أبو عمر الشيشاني

أبو عمر الشيشاني.. وزير الحرب الذي لا يموت

منشور الأربعاء 16 مارس 2016

 

وعلى الرئيس الشيشاني، الذي يأمل مثل العديد من الأطراف الدولية في اعتقال أو قتل الشيشاني، أن يتشكك هذه الأيام أيضًا. أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) صباح أمس، الثلاثاء، عن مقتل الشيشاني، بعد أن ذكرت قبل ذلك بأيام استهدافه في غارة جوية، وتعرضه لإصابات شديدة. ولكن مع نهاية اليوم ذكرت وكالة أعماق، التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، أن الشيشاني لم يمت، بل لم يُصب حتى. هذا الذي يطرح التساؤل: هل التأكيد من الجانب الأمريكي والنفي من جانب التنظيم مجرد حرب معنوية من الطرفين، إذ يدرك كلاهما أهمية وجود الشيشاني في المعارك. 

أبو عمر الشيشاني هو الاسم الحركي لطارخان باتيرشفيلي، الجورجي الأصل، عُرف الشيشاني بأنه صاحب دور بارز بداخل تنظيم الدولة الإسلامية، من جهة تنفيذ وتخطيط عمليات عسكرية أحرزت له أراض واسعة، وعنى ذلك بالتالي دعمًا لاقتصاد التنظيم. دور الشيشاني جعل أعداؤه يطلقون عليه لقب "وزير الحرب" بالتنظيم، ودفع الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول عام 2014 لوضع اسمه على قوائم المطلوبين بارتكاب تهم إرهاب دولي، ورصدت لمن يدلي بمعلومات تساعد بالقبض عليه مكافأة وصلت 5 مليون دولار.

 

الولايات المتحدة ترصد 5 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض علي الشيشاني

 

من المرجح أن كفاء الشيشاني القتالية ترجع إلى خبرته العسكرية في بلاده التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفييتي وقت ميلاده عام 1968. والشيشاني الذي ولد لأب مسيحي وأم مسلمة قضى خدمته الإلزامية  بين عامي 1985 و1987 في الجيش الجورجي، ثم وقع عقدًا عام 1993 لينضم الى الجيش الجورجي في كتيبة "الرماة"، وشارك في حربي الشيشان نهاية القرن الماضي، ثم تطوع في القوات المسلحة الجورجية سنة 2006 وترقى سريعًا في الجيش، حتي وصل إلي منصب رقيب، وشارك في حرب جورجيا ضد روسيا في عام 2008، كان تقدم الشيشاني في الجيش الجورجي بيّنًا قبل أن يصاب بالسل ويسرّحه الجيش من خدمته. ووفقًا للمصادر الجورجية، فالشيشاني قُبِض عليه أثناء محاولته تهريب أسلحة وسُجن لستة عشر شهرًا.

طرد الشيشاني من الجيش ثم سَجنه بعد ذلك يضفي منطقًا على قصة رحيله من أجل "الجهاد" في سوريا، ووفقًا لحديث أبيه لبي بي سي فهذين الحدثين غيّرا من حياة ابنه جذريًا، يقول الأب: "يقول إنه غادر إلى هناك من أجل عقيدته، ولكني أعرف أنه فعل ذلك لأننا فقراء". 

بيتر كوك، المتحدث باسم البنتاجون، عن الشيشاني

رحلة الشيشاني وانتصاراته العسكرية جعلته قدوة يحتذي بها المقاتلون الأجانب، لذلك يعتقد بيتر كوك، المتحدث باسم البنتاجون، بأن مقتله سيضر بقدرة الدولة الإسلامية على تجنيد المقاتلين، خاصة القادمين من الشيشان ومنطقة القوقاز، فوالده أكد أن العديد من أبناء قريته لحقوا به، بعد أن ذاع صيته في وسائل الإعلام. 

في المقابل يسارع تنظيم الدولة بنفي مقتل الشيشاني، لأنه يدرك تماما ما صرح به كوك، بأن مقتله سيقوض قدرة التظيم على تنسيق الهجمات والدفاع عن معاقله.

يأتي الإعلان - المشكوك فيه - عن مقتل الشيشاني في الوقت الذي أعلنت فيه روسيا سحب قواتها من سوريا، ويأتي أيضًا بالتزامن مع جولة جديدة من مباحثات السلام بين المعارضة والنظام السوري في جنيف، وكذلك بعد الاتفاق على وقف الأعمال العدائية بين الأطراف المتحاربة في سوريا (باستثناء تنظيم الدولة الإسلامية)، لذلك فوفاة الشيشاني - إذا تأكدت - إلى جانب كل العوامل السابقة، قد تعني دخول الصراع السوري إلى مرحلة جديدة، وربما تغذي التفاؤل بإنهاء المعارك على الأرض والتخفيف من معاناة الشعب السوري.