طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري

خفض سعر الجنيه.. مناورة المركزي المصري لعودة الاستثمارات الأجنبية

منشور الاثنين 14 مارس 2016

 

حتى الساعة العاشرة من صباح اليوم، كانت البنوك المصرية تسير في يوم عملها الطبيعي حتى صدر قرار البنك المركزي المصري بخفض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، ليصل سعر بيع الدولار في البنوك إلى 8.95 جنيه، ليكون هذا أول خفض رسمي للجنيه في عهد رئيس البنك المركزي الحالي طارق عامر، الذي يمر على تعيينه ثلاثة أشهر ونصف خلفًا لمحافظ البنك المركزي السابق هشام رامز. ويأتي القرار بعد أن شهد الدولار ارتفاعات كبيرة في السوق الموازية المصرية. 

ألحق البنك المركزي القرار ببيان صحفي شرح فيه أبعاد القرار الذي لقى استحسانًا من البنوك المصرية الرسمية، وأوضح فيه أن الغرض من الإجراء هو تطبيق سياسة نقدية أكثر مرونة في ما يتعلق بسعر الصرف. 

وعدّد البنك المركزي النتائج المرجوة من القرار، ومنها أنه سيعكس القوة الحقيقية للعملة المحلية، وسيساعد على ارتفاع الاحتياطي الأجنبي إلى 25 مليار دولار مع نهاية عام 2016 - وهو الرقم الذي يستهدفه البنك المركزي - وعدم تأثر أسعار السلع في السوق المحلي، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية بعد إنهاء القيود على انسياب النقد الأجنبي في مصر. 

تأثيرات القرار كانت فورية، فبعد ساعات من إصداره، سارع أهم بنكين حكوميين مصريين: مصر والأهلي، بالإعلان عن إصدار شهادة استثمار جديدة للعملات الأجنبية بفائدة تصل إلى 15%، بشرط الحصول على قيمة هذه الشهادات بالجنيه المصري، إلى جانب رفع سعر فائدة الشهادات الدولارية التي لا تحتاج إلى تنازل عن العملة الأجنبية. 

ومن أهداف البنك المركزي العديدة في القرار محاولة تقليص التصاعد المستمر لسعر الدولار الذي ظلت تقوم به السوق الموازية في مصر، وتضمن بيان المركزي بالفعل اتهامًا لـ "المضاربين في سوق النقد المحلي". ولكن الخبير المصرفي محسن خضير يرى أن سوق الصرافة ستستفيد في النهاية من هذا القرار، إذ قال في تصريحات للمنصة إن القرارات "ستزيد من حجم تداول الأوراق المالية في عمليات البيع والشراء، ولكن بسعر عادل"، مضيفًا أن سوق الصرافة لديه بالفعل مخزون كبير من الأوراق المالية الأجنبية.

في المقابل لا يرى الخبير المصرفي أحمد آدم أن القرارات ستوقف مضاربات السوق الموازية، إذ صرّح للمنصة: "السوق السوداء قرأت رفع عائد الشهادة الدولارية بطريقة أن البنك المركزي يواجه صعوبات في توفير العملة الصعبة، وبالتالي ستستمر شركات الصرافة في اتجاه رفع سعر الدولار".

على مستوى الخبراء الدوليين، لقى قرار المركزي قبولًا متحفظًا، فوفقًا لتصريحات سايمون وليامز، وهو الخبير الاقتصادي ببنك HSBC، لوكالة بلومبرج، فالقرار مرحب به ولكنه متأخر: "كان يمكن لمصر أن توفر المليارات من الاحتياطي الأجنبي إذا طبقت القرار منذ 18 شهرًا".  وليامز أيضًا تساءل إذا كانت الحكومة المصرية ستستطيع تحمل ارتفاع معدلات التضخم الناتجة عن هذا القرار. 

ولكن البنك المركزي في بيانه الشهري عن معدلات التضخم، ذكر انخفاضه في شهر فبراير/شباط بنسبة 0.10% بالمقارنة بشهر يناير/كانون الأول. 

ويتوقع الخبير المصري محسن خضير أن تستمر معدلات التضخم في الانخفاض بفعل السياسات النقدية المتبعة، مشيرًا إلى أن العودة المتوقعة للمستثمرين الأجانب بسبب القرارات ستؤدي إلى زيادة المعروض من البضائع، وبالتالي ستدفع المنافسة إلي خفض الأسعار.  

ولكن تفاؤل خضير المُرحِب بقرار اليوم يقابله تشاؤم من الخبير أحمد آدم الذي يرى أن معدلات التضخم ستشهد ارتفاعًا خلال الثلاثة أشهر المقبلة، خاصة مع الإقبال على زيادة شراء السلع في شهر رمضان، ويستنكر آدم في العموم قرار المركزي اليوم، لأنه لا يضع في اعتباره أنه سيؤثر سلبًا على المواطن الذي سيشهد زيادة كبيرة في الأسعار في الفترة القادمة.