كأس البريميرليج للموسم غير المسبوق 2018- 2019

موسم بريميرليج الأسطوري| بماذا تخبرنا الأرقام.. وكيف جاءت 11 ملليمترًا باللقب؟

منشور الاثنين 13 مايو 2019

نهاية درامية، جنون حتى الأمتار الأخيرة، أنفاس محبوسة، الجميع في وادٍ، وفرسا رهان في وادٍ.. وحدهما تنافسا حتى آخر رمق على حصد لقب بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، وأخيرًا فرحة في جانب، وخيبة أمل مرة أخرى في جانب آخر.

مانشيستر سيتي من جديد يتوج لقب "البريميرليج"، بعدما نجح لاعبو المدرب الإسباني بيب جوارديولا في حصد 98 نقطة، متفوقين بفارق نقطة واحدة فقط على نادي ليفربول، الذي عاش موسمًا جديدًا من الحسرة، بعدما فقد للعام التاسع والعشرين على التوالي فرصة التتويج بلقب الدوري الإنجليزي.

الجنون الذي صاحب الدوري الإنجليزي هذا الموسم جعل عشاق كرة القدم حول العالم، وليس فقط المهتمين بـ البريميرليج يتابعون بشغف صراع اللقب، وما حدث في الموسم المنتهي من البطولة، سيسيل الكثير من الحبر لأعوام عديدة، خاصة وأن هناك لقطات عديدة أثرت في مصير اللقب، منذ البداية في آب/ أغسطس الماضي، وحتى خط النهاية، وسنحاول في السطور التالية، أن نجمع معكم أبرز ما حدث من وقائع خلال هذا الموسم الأسطوري.

 

11 ملليمترًا فقط منحت اللقب للسيتي ومنعته عن ليفربول

ماذا تفعل أمام 700 تمريرة في اللقاء؟

"لقد كان اللقب الأصعب في مسيرتي"، هذا ما قاله جوارديولا في أعقاب التتويج بلقب الدوري هذا الموسم، وهو ما يبدو حقيقيًا في ظل الضغط الذي مارسه ليفربول على السيتي طوال الموسم.

مع نهاية كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، أعتقد الجميع أن الأمور انتهت، "الريدز" في الصدارة بفارق سبع نقاط، وسيتي يعاني. في تلك الفترة، لم يكن فريق كلوب قد خسر أي مباراة. فقد ست نقاط فقط من ثلاث تعادلات، فيما تجرع فريق جوارديولا ثلاث هزائم أفقدته تسع نقاط، وتعادلين فقد على إثرهما أربع نقاط أخرى.

لكن جاءت الجولة الحادية والعشرين، والفوز الدرامي الذي حققه مانشيستر سيتي على ليفربول بهدفين لهدف، ليخطف "المواطنون" ثلاث نقاط، ربما هي ما ساهمت في تحقيقهم للقب في نهاية المطاف.

وعلى مدار 14 جولة متتالية، وتحديدًا منذ الجولة 25، لم يخسر مانشيستر سيتي أي نقاط، صحيح أن خمسًا من تلك المباريات انتهت بهدف دون رد، لكنها كانت نتيجة كافية لحصد النقاط الثلاث، والاستمرار في صراع اللقب حتى النهاية.

 

أداء هجومي ضاغط، ومعدل تسديدات وصل إلى 18 تسديدة على مرمى المنافسين في المباراة الواحدة، وتمريرات متتالية، وصل معدلها إلى أكثر من 699 تمريرة في المباراة، كان هذا سبيل مانشيستر سيتي لوضع خصومه دائمًا في وضعية الفريق الذي يلهث من أجل الحصول على الكرة ولو لبعض الوقت، وبالتالي كان التحكم الكامل في النسق من نصيب رجال جوارديولا.

.. بهدف واحد؟ لا أزمة

لا يمكن أن تتوج لاعبًا وحيدًا كنجم لموسم مانشيستر سيتي، الأرجنتيني سيرجيو أجويرو تمكن من تسجيل 21 هدفًا، بعضها كان حاسمًا في حصد فريقه لنقاط هامة. الألماني ليروي ساني ورغم تراجع مشاركاته كأساسي، إلا أنه دائمًا خلق صعوبات كبيرة على دفاعات المنافسين، بالإضافة إلى أداء لاعبين مثل بيرناردو سيلفا، ورحيم سترلينج، وإيمريك لابورت، وكايل والكر، كل هؤلاء كانوا نجومًا فوق العادة لموسم السيتي المذهل.

ربما اللقطتان الأكثر حسمًا في تتويج مانشيستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي، كان هدف فيل فودين في شباك توتنهام هوتسبير، في الجولة 34، والذي أدى لفوز فريقه. ثم الهدف الأغلى على الإطلاق، الذي سجله القائد والمدافع فينسنت كومباني في شباك ليستر سيتي في الجولة 37، في مباراة كانت تتجه نحو التعادل السلبي، لكن تسديدة نادرة من القائد، منحت فريقه فوزًا كان الأصعب ربما في سلسلة المباريات الأخيرة لفريق جوارديولا.

 

كومباني لحظة تسجيله الهدف التاريخي للسيتي. الصورة: حساب الدوري الإنجليزي- تويتر

السيتي استحق التتويج بكل تأكيد، رغم موسم ليفربول المثالي، إلا أن القمر الأزرق لمدينة مانشيستر، أبى إلا أن يسطع من جديد في سماء "البريميرليج"، بعد الإيمان بكافة حظوظه في التتويج، والقتال عليها حتى الرمق الأخير.

.. لأنه ليفربول

هنا لا جديد يذكر، ليفربول مرة أخرى يفشل في التتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، لتتواصل العقدة منذ عام 1990، وتواصل جماهير "الريدز" الحلم بالحصول على اللقب لموسم جديد.

لم يكن كافيًا أن يكون حارس فريقك أليسون بيكر، الأفضل في الموسم، والأقل استقبالًا للأهداف، واثنان من نجومك يتقاسمان صدارة ترتيب الهدافين، هما محمد صلاح وساديو ماني، وقائد دفاعك هو الأفضل في الدوري وبالطبع هنا الحديث عن فيرجيل فان دايك، وظهيرك ترينت ألكسندر أرنولد أكثر مدافع في التاريخ يصنع أهدافًا في موسم واحد من المسابقة، كل ذلك لم يكن كافيًا لتتويج ليفربول باللقب الحلم.

 

ڤان دايك وأليسون، ولن تمشيا وحدكما. الصورة: حساب الدوري الإنجليزي- تويتر

ليفربول خلال الموسم الحالي، جمع 97 نقطة، وهو عدد النقاط الذي يتجاوز بطل أي دوري في الدوريات الكبرى في الموسم الحالي، وهو ثالث أعلى رصيد من النقاط في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد مانشيستر سيتي، الذي حقق 100 نقطة في الموسم قبل الماضي، و98 في الموسم المنتهي.

مباراة ليفربول ضد مانشيستر سيتي، في الجولة الحادية والعشرين كانت الفاصل في اللقب، مباراة انتهت بفوز فريق جوارديولا بنتيجة 2-1، وفقد الريدز خلالها فرصة هدف، حين كانت النتيجة سلبية، بعد أن عبرت الكرة خط المرمى، ما عدا 11 ملليمترًا من محيطها، لتعلن تكنولوجيا خط المرمى أن الكرة لم تعبر، وهو بالطبع قرار صحيح، لكنه يعبر بشكل واضح عن حظ ليفربول.

حظ ليفربول العاثر يتمثل أيضًا في أنه لم يخسر سوى مباراة واحدة في الموسم، وتعادل في 7 مباريات، منها 3 تعادلات سلبية، وبالتأكيد لو تغيرت النتيجة في أي منها، لكان الآن أنصار فريق ملعب "أنفيلد" يحتفلون بلقب تاريخي.

يورجن كلوب المدير الفني لليفربول قال في تصريحات ما بعد آخر مباريات البطولة "هذه لم تكن سوى خطوتنا الأولى، اللاعبون قفزوا بأنفسهم لمستويات جديدة، هذا التطور لم ينته بعد، إنها المحاولة الأولى".

تصريحات كلوب تؤكد أن المدرب الألماني ينوي العودة من جديد في الموسم المقبل، ومنافسة سيتي على اللقب، وربما تحقيق حلم جماهير فريقه، التي تنتظر منه الآن، تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا.

توتنهام.. الأهم دوري الأبطال

رغم ابتعاد نجمه وهدافه الأول هاري كين، بسبب الإصابة منذ مطلع نسيان/ إبريل، إلا أن توتنهام هوتسبير نجح في حجز مقعده بجدارة بين الأربعة الكبار للموسم الرابع على التوالي.

توتنهام الذي دخل الموسم الحالي برقم فريد من نوعه، وهو أنه أول فريق في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز لا يعقد صفقات جديدة خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، وهو ما كان يعني حينها أن فريق المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو سيعتمد على ذات العناصر الذي اعتمد عليها في موسم 2017-2018.

معاناة توتنهام في الدوري كانت جلية، في ظل غياب العمق، وعدم وجود مهاجم يقدر على ملء فراغ غياب هاري كين، بالإضافة إلى الإرهاق الذي أصاب معظم لاعبيه على مدار الموسم.

 

موسم غير مسبوق بأقل الإمكانيات للديوك. الصورة: حساب الدوري الإنجليزي- تويتر

لكن ورغم كل ذلك، إلا أن "السبيرز" صنعوا التاريخ، بتأهلهم للمرة الأولى إلى المباراة النهائية لبطولة دوري أبطال أوروبا، حيث يصارعون ليفربول. وبالإضافة إلى ذلك، أنهوا موسم الدوري في المركز الرابع، وضمنوا المشاركة في النسخة المقبلة من "التشامبيونزليج".

توتنهام اعتمد على تألق الكوري الجنوبي سون هيونج مين، وقائد أوركسترا الوسط، الدنماركي كريستيان إريكسن، بالإضافة إلى ستار حديدي في الوسط الدفاعي، موسى سيسوكو وهاري وينكس، بالإضافة بالطبع إلى المتألق في حراسة المرمى هوجو لوريس، من أجل حصد العديد من النقاط، التي ساعدت الفريق على إنهاء الدوري رابعًا.

مانشيستر يونايتد: نفق مورينيو

سريعًا، تحولت الحكاية الوردية للنرويجي أولي جونار سولشاير المدير الفني لنادي مانشيستر يونايتد إلى كابوس، فبعد تسلمه مهمة إدارة الشياطين الحمر في التاسع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2018، خلفًا للبرتغالي المغضوب عليه جوزيه مورينيو، الذي رحل غير مأسوفٍ عليه من جماهير يونايتد، ظن الجميع أن سولشاير جاء ليعيد الفريق إلى عهد المجد القديم.

وبالفعل كانت البداية أكثر من مثالية، حيث حقق مانشيستر يونايتد الفوز في 6 مباريات متتالية، وظل دون خسارة لـ 12 مباراة متتالية، وبزغ نجم لاعبين أمثال بول بوجبا، وأنتوني مارسيال، وماركوس راشفورد، في ظل اعتماد سولشاير على إرث يونايتد التقليدي واللعب بطريقة 4-4-2 بتنويعاتها، والتي كانت الطريقة المفضلة في عهد الأسطوري السير أليكس فيرجسون.

لكن، ما حدث بعد ذلك، كان كابوسًا على الفريق وجماهيره، حيث لم يحقق يونايتد الفوز سوى 3 مرات في آخر تسع مباريات، وتعرض لـ 5 هزائم، وتعادل في مناسبتين، ليفقد فرصة التواجد ضمن الأربعة الكبار، وينهي الموسم في المركز السادس.

وفي الفترة منذ آذار/ مارس الماضي وحتى اللحظة، فإن الفريق يبدو وكأنه فقد الشغف والرغبة في اللعب. بوجبا يبدو مشغولًا بأخبار انتقاله إلى ريال مدريد الإسباني، وسولشاير فقد الدفة رويدًا رويدًا، ولم يعد قادرًا على تحفيز لاعبيه للتألق من جديد.

يونايتد لم يعد بعد من النفق المظلم الذي دخله منذ 2013، بعد اعتزال فيرجسون، وإن كان النور الذي ظهر متمثلًا في أحد لاعبيه السابقين، سولشاير، لم يكن مضيئًا بما يكفي لإخراج يونايتد من كبوته المستمرة.

تشيلسي: ماذا سنفعل دون 50% من قوة الفريق؟

ماوريتسيو ساري مدرب تشيلسي، ربما يكون قد حقق المطلوب منه هذا الموسم، وأنهى البريميرليج في المركز الثالث، وتأهل إلى دوري أبطال أوروبا، كما أنه قاد الفريق إلى نهائي بطولة الدوري الأوروبي.

قناعات ساري الهجومية يبدو أنها تحاول التغلغل في إرث دفاعي عاشه تشيلسي لسنوات طويلة، بداية من ولايتي جوزيه مورينيو، ثم عهد الإيطالي أنطونيو كونتي، وهو ما أثر كثيرًا على الفريق، فالعبث في مثل هذه الأمور قد يكلفك كثيرًا، وهو ما حدث بالفعل، حين ابتعد البلوز عن صورة اللقب بعد مرور 13 جولة.

ساري اعتمد على طريقته المفضلة 4-3-3، مع إقحام القادم معه من نابولي جورجينو في منتصف ثلاثي الوسط، ليقوم بأدوار الافتكاك والتمرير للزملاء، وهو ما أثر على أداء وتواجد نجم الفريق في الموسم الماضي، نجولو كانتي.

 

صانع ألعاب العام والمُساهم بـ 50% من أهداف فريقه هذا الموسم. الصورة: حساب تشيلسي- تويتر

ربما أنهى تشيلسي الموسم الحالي بطريقة جيدة، وينتظر نهايته بخوض نهائي الدوري الأوروبي أمام جاره أرسنال، لكن السؤال الأهم، كيف سيتعامل ساري مع الرحيل الوشيك للبلجيكي إيدين هازارد عن الفريق؟ خاصة في ظل حرمان البلوز من التعاقد مع لاعبين لفترتي انتقالات، سيكون هذا هو بالتأكيد سؤال الموسم المقبل.

خسارة هازارد، القريب من الانتقال إلى ريال مدريد، تعني رحيل النجم الأول للفريق اللندني، الذي قدم موسمًا استثنائيًا، سجل خلاله 16 هدفًا، احتل بها المركز الثامن في ترتيب الهدافين، وصنع 15 هدفًا كأكثر لاعب صناعة للأهداف في البريميرليج، أي أنه ساهم في 31 هدفًا من إجمالي 63 سجلهم فريقه في الدوري، أي أنه ساهم في 49% من الأهداف التي سجلها فريق ساري خلال الموسم الحالي.

 ثلاثي أفريقي يكتب التاريخ

بعيدًا عن صراع اللقب والأندية، صنع الثلاثي، محمد صلاح وساديو ماني نجمي نادي ليفربول، وبيير إيمريك أوباميانج نجم أرسنال، الحدث بعدما تقاسموا جائزة الحذاء الذهبي لهداف الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز.

اللاعبون الثلاثة تمكنوا من تسجيل 22 هدفًا، وهو أمر لا يصدق، ويدل على القوة الكبيرة التي يتمتعون بها على مستوى التسجيل.

ثلاثي أفريقي صنع الحدث، حيث تعد هذه المرة الأولى في تاريخ المسابقة التي يتقاسم فيها ثلاثة لاعبين أفارقة جائزة الحذاء الذهبي، وبرغم خيبة أمل ليفربول، وخروج أرسنال من المربع الذهبي، إلا أن اللاعبين الثلاثة قدموا موسمًا استثنائيًا يستحقون عليه التحية بكل تأكيد.