الحدود المصرية الإسرائيليّة، الصورة: فليكر

العملية سيناء 2018| ما لم تذكره بيانات المتحدث العسكري

منشور الاثنين 11 فبراير 2019

في الوقت الذي نشر فيه المتحدث العسكري البيانات المتعلقة بتفاصيل العملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018" على مدار ما يقرب من سنة، والتي توضح ضربات الجيش ضد التنظيمات الإسلامية المسلحة في سيناء، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية، كانت وسائل الإعلام الأجنبية منها والعربية تنشر أخبارًا ومعلومات أخرى، ذكرتها البيانات العسكرية دون تفصيل، أو نفت وقوعها من الإساس، وإن ظهرت في بعض الأحيان مصادر حكومية لتؤكدها. 

بيان الكتيبة101 دون تفاصيل

واحد من هذه الحوادث كان هجوم تنظيم ولاية سيناء على مقر الكتيبة 101 فجر الخميس الموافق 22 فبراير/ شباط 2018، والذي أشار إليه المتحدث العسكري في البيان رقم 12 الصادر في 27 فبراير/شباط 2018، إذ تحدث عن"إحباط محاولة انتحارية للعناصر الإرهابية لاستهداف عناصر القوات المسلّحة وتم القضاء على عدد (4) فرد تكفيري مسلّح شديدي الخطورة يرتدون أحزمة ناسفة وزيًا عسكريًا مشابهًا لعناصر القوات المسلّحة".

لم يفرد البيان تفاصيل أكثر لموقع الاشتباك ووقائعه أو الخسائر التي تسبب فيها، ليبقى هذا الهجوم غير معروف التفاصيل.  لكن الأمر لم يخل من محاولات صحفية في حوادث أخرى لاستكمال الصورة.

معسكر القسيمة

لم تذكر لفظة إحباط مرتبطة بعملية لتنظيمات المسلّحة في البيانات الإحدى والثلاثين سوى مرة واحدة في البيان رقم 12، حينما نشر المتحدث العسكري خبرًا عن إحباط "عملية إرهابية بوسط سيناء"، رغم تسببها في مقتل 8 أفراد من القوات المسلحة.

 

https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FEgyArmySpox%2Fposts%2F1274478346016478&width=500

لم يذكر البيان رقم 19، اللاحق للخبر المنشور على صفحة المتحدّث العسكري، عدد العناصر المسلّحة المقتولة أو عدد الجنود والضباط المصابين والمقتولين، إلا أن موقع مدى مصر في اليوم اللاحق للهجوم، أي في 15 إبريل/نيسان 2018؛ رصد  من خلال متابعة أخبار الجنازات في صحف ومواقع مثل اليوم السابع والوطن والبوابة نيوز تشييع 18 جنازة لمجندين وضباط الجيش من ضحايا الهجوم، وهو عدد أكبر من الذي ذكره بيان الجيش.

استهداف الحسيني

هناك أيضًا المحاولة الثانية لاغتيال مدير الأمن المركزي بمحافظة شمال سيناء اللواء ناصر الحسيني التي حدثت في مايو/آيار 2018، في الشهر الخامس للعملية الشاملة، ولم  تشر إليها البيانات العسكرية الصادرة عن المتحدّث العسكري بخصوص العملية الشاملة، ولا حتى في خبر منفصل.

ذكر الخبر أن الحسيني استهدف بعبوّة ناسفة انفجرت في المركبة الشرطية التي كان يستقلّها، ما أسفر عن مقتل ضابط برتبة نقيب وذلك أثناء سير المركبة، والذي كان برفقة الحسيني أثناء توزيعهما وجبات السحور على أفراد القوات بالعريش على الطريق الدائري جنوب المدينة، وهو الخبر الذي نشره موقع سكاي نيوز عربية الإماراتي، وتعتبر هذه المحاولة الثانية لاستهداف الحسيني بعبوة ناسفة بعد محاولة أولى في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 على الطريق الساحلي بمدينة العريش، إلا أن الانفجار وقع بعد مرور المدررّعة التي تقل الحسيني دون أضرار.

نقطة أمنية في العريش

وفي 26 أغسطس/ آب 2018، أي الشهر السابع للعملية، نشرت رويترز خبرًا عن هجوم على نقطة أمنية للشرطة في محافظة شمال سيناء أسفر عن مقتل وإصابة 15جنديًا في هجوم وصفته الوكالة "بالانغماسي"، وفي المقابل نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط خبرًا في اليوم السابق، السبت 25 أغسطس/ آب 2018 يفيد بإحباط الشرطة المصرية هجومًا على نقطة تفتيش أمنية أسفرت عن مقتل أربعة من المسلحين وفرار الآخرين.

خبر وكالة الأنباء الرسمية لم يورد أية خسائر من ناحية الشرطة، وهي أخبار لم يذكرها البيان رقم 27، وهو البيان اللاحق لتاريخ هذه العملية، لكنه ذكر مقتل 13 عنصرًا مسلّحًا "خلال تبادل إطلاق النار مع القوات أثناء عمليات التمشيط والمداهمة بوسط وشمال سيناء" دون تحديد ظروف الاشتباكات أو مواقع المواجهة معهم.

زيادة في الأجانب

وفي يناير/ كانون الثاني 2019 نشرت رويترز خبرًا عن أسر تنظيم ولاية سيناء مسيحيًا يعمل خبيرًا للبحث الجنائي كان مشاركًا في حملة حكومية ضد المتشدّدين على حد ما ذكرته المجلّة، لكنها لم تسهب في ذكر التفاصيل، لكن مصدران أمنيان أكّدا لرويترز الواقعة، وذكرا أن ثلاثة من أفراد الأمن قتلوا وإن لم يذكر الخبر أية تفاصيل أخرى.

مصريون وأجانب

معلومات أخرى لم ترد في البيانات الرسمية، مثل وجود أجانب في تنظيم ولا ية سيناء، وإن رصدتها الأخبار من المصادر المتنوعة التي تكشف وجود نسبة من غير المصريين المنتمين للتنظيم.

الخبير في ملف الإسلام السياسي والتطرف العنيف بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام أحمد كامل البحيري، في حديثه مع المنصّة يقول إن تواجد أفراد فلسطينيين وأجانب زاد خلال الفترة الأخيرة "قائد التنظيم نفسه، أبو هاجر الهاشمي، كنيته تدل على أنه من الأردن أو العراق، وفي الغالب هو من العراق"، يضيف"و80% من الأجانب المنضمّين للتنظيم هم فلسيطينيّو الجنسية".

الزيادة في أعداد أبناء التنظيم من غير السيناوية كانت سببًا رئيسيًا في تنفيذ التنظيم لحادث مسجد الروضة الذي أسقط أكثر من 300 قتيلًا من المدنيين الذين ارتادوا المسجد لآداء صلاة الجمعة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017. يعتقد البحيري أن "أبناء التنظيم من غير السيناوية هم من اتّخذوا قرار تنفيذ العملية، ذلك أن القرار لم يأخذ في الحسبان البيئة السيناويّة"، كما أنه يرجّح أن العملية كانت سببًا في عمليات الانشقاق في بنية التنظيم وخروج بعض الأسماء منه أيضًا.

عملية الروضة كما قال البحيري للمنصّة كانت سببًا في تعاطف الأهالي وزيادة تعاونهم مع القوات الأمن في الإرشاد عن العناصر المسلّحة، ذلك أن التعاون المحلّي هو واحد من أسباب نجاح الجيوش في مكافحة الأرهاب، كما نفصّل في قصّتنا عن الظروف المحيطة بالعملية الشاملة سيناء 2018 وما قبلها في هذا الملف.

معاناة المدنيين

وعلى جانب المدنيين؛ اتخذت القوات المسلّحة ووحدات الحكم المحلي في سيناء عددًا من الإجراءات بهدف حصار المسلّحين في المنطقة، إلا أنها بشكل ما قد أثّرت على المدنيين.

بحسب تقرير بي بي سي عن بداية العملية الشاملة سيناء أن محافظ شمال سيناء أجّل الدراسة بجميع مراحلها لأجل غير مسمّى، بينما رفعت المستشفيات الحكومية في محافظات جنوب سيناء والإسماعيلية وشمال سيناء حالة التأهب قبل يومين من بدء العملية بموجب نشرة استثنائية تلقّتها من وزارة الصحّة تطلب إخلاء 30% من طاقة المستشفيات ووضع غرف العمليات الرئيسية في حالة التأهب القصوى.

تشير البيانات الرسمية الصادرة عن الجيش إلى أن أهالي سيناء من المدنيين يتفهّمون الإجراءات المصاحبة للحصار المفروض من قبل القوّات المصرية حول المناطق التي يقطنونها، لكن تقريرًا لمنظّمة هيومان رايتس ووتش ذكر أن القيود المفروضة من الجيش المصري على الوقود والغذاء جعلت الأهالي الذين يصل عددهم إلى 420 ألف "في حاجة ماسّة إلى المساعدات الإنسانية" في أربع مدن.

ويذكر التقرير، الذي اعتمد على مقابلت أجراها السكّان المحلييّن، على لسان مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سارة ليا ويتسن أن أية أعمال لمكافحة الإرهاب تعرقل وصول السلع الأساسية لآلاف المدنيين تعد "غير قانونية ومن المستبعد أن تنهي أعمال العنف"، وقالت إن ما يفعله الجيش في سيناء يعد "عقابًا جماعيًا".

.. في مقابل النفي الرسمي

نفى المتحدث العسكري، العقيد تامر الرفاعي، المعلومات التي أوردها التقرير بقوله أنه اعتمد على مصادر "غير موثقة في سرده للتفاصيل عن العمليات في سيناء"، إلا أن المنصة، وخلال عام 2018، وثّقت في عدّة قصص صحفيّة من سيناء صعوبات واجهها السيناويون في المحافظة الشمالية في الأكل، والانتقال من شمال سيناء إلى القاهرة والعكس، والأنشطة الاقتصادية كزراعة الزيتون، إضافة إلى توثيق إجبار الجوع العطش الذي عاناه أهالي مدينة رفح إلى النزوح منها.


أقرأ أيضًا: وداعًا رفح.. أبناء المدينة البائدة يصارعون الشتات والعطش


يضاف إلى ذلك كله التوسّع في هدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية في المدن الحدودية منذ بداية العملية الشاملة، بحسب تقرير لهيومن رايتس ووتش نشر في مايو/ آيار 2018، ذكر فيه "هي الحملة الأكبر من نوعها منذ بدأ الجيش رسميا أعمال الإخلاء في 2014"، وهو ما نفاه المتحدث العسكري اعتبر أن المنطقة اعتمدت في تقريرها على "مصادر غير موثّقة".


لقراءة الملف كاملًا: عام على العملية سيناء 2018.. ماذا حدث ومَن انتصر؟