورق أرقام زائفة. والأمر نفسه يحدث في المطاحن التي تتلقى القمح من الصوامع التي تسجل في الدفاتر أرقام مضاعفة.

تستفيد أركان الفساد في هذه من المنظومة من أمرين: أولهما؛ خلط القمح المحلي بالأقماح المستوردة، وبيعه بفارق سعر والتربح منه. وثانيهما؛ الاستفادة من توفير المواطنين نقاط الخبز في منظومة التموين ووجود قيمة وهمية باستهلاك أطنان غير حقيقة من القمح.

البداية  كانت بمجموعه من البيانات العاجلة وطلبات الإحاطة التي قدمها النواب لرئيس المجلس بشأن وجود حالات فساد في صوامع وشون توريد القمح، والتي أحالها رئيس المجلس علي عبد العال للجنة الشؤون الاقتصادية التي يرأسها النائب علي مصيلحي.

وبالفعل استدعت اللجنة الاقتصادية وزير التموين خالد حنفي وطرحت أمامه التساؤلات والاتهامات، وطالب النواب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق. وهو المطلب الذي طرحه علي عبد العال للتصويت في الجلسة العامة التي شهدت "سلق" الموازنة.

وفي اليوم نفسه شكلت هيئة مكتب المجلس لجنة تقصي الحقائق، برئاسة النائب مجدي مكسيموس، و28 عضوا آخر من بينهم النواب مدحت الشريف ومصطفى بكرى وجلال عواره وياسر عمر وآخرين.

المشكلة وفقا لما يرويه النائب ياسر عمر، عضو اللجنة، تتلخص في منظومة توريد القمح للصوامع واكتشاف وجود توريدات وهمية. وفسر ذلك بأن أصحاب الصوامع يسجلون أرقاما مضاعفه لكميات القمح الموردة إليهم ليفسحوا المجال لخلطها بقمح عالمي وبيعها بالسعر المحلي -الأعلى-. مشيرًا إلى وجود فارق ٨٠٠ جنيه في طن القمح المحلي.

فتشت اللجنة عدد من الصوامع في زيارات مفاجئة، عقب انتهاء إجازة عيد الفطر. لا أحد يعرف وجهة اللجنة سوى يوم الزيارة صباحًا، واللجنة لم تعلن طريقة اختيار الصوامع التي تفتشها. ويصاحب اللجنة في زياراتها التفتيشية ممثل عن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وممثلون عن مباحث التموين ووزارتا التموين والزراعة، وإحدى شركات قياس القمح العالمية.

وقدرت اللجنة حجم الفساد الذي كشفته في العشرة أيام الأولى من عملها ب ١٢٧ مليون جنيه، بخلاف ما رصدته الأجهزة الرقابية الأخرى، والمحاضر التي حررها مفتشو التموين خلال الأيام الماضية، لتبلغ حصيلة الفساد -وفقًا لما حصروه في عشرة أيام فقط- ٥٠٠ مليون جنيه. ويستمر عمل اللجنة حتى نهاية يوليو الجاري.

بالنسبة لمسئولية وزير التموين؛ يبدو أنه ليس محل اتهام مباشر، وسترفع له اللجنة مجموعة من التوصيات سيكون على الوزارة مراعاتها في تعاقداتها مع شركات الصوامع الخاصة. يقول النائب ياسر عمر  في تصريح خاص: "جئنا لنبني ونصلح الأحوال ونحارب الفساد ولا نتصيد أخطاء. وعلى الوزير محاسبة مرؤوسيه".

على هامش عمل اللجنة؛ توجد بعض النقاط التي يمكن التوقف عندها، وتشير لشبهات فساد واضحة. منها أن الصومعة التي توجهت اللجنة لتفتيشها في ٦ أكتوبر ملك شقيق النائب طارق حسانين، الذي توجه للمكان عقب علمه بوجود اللجنة وعاتب أعضاءها لعدم إخباره قبل تحركهم. حسانين نفسه هو رئيس شعبة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات.

النائب طارق حسانين الذي تهرب من حضور من المؤتمر الذي عقدته شعبة المطاحن قبل ثلاثة أيام، بحجة الالتزام بقرار رئيس المجلس بعدم الحديث عن الأزمة؛ ظهر في لقاءات تليفزيونية أحدها على قناة النهار اليوم مع الإعلامي مصطفى شردي، متحدثًا عن مشاكل القمح ومدافعًا عن الصوامع والمطاحن، متهما "آخرين" لم يسمهم  بالتآمر على منظومة الخبز التي تحسنت في السنوات الأخيرة. وشكك حسانين في طريقة قياس الأطنان التي تعتمد عليها لجنة تقصي الحقائق.

 فساد توريد القمح وما يسمى بالتوريد الوهمي، لا يزال مطروحا بقوة في الجهات الرقابية ومجلس النواب، وستكشف الأيام المقبلة عن مزيد من التفاصيل في هذه المنظومة المتشابكة.