رئيس الوزراء في جلسة البرلمان. الصورة: الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء- فيسبوك

يوميات صحفية برلمانية| مدبولي: الوضع ليس جميلًا.. واﻷغلبية ترفض "الأسبرين" الاقتصادي

منشور الثلاثاء 8 أكتوبر 2019

للمرة الأولى في تاريخ البرلمان الحالي الذي بدأ عمله في يناير 2016؛ تبنى نواب الأغلبية هجومًا على الحكومة، أمام رئيس مجلس الوزراء تعقيبًا على البيان الذي ألقاه في الجلسة العامة ظهر اليوم.

الهجوم على الحكومة يأتي في ظل خطاب مختلف لرئيس البرلمان علي عبد العال، بدأ مع بداية دور الانعقاد الحالي في مطلع أكتوبر الجاري، مدافعًا عن الشعب المصري ومتوعدًا الحكومة التي تورطت في معاناته.

الخطاب الجديد تحت القبة تزامن مع عودة البرلمان لدور الانعقاد الخامس، في أعقاب مظاهرات محدودة ونادرة الحدوث في السنوات اﻷخيرة، في القاهرة وعدد من المحافظات، في 20 سبتمبر/ أيلول.

كرامة المجلس

شهدت الجلسة، التي بدأت في الواحدة ظهر اليوم، مطالبات متكررة من عبد العال للنواب بالهدوء، مع تعهد بمنح فرصة الحديث للجميع عقب إلقاء رئيس الوزراء للبيان، وقال عبد العال للنواب "أرجو من النواب طالبي الكلمة، المحافظة على كرامة المؤسسات الدستورية وهيبتها وكرامة المجلس وكرامة العضوية، ويجب على المتكلم أن يتجه مباشرة لفكرته دون مقدمات".

وكان النواب، للمرة اﻷولى، متحفزين للحكومة، لدرجة أن عبد العال طالبهم بعدم توجيه الكلام لأحد أعضاء الحكومة، وعدم المقاطعة، وقال "لا يجوز للمتحدث الخروج على قواعد الكلام المنصوص عليها في اللائحة والتي استقرت عليها السوابق البرلمانية أيضًا".

الوضع ليس جميلا

بدأ مدبولي كلمته بالحديث عن عدد من المؤشرات التي تعكس نموًا اقتصاديًا في عدد من الملفات مثل الطاقة والاحتياطي النقدي الأجنبي ونسب البطالة.

وقال إن "معدل التضخم وصل إلى أقل معدل الواحد سمع عنه منذ طفولته... احنا مش بنقول إن الوضع جيد وجميل، لا طبعًا، عارفين أن فيه تحديات وأعباء كتير و متحملين مشاكل وبنحاول على قدر الإمكانيات أن نعمل على حلها".

واعترف مدبولي بوجود عدد المشكلات في عدد من الملفات مثل تكدس الطلاب في الفصول وكثافتها في المدارس، والمستشفيات التي تحتاج استثمارات كثيرة.

أفضل من 2014

وكانت المقارنة بين عامي 2014 و 2019 حاضرة طوال الوقت خلال استعراض مدبولي لمؤشرات تقدم حكومته، وتحدث عن هلاك البنية الأساسية في ملف الكهرباء ومياه الصرف الصحي في 2014 وعدم القدرة على الوفاء بالاحتياجات الضرورية بخلاف نسب البطالة المرتفعة، وتوقف قطاع السياحة، بحسب تعبيره.

وقال مدبولي إن هناك طفرة حدثت في ملف الطاقة، "في منتصف 2014 كنا لا نملك تأمين الاحتياجات من الغاز لمدة أسبوعين".

وأشار إلى "قرارات الإصلاح الاقتصادي" التي بدأت خطواتها الأولى بتحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016، وأضاف "كل العالم  كان يصف  مصر  بأنها صاحبة اقتصاد شديد الحرج وغير مستقرة وتوجد مخاطر كبيرة للاستثمار بها في ظل تآكل الاحتياطي النقدي الذي وصل لـ15 مليار دولار، وهذا الرقم لا يكفي مصر من الاحتياجات الأساسية سوى شهرين من عيش وبنزين".

إنجازات قرض الصندوق

اعتبر مدبولي أن تنفيذ البرنامج الاقتصادي المرتبط بقرض صندوق النقد الدولي "إنجاز"، وقال إن "هذه الدولة نفذت برنامج الصندوق الأنجح على الإطلاق، في دول بدأت معنا ولم يكتب لها النجاح".

وحاول مدبولي إبداء التقدير للمواطنين الذي يعانون من تبعات الإصلاح الاقتصادي، وقال "ندرك معاناة تنفيذ البرنامج والضغط على المواطن المصري ليتم بنجاح. كنا نعلم حجم المعاناة ولهذا كان الرئيس يوجه الشكر للمواطن لتحمله كل تبعات هذا البرنامج. دون دعم ومساندة هذا الشعب العملاق ما كان نجح".

سيناريو الفوضى

لم يفوّت رئيس مجلس الوزراء الفرصة أثناء حديثه تحت القبة اليوم، وكرر الخطاب الذي تتبناه الدولة بشأن تعرض مصر لحرب غير تقليدية.

وقال مدبولي إن مصر تواجه حربًا من أشرس أنواع الحروب وغير تقليدية، تعتمد على خلق حالة بلبلة وإشاعة جو إحباط وهز الثقة، وحذر من هز الثقة بين الشعب والجيش.

وقال إن "الجميع يعلم أن لا أحد يستطيع أن ينال من هذا الوطن بحرب تقليدية. الجميع يعرف أن الجيش المصري من أقوى جيوش العالم". وأضاف في ختام كلمته "ما أعيه ومتأكد منه أن الشعب المصري كله لن يمسح بتكرار سيناريو الفوضى الذي رأيناه".

أما بشأن المظاهرات التي شهدتها مصر في الأسابيع الماضية وتبعاتها فقال مدبولي "إن الحكومة التزمت في تعاملاتها خلال الفترة الماضية بما أقريتموه من تشريعات، ولم نسمع عن أي تجاوزات"، وأشاد بدور رجال الشرطة، وأثارت هذه العبارات غضب بعض النواب المعارضين الجالسين على يسار المنصة.

أربع  مقاطعات

مع حديث مدبولي عن المؤشرات والأرقام قاطعه النواب أربع مرات اعتراضًا على ما يقوله.

المقاطعة الأولى جاءت استعراضه الإنجازات المعلقة بملف الأجور، وإشارته لرفع الحد الأدنى للأجور والحد الأدنى للمعاشات وقال "إن هذا نطبقه في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام، القطاع الخاص لا يطبق وبعض الجهات لا تطبق".

قاطع النواب مدبولي عقب هذه العبارة وسادت حالة من الغضب في القاعة، وهدد رئيس البرلمان، علي عبد العال  برفع الجلسة إذا استمرت المقاطعة، وقال للنواب "انتوا عايزين الحقيقة ولا التعتيم؟ اسمعوا الحديث للنهاية"، فيما طالب مدبولي النواب بإفادته بالجهات التي لا تطبق الحد الأدنى للأجور.

وجدد النواب مقاطعتهم لمدبولي مرة ثانية عند بدء الحديث عن ملف الصحة، وإشارته لمبادرة القضاء على قوائم الانتظار، التي قال إن المبادرة قضت عليها، فقاطعه النواب رافضين هذا، وهو الأمر الذي أدى لتهديد رئيس المجلس بوقف الجلسة، فيما حاول مدبولي التخفيف من حدة المعارضة، وقال إن جميع المبادرات التي بدأت مستمرة ولم تتوقف والحكومة تعمل على معالجة كل المشكلات.

أما المقاطعة الثالثة فجاءت خلال حديث مدبولي عن المدن الجديدة وعمليات الإنشاء التي وفرت نحو خمسة ملايين فرصة عمل خلال السنوات الخمس الأخيرة، وساعدت في الحد من معدلات البطالة.

وأمام مقاطعة النواب واعتراضهم على حديث مدبولي، طالبهم رئيس مجلس الوزراء بالعودة لمضابط البرلمان في الثمانينات، مشيرًا إلى اعتراض نواب مجلس الشعب في ذلك الوقت على خطط وزارة الإسكان بشأن المدن الجديدة.

واستشهد بأن المدن التي أقيمت خلال هذه المرحلة يقطن بها حاليًا نحو تسعة ملايين مواطن.

المقاطعة الأخيرة جاءت من قبل عدد محدود من النواب الذين اعترضوا على كلمة مدبولي التي أشار فيها للتعامل مع المظاهرات التي شهدتها بعض المناطق الشهر الماضي، وخاصة جمعة 20 سبتمبر، والتي أشاد فيها بدور الشرطة وزعم عدم حدوث تجاوزات.

 النقد الهادئ

تبنى النائب عبد الهادي القصبي، رئيس ائتلاف دعم مصر الممثل للأغلبية البرلمانية، نقدًا هادئًا للحكومة خلال تعقيبه على كلمة مدبولي في الجلسة العامة.

وقال القصبي "نعلم أن الحكومة تحملت المسؤولية في ظروف دقيقة وصعبة"، وأشاد بالعمل في الملف الأمني، ووجه تحية للقوات المسلحة ورجال الشرطة.

وانتقد القصبي الحكومة على تأخير تسليم بعض مشروعات القوانين، وغياب الوزراء عن مناقشة الموضوعات الهامة، كما طالب بوضوح تأشيرات الوزراء وتوقيعاتهم على الطلبات المقدمة من النواب، منتقدًا توقيع مسؤول الاتصال السياسي بدلا من الوزير، وعدم اعتراف المسؤولين في الجهات المختلفة بها، وهو المطلب الذي نال تأييد النواب في القاعة.

هجوم ناري

"المواطن المصري بيموت" قال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، النائب عاطف ناصر خلال كلمته اليوم.

ناصر الذي اشتبك مع عبد العال من قبل دفاعًا عن مشروع قانون مقدم من الحكومة يشتبه بعدم دستوريته، وقف اليوم للمرة الأولى منفعلًا ومهاجمًا الحكومة بكلمات لاذعة، لا تكاد تتصور أنها تصدر من الحزب الذي يشكل الأكثرية ويقود تحت لواء "ائتلاف دعم مصر" عملية تمرير القوانين والتعديلات الدستورية.

وقال ناصر "إن أغلب الوزراء الحاضرين اليوم لا أعرفهم، ولا نراهم في المجلس ورئيس الوزراء حسسني إن الشعب عايش في رخاء"، واستطرد "المواطن المصري تحمّل التعديلات الاقتصادية".

المواطن المصري بيموت

تحدث ناصر عن المعاناة اليومية للمواطنين في سداد احتياجاتهم اليومية "فاتورة كهرباء لمواطن بسيط قيمتها 500 جنيه، والمياه 600 جنيه يصرف على أسرته منين؟"، ونالت كلمات المتحدث باسم حزب الأغلبية استحسان وتأييد النواب الذين صفقوا له.

وخاطب ناصر عبد العال قائلا "يا معالي الريس ياما دافعنا عن الحكومة ووقفنا دفاعًا عن قوانين وتشريعات الحكومة، أنا أتكلم باسم 378 نائبًا".

وبشأن الملف الصحي قال ناصر "مافيش صحة في مصر، مصر من غير صحة.. مافيش حضّانات أطفال مافيش عناية مركزة المواطن المصري بيموت هي دي الحقيقة".

اصطفاف وتساؤلات

في الوقت الذي وجه فيه وكيل البرلمان، النائب سليمان وهدان نقدًا للحكومة في عدد من الملفات المتعلقة بتضرر المواطنين من القرارات الاقتصادية؛ أكد اصطفاف الجميع خلف الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وقال وكيل مجلس النواب "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولدينا معركة مياه وكلنا خلف الرئيس في هذه المعركة". وتساءل عن خطة الحكومة في هذا الشأن.

نرفض الأسبرينة

رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، أيمن أبو العلا، لم يتردد في انتقاد الحكومة أيضًا، مؤكدًا أن مردود الإصلاح الاقتصادي لم يصل للمواطنين.

ووصف قرارات زيادة الأجور وانخفاض أسعار بعض السلع بأنها "أسبرينة"، وليست حلولًا، مؤكدًا معاناة الطبقي الوسطى بسبب ارتفاع الأسعار وصعوبة المعيشة.

محذوف بالحبر الأسود

"الحثالة لا تُذكر في البرلمان" قال عبد العال مقاطعًا النائب محمد السايح الذي ذكر في كلمته اسم المقاول والممثل محمد علي، وقال له "يا سيادة النائب حثالة المجتمع لا تذكر أسمائهم في البرلمان".

وتابع عبد العال "يُحذف الاسم من المضبطة بالحبر الأسود، هذه القاعة لا تقبل ذكر أسماء مثل هذه الشخصيات".

وقال "في أشخاص لا يجب أن نذكرهم أو نشير إليهم، ويجب أن يتم حذف أسماءهم وبالحبر الأسود من المضبطة".

لا يوجد معتقلين

دافع رئيس مجلس النواب عن الحكومة مرة وحيدة خلال الجلسة العامة، نافيًا وجود معتقلين في مصر.

كلمات عبد العال جاءت تعقيبًا على كلمة النائب السويسي طلعت خليل، الذي تحدث عن إلقاء القبض على المئات من مواطني السويس خلال الفترة الأخيرة عقب جمعة 20 سبتمبر. وقال عبد العال "من تم القبض عليهم مشتبه فيهم فقط بالأحداث الأخيرة وفقا النيابة العامة، ويجري التحقيقات معهم وفي حالة عدم ثبوت تورط أي منهم سيخلي سبيلهم فورًا وهو ما حدث مع العديد من الحالات"، وتابع "لا يوجد معتقلين سياسيين في مصر".


اقرأ أيضًا:  "النواب" يرفض تصدير مشاكل الوزراء للرئيس.. وتحذير للأعضاء