مجلس النواب - خاص المنصة- تصوير صفاء عصام

يوميات صحفية برلمانية| كواليس سيطرة "دعم مصر" على اللجان.. وتغير موقفهم من "السادات"

منشور الأحد 24 أبريل 2016

لم تشكل نتائج انتخابات اللجان النوعية التي أعلنت أمس بمجلس النواب أية مفاجأة، فقد عكست تلك النتائج تركيبة المجلس الحالي ومراكز القوى فيه، فحصل رموز وقيادات الحزب الوطني المنحل العائدون في عباءة أحزاب وائتلافات المجلس الجديدة، على نسبة معتبرة من المقاعد. وبذا سيطر ائتلاف دعم مصر على أغلب المقاعد بالاستعانة بهؤلاء الرموز العائدة من مرحلة ما قبل 25 يناير، بالإضافة للوافدين الجدد على الساحة البرلمانية.

انتخاب اللجان يعني بدء العمل البرلماني، بعد أربعة أشهر طال فيها انشغال البرلمان في إجراءات تمرير القوانين، ومناقشة اللائحة الداخلية، دون ممارسة أدواره الدستورية في التشريع والرقابة، والمشاركة في وضع السياسات. لذا فلن نتوقف في هذا التحليل عند النتائج؛ ولكن سنتناول بعض الكواليس التي أدت لهذه النتائج، ودلالاتها. 

 فاز محمد أنور السادات برئاسة لجنة حقوق الإنسان المكونة من 38 عضو، بعد حصوله على 27 صوت، بينما حصل أيمن أبو العلا نائب المصريين الأحرار، الذي دخل في صفقة مع ائتلاف دعم مصر، على 9 أصوات فقط، رغم أن 60% من أعضاء اللجنة أعضاء بالائتلاف. فهل باع الائتلاف أيمن أبو العلا؟ أم أن أعضاءه في اللجنة انتخبوا السادات بإرادتهم الحرة؟ خاصة أن ائتلاف دعم مصر ظل يحارب تولي السادات لتلك اللجنة تحديدًا منذ بدأ الحديث عن قرب انتخابات اللجان النوعية.

ما عرفته المنصة من خلال مصدر خاص داخل ائتلاف دعم مصر، أن اتفاقًا جرى في اللحظات الأخيرة بين السادات والائتلاف، حوّل فيه الائتلاف اتجاهات تصويت أعضائه باتجاه السادات، متخليًا عن اتفاقه السابق مع أيمن أبو العلا، مما شكل خسارة لحزب المصريين الأحرار الذي ينتمي إليه الأخير.

هناك عدة معلومات وخلفيات قد تساعدك على تكوين وجهة نظر تجاه ذلك التغير، الذي قد ينعكس على تعامل مجلس النواب مع العديد من الملفات الحقوقية والقانونية، التي تقع في نطاق اختصاص تلك اللجنة. مع الأخذ في الاعتبار؛ أن السادات في النهاية ليس بعيدًا عن حسابات الأجهزة الأمنية التي تدير المشهد.

1- قيادات الائتلاف لا تحب السادات لأسباب سياسية. السادات ليس نائبًا ثوريًا؛ لكنه السياسي ابن الدولة، الذي يملك رؤية مغايرة لما يقدمه الائتلاف. ومنذ اليوم الأول، أكد السادات تحفظه على الائتلاف وقرارات قياداته وهيمنته على البرلمان.

2- السادات بالنسبة لعدد كبير من قيادات الائتلاف "متورط" في تلقي التمويل الأجنبي، من خلال جمعية السادات للتنمية التي يرأس مجلس إدارتها. ويعتبروه متحالفًا مع رموز المجتمع المدني "المشبوهين"، والمطلوبين في قضية التمويل. خاصة أن له تصريحات تدعو لانتهاج الطريق السياسي لا الأمني في التعامل مع  ملف المجتمع المدني، من خلال تعديل التشريعات المنظمة لعمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية. وهو ما جعل الائتلاف يحاول سابقُا عرقلة السادات عن الفوز برئاسة هذه اللجنة بالتحديد.

3- هل لجنة حقوق الانسان ستكون مطلقة اليد في التعامل مع هذا الملف؟ الاجابة لا. إذ يتداخل مع عملها لجان أخرى مثل الأمن القومي التي فاز برئاستها اللواء كمال عامر المدير الأسبق للمخابرات الحربية بالتزكية. واللجنة التشريعية التي يرأسها بهاء أبو شقة، وهو أحد القانونيين الذين اهتم مبارك بتعيينهم في مجلس الشورى سابقًا ونائب رئيس حزب الوفد، ولجنة الشؤون الخارجية التي فاز بها محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق.

 حزب المصريين الأحرار حقق مكسب نوعي بتحالفه مع دعم مصر، حيث حصد لجنة الشؤون الإفريقية التي انتخب على رأسها اللواء حاتم باشات، وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق. بينما فاز اللواء محمد سعيد طعيمة مدير الإدارة العامة للمرور سابقًا بوزارة الداخلية، برئاسة لجنة النقل والمواصلات. كما فاز النائب هشام الشعيني عضو المصريين الاحرار حاليًا، والعضو في الحزب الوطني المنحل سابقًا برئاسة لجنة الزراعة والري.  لكن في المقابل، أساء الحزب التقدير بنقل نائبه أيمن أبو العلا من المنافسة على رئاسة لجنة الصحة، إلى لجنة حقوق الإنسان التي خسر في محاولته للحصول على رئاستها.

 سيطرة الائتلاف ساهم فيها عدم وجود كوادر فعلية ومتخصصة لدى الأحزاب الأخرى، أو عدم اكتراثهم بنتيجة الانتخابات، فمن الوقائع اللافتة أن اللواء كمال عامر نفسه تغيّب يوم الانتخابات، رغم تقدمه للترشح على رئاسة لجنة الأمن القومي. ورغم غيابه إلا أنه فاز برئاسة اللجنة دون منافسة.

 ومن المتوقع أن يتسبب تعدد اللجان واستحداث تخصصات أضيق لخلافات بين اللجان، ومحاولة الانفراد بمناقشة ملفات بعينها، مثل لجنة الصناعة ولجنة المشروعات الصغيرة، لجنة الشؤون الخارجية، ولجنة الشؤون الإفريقية.

 غاب معيار التخصص في عضوية ثم رئاسة عدد كبير من اللجان، وأدى ذلك لانتخاب مي البطران الصيدلانية لرئاسة لجنة الاتصالات، بينما حصلت ماريان عازر المتخصصة في هذا المجال على صوت واحد فقط- غالبًا صوتها-. وفي لجنة البيئة، خسرت النائبة شيرين فراج مرشحة دعم مصر المتخصصة في المجال، أمام  طلعت السويدي مرشح الوفد المتخصص في الحسابات وإدارة الأعمال.

 وصلت نائبتان فقط لرئاسة اللجان، هما سحر طلعت مصطفى للجنة السياحة، ومي البطران للجنة الاتصالات. بينما وصلت سبع نائبات لمنصب وكيل اللجنة، وهن هالة أبو السعد وكيل لجنة المشروعات الصغيرة، و مارجريت عازر وكيل لجنة حقوق الإنسان، و داليا يوسف وكيل لجنة العلاقات الخارجية، وسحر الهواري وكيل لجنة الشباب والرياضة، وإيناس عبد الحليم عن لجنة الصحة، أما لجنة التضامن فحصل على منصب الوكيلين هبة هجرس ورشا رمضان.