سوق بحي بولاق الدكرور. تصوير: حي مالك

استهلاك متوسط للكهرباء؟ سيارة موديل 2014؟.. إذن أنت خارج منظومة التموين الجديدة

منشور الأحد 10 مارس 2019

اعتادت سلوى محمد علي الموظفة بالهيئة العامة لقصور الثقافة، منذ أكثر من 20 عامًا، أن تخصص اليوم الأول من كل شهر لصرف مقرراتها التموينية من البقال المجاور لمنزلها في منطقة المعصرة جنوب القاهرة، حتى فوجئت أول مارس بتوقف بطاقتها التموينية بحجة أنها دخلت دائرة غير المستحقين، وأن أمامها 15 يومًا فقط لتقديم التظلم وانتظار حسم المصير. ما حدث لـ سلوى، هو نموذج لما سيحدث لمئات الألوف من المواطنين، إذ بدأت وزارة التموين والتجارة الداخلية بدءا من فبراير المنقضي في حذف مما أسمتهم بـ "فئات غير مستحقة للدعم التمويني"، بعد توصيات خرجت من لجنة العدالة الاجتماعية الحكومية التي تضم عدة وزارات برئاسة مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.

رحلة الهيكلة.. بدأت بالحذف

في نوفمبر 2017، خرج على المصيلحي وزير  التموين الحالي ليقول في مؤتمر صحفي، إن عدد المستفيدين من بطاقات التموين وصل إلى 70 مليون مواطن وبحسب تعبيره فهذا "لا يصح"، وأن السبب في عدم وصول الدعم لمستحقيه هو عدم وجود قاعدة بيانات متكاملة عن البطاقات، وأنه خلال عام 2018 سيكون هناك اعادة هيكلة وتطوير منظومة الدعم حتى يصل الدعم بوجه كامل الى مستحقيه. رحلة هيكلة الوزارة لقواعد بيانات الدعم في 2018، شملت خطوات عدة أبرزها إلزام المواطن بتحديث بيانات البطاقة، بإضافة الرقم القومي لرب الأسرة وبيانات المستفيدين من البطاقة، ثم البدء في حذف البطاقات التى سمتها الوزارة بـ"الوهمية"، والتى لم يقبل أصحابها على تحديث بياناتهم، حيث خرج في أكتوبر  2018 المتحدث باسم الوزارة أحمد كمال ليقول إنه تم حذف 600 ألف بطاقة غير مُستدَل على أصحابها، مرورًا بحذف المتوفين والمسافرين خارج البلاد لمدة تزيد عن 6 أشهر، وصولًا إلى خط النهاية بإعلان معايير غير المستحقين للدعم التمويني والبدء في عمليات الحذف.


إقرأ أيضا: كسر الجاتوه وبقايا الفنادق.. حيل مصرية تواجه الفقر القياسي


سلوى أم لـ4 فتيات، تولت مسئولية تربيتهم بعد وفاة الأب في العام 2010، تقول إن البقال التمويني أبلغها أن توقف البطاقة جاء بسبب ارتفاع استهلاك اسرتها الشهري من الكهرباء، رغم أنها لا تمتلك أى أجهزة كهربائية تجعل شريحتها الاستهلاكية تقفز للفئة الأكبر، فضلًا عن أن راتبها الشهري دون الحوافز مازال مستقرا عند مبلغ الـ1500 جنيه، وهو الذي يجعلها وفقا للقرار الحكومي رقم (19) لسنة 2018 الصادر في يوليو الماضي ضمن الفئات الأكثر احتياجًا للدعم التمويني.

معايير الحذف

في الموازنة الحكومية للعام المالي الجاري 2018/2019، قدرت الحكومة دعم السلع التموينية هذا العام بنحو 86.175 مليار جنيه، حيث تخصص الحكومة 50 جنيها شهريا لكل مواطن مقيد في البطاقات التموينية لشراء السلع، مع تطبيقها لخطة تموينية متماشية مع السياسة العامة الراغبة في تقليل حدة الكثافة السكانية، بمنح الطفل الثالث على البطاقة التموينية مقررات بـ25 جنيهًا فقط بدلا من 50 جنيهًا. معايير غير المستحقين، التي كشف عنها الوزير المصيلحي النقاب في مؤتمر صحفي في 23 فبراير الماضي، ضمت في المرحلة الأولى التي نفذت في فبراير أيضًا، من زاد استهلاكه الكهربائي على ألف كيلووات شهريًا، بالإضافة لتخطي فاتورة هاتفه المحمول ألف جنيه شهريا، وأن يمتلك المستفيد سيارة موديل 2014 وما بعد، فضلا عن موظفو المناصب العليا، مثل (رئيس مجلس إدارة شركات و أعضاء مجلس الإدارة ، محافظ وغيرها) وأن يكون المستفيد قد ألحق الأبناء بالمدارس الأجنبية، شريطة أن تتجاوز المصاريف حد الـ30 ألف جنيه للطفل الواحد فيما شملت معايير المرحلة الثانية للغير المستحقين، التي بدأ تطبيقها الشهري الجاري، استهلاك 650 كيلو وات شهريا للكهرباء، وإنفاق الفرد على المحمول 800 جنيه، مع استمرار محدد السيارات الفارهة والوظائف العليا، والمدارس الأجنبية بقيمة 30 ألف جنيه للطفل الواحد.

من وضع المعايير؟

"المعايير وضعتها  لجنة العدالة الاجتماعية التى عملت تحت مظلة مجلس الوزراء، وهى تضم فى عضويتها عدة وزارات منها التموين والمالية والتضامن الاجتماعي والإنتاج الحربى " هكذا قال الدكتور عمرو مدكور، مستشار وزير التموين لنظم المعلومات لـ المنصة عن مصدر هذه المعايير، مشيرًا إلى أن تصنيف الفئات على مرحلتين جاء بعد انتهاء الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء من تقريره حول معدلات الدخل والإنفاق للأسر المصرية، وبناء عليه تم وضع هذه المعايير.

ويتابع الأفضل نسمي العملية تهديد بحذف غير المستحقين لأنه المواطن لو قدم تظلم وتم قبوله، سيعود مجددًا للصرف بشكل طبيعي، لكن لو تم رفض التظلم فهو سيصبح من غير المستحقين، موضحًا أن المرحلة الأولى للحذف بدأت في  في فبراير وتم السماح لهذه الفئة بالقيام بعملية التظلم عبر الموقع الرسمي للوزارة، وقبلنا حتى كتابة هذه السطور 3 % من التظلمات التي قدمت، حيث تبين أن هذه الفئات بعد مراجعة ملفها داخل وزارتي الكهرباء والاتصالات، بأنها تستحق الاستمرار في الدعم.

الكهرباء تتصدر شكاوي المرحلة الثانية

وفيما يتعلق بشكاوي المحذوفين من مصنفي المرحلة الثانية، أشار إلى أن الفرصة مستمرة لمدة أسبوعين من تاريخ الكشف عن سبب توقف صرف السلع للمواطن، لكي يتقدم بتظلم، مؤكدًا أن غالبية شكاوي المواطنين تتمحور حول الكهرباء، كاشفا أن المواطن الذي يرى أنه تم حذفه بسبب تقديرات استهلاك كهربائية خاطئة، سيقوم بكتابة هذه الملاحظة ضمن التظلم، وستقوم لجنة المراجعة بالعودة لملف الاستهلاك الخاص به بوزارة الكهرباء ومراجعة الاستهلاك الشهري، والذي يتم حسابه بتجميع الاستهلاك السنوي ثم نقوم بقسمه على 12 شهر، ليظهر لنا الاستهلاك الشهري، ووقتها سيكون أمامنا القرار النهائي، موضحا أن التظلمات ستتم إليكترونيا فقط ولن يضطر المواطن إلى الذهاب لمكاتب التموين لتقديم التظلمات.

لو عندك..

وعن معايير حساب دخل الأسرة بالأساس، فسر مدكور تلك النقطة قائلًا لو أن الزوج والزوجة عاملان، فإن مجموع الدخل يحسب على راتبهما معاً، وليس راتب رب الأسرة فقط.

مضيفًا لو عندك 4 تكييفات مثلاً فى البيت، بالتأكيد لا تطالب الحكومة بدعم تموينى أو تسأل لماذا حذفوني، أيضا معيار الملكية، عندك عربيات فارهة «مرسيدس ولا بى إم دبليو»، عندك مثلاً عقارات وأراض وما إلى ذلك، بالتأكيد انت لا تستحق.

مصير التظلمات

مدكور كشف عن حصيلة التظلمات المقدمة منذ المرحلة الأولى، مرورًا بتظلمات المرحلة الثانية حتى كتابة هذه السطور، بأنها وصلت لقرابة الـ25 % ممن وقع عليهم التهديد بالحذف في المرحلتين من أصحاب البطاقات، كاشفًا أن العدد النهائي للفئات التي دخلت دائرة الحذف يتراوح ما بين 400 ألف إلى نصف مليون مواطن، قائلًا باب التظلمات مفتوح لغاية يوم 15 مارس، بدءا من اليوم التالي لهذا التاريخ حتبدأ لجنة العدالة الاجتماعية في الاجتماع للبت في هذه التظلمات وحسم مصيرها.

 

أحد أسواق منطقة بولاق الدكرور. تصوير: حي مالك.

مجلس النواب ومصير المحذوفين

قبل أيام ، أعلنت النائبة أنيسة حسونة تقدمها، بطلب إحاطة للدكتور علي عبد العال، رئيس البرلمان، موجه لرئيس مجلس الوزراء ووزير التموين، بشأن تأجيل تطبيق حذف غير المستحقين من البطاقات التموينية حتى مايو المقبل لحين الفصل في التظلمات، مبررة ذلك بإنه حدث خلال الشهور الماضية حذف عشوائي من البطاقات التمونية، مما يشير إلى عدم صلاحية البيانات التي تعتمد عليها الوزارة، مما يتطلب وجود فترة كافية للتظلم والبت فيه من قبل الوزارة قبل تنفيذ عملية الاستبعاد.

معايير غير دقيقة

الأحد المقبل، بحسب النائب محمد بدراوي، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، سيكون على مائدة اجتماعات اللجنة عدة طلبات إحاطة بشأن بدء تطبيق معايير حذف غير المستحقين من القاعدة التموينية دون الحصول على موافقة مجلس النواب. بدراوي أضاف لـ المنصة وزير التموين نفسه قبل عدة أسابيع كان موجودًا في اللجنة، وقال إنه بمجرد الانتهاء من المعايير سيتم عرضها على اللجنة الاقتصادية للتباحث فيها وإقرارها سواء بشكلها المعروض أو إدخال بعض التعديلات، لكن ما حدث عكس ذلك. عضو اللجنة يرى، أنه كان يجب قبل بدء التطبيق أن يتم إعلان تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء حول  معدلات الإنفاق والاستهلاك للأسر، حتى يكون الأمر واضحًا أمام الجميع، خاصة أن قياس  الدخل والإنفاق سيتم عليه  تحديد نسب الفقر وفقًا لعدة مستويات، كالمستوى العام والجغرافي، مما سيسهم في تحديد الفئات المستحقة وغير المستحقة. 

فضلا عن أنه بشكل شخصي معترض على بعض المعايير المعلنة منها معيار الملكية في تحديد المستحقين غير دقيق لصعوبة إمكانية تحديد قيمة الأملاك، فبعضها قد يقدر بملايين الجنيهات إلا أنه لا يدر دخلًا على أصحابه، قائلا ممكن تكون عمارة بملايين، لكن كلها إيجار قديم ومش بتدخل أكتر من 100 جنيه، بالاضافة لتحديد موديل سيارة 2014 كمؤشر لــالثراء قائلًا ما هو ممكن أكون معايا عربية فعلا موديل 2014 بس شغال عليها أوبر أوكريم، وبدفع أقساط، مش شرط يكون الـعربية مؤشر إني معايا فلوس.

لكن سلوي التي لا تملك أى سيارة، وأبنائها قد اتموا تعليمهم في مدارس وجامعات حكومية، وتستخدم الكارت لشحن هاتفها، ولكنها تمسكت بوعود الحكومة، وقدمت تظلمًا عبر الموقع الإليكتروني مع التدوين في الملاحظات أن استهلاكها الكهربائي لا يتجاوز الـ650 كيلو وات شهريا، منتظرة نهاية مدة التظلم ليتبين مصيرها.