الصفحة الرسمية للمتحدث باسم الرئاسة
الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز يلتقي السيسي

نص كلمة السيسي في أعمال القمة الإسلامية الـ14 يوم 30/5/2019

منشور السبت 1 يونيو 2019

بسم الله الرحمن الرحيم،

الأخ الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خادم الحرمين الشريفين، وملك المملكة العربية السعودية الشقيقة،

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والدولة والمعالي،

معالي الدكتور يوسف بن حمد، ابن أحمد العثيمين، أمين عام منظمة التعاون الإسلامي،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

إنه لمن دواعي سروري أن أتواجد في هذه البقعة الطاهرة، مدينة مكة المكرمة، في هذه الأيام من شهر رمضان المعظم، ويسرني أيضًا أن أتوجه بخالص التقدير والشكر لأخي خادم الحرمين الشريفين على كرم الضيافة وحسن التنظيم، ولدوره البناء في إطار منظمتنا، وحرصه على دعم العمل الإسلامي المشترك، والدفاع عن مبادئ العدالة واحترام سيادة الدول الأعضاء واستقرارها.

إن منظمتنا العريقة ستحتفل في سبتمبر المقبل بمرور خمسين عامًا على تأسيسها، وهو ما يجب أن يمثل فرصة مهمة لتقييم مسيرتنا ودراسة أوجه التطوير والدعم لآليات عمل المنظمة لتتواكب مع معطيات العصر الحديث، ومتطلبات تحقيق السلم والتنمية لشعوبنا، ومقتضيات الدفاع عن صورة ديننا الحنيف.

ويهمني هنا، أن أؤكد أن مصر لن تدخر جهدا لدعم وتعزيز عمل منظمة التعاون الإسلامي، باعتبارها المظلة الرئيسية للعمل الإسلامي المشترك في مختلف المجالات، وستحرص مصر على الاستمرار في المشاركة بفاعلية في مختلف المبادرات التي تطلقها المنظمة، وفي فعالياتها المتنوعة، إيمانا بأن مقتضيات المسؤولية وحجم التحديات التي يواجهها عالمنا اﻹسلامي تتطلب وحدة الكلمة والصف.

فبدون هذه الوحدة، كيف سيتسنى لنا أن نواجه موجة غير مسبوقة من عدم الاستقرار والتوتر السياسي واﻷمني؟ تجتاح عالمنا اﻹسلامي، وتهدد بتقويض دوله ومؤسساته من جذورها، وتحويله من فضاء رحب للتعاون والتكاتف، لتحقيق مصالح الشعوب اﻹسلامية، إلى ساحة استقطاب وتنابذ، ومصدر للإساءة لصورة ديننا ومجتمعاتنا.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

مما لا شك فيه، أن ظاهرة الإرهاب بمختلف أشكالها، وما يواكبها من تطرف ديني وانتشار لخطاب الكراهية والتمييز، تأتي على رأس التحديات التي تواجه عالمنا اﻹسلامي، بل واﻹنسانية جمعاء.

ولقد بادرت مصر منذ سنوات طويلة بإطلاق الدعوة لتكثيف الجهود المشتركة للقضاء على هذه الظاهرة بشكل كامل، ورفض محاولات ربطها بدين أو ثقافة أو عرق معين.

إلا أن الأمر يتطلب تكاتف جميع الدول الاسلامية لتفعيل الأطر الدولية والإقليمية للقضاء على الإرهاب ومكافحة الفكر المتطرف وسائر جوانب الظاهرة الإرهابية.

وفي منظمة التعاون الإسلامي، فإن علينا مهمة مزدوجة، فبالإضافة إلى مهام مكافحة الإرهاب وما يتصل به من خطاب متطرف يتاجر بالدين ويشوه صورته وتعاليمه السمحاء، فإن جهـ، فإن هناك جهدًا موازيًا مطلوبًا لمكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا، والتمييز ضد المسلمين ونشر خطاب الكراهية ضدهم.

ولنعلنها بوضوح، لم يعد مقبولًا السكوت على خطاب التمييز والكراهية ضد العرب والمسلمين، ومحاولة إلصاق تهمة الإرهاب والتطرف بديننا الحنيف الذي هو منها برئ.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

إن إقامة العدل والحفاظ على الأمن والسلم، تأتي على رأس مقاصد ديننا الحنيف، كما أنها في القلب من أولويات منظمتنا. ولا يستقيم أي حديث عن العدل والأمن والسلم في ظل استمرار القضية الفلسطينية بغير حل عادل وشامل يحقق الطموحات المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

لقد آن الأوان لمعالجة جذرية لأصل هذه المأساة المستمرة لأكثر من سبعة عقود، من خلال العودة الفورية لمائدة المفاوضات لإنهاء الاحتلال، وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الشرعية وغير القابلة للتصرف. هذا هو الطريق الوحيد للسلام العادل والشامل في المنطقة والعالم، كما أنه السبيل لقطع الطريق على مزايدات الإرهابيين المتاجرين بمعاناة الأشقاء الفلسطينيين.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

أينما نظرنا في عالمنا الإسلامي، نجد أزمات معقدة وتحديات تستلزم وقفة جادة ونية خالصة للتوصل لحلول وطنية وسلمية لمشكلات عالمنا العربي والإسلامي.

فمن ليبيا، التي لاتزال تعاني من حالة انسداد سياسي وتفشي الإرهاب ونشاط الميليشيات والمرتزقة، التي تعاني على مدار أكثر من ثمانية أعوام من الاقتتال الأهلي، والانتهاكات الإقليمية لحدودها، والتدخلات الأجنبية في شؤونها. ومن اليمن الذي لازال يعاني من جماعة الحوثي ومحاولتها الاستقواء بالدعم اﻷجنبي لفرض إرادتها على سائر أبناء اليمن، وهجماتها الإرهابية المدانة على الأراضي السعودية، وإلى السودان والجزائر اللتين تمران بمرحلة دقيقة يحاول فيها أبناء هذين الشعبين الشقيقين إدارة مرحلة انتقالية في ظروف صعبة لتحقيق تطلعات مشروعة في الحرية وصياغة مستقبلهما.

في كل هذه البلدان الشقيقة، هناك تحديات جسام، وهناك حاجة لدعم سياسي وتعاون من كافة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لدعم هؤلاء الأشقاء ومساندة خياراتهم وتطلعات شعوبهم الوطنية المشروعة، ومواجهة أي تدخلات خارجية في شؤونهم، واستعادة مكانتهم وإسهامهم في العمل المشترك بين الدول العربية والإسلامية.

ولا يفوتني في هذا السياق الإشارة إلى الوضع المقلق لأبناء جماعة الروهينجا المسلمة، ونطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته لتجنبيهم مخاطر السقوط في حلقة مفرغة من التطرف والإرهاب والعنف، فقد آن لهذه المعاناة أن تنتهي.

الأخوة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

إن الاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس منظمتنا العريقة يحفزنا جميعا للقيام بعملية تقييم شامل لتجربتها الرائدة في العمل اﻹسلامي المشترك وسبل تطويرها. ولعلكم ستتفقون معي على أن نقطة البداية ينبغي أن تتمثل في التقييم الموضوعي للآليات القائمة في المنظمة، بهدف تطويرها وتحسين كفاءة استخدام موارد المنظمة.

وفي إطار حرص مصر على التفاعل مع آليات المنظمة، ومواكبة التحديات الجديدة في عصرنا، وتأكيدًا للأولوية التي نوليها للقضايا الاجتماعية والثقافية، خاصةً تمكين وتعزيز دور المرأة، فقد حرصت مصر على استضافة مقر منظمة تنمية المرأة بالقاهرة، ونتطلع لأن تمثل المنظمة نافذة هامة لتعزيز دور المرأة في العالم الإسلامي، ودعم وبناء قدرات الدول الأعضاء في هذا المجال بالاستفادة من التجربة المصرية الفريدة في مجال المشاركة المجتمعية والسياسية للمرأة، كما يهمني أن أعلن أن مصر ستستضيف المؤتمر الإسلامي الوزاري للمرأة عام 2020.

الأخوة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

لا يداخلني الشك في أن قمتنا هذه، التي تتطلع إليها انظار الشعوب الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، ستكون على قدر المسؤولية والتحديات، وستمثل خطوة مهمة في طريق التنسيق والعمل الإسلامي المشترك بما يلبي طموحات شعوبنا العريقة.

وفقنا الله جميعًا في خدمة قضايا الأمة الإسلامية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


القيت الكلمة في قصر الصفا بمكة المكرمة، بحضور قادة الدول الإسلامية.


خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط