المنصة
تصميم: يوسف أيمن

لا وقت إلا لكورونا: حكايات مختلسة من وقت محاربي الفيروس

منشور الأحد 29 مارس 2020

تمر بين العنابر والغرف بالثبات نفسه الذي اعتادت مرؤوساتها الممرضات رؤيتها عليه قبل زمن كورونا، لم يتغير حال ميس ماجدة، رئيسة التمريض بمستشفى حميات أسوان، أو هكذا يعتقد "البنات" بعد أن قررت "الريّسة" أن تُخفي ما ينتابها من قلق ومخاوف على نفسها وعلى "بناتها" وعلى أهل بيتها أيضًا.

ميس ماجدة عبد الدايم، واحدة من بين أعضاء فريق طبي ضخم على مستوى الجمهورية يتصدى الآن لانتشار الفيروس بإمكانيات محدودة سواء في مقرات عملهم بالمستشفيات أو في البيوت، حيث أسر تحاول السيطرة على خوفها من أي سيناريوهات سيئة قد تلحق بأبنائهم لكن "ما باليد حيلة"، فهذا عملهم وهذه ضريبته التي ظهرت على مستويات عدّة كان منها القلق الذي دفع رئيسة الممرضات لتعقيم بيتها، ومواجهة زوجها الذي طالبها بالغياب عن العمل، وهو المطلب المتكرر من أسر زملائها وفقًا لما استمعت إليه المنصّة من حكايات اختسلتها من وقت مقدمي الخدمة الصحية المنخرطين الآن في معركة كورونا.

قبل ميس ماجدة كانت هناك محاولات للتواصل مع طبيب يحاول اختلاس دقائق للنوم، وطبيبة أول ما تنطق به هو طلب الدعم لهم في المسشفى بمزيد من الفرق الطبية. تتحدث الدكتورة تغريد عبد التواب، من مستشفى حميات العباسية، في عجالة وأطالبها بالتمهل ومزيد من التفاصيل، فيأتيني صوتها ودودًا ضاحكًا "معلش والله، أنا بحاول أردّ عليكي بسرعة، ﻷني دلوقتي في استراحة، يا دوب 5 دقايق وهنزل أكمّل شغل".

أشعر بالخجل. ضيف ثقيل يقتحم على المتعَبين ما تيسّر لهم من دقائق للراحة. إذن، قُضي اﻷمر، لا مزيد من المكالمات المتطفلة ولو كان هدفها نقل حكايات عن بطولاتهم، فالفرق الطبية الآن وسط معركتها، ولا وقت إلاّ للواجب. سأتوقف عن المحاولات الصحفية.

لكن بعد ثوانٍ من مراجعة نفسي، يهمس صوت داخلي في أذني "نعم سأتوقف على اﻷقل لليوم فقط، وربما أعيد المحاولات غدًا. سأحاول اختلاس القليل من وقتهم، فقط لمعرفة ما يشعرون به الآن، فهم ليسوا أطباء وحسب، هم أيضًا بشر".

ولأنهم بشر، فالروتين اليومي مستمر ولو بمزيد من الضغوط، مثل التي تختبرها الآن ميس ماجدة، التي قبل أن تبدأ يومها كرئيسة تمريض تتأكد أولًا من إتمام ما وصفته بـ "الواجب العائلي" على أكمل وجه "بصحى بدري بحيث أجهز الأكل للولاد وأنجز شغل البيت، علشان لو تأخرت في الرجوع للبيت يلاقوا الدنيا مترتبة والأكل موجود. لكن أحيانًا ومع الضغط همّ بيتصرفوا".

يوم الطبيب ورفاقه

تواصلي مع الأطباء المتعبين كان بعد أيام قليلة من 18 مارس/ أذار، يوم الطبيب المصري، يومهم الذي ربما لم يحتفلوا به أو لم ينتبهوا لحلوله من الأساس، فالتركيز الآن منصبّ على الحدث الجلل: كورونا.

في ذلك العام البعيد،1827، كان محمد علي باشا قد استجاب لمقترح الدكتور الفرنسي كلوت بك، فتأسست مدرسة الطب وتم افتتاحها في 18 مارس/ أذار بمنطقة أبو زعبل؛ ليصبح هذا التاريخ يومًا يحتفون فيه بعلم صار سلاحهم اليوم أمام الوباء.

والوباء، عدو سيئ صعب يتحدّاهم في ظل ضعف إمكانيات بشرية ومادية جعلت لحظات شعورهم بالحزن تتكرر كلما عجزوا عن تقديم الدعم بصورة تكفي مئات الزائرين في اليوم الواحد، لاسيما الذين يأتون إليهم مرفوضين من مستشفيات أخرى بسبب تشابه أعراض أمراضهم مع بعض أعراض كورونا؛ فصاروا في حاجة لشهادة تبرئة.

ولهذا، صار من بين زوار الطبيبة تغريد في حميات العباسية عشرات لم يكن عليهم قبل أسابيع قليلة زيارة هذا المكان "في اﻷيام اللي فاتت جت لنا حالة لسيدة عندها 72 سنة، بتصاب بنوبات إلتهاب رئوي، والمعتاد إنها تدخل مستشفى عادي، لكن المرّة دي مستشفيات رفضت تستقبلها وطلبوا منها شهادة من الحميات تثبت إنها مش مصابة بكورونا".

كادت حياة السيدة أن تصبح على المحك، بعد أن أصيبت بغيبوبة تطلبت دعمها بجهاز تنفس صناعي داخل العناية المركزة التي لم يكن بها أماكن خالية عند تغريد؛ فتولد لديها شعور مرير "لحظتها حسيت بالعجز، إني متكتفة".

واصلت تغريد عملها، رغم شعور العجز، تمامًا مثلما يفعل زميلها في مستشفى نقادة المركزي بمحافظة قنا، الدكتور محمود عبد المولى، منذ وجد نفسه في مواجهة "جائحة يحاربها فدائيون باﻹمكانيات المتاحة" حسبما يصف عمله، وذلك أمام ضغط عددي أصابه بصدمة "أنا في مستشفى تذكرة عياداتها الخارجية جنيه واحد وصرف العلاج مجانًا. بعد كورونا بستقبل يوميًا ما لايقل عن 150 لـ 170 حالة. مش عارف نعمل إيه".

هذه ليست يوميات الدكتور محمود وحده، ففي المستشفى نفسه يتعامل فني المعمل روماني رزق، مع حشود أغلب أفرادها عائدين من الغردقة، حيث أقلقهتم مخالطة الأجانب "الغردقة قفّلت، وعدد كبير من اللي كانوا بيشتغلوا في السياحة رجعوا وبييجوا المستشفى يتطمنوا، فحاليًا لو شخص مصاب بالبرد هيبقى مشكوك فيه وعاوز يعمل تحليل. لكن بتعامل عادي وبآخد احتياطاتي، ﻷن قلبي ميت شوية بسبب إني اتعودت أتعامل مع الدم"، هكذا يطمئن روماني نفسه.

تغيّر يوم عمل روماني، ومثله أيضًا لكن في أسوان تغيّر يوم عمل الممرضة سناء محروس*، لكن بصورة مخيفة، وقد صارت ضمن الفريق المتواجد منذ الجمعة الماضية ولمدة أسبوعين في مستشفى الصداقة المخصصة الآن للحجر الصحي.

تتابع سناء مرضاها بينما تحدثني عن شعورها "حصل لنا هلع لما عرفنا بموضوع كورونا، لكن اتطمنا شوية بعد ما فريق طبي جه من القاهرة مخصوص لتأهيلنا".

الهلع، خاصة العائلي، كاد يُعيق فريق سناء عن أداء عمله "فيه زميلات أهاليهم كانوا بيضغطوا عليهم علشان يرفضوا العمل في الحجر، وبعضهم كان رافض إن بناتهم يخرجوا من البيت أساسًا، لكن لما شرحنا لهم اﻷمر بعد التدريب ووصلت لهم الصورة؛ تفهموا وحسوا بالمسؤولية وإنهم ممكن يكونوا مصابين".

التفهم هو موقف والد سناء، لكن مع الزوج كان الأمر مختلفًا "جوزي كان خايف ورافض أروح الحجر، لكن قدرت أقنعه، وهو حاليًا بيطمن عليا بمكالمات على مدار اليوم، وأنا مطمناه إني واخدة احتياطاتي كويس، ﻷن الحالات اللي هنا في أزمة ودا واجبنا".

هجوم كورونا المخيف له وجه آخر بحسب الدكتور محمد إبراهيم، إخصائي ونائب مدير مستشفى حميات أسوان "اهتمامنا بإجراءات مكافحة العدوى بقى أكبر، خاصة في ظل التعامل معانا بشفافية وإبلاغنا بكل المستجدات وتوفير كل الاحتياجات والإجراءات الوقائية والاحترازية".

يتخذ دكتور محمد، ومثله ميس سناء تدابير احترازية، سواء في الحجر أو حتى حين ستغادره عائدة إلى العائلة "لما أرجع البيت هبعد عن عيلتي شوية، مش هقرب منهم إلاّ بعد فترة أكون اتطمنت على نفسي".

إجراءت الحجر الاختياري التي قررت ميس سناء أن تتخذها بعد الأسبوعين، بدأت زميلتها ميس ماجدة عبد الدايم، رئيس فريق التمريض بمستشفى حميات أسوان، في اتخاذها منذ الآن، رغم كونها ليست ضمن الفرق المختارة للعمل في الحجر، إذ يقتصر تعاملها مع حالات الاشتباه.

الإجرات بالنسبة لميس ماجدة، مبعثها الخوف الذي تشعر به حيال أكثر من طرف "كرئيسة تمريض أنا خايفة على الممرضات اللي دلوقتي الحجر بيبعدهم عن أسرهم ﻷسبوعين وبيخليهم يخالطوا مرضى، ده شيء مقلق ليهم كسيدات مسؤول منهم بيوت وأسر؛ وده اضطرنا نحدد شروط للي هينضموا لفرق الحجر، بحيث نتجنب الحوامل والأمهات خاصة لو كان ولادهم أطفال أو حديثي الولادة".

استبعاد فئات بعينها، لا يعني أن "الريّسة" لا تقلق على المختارات "كل الناس خايفة، سواء ممرضات وأطباء ولا ﻷ، لكن ده قدرنا، واحنا عارفين إن دي مهنتنا وماينفعش في وقت زي ده نركن على جنب، ده هيبقى خيانة للقسم. وإصابة أي حد من فريقي هتألمني وتحسسني بالذنب. دول في النهاية بناتي".

تحتفظ ميس ماجدة بخوفها لنفسها، لكن مع "بناتها الممرضات" تبدو متماسكة قوية "بحاول أرفع من روح البنات المعنوية وأوفر لهم الإمكانيات اللي تطمنهم زي الماسكات والجوانتيات والمطهرات، وعموما إحنا في الحميات بنتعامل مع اللي أخطر من كورونا.بنتعامل مع الإيدز"، هكذا تعتقد.

الأمر مختلف قليلًا بالنسبة للبيت الذي عقّمت اﻷم كافة أركانه، وقررت أن يحافظ أهله على مسافات بينهم، وهو القرار الذي ساعدها فيه أولادها "الكبار" المتفهمين أن ماما ماجدة تعمل في ظروف طارئة، أما الزوج فالقلق ينتابه "دايمًا بيوصيني ويقول لي خلي بالك من نفسك إنتي عندك ولاد، وأنا واخدة احتياطاتي سواء في الشغل أو البيت".

ورغم الاحتياطات فإن الخوف ليس بعيدًا عن بال الممرضة اﻷم "في النهاية أكدب عليكي لو قولت إني مش قلقانة".

فخر وذنب

القلق والخوف هما المسيطران الآن على الجميع، بمن فيهم الدكتور محمد إبراهيم نائب مدير مستشفى حميات أسوان، فرغم تفائله إلاّ أن طبيعة عمله كمسؤول وحدة الوبائيات والترصد وطبيعة دوره الإنساني كأب توقعه في مصيدتهما "حتى الآن الأمور تحت السيطرة، لكن مانعرفش بكره فيه إيه. واحتمال يكون المصاب أنا أو اخويا أو ابنى، احنا بنتعامل وفقا للمستجدات، يوم بيوم".

يقاسم الخوف في نفس الطبيب محمد شعور آخر، هو الفخر بعمله في ظل هذه الظروف "كون إن الناس في البيت وأنا في المستشفى؛ ده بيخليني سعيد جدًا وحاسس بالفخر بدوري كطبيب، خاصة وإني من ضمن فريق الطوارئ، يعني ممكن يتم استدعائي في أي وقت، ولازم دايما أكون مستعد".

على الرغم من شعور الفخر، ينتاب محمد ضيق مما يشهده على السوشيال ميديا من حملات سخرية من مجهوداته وزملائه "ده شيء بيحبطني وبيحسسني أحيانًا إن مفيش أي جدوى لشغلي، لكن لما بلاقي ناس تانية مقدرين جهدنا وشايفين إننا بنحارب شيء كبير ومجهول، بتطمن".

الضيق نفسه يصيب زميلته تغريد في القاهرة لكن من بعض زملائها "بشوف دكاترة قاعدين على فيسبوك بيكتبوا بوستات يتريقوا، وإحنا هنا هنموت من ضغط الشغل، ﻷننا 15 أو 16 نائب قصاد حالات كتير بتيجي لينا حتى لو مش كورونا ولا حُميات، بس قلقانين من سخونة ممكن يكون سببها لوز أو برد، وده مأثر عليا حتى عائليًا، أنا سايبة بنتي مع أهلي".

تعول تغريد والديها وابنتها، لكن هذا لم يشفع لها أمام نفسها كأم "حاسة بتقصير مع بنتي، مش موفياها حقها، وده مضايقني. أنا سايباها مع ماما، ولما برجع من الشغل ببقى تعبانة ومابعرفش أتعامل معاها، بقيت حاسة إنها أختي مش بنتي، بس والله غصب عني، علشان المسؤولية اللي علينا، وفي الآخر مرتبي 2700 جنيه، ولازم أكفي مصاريفها".

يبقى داخل تغريد جزء يحاول التخفيف عنها لكن الصراع يبقى قائمًا "بتكوني جاية على نفسك برّه البيت، لكن حاسة بالحزن، ﻷني بقارن وضعي ده بوضع أمي اللي كانت ربّة منزل وقادرة تراعينا، لكن أنا مقصّرة في حق بنتي".

تشعر تغريد بالذنب، أما زميلها محمود، فيشعر بالخوف على الصغار "أولادي التلاتة هما أغلى حاجة عندي، بنزل كل يوم قلقان وكل شوية بطمن عليهم، وبقيت بآخد احتياطات أكتر، ﻷني في اﻷول والآخر إنسان وبخاف من المرض، خصوصًا إني دكتور وماقدرش أقول للمريض ﻷ، فاللي بيحصل ده ضريبة وكلنا بندفعها".

.. وقلق المحيطين

الضريبة لا يتحملها محمود وتغريد ومحمد ورفاقهم في العمل الطبي من ممرضات وفنيين معامل، فهناك آخرين يتحملونها معهم وهم العائلات التي صار ما يشغل بالها مؤخرًا أمرين، اتخاذ تدابير حيال اﻷبناء العاملين في القطاع الطبي، ومحاولات التغلب على خوفهم عليهم، في ظل تواتر أنباء عن إصابة زملاء لهم.

ففي مقابل إجراءات محمود، كان للأسرة إجراءاتها الاحترازية تجاهه "طبعًا خايفين، دايمًا وأنا نازل بيحذروني وبيطلبوا مني أخد بالي من نفسي وأخلي غرفة الكشف متهوية. وبيتصلوا بي على مدار اليوم، خصوصًا في البداية ﻷن التوعية ماكنتش مكتملة، وماحدش كان عنده تصور لحجم الخطر".

اﻷمر مع أسرة زميله الطبيب محمد إبراهيم يختلف قليلًا، فالزوجة الصيدلانية متفهمة، لكن الخوف في نفس اﻷولاد، وبصورة جعلت تفاصيل عمله تنتقل معه للمنزل، إذ يجد نفسه منغمسًا الشرح للصغار وطمأنتهم "الولاد خايفين ﻷنهم بيقروا أخبار بتحسسهم بالرعب، وبقوا بيسألوني بشكل شبه يومي عن الإصابات والوفيات. وبيسألوني هل ممكن إحنا كمان نتصاب بكورونا ونموت؟".

أسرة دكتور محمد طالبته بترك عمله، وهو ما طلبته أسرة زميلته تغريد منها، وبضغوط شديدة "ماما كانت بتعيط قبل ما أنزل الشغل يوم الخميس اللي فات، وكانت عايزاني آخد أجازة، وده بالمناسبة كان ينفع ﻷني العائل الوحيد لبنتي وأمي وأبويا، والاتنين فوق الستين، لكن مينفعش، ده واجبنا".

الواجب حمّل تغريد ضريبة، تتقاسمها معها الآن ابنتها ذات الثمانية أعوام، والتي صارت بعد كورونا بمثابة أمها وليست صغيرتها "بنتي بقت بتعتني بيّ، بحس بيها بتغطيني وأنا نايمة. وبقت بتسألني إيه اللي خلاكي تطلعي دكتورة؟ كرهت المهنة بسببي بعد كورونا اللي خلانا نبقى في غرفة واحدة لكن كل واحدة فينا قاعدة في ركن، ولما بتقرب مني بقولها تمشي وتبعد عني".

البعد هو ما يجرّبه أيضًا روماني رزق مع صغيره، بعدما استجد عليه في المعمل من تعاملات مثيرة للقلق "عندي طفل صغير عمره 6 شهور، بخاف أحضنه منعًا للأذى لو كان عندي عدوى. والعيلة بيتصلوا بي في الشغل يطمنوا، وبينصحوني أسيبه، لكن حتى لو أنا عايز ده، فمش هينفع، لازم نتعامل. صحيح أنا خايف، لكن مش على نفسي، على اللي حواليا".

الخوف والقلق والفخر والذنب ليست فقط هي المشاعر الوحيدة التي تنتاب محاربي كورونا وأسرهم، فهناك الضيق أيضًا، وهو الشعور الذي حكت ميس ماجدة أنه ينتاب زوجها بسبب تعدد الإتصالات الهاتفية التي تستقبلها وهي في المنزل بعد انتهاء يوم عملها "كان بيتضايق زمان وبيتكلم في إن ده خلاص وقت راحتي وماينفعش أرد، لكن حاليًا هو متفهم شوية، وحتى لو متضايق بيعذرني، وأنا عن نفسي بقيت أعمل الموبايل صامت".

حماس الديوان

تتحرك الفرق الطبية على الأرض لمواجهة الوباء. وبالتوازي، ومن داخل ديوان وزارة الصحة بالقاهرة كان للمسؤولين تحركاتهم، بصور مختلفة كان منها ما يصدر عن وحدة مقدمي الخدمة الطبية بمكتب وزيرة الصحة، والتي تدخل الآن أول اختباراتها الجادة منذ إنشائها في أكتوبر/ تشرين الثاني 2019، بهدف تحسين بيئة العمل في القطاع الصحي.

بعد كورونا، ووفقًا لما يكشفه للمنصّة عادل محمود*، أحد موظفي هذه الوحدة "بدأت الوزارة في التواصل مع مستشفيات العزل، والتي كان أولها النجيلة في مطروح، ومن بعدها العجمي في الإسكندرية وأبو خليفة في الإسماعيلية وإسنا في الأقصر" للتعرف على المستجدات.

عادل يشارك في عمل آخر يجعله مطّلعًا على كل المستجدات أولاً بأول "بأشتغل في غرفة العمليات الخاصة بمتابعة تطورات كورونا، فبنشتغل متواصل طول الأسبوع لمدة 24 ساعة، وأولوياتنا حاليًا هي مستشفيات العزل، ومن بعدها الحميات والصدر، سواء دعم مادي من مستلزمات طبية أو على مستوى القوى البشرية حسب احتياج كل مستشفى".

الدعم الذي تقدّمه الوزارة بحسب عادل يصل الفرق الطبية بصور مختلفة مادية ومعنوية "بنتواصل يوميًا مع اﻷطباء في مستشفيات العزل، بحيث نوفر لهم الدعم المادي من مستلزمات وقاية مثل الماسكات والجاونات والقفازات، بالإضافة لتدبير شؤونهم اليومية، فعلى سبيل المثال فيه مستشفى فريقه طلب تحسين جودة الطعام، وغيرنا لهم أكتر من شيف. وكمان بنقدم لهم دعم نفسي".

هذا الدعم النفسي أتى، وفقًا للموظف بالوزارة "بعد اجتماع بين مسؤولين في الوزارة واستشاريين من أمانة الصحة النفسية، لفهم كيفية التعامل مع الفرق الطبية المتعاملة في أزمة كورونا، وكيفية طمأنتهم ودعمهم، لأن الخوف والقلق أمر طبيعي، ولمسناه منهم في البداية ﻷنهم مش عارفين مدى استعدادنا. لكن بعد ما قدمناه من دعم الوضع اتحسن".

الدعم الوزاري امتد أيضًا إلى السوشيال ميديا، كما يكشف عادل في ختام حديثه "أطلقنا هاشتاج جيش مصر اﻷبيض، وبننشر فيه قصص عن الفرق الطبية وبطولاتها، فبدأت توصل لنا مكالمات من مستشفيات العزل مختلفة تمامًا عن البدايات، ويوم بعد يوم حتى اللي كان مش متحمس أو خايف اتغير موقفه لما عرف إنه مش في الضل، وإن فيه ناس بيتابعوه وبيدعموه ومقدرينه".


* اسم مستعار بناءً على طلب المصدر