مجلس النواب في جلسة مناقشة التعديلات الدستورية. الصورة: المنصة

يوميات صحفية برلمانية| 10 ساعات من: "وأفوض أمري إلى الله" ولعنة الله على الديمقراطيات و"مصر عارفة وشايفة"

منشور الأربعاء 13 فبراير 2019

بالآيات القرآنية والأبيات الشعرية حاول النواب المؤيدون والمعارضون للتعديلات الدستورية المقترحة مخاطبة مشاعر الحضور في جلسة امتدت لنحو 10 ساعات ولم تعرضها أي قناة تليفزيونية سوى القناة الداخلية لمجلس النواب.

وفي مشهد لا يتكرر كثيرًا؛ احتشد النواب في العاشرة والنصف من صباح الأربعاء وحتى الثامنة والنصف مساء لمناقشة التعديلات الدستورية على مدار 3 جلسات عامة هادئة  خلت من الانفعالات والمشادات، ناقشوا خلالها تقرير اللجنة العامة بشأن التعديلات المقترحة، التي قدمها رئيس ائتلاف دعم مصر، عبد الهادي القصبي، الأسبوع الماضي مرفقة بتوقيعات خُمس الأعضاء الذين لم تتضح أسماؤهم بعد.

جاءت كلمات المؤيدين متمسكة ببقاء الرئيس مددٍ إضافية تصل لعام 2023 لـ "حماية الأمن القومي والاستقرار والحفاظ على بنيان الدولة"، فيما تركزت "مخاوف الإطاحة بمكتسبات ثورة يناير والتداول السلمي السلطة" واضحة في كلمات المتحدثين الرافضين للتعديلات المقترحة، بجانب تحذيرات من منح الرئيس صلاحيات مطلقة عبر تحكمه في تعيين رؤساء الهيئات القضائية. 

الرافضون: التكتل + نائبة مستقبل وطن

انحصر الرافضون في نواب تكتل 25/30 المعارض، والذي يصل عدد أعضائه 16 نائبًا، بالإضافة إلى فايزة محمود عضو حزب مستقبل وطن، وعضو ائتلاف دعم مصر ذو الأغلبية البرلمانية صاحب طلب التعديلات الدستورية.

حسم النائب هيثم الحريري موقفه من التعديلات الدستورية اليوم، بعد تعرضه لهجوم شديد وانتقادات عقب نشره بيان على صفحته الرسمية بفيسبوك أمس يوضح إجراءات مناقشة التعديلات في البرلمان.

كلمات الحريري في بيان فيسبوك تلقفتها بعض المواقع الإلكترونية ونشرتها بعناوين تشير إلى تغير موقف النائب الذي سبق وأعلن معارضته للتعديلات، واعتبرت الكلمة بمثابة "تصحيح موقفه".

لكن الحريري حسم موقفه اليوم، مُجددًا رفضه التعديلات الدستورية "في 2005 و2007 كان فيه برلمان عنده يوم تاريخي، وفي برلمان السادات كان فيه يوم تاريخي بس يمكن النواب وقتها لو كانوا استشرفوا المستقبل كانوا غيروا مواقفهم".

وأضاف الحريري مستنكرًا "لما نيجي نتكلم عن المادة 226 والسيد رئيس المجلس بيتكلم على زيادة السنوات لكن منزودش المدد، فنضع مادة انتقالية تسمح للرئيس الحالي أنه يقعد مدتين فوق المدتين، يبقى إحنا كده مزودناش المدد"، واستطرد "لما نحط في المادة 140 كلمة "متتاليتين" وليس "أكثر من مدتين متتاليتين"، يبقى دا معناه إنه يقدر يقعد 3 أو 4 أو 5 مدد غير متتالية. وإحنا كده مش بنخالف صحيح الدستور".

أما المواد التي تمس السلطة القضائية، فعلق عليها الحريري قائلًا "رفضنا قانون اختيار رؤساء السلطة القضائية هنا لأنه يكسر استقلال السلطة القضائية، المادة المقترحة حاليًا تدستر هذا الأمر". وأضاف "أصبح أمر دستوري إن أي رئيس جمهورية يختار رئيس المحكمة الدستورية، ويختار النائب العام ويبقى هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء. ده مش استقلال للسلطة القضائية على الإطلاق".

العصور الوسطى

النائب أحمد الطنطاوي عضو التكتل قال "ما نقوم به في مجلس النواب باطل دستوريًا استنادًا لموضعين في المادة 226 وليس واحدا، ليس من حق البرلمان تعديل مواد الرئاسة أو الحقوق والحريات إلا لمزيد من الضمانات، وليس من حقه إلا أن يعدل لا أن يستحدث مادة جديدة تُخالف كل الأعراف القانونية واللائحية".

واعترض الطنطاوي على المادة الانتقالية "إنها انتفت عنها صفة العموم والتجرد. هي مفصلة لشخص واحد، يتبقى أن نفتح قوسين ونذكر اسم الشخص"، واعتبر الطنطاوي أن التعديلات "رِدة وانتكاسة وعودة بنظام الحكم لأسوأ من 25 يناير، وتركيز السلطة المطلقة في يد شخص واحد". مضيفًا "نحن نضحي الآن بما يعد مكتسبًا وحيدًا للشعب المصري ونعود لما يشبه العصور الوسطى".

واختتم الطنطاوي كلمته بأبيات عبد الرحمن الأبنودي "ومصر عارفة وشايفة وبتصبر.. لكنها في خطوة زمن تعبر وتسترد الاسم والعناوين"، واختتم كلمته بالآية القرآنية "فستذكرون ما أقول لكم، وأفوض أمري إلى الله، إن الله بصير بالعباد".

تقدير للقوات المسلحة

النائب محمد العتماني، عضو التكتل البرلماني المعارض، شدّد على تقديره للقوات المسلحة ودورها، وفي الوقت نفسه أوضح رفضه للتعديل المقترح على مهام القوات المسلحة، أما الإنجازات التي استند إليها المدافعون عند حديثهم عن برنامج تكافل وكرامة، الخاص بدعم الأسر الفقيرة، فقال عنها العتماني "تكافل وكرامة مهانة للشعب المصري أتحدى أنكم تلاقوا ناس تحصل على حقوقها. إنه مهين للمصريين. أتحدى استفادة المستحقين منها".

النائب ضياء الدين داوود، عضو التكتل، قال خلال كلمته "ما كنت أتمنى أن أقف في هذا الموقف، أظن أن هناك بطلان نسبي يتعلق بعدد من المواد"، وأضاف "كنت أتمنى أن نخرج سالمين من الفصل التشريعي الأول"، متسائلًا عن ضمانات مشروعية هذه التعديلات.

وأكدت النائبة نادية هنري، عضو التكتل، وجود عدد من المواد الدستورية التي تحتاج للتفعيل، قبل التفكير في إدخال تعديلات، مشيرة إلى عدم تفعيل المادة 11 من الدستور التي تكفل عمل المرأة في القضاء.

نائبة أخرى من خارج التكتل انضمت للمعارضين، إذ نادى رئيس المجلس على النائبة فايزة محمود بصفتها عضو في ائتلاف دعم مصر صاحب طلب التعديلات الدستورية، فقالت "أولًا يا ريس أنا مش دعم مصر. وأعارض التعديلات الدستورية"، وبالبحث عن النائبة تبين أنها خاضت الانتخابات من خلال القائمة ممثلة لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال عضويتها في حزب مستقبل وطن بحسب المعلومات المنشورة على صفحتها الشخصية على فيسبوك.

المؤيدون: الكل - نائبة مستقبل وطن

كان الاستقرار وحصاد الانجازات ودعم المرأة، أبرز مبررات قبول التعديلات الدستورية بخلاف تركيز النواب على مميزات بقاء الرئيس الذي يعد "شخصية تاريخية"، للدرجة التي جعلت رئيس المجلس يدعوهم لعدم التركيز على هذه المادة فقط والتأكيد على أن الرئيس لا "يطمع في الحكم".

ممثل الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، النائب أيمن أبو العلا، اعتبر أن دستور 2014 وُضع في ظل "حالة فوبيا"، مدافعًا عن المادة الانتقالية التي تمكن الرئيس من الاستمرار في منصبه حتى عام 2034. "أقول للقوى المدنية المعارضين لماذا نضيع الفرصة على مصر لوجود هذا الرجل في مرحلة مصر محتاجة لها. مصر لن يقودها هواة أظهروا لي خلال الثلاث سنوات المقبلة من يتقدم أمام السيسي ونحن حينها نقيّم الموقف، لكن لا يجب أن نحرم مصر من رجل له إنجازات في مجالات مختلفة" بحسب أبو العلا.

وعبر النائب هاني أباظة عن موقف حزب الوفد بادئًا كلمته بالإشادة بالرئيس"كنا شبه دولة. نصف دولة، كانت غير موجودة. لم يكن موجودًا لا تعليم ولا صحة ولا بنية تحتية. هو بدأ يؤسس لبناء دولة وقواعد"، مضيفًا عن السيسي "عمل شغل كتير جدًا وبدأ مشروعات قومية لم تكتمل بعد. أي منطق يقول إن الرئيس يمشي، هذه المشروعات القومية التي تؤسس لبناء دولة مصرية حديثة كلنا نطمع فيها لتوفير حياة كريمة ونقول له متشكرين، فيأتي واحد آخر يطمس هذه الإنجازات. حق الانسان المصري الاستفادة من هذه الانجازات".

راجع من إثيوبيا

أما النائبة مايسة عطوة فقالت "كيف أرفض تعديلًا يضمن حق المرأة وشباب وعمال مصر. أهلًا بالتعديلات الدستورية ورئيس مصر، الذي تزيد فترة رئاسته ليحصد ما نبنيه اليوم".

أما النائب مصطفى الجندي فقال "أنا لسة راجع من إثيوبيا. الناس هناك أملهم الوحيد هو تولي الرئيس السيسي رئاسة الاتحاد الأفريقي، يرونه قائدًا للحرب على الإرهاب فى كل مكان. الجيش المصرى يُدرب آلاف الأفارقة".

الجندي، الذي كان وجهًا معارضًا خلال عهد مبارك وبعد ثورة يناير ويونيو، أكد موافقته على التعديلات وترحيبه بالمادة التي تمنح الجيش اختصاصًا في الحفاظ على الدولة المدنية "أقول نعم للدستور علشان دي (مادة الجيش)، لأني مش هسيب عيالي لسياسيين".

لعنة الله على الديمقراطيات

النائب إيهاب الخولي عضو الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين أكد موافقته على التعديلات واصفًا دستور 2014 بأنه "دستور انفعالي"، وردًا على المعترضين تساءل الخولي "هل مسّت هذه التعديلات الحقوق والحريات. بالعكس نحافظ عليها. بالنسبة لتعيين القضاة طبيعي إن رئيس الجمهورية يصدر قرارات بخصوصها، وبالنسبة للقوات المسلحة فنحن ندستر دورها. نحن نتوافق مع ذاتنا في هذه التعديلات"، فقاطعه رئيس المجلس قائلًا " كلام ممتاز".

أما النائبة نشوى الديب عضو مجلس النواب عن الحزب الناصري، فأعلنت موافقتها على التعديلات الدستورية، مستندة لـ "تغير الظرف التاريخي".

وهاجم النائب رياض عبد الستار عضو ائتلاف دعم مصر ما أسماه "النخبة اللي بيدّعوا الديمقراطية أقول لهم لعنة الله على الديمقراطيات، لعنة الله على المنظمات الدولة التي تنمتمون اليها مصر اقوى من الجميع ونعمل على تعديل الدستور نعم للرئيس عبد الفتاح السيسي.

النور يؤمن بـ "ديقراطية" ويرفض "مدنية" و"ثيوقراطية"

وبين المؤيدين والمعارضين للتعديلات الدستورية؛ وقف حزب النور، السلفي، معترضًا على مصطلح الدولة المدنية المُضاف إلى مهام القوات المسلحة، والتي ستحتفظ بموجب هذه المادة بصلاحية "الحفاظ على الدستور والدولة المدنية"، وطالب الحزب باستبداله بمصطلح "دولة ديمقراطية حديثة" كما اعترض ممثل الحزب على تخصيص كوتة للمرأة.

قال ممثل الهيئة البرلمانية لحزب النور، النائب أحمد خليل "نوافق علي التعديلات موافقة جزئية، وسنرفق 3 اعتراضات. الأول على الكلمة المذكورة في المادة 200 وهي كلمة مدنية لأننا نؤمن بالدولة الديمقراطية الحديثة، ونرى أن هذه الكلمة جديدة على الدستور. نحن نرفض الدولة العلمانية والثيوقراطية والبوليسية ونؤمن بدولة ديمقراطية حديثة في ظل المادة الثانية للدستور".

وقال "نرفض تحول الاستثناء إلى قاعدة فيما يخص كوتة المرأة، والاستثناء الذي حدث لظرف معين نرفض أن يتحول لقاعدة توضع في الدستور"، كما اعترض على التعديلات المتعلقة بالقضاء وقال "نعترض على الاقتراب أو إيحاء بالخلط بين السلطات فيما يخص القضاء ليس الآن وإنما بعد ذلك" دون توضيح أو طلب توضيح من رئيس المجلس.

التجمع: كلام غير واضح

أصاب موقف حزب التجمع النواب والصحفيين بحيرة كبيرة، فعلى الرغم من أن ممثل الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، النائب المعيّن من قبل الرئيس سيد عبد العال، تحدث في الجلسة العامة إلا أن كلماته لم تكن واضحة ومسموعة بشكل جيد، ما أدى إلى تضارب في المعلومات، خاصة بعد نشر صفحة منسوبة للحزب خبرًا عن رفضه التعديلات.

ما سمعته من داخل المجلس أنه استهل كلمته بعبارة "إننا بصدد دستور الضررورة"، وخلال الأسبوع الماضي لم يرفض سيد عبد العال خلال اجتماع اللجنة العامة التعديلات المقترحة، ولم يرفض التقرير الذي أعدته اللجنة خلال الاجتماع، كما هنأ عبد العال أمين عام ائتلاف دعم مصر، ذو الأغلبية البرلمانية، أحمد السجيني بالتعديلات عقب انتهاء اجتماع اللجنة العامة الأسبوع الماضي. بينما لم تتمكن المنصة من استيضاح موقف 

رئيس البرلمان: لسنا دولة دينية أو علمانية أو عسكرية والدين مصدر التشريع

الدفاع الأول الذي تبناه رئيس مجلس النواب، الدكتور علي عبد العال، خلال تعقيبه على كلمات النواب جاء ردًا على كلمة ممثل الهيئة البرلمانية لحزب النور، مدافعًا عن النص على مصطلح مدنية الدولة "الدستور يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة، كلمة مدنية يقابلها دولة دينية أو عسكرية مصر ليس دينية يحكمها رجال الدين وليست عسكرية وليست علمانية وهي بعيدة تماما عن نية واضعي الدستور" بحسب عبد العال.

وفي محاولة لطمأنة النواب قال رئيس البرلمان "الدستور المصري نص صراحة على أن الدين الاسلامي هو دين الدولة ومبادئ الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع".

وعقب عبد العال على كلمة النائب أحمد الطنطاوي، عضو تكتل 25-30، قائلًا "لا حظر على زيادة عدد السنوات. كل ما في الأمر هي مادة انتقالية لحالة تاريخية يحكمها سياق تاريخي وخصوصية الحالة المصرية، الحظر باقٍ كما ذكرت لكن هناك تعديل للمدة من حقك كنائب التعبير عن رأيك وذكرته في بداية الجلسة وأحيي كل نائب يُبدي الرأي لكن القرار للأغلبية في نهاية الأمر".

وتابع رئيس المجلس "إذا كانت ثورة يناير قامت من أجل العيش والحرية، وبالتالي فإن مَن يستعرض التعديلات يجدها من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التي لمسها الشعب المصري في كثير من الاجراءات".

واستشهد عبد العال بقوافل العلاج والكشف الطبي للمصريين، قائلًا "لا يوجد مرض نهش في أجساد المصريين كفيروس سي، ما حدث أنه لم يوجد أي نظام فكّر في علاج المصريين إلا هذا النظام، ومفيش نظام فكر في إخراج المصريين من العشوائيات وبناء مساكن حديثة آدمية إلا هذا النظام".


اقرأ أيضًا عن الشباب القادم للبرلمان الجديد في تقريرنا الخاص: الإحماء على الخط