احدى صور الدعاية التي روجت لها وزارة التربية والتعليم. الصورة: الصفحة الرسمية للوزارة.

" السيستم".. يضرب امتحان الوزارة

منشور الاثنين 25 مارس 2019

لليوم الثاني على التوالي، وجد أحمد إبراهيم الطالب بالصف الأول الثانوي بمدرسة التوفيقية الواقعة بمنطقة شبرا بشمال القاهرة، صعوبة في الوصول لنموذج الامتحان التجريبي لمادة الأحياء، رغم أنه حرص على تنفيذ تعليمات وزير التربية والتعليم طارق شوقي بحذافيرها، بداية من استعمال كود الدخول للامتحان عبر التابلت، والتواجد داخل مدرسته المفترض أنها مُجهزة بـ انترنت داخلي، لكن إبراهيم وجد مصيره مشابهًا لما حدث له صباح الأحد حينما فشل أيضًا في حل امتحان اللغة العربية بسبب أزمات التابلت.

أحمد هو طالب من ضمن 636 ألف طالب، بحسب ما أعلنته وزارة التربية والتعليم في سبتمبر/ أيلول 2018 بشأن حصيلة طلاب الصف الأول الثانوي هذا العام بالمدارس الحكومية والخاصة على مستوى الجمهورية، ومن المفترض أنه تم تسليمهم على مدار الـ3 أشهر الماضية شحنة التابلت التى تعاقدت عليها الحكومة مع شركة سامسونج الكورية، وسط تأكيدات من الوزير أن النظام الإلكتروني الخاص بالامتحانات سيكون مؤمنًا بدرجة كبيرة تسمح للطالب بأداء الامتحانات التجريبية هذا العام، بما يؤهله للثانوية العامة الحقيقية التى ستبدأ العام المقبل.

مفاجأة السيستم

لكن ما حدث صباح الأحد كان مفاجئًا حتى لأشد المؤيدين للنظام الإلكتروني الجديد، فوفقًا لرواية مصدر بالمكتب الإعلامي لوزارة التربية والتعليم لـ"المنصة"، إن الوزارة بدءًا من التاسعة والنصف من صباح الأحد بدأت تتلقي شكاوي من مديريات التربية والتعليم بأن الطلاب فشلوا في الوصول لنموذج امتحان اللغة العربية، رغم اتباع عدة طرق سواء بالاعتماد على الإنترنت المدرسي، أو حتى باستخدام إنترنت الشريحة الموجودة داخل التابلت، والتى تم تسليمها مقابل 5 جنيه لكل طالب بحسب اتفاقية بين الوزارة وشركة  وي/ we الحكومية.

أكد المصدر أن الوزارة ظلت حتى الثانية ظهرا تتلقي الشكاوي من مختلف الجهات، وبدأت في الاستعانة بفريقها التقني الذي يشرف عليه أحمد ضاهر، مساعد وزير التربية والتعليم لتكنولوجيا المعلومات لمحاولة حل الأزمة، حتى أن  إدارات مدارس كثيرة طلبت من الطلاب أداء الامتحان بالمنزل بواسطة شريحة الإنترنت، والرحيل من المدرسة بداعي عدم جدوي الانتظار، بحسب المصدر.

كان متوقعا..

مني سالمان، أم لطالبة بمدرسة خاصة بمنطقة مصر الجديدة، كانت بحسب تعبيرها تتوقع هذا السيناريو قائلة.. "كل المؤشرات بتقول إنه كان هيحصل كدا .. من أول السنة التابلت متأخر، قلنا أن الشبكات اللي هتوصل الانترنت لسه متركبتش لكل المدارس، المدرسين اللى المفروض يدربوا ولادنا على طريقة حل الامتحان عن طريق التابلت.. مستلموش التابلت لغاية دلوقتي، فطبيعي يحصل كل ده،  المشكلة دلوقتي إن بنتي بدأت تحس إنها فاشلة، رغم أن العيب مش فيها ولا في جيلها، العيب في اللى مصمم يجرب فينا".

الثغرة والإخوان 

المصدر الإعلامي بالوزارة رد على استفسار المنصة حول ما قاله الوزير طارق شوقي سواء في بيانه المصور عبر الصفحة الرسمية للوزارة، أو عبر مداخلات في برامج.. الحكاية، وعلى مسئوليتي، وانفراد، في ساعة متأخرة مساء الأحد، بشأن رصد قرابة 4 مليون طالب على سيستم الامتحان رغم أن من يحق له الدخول على السيستم 636 ألف بـ"كود خاص" لكل طالب، قائلًا.. "الشركة المُصممة للسيستم هى شركة غير مصرية، وتحديدا شركة أمريكية، هى من أبلغتنا بذلك، وتحديدًا أبلغتنا أن هناك ثغرة سمحت لبعض المستخدمين من خارج مصر بالدخول للموقع دون أن يكون له حق الامتحان، وهذا ما سبب فشل غالبية وصول بعض الطلاب في الوصول لنموذج الامتحان".

"بلاش تشمتوا فينا الإخوان ومواقع الإخوان" هكذا قال الوزير مساء الأحد في مداخلة هاتفية مع النائب البرلماني سعيد حساسين ببرنامج انفراد على شاشة الرافدين، حديث ربما يوحي بوجود شعور لدى الوزارة بأن ما حدث هو مؤامرة، يرد المصدر قائلًا .."حتى الآن نحن في انتظار التقرير الفني الذي يعده الفريق التقني للوزارة بالتعاون مع الشركة الأمريكية المُصممة للسيستم وفور ورود نتائج مؤكدة سنعلنها للرأى العام".

مسكنات للأزمة

الوزارة فور أزمة الأحد قررت بحسب الوزير في حديث مصور طرح عبر الصفحة الرسمية للوزارة، وعبر صفحته الشخصية، أنه تم منع الدخول على رابط الإمتحانات من خارج جمهورية مصر العربية،  ومنع الدخول على رابط الإمتحانات من داخل مصر سوى لطلاب الصف الأول الثانوي عن طريق شبكات المدرسة أو الشريحة الأصلية فقط للتابلت.

فضلًا عن توحيد الكود (الأيقونة) لكل إمتحان على مستوى الجمهورية مما يوفر على الطلاب مشقة البحث عن الكود الخاص بالمدرسة والفصل، مع  نشر الأكواد لكل المواد المتبقية على موقع الوزارة ، مع التأكيد على أن الامتحان متاحًا من التاسعة صباحا للتاسعة مساء على السيستم، فيما سيطرح بعد التاسعة مساء على الموقع الرسمي للوزارة بعيداً عن النظام الإلكتروني، إذا أراد الطالب الانتظار.

أزمة الصيف المنتظرة

نظام الصف الأول الثانوي هذا العام، يضم 4 امتحانات للطلاب فى فبراير ومارس، ومايو ويونيو، لـ10 مواد.. اللغة العربية والأحياء واللغة الاجنبية الثانية والجغرافيا واللغة الأجنبية الأولى والتاريخ والكيمياء والفيزياء والفلسفة والمنطق، والرياضيات، البداية كانت في فبراير بامتحانات تجريبية ورقية، ليكون الاختبار الإلكتروني الأول هو الذي يُجرى حاليا في مارس. بحسب الوزارة فقط 1150 مدرسة من أصل 2500 مدرسة، تم تجهيزها بالألياف الضوئية المجهزة لاستقبال الإنترنت المدرسي، لذا فما يخشاه أولياء الأمور وذويهم هي الامتحانات النهائية المقررة في شهرى مايو ويونيو، والتى يتوجب فيها على الطالب النجاح من أجل المرور للصف الثانى الثانوي، صحيح أن الامتحانات لن تضاف لمجموع الثانوية العامة كما أعلنت الوزارة، لكن تكرار سيناريو الأحد والإثنين في امتحانات مايو ويونيو، قد يعصف بمستقبل الطلاب.

مش عيب نقول هنجرب.. ونفشل

برغم الأزمات لكن الدكتور حسن شحاتة أستاذ المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس، يرى أن.. "الخطأ مطلوب من أجل التعلم"، قائلًا لـ المنصة.. " المنظمات الدولية أشادت بخطوات عملية تطوير التعليم، واعتبرته طفرة في مجال التعليم في مصر، يجب علينا الصبر، مفيش دولة في العالم مرة واحدة هتقوم الصبح تلاقي نظامها الجديد نجح"، مؤكدًا أنه يجب أن تعلن الوزارة بكل شفافية الوقت الذي سيتحمله الطلاب وأولياء الأمور من أجل انجاح النظام "مش عيب نقول هنجرب ونفشل .. بس لازم نقولهم هيستحملوا قد ايه".

أما أحمد ابراهيم فهو في قرارة نفسه بات مقتنعا أن ليس أمامه الا الصبر وإعادة المحاولة من أجل التدريب على الامتحان قبل شبح مايو ويونيو؛ على أمل ألا يسقط السيستم مرة أخرى.