صورة أرشيفية من احتفال الرئيس عبد الفتاح السيسي بعيد القضاء

إقرار نص والتصويت على آخر.. صلاحيات أقل للقضاء أكثر للرئيس

منشور الأربعاء 17 أبريل 2019

أدخل مجلس النواب تعديلات على المادة 185 من الدستور، المعنية بالسلطات القضائية، وذلك في اللحظات الأخيرة قبل التصويت عليها يوم أمس الثلاثاء، لتخرج نسختها اﻷخيرة التي ستُطرح للاستفتاء الشعبي في صورة مختلفة عما أقرته اللجنة التشريعية للمجلس وحظيت بموافقة أعضائها، حسبما كشفت وثيقتين حصلت عليهما المنصّة.

حذف النائب

يوم اﻷحد الماضي، أقرت اللجنة التشريعية النسخة النهائية للمادة، وكان نصّ فقرتها اﻷخيرة، المُتعلّقة بقرارات المجلس الأعلى للقضاء بشأن تعيين أعضاء الهيئات القضائية وترقيتهم وإبداء رأيه في التشريعات المتعلقة بها، هو أنها قرارات "تصدر بموافقة أغلبية أعضائه، على أن يكون من بينهم رئيس المجلس أو من ينيبه".

 

النسخة التي أقرّتها اللجنة التشريعية لمادة القضاء في التعديلات الدستورية

وبعد يومين فقط من إقرار "التشريعية" لهذا النص، طُرح للتصويت في جلسة عامة للمجلس، وانتهى اﻷمر بموافقة أغلبية الأعضاء عليها، ولكن بعد تعديل أجري على هذه الفقرة، إذ تقرر بموجبها أن تصدر القرارات "بموافقة أغلبية أعضائه على أن يكون من بينهم رئيس المجلس".

 

النسخة التي أقرّها المجلس في جلسته العامة بعد حذف عبارة

وتمثّل الاختلاف بين المادتين التي وافقت عليها اللجنة التشريعية والتي أقرّتها الجلسة العامة للمجلس بصورة نهائية في أن اشتراط موافقة رئيس المجلس فقط على قرارات المجلس الصادرة بالأغلبية، دون أن يسري هذا الشرط على من ينيبه.

حاولت المنصّة التواصل مع أعضاء باللجنة التشريعية لمجلس النواب، لمعرفة موقفهم من تعديل المادة التي أقرّتها اللجنة، لكن دون ردّ منهم حتى نشر التقرير.

مادة "الفيتو"

علّق النائب البرلماني هيثم الحريري، على المادة بقوله.. "أن العرف جرى في أي تصويت داخل أي كيان أن يكون هناك أغلبية أصوات وأقلية، وفقط في حالة تعادل الأصوات تُرجح الكفّة التي بها رئيس الكيان، سواء كان اﻷمر موافقة أو رفض".

وأضاف الحريري للمنصّة "بينما في حالة مادة القضاة، أصبح إصدار القرار مرهونًا بشرط موافقة رئيس المجلس، وبالتالي حتى لو صوتت الأغلبية لصالح قرار ما كان هو ضده، فإن أصواتها ستكون هي والعدم سواء، ما يعني إلغاء اﻹرادة الجمعية لذوي الشأن والمختصّين".

في حالة تطبيق المادة بنسختها اﻷولى، كان ليصبح للرئيس وبقوة النص الدستوري نائبًا من بين أعضاء الهيئات القضائية، سيكون صاحب القرار في حال أوكل الرئيس الأمر له، وهو ما اختفى في المادة بصياغتها النهائية.


اقرأ أيضا: كواليس التعديلات الدستورية: احتفاء بإقرار تداول السلطة مع بقاء السيسي


وقال الحريري، إنه بالإضافة لحذف "أو مَن يُنيبه"، فإن هذه المادة "تمنح رئيس الجمهورية، وهو أحد ممثلي السلطة التنفيذية، حق الفيتو في جهة دورها قضائيًا، ليس سياسيًا ولا تنفيذيًا، هو أمر لا يجوز، ويخالف القواعد الديمقراطية والسياسية والمهنية".

وتساءل النائب "هل يصح أن يكون للرئيس دور في قبول أو رفض تشريعات تمسّ الكيان القضائي أو دور في تعيين أو رفض تعيين أو تأديب أحد القضاة؟ وهذا بصرف النظر عن كونه في الجهة المؤيدة للأمر المطروح في الكيان القضائي من عدمه. ﻷنه في هذه الحالة سيصدر القرار باسم المجلس اﻷعلى، على الرغم من تدخل أحد رجال السلطة التنفيذية في اﻷمر. في الحقيقة، هي مادة كارثية ومرفوضة شكلاً وموضوعًا".

العبرة بالتوافق

في المقابل، يرى الدكتور محمد الذهبي، أستاذ القانون الدستوري والمحامي بالنقض، أن صياغة المادة "طبيعية"، على الرغم مما أُدخل عليها من تعديل بعد موافقة اللجنة التشريعية.

تنص اللائحة الداخلية للبرلمان، وفي المادة 176 المتعلّقة بصياغة مشروعات القوانين على أنه.. "للمجلس قبل أخذ الرأي على مشروع القانون بصفة نهائية إذا كانت قد أدخلت على نصوصه تعديلات، أن يحيله إلى اللجنة المختصة لتبدى رأيها بالاشتراك مع لجنة الشئون الدستورية والتشريعية أو مكتبها فى صياغة وتنسيق أحكامه، وعلى اللجنة المحال إليها المشروع أن تقدم تقريرها فى الموعد الذى يحدده لها المجلس. ولا يجوز بعدئذٍ إجراء مناقشة فى المشروع إلا فيما يتعلق بالصياغة".

أمام نص هذه المادة التي تحظر التدخل إلاّ في الصياغة (لغويًا) وليس حذف أو إضافة مناصب، قال الذهبي للمنصّة "في تقديري اﻷمر لا يُشكل خطًأ إجرائيًا، ﻷن العبرة في النهاية بما توافق عليه البرلمان بأغلبية نوابه في الجلسة العامة، بصرف النظر عن الصياغة اﻷولى أو النهائية".


اقرأ أيضًا: تعديل مدّة الرئاسة: 12 سنة أم 8 أم 4.. لماذا تتغير الأرقام؟