الرئيس السيسي أثناء إلقاء كلمته أمام  الاتحاد الأفريقي. الصورة: المتحدث باسم الرئاسة- فيس بوك

نص كلمة السيسي في الجلسة الافتتاحية للقمة الـ 32 للاتحاد الأفريقي 10/2/2019

منشور الاثنين 11 فبراير 2019

 

بسم الله الرحمن الرحيم،

اسمحولي في البداية إن أنا، قبل ما أقول كلمتي إليكم إن أنا، أتوجه ليكم جميعا بكل التحية وكل التقدير وكل الاحترام، وأتوجه للشعوب الأفريقية كلها، بأبلغ المعاني الجميلة، والأمنيات الطيبة لهم.

أصحاب الجلالة والفخامة والمعالي،

ملوك ورؤساء الدول والحكومات الأفريقية،

صاحب الفخامة رئيس دولة فلسطين الشقيقة،

الأخوة والأخوات،

السيدات والسادة،

اسمحوا لي أن استهل كلمتي بالإعراب عن الامتنان والتقدير لأخي رئيس الوزراء أبي أحمد، وشعب إثيوبيا الشقيق على ما لمسناه من كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال.

كما أتقدم بالشكر لأخي فخامة الرئيس بول كاجامي على ما بذله من جهود صادقة لدفع العمل الأفريقي المشترك، وعلى جهده الدؤوب خلال توليه رئاسة الاتحاد الأفريقي، وما تحقق بالتبعية من تقدم ملحوظ على صعيد إصلاح الاتحاد الأفريقي، بما يجعله أكثر قدرة على إنجاز المسؤوليات المهمة الموكلة إليه في ظل أوضاع إقليمية ودولية دقيقة، تتشابك فيها التحديات والمخاطر التي تجابه المصالح الأفريقية.

وأؤكد أن مصر ستعمل جاهدة على مواصلة الطريق الذي بدأناه سويا للإصلاح المؤسسي والهيكلي والمالي للاتحاد، واستكمال ما تحقق من إنجازات، ترسيخا لملكية الدول الأعضاء لمنظمتهم القارية، وسعيًا نحو تطوير أدوات وقدرات الاتحاد ومفوضيته، لتلبية تطلعات وآمال الشعوب الأفريقية.

كما أعرب عن خالص التهاني لفخامة الأخ الرئيس رامافوزا، رئيس دولة جنوب أفريقيا، بمناسبة اختياره لتولي رئاسة الاتحاد الأفريقي عام 2020، وكلي إيمان أن تعاوننا كترويكا رئاسة الاتحاد سيدعم الاستمرارية والمؤسسية في إطار العمل الأفريقي المشترك، ويعزز من تضامننا الأفريقي. ويسعدني كذلك أن أُرحب بالقادة الأفارقة الذين يترأسون وفود بلادهم للمرة الأولى باجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي، مهنئا إياهم بثقة شعوبهم، ومتمنيا لهم خالص التوفيق والسداد في مهامهم، ومتطلعا للتعاون معهم لتعزيز العمل الأفريقي المشترك.

السيدات والسادة،

أود أن أتوجه بالشكر لأصحاب الجلالة والفخامة والمعالي على الشرف الرفيع والثقة الغالية التي أوليتموها إلى مصر لقيادة دفة الاتحاد الأفريقي خلال عام 2019، الذي يمثل قمة العمل الأفريقي المشترك، والذي تجلى في أبهى صوره في ثورات التحرر الوطني في أفريقيا منذ خمسينيات القرن الماضي، حين عكفت مصر على تصدير الكفاح السياسي ضد الاستعمار كمحور مهم في سياستها الخارجية آنذاك، وكانت القاهرة وجهة أساسية لكل الحركات الأفريقية الساعية للاستقلال والتحرر الوطني من الاستعمار.

وها أنا أقف أمامكم اليوم، واعيًا لحجم المسؤولية الكبيرة التي عهدتم بها إلى مصر لتنسيق العمل الأفريقي المشترك في ظرف دولي وقاري دقيق، تعصف به نزعات التطرف وموجات الإرهاب، وتتزايد فيه التحديات التي تواجه مفهوم الدولة الوطنية، في وقت تتعاظم فيه تطلعات الشعوب.

وليس هناك ما يبعث على التفاؤل مثل اجتماعنا معًا للتدبر والتداول في شؤون قارتنا المجيدة، وتنسيق خطانا على طريق المسيرة الواحدة من أجل إسعاد مئات الملايين من أبنائنا وأحفادنا، وهو الهدف الذي نكرس له كل عملنا وجهدنا.

ولقد مضى أكثر من نصف قرن على اجتماع الآباء المؤسسين الذين أرسوا سويًا لبنة الوحدة الأفريقية هنا بأديس أبابا في مايو 1963، يومها قال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ليكن ميثاقًا لكل أفريقيا، ولتعقد اجتماعات على كل المستويات الرسمية والشعبية ولنبدأ طريقنا في التعاون الاقتصادي نحو سوق أفريقية مشتركة، كلمات مضى عليها أكثر من نصف قرن ولكن ما يزال صداها ماثلا أمامنا.

منذ تلك اللحظة التاريخية وحتى الآن استطاعت أفريقيا أن تقطع شوطا طويلا، واستطعنا تحقيق الكثير من الأحلام، وتغلبنا على العديد من العقبات، وواجهنا ما استجد من تحديات، تخلصنا من الاستعمار وإن بقيت آثاره ورواسبه، وما زلنا نعمل جاهدين على ترسيخ مقومات السلام والأمن والاستقرار، وعلى تحقيق التكامل الاقتصادي، والاندماج القاري لدولنا وشعوبنا، سعيًا نحو بناء الإنسان الأفريقي.

 كما ثبت.. كما ثبت بما لا يدع مجالا للشق للشك أن الفهم المشترك والاحترام المتبادل بيننا جميعًا، هو أعظم قوة دافعة نمنحها للاتحاد الأفريقي، وإنه بتعميق إرادتنا المتحدة يستطيع عملنا المشترك أن ينطلق نحو كل آفاق التي نستهدفها ونتطلع إليها، وكما قال الزعيم الغاني الراحل كوامي نكروما، في انقسامنا ضعف، وفي اتحادنا يمكن لأفريقيا أن تصبح واحدة من أعظم القوى في العالم.

السيدات والسادة،

أود في هذا المقام تأكيد أهمية ترسيخ مبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية، فهو السبيل الوحيد للتعامل مع التحديات المشتركة التي تواجهنا، فأفريقيا أكثر قدرة على فهم تعقيدات مشاكلها وخصوصية أوضاعها، ومن ثم أُقدر أقدر على إيجاد، أقدر على إيجاد حلول ومعالجات جادة وواقعية تحقق مصالح شعوبها، وتصونها من التدخل الخارجي والسقوط في براثن الأنماط المبتكرة والمعاصرة من الاستغلال، تلك الأنماط التي لا تلائم واقعها.

وعلى الرغم من جهودنا الحثيثة للسيطرة على النزاعات بالقارة ومحاصرتها، وخطتنا الطموحة لإسكات البنادق في جميع أرجاء العالم، في جميع أرجاء  القارة، بحلول عام 2020، فلا يخفى عليكم أن الطريق أمامنا لا يزال طويلا لإنهاء الاقتتال في أفريقيا، وعلينا أن نستمر في السعي سويًا لطي تلك الصفحة الأليمة من تاريخ النزاعات في أفريقيا، والتي نالت من آمال التنمية في، بالقارة.

كما يتعين علينا أن نؤمن بضرورة التحصن بدرع التنمية لمعالجة جذور الأزمات، ومن هنا أدعوكم أشقائي قادة أفريقيا للعمل معًا على إعادة إحياء وتفعيل سياسة قارتنا الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، ولوضع خطط عمل تنفيذية تحصن الدول الخارجة من النزاعات ضد أخطار الانتكاس، وتساعد على بناء قدرات مؤسسات الدولة لتضطلع بمهامها في حماية أوطانها، وتساهم في التئام جروح مجتمعاتنا.

ونتطلع لإطلاق أنشطة مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، والذي تستضيفه القاهرة في أقرب وقت ممكن، ليكون بمثابة منصة تنسيق جامعة وعقل مفكر، يعكف على إعداد برامج مخصصة للدول الخارجة من النزاعات، تراعي خصوصية الدولة وتحمي حقها في ملكية مسار إعادة الإعمار والتنمية.

ويستمر العمل على تطوير وتعزيز بنية السلم والأمن الأفريقية بشكل شامل ومستدام، كهدف استراتيجي لقارتنا، وستظل الوساطة والدبلوماسية الوقائية على قمة أولويات الاتحادا لأفريقي، كما سنعكف على تعزيز التنسيق والمواءمة بين آليات السلم والأمن القارية والإقليمية، لتتكامل دون تقاطع، بما يعزز الاستجابة المبكرة والفعالة لمختلف الأزمات.

ويظل الإرهاب، ويظل الإرهاب سرطانًا، سرطانا خبيثًا يسعى للتغلغل في أجساد الأوطان الأفريقية، ويهاجم مفاصل الدولة الوطنية، ويختطف أحلام الشعوب وأبناءها.

إن مكافحة الإرهاب بشكل شامل تتطلب منا تحديد داعميه ومموليه، ومواجهتهم سويًا في إطار جماعي وكاشف، ومع إدراكنا لصعوبة تلك المعركة وتعقيدها، تظل هي الطريق الأمثل لاجتثاث جذور الإرهاب والقضاء عليه، ولا يقلل ذلك من حتمية دحض سموم التطرف التي تفرز الإرهاب، وضرورة تعزيز مؤسسات الدولة الوطنية الحامية والقوية.

إن جسر الهوة بين إرساء السلام والاستقرار وجني الشعوب لثمار التنمية، يتصدر هموم محافل السلم والأمن الدولية، ويشغل بال القيادات السياسية ويستثير ألمع العقول الدبلوماسية والأمنية والاستراتيجية، وفي هذا الإطار يسعدني الإعلان عن إطلاق النسخة الأولى من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة خلال عام 2019، ليكون منصة إقليمية وقارية يجتمع بها قادة السياسة والفكر والرأي، وصناع السلام وشركاء التنمية في مدينة أسوان جوهرة النيل، لنبحث معًا آفاق الربط بين السلام والتنمية بشكل مستدام، بما يصنع فارقا ملموسًا في حياة الشعوب ويبث الأمل في نفوسهم.

السيدات والسادة،

تعقد قمة الاتحاد الأفريقي اليوم تحت عنوان المهاجرون والعائدون والنازحون، نحو حلول دائمة للنزوح القسري في أفريقيا، وهنا أود أن أؤكد أننا بصدد عرض لأمراض متعددة، فانتشار النزاعات، ووحشية الإرهاب، وهمجية التطرف، وتغير المناخ، وقسوة الفقر، وشح المياه وتفشي الجفاف، كلها عوامل تتضافر وتتداخل لتدفع البشر لفراق ديارهم، لاسيما وأن آثار تلك الأزمات تنعكس على أفريقيا بالمقام الأول، حيثُ تصل أعداد اللاجئين إلى نحو 8 مليون لاجئ، 90% منهم لاجئين داخل القارة.

 كما تصل أعداد النازحين إلى حوالي 18 مليون نازح، وهو ما يحثُنا على تبني مقاربة تنموية، تشمل مشروعات قارية وإقليمية ضخمة لتوفير أكبر قدرٍ من فرص العمل لمواطني القارة، واعتماد برامج إعادة إعمار مستنيرة تعيد تأهيل المجتمعات وتهيئ الظروف لعودة النازحين لديارهم، فضلا عن إرساء خطة، خطة تطوير متوسطة الأمد، تخلق مناطق اقتصادية متكاملة وجاذبة في أنحاء القارة، لتوظيف الأيدي العاملة والعقول الأفريقية وإبقائها في أحضان قارتها الأم.

كما ينبغي في السياق ذاته، تكثيف تعاوننا العلمي للاستفادة من قدرات القارة الطبيعية في تنويع مصادر الطاقة، من خلال دعم مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة، بما يسهم في تخفيف الآثار البيئية لظاهرة تغير المناخ التي نشهدها، وتتأثر بها حياة شعوبنا، وإذ تلتزم أفريقيا بالعمل على حماية كوكبنا وفقًا لاتفاق باريس للمناخ، فإنها تدعو دول العالم المتقدم إلى الالتزام بتعهداتها، لا سيما وأن هذه الدول هي الأكثر تأثيرا على مناخ الأرض، والأكثر استفادة من مواردها.

السيدات والسادة،

استطاعت أفريقيا تحقيق العديد من المكاسب من خلال تبنيها مواقف مشتركة وموحدة بالمناقشات والمفاوضات الدولية متعددة الأطراف، الأمر الذي يحثنا على ترسيخ التوافق الأفريقي للدفاع عن المصالح الأفريقية، خاصة فيما يتعلق بحق الدولة الأصيل في امتلاكها لبرامج التنمية، وحق أفريقيا التاريخي في تمثيل عادل بمجلس الأمن الدولي، بما يعكس الموقف الأفريقي الموحد وفقًا لتوافق إيزوِلويني وإعلان سرت.

ويوماً تلو الآخر، تستعيد المرأة الأفريقية العظيمة دورها المحوري في المساهمة في قيادة قارتنا، وإليها أوجه تحية تقدير وإعزاز، لما تحملته وما زالت من التصدي لويلات الحروب بالصبر، والتغلب على ندرة الموارد بالجهد.

 إليكن سيدات أفريقيا أقول، إن أمامكن الأُفق مضيئا إلى منتهاه، لا يوجد ما يمنعكن من تحقيق آمالكن وترسيخ قيادتكن، (تصفيق) لا يوجد ما يمنعكن من تحقيق آمالكن، وترسيخ قيادتكن،  فقط عليكن مواصلة الجهد والعمل والتسلح بالعلم والإرادة، وعلينا نحن أن نفتح جميع الأبواب أمام تحقيق آمال وأحلام المرأة الأفريقية.

وإلى شباب أفريقيا، قلب القارة النابض وسواعدها الفتية أقول، إننا نبذل الجهود، ونعد الخطط، آملين أن نترك لكم قارة أقوى مما ورثناها، وأن نفتح لكم أفاقا أرحب مما وجدنا، وأن نخلق لكم أدواتا تمكنكم من قيادة دفة أفريقيا الآمنة القوية.

 وكونوا على ثقة بأننا نؤمن دائمًا بكم وبأحلامكم، ويبقى عليكم العمل الجاد، فقارتكم تحتاج سواعدكم وكفاحكم، فازرعوا بأراضيكم أغصان غد مشرق قبل أن تندفعوا في مغامرات للهجرة أقرب للانتحار، وتريثوا قبل الانسياق وراء افتراءات تطرف تسقطكم في براثن الإرهاب.  

وإلى شركاء أفريقيا بدول العالم أقول، أن الشراكة مع أفريقيا فرصة حقيقية لتحقيق المصالح المشتركة، واستثمار رابح اقتصاديًا وتنمويًا. إن أفريقيا وهي تحرص على تعزيز تكاملها تبقى منفتحة على العالم، وسنسعى لتعميق التعاون مع شركاء القارة الحاليين لاعتماد خطط تنفيذية قابلة للتفعيل، تعود على شعوب القارة بنتائج ملموسة.

 كما سنعكف على توسيع آفاق التعاون الأفريقي مع مختلف، مع مختلف الشركاء الدوليين، مستهدفين بناء القدرات الأفريقية، ونقل المعرفة، وتحديث منظومة التصنيع القارية، وتطوير البنية الأساسية والتكنولوجية، وإرساء قواعد الاقتصاد الرقمي بأفريقيا.

ومن هذا المنبر، توجه أفريقيا الدعوة إلى مؤسسات القطاع العام، إلى مؤسسات القطاع الخاص العالمية، والشركات الدولية متعددة الجنسيات للاستثمار في قارتنا، فأسواق أفريقيا مفتوحة والظروف الاستثمارية مهيأة وأيادينا ممدودة للتعاون، وأراضينا غنية بالفرص والثروات، ولدينا الثروة البشرية، وعزمنا على بناء مستقبل قارتنا في شتى المجالات لا يلين.

وأُطالب، وأطالب مؤسسات التمويل الدولية والقارية والإقليمية بأن تضطلع بدورها في تمويل التنمية بأفريقيا، وتوفير الضمانات المالية لبناء قدرات القارة بما يسهم في تعزيز التجارة وزيادة الاستثمار، وأذكرهم دومًا أن لكل قارة خصائصها، ولكل دولة خصوصيتها، وقد آن الأوان لكي تفكر تلك المؤسسات بشكل مختلف تجاه أفريقيا، وتقدم شروطًا ومعايير مرنة، تسهم في تحقيق الدول، تسهم في تحقيق الدول الأفريقية لأحلامها باللحاق بركب التقدم والتحديث والتنمية المستدامة. 

 

الأخوة والأخوات،

إن نجاحنا في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية يتوقف إلى حد كبير على قدرتنا على مواجهة هذا التحدي يدًا واحدة، وبالتالي علينا أن نعمل سويًا على تذليل لمعوقات التي تواجه تعميق العمل الأفريقي المشترك من خلال التركيز على ثلاثة محاور:

أولها، تعزيز جهود تحقيق التكامل الإقليمي في أفريقيا وأفضل سبيل لذلك هو تطوير البنية التحتية الأفريقية، من خلال تعظيم المشروعات العابرة للحدود، وتشجيع الاستثمارات في هذا المجال، لا سيما في إطار المشروعات المدرجة ضمن أولويات الاتحاد الأفريقي، كمشروع ربط القاهرة بريًا بكيب تاون، ومشروع الربط الكهربائي بين الشمال والجنوب، وربط البحر المتوسط ببحيرة فكتوريا.

وثاني هذه المحاور، هو دفع الاندماج القاري عبر تسريع وتيرة إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وهو أحد أهم أولويات الاتحاد الأفريقي بما يساهم في تخفيض أسعار الكثير من السلع، ويزيد من تنافسية القارة الأفريقية على المستوى العالمي، وبالتالي تحتم علينا الظروف المحيطة تعزيز تعاوننا وتكثيف جهودنا للدفع بدخول الاتفاقية المنشئة للمنطقة إلى حيز النفاذ وتفعيلها في أقرب وقت ممكن. كما يتعين علينا العمل سويًا على استكمال المنظومة التجارية والاستثمارية والاقتصادية الأفريقية، بما يتيح لنا تحقيق نتائج واقعية تلمسها شعوبنا.

ويمثل المحور الثالث والأخير تتويجا للمحورين السابقين، وهو السعي لتوفير المزيد من فرص العمل للشباب، الأمر الذي يتطلب بشكل رئيسي حشد الاستثمارات الوطنية والدولية وجذب رؤوس الأموال وتوطين التكنولوجيا.

أصحاب الجلالة والفخامة والمعالي

ملوك ورؤساء الدول والحكومات الأفريقية،

إن أنظار القارة تتطلع إلينا، وتترقب قراراتنا وأعمالنا بكل اهتمام، وليس أمامنا، وليس أمامنا بديل سوى قبول التحدي، وإثبات أن أبناء هذه الأرض المناضلة قادرون على العطاء المستمر من أجل إيجاد عالم أفضل لشعوبنا الأفريقية، ومن ثم، فإن العمل الأفريقي المشترك لم يعد اختيارا أمامنا، وإنما أصبح أمرًا حتميًا في ظل ظرف دولي مليء بالتحديات والصعوبات التي لن تستطيع الدول مواجهاتها فرادى.

 ومن هنا تبرز أهمية ترجمة أقوالنا، أقوالنا وقراراتنا، إلى خطوات عملية محددة، بحيث يتأكد للعالم، بحيث يتأكد للعالم الخارجي أننا نعني ما نقول، وأن التضامن الأفريقي كيان فاعل، يستطيع أن يحرك المواقف ويفرض نفسه على الأحداث، وليس مجرد شعار نظري.

لقد امتلك أسلافنا حكمة الوحدة، ومنهم نستمد الشجاعة، تلك الشجاعة التي قال عنها الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، والذي سميت هذه القاعة تيمنا به، إنها ليست غياب الخوف، وإنما القدرة على التعلب عليه، ومن واجبنا، ومن واجبنا أن نجدد العهد على أن نكمل تلك المسيرة بعزم لا يلين وإلهامٍ لا ينضب في الاستناد طواعية وتحمسًا على صخرة التضامن الأفريقي، التي طالما عززت إيمان شعوب القارة، بأن ترابطها هو السبيل الوحيد لصون حقوقها ومصالحها.

تحيا أفريقيا وتحيا شعوبها العظيمة، شكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


القيت الكلمة في مدينة أديس أبابا، بمناسبة تولي الرئيس السيسي لرئاسة الإتحاد الأفريقي، في دورته ال 32، وذلك بحضور بول كاجامي رئيس راوندا والرئيس السابق للاتحاد، ومحمود عباس رئيس دولة فلسطين، وعدد من ملوك ورؤساء الدول والحكومات الأفريقية.


خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط