من شركة فوكورد الروسية المختصة في التكنولوجيا وأجهزة التعرف على الوجوه

هدايا المستهلكين: تحدي العشر سنوات أو منجم الذهب الذي يسعى الجميع لاستغلاله

منشور الخميس 17 يناير 2019

هل صادفت صورة حديثة لأحد أصدقائك بجانب صورة قديمة يعود تاريخها إلى ما يقارب العشر سنوات عند تصفحك مواقع التواصل الاجتماعي سواء فيسبوك أو تويتر أو إنستجرام؟ إذا حدث ذلك فهذا "تحدي العشر سنوات" أو "10YearsChallenge" وهو الترند العالمي الذي يجتاح منصات التواصل الاجتماعي منذ أيام. جاء هذا التحدي بقوة قادمًا من إنستجرام، إذ حقق أكثر من مليون صورة على موقع إنستجرام، لكنه ينشط على تويتر وفيسبوك تلك الأيام. التحدي المنتشر كالنار في الهشيم على السوشيال ميديا ليس وليد اللحظة بل ظهر على فترات متفاوتة خلال الثلاثة أعوام الماضية في فيسبوك ولكن بشكل محدود.  فبينما كان مئات الآلاف يتشاركون صورًا شخصية لهم منذ عشر سنوات بجانب صورة حديثة لهم، كانت كيت أونيل الكاتبة المختصة في مجال "أنسنة التكنولوجيا"  تنشر تغريدة تتحدث فيها عن لعبة "تحدي العشر سنوات"  قائلة "منذ 10 سنوات ربما كنت سأشارك في اللعبة، لكن الآن فأنا أفكر في كيفية استخلاص كل هذه البيانات لتدريب خوارزميات التعرف على الوجوه والتقدم في العمر".   

تغريدة أونيل أثارت انتباه العديد من المتابعين وطرحت مجموعة من الأسئلة حول استخدام هذه البيانات التي يقدمها المستهلكون مجانًا لشركة فيسبوك ومطوري البرامج وشركات الإعلانات والبائعين، في وقت لا تزال فيه فضيحة استخدام بيانات المستخدمين تلقي بظلالها.. وليست فضيحة "كامبريدج أنلاتيكا وفيسبوك" ببعيد.

ولكن كيف يمكن استخدام تلك البيانات؟ 

التخوف يأتي من إمكانية تدريب خوارزميات التعرف على الوجوه وتطويرها بدرجة أكبر. 

يمكن شرح ذلك بشكل مبسط: بإمكاننا التعرف على الوجوه بتلقائية ودون أي جهد يُذكر، تلك العملية تعتبر مهمة بسيطة للدماغ البشري، ولكن عند محاكاة هذا الأمر البسيط مع أجهزة الكمبيوتر يصبح الأمر في غاية التعقيد. وهو الأمر الذي يحتاج تغذية خوارزميات بملايين البيانات حتى تصل إلى أعلى درجة من الكفاءة والدقة في تحديد النتائج النهائية، وتقديم هذه النتائج للشركات التي تبيع منتجات بدورها محققة ملايين الدولارات، أو تقديمها للحكومات لفرض مزيد من السيطرة على البشر.

هذا التخوف تطرحه كيت أونيل في مقالها المثير على موقع وايرد عن إمكانية استخدام ملايين الصور والمعلومات المرفقة في "تحدي العشر سنوات" لتدريب الخوارزميات على التعرف على الوجوه.  في السنوات الماضية تسارع اللجوء إلى التكنولوجيا المعتمدة على الخوارزميات الحسابية ابتداءً بـ "أجهزة وأنظمة مراقبة الحدود"، مرورًا بالأجهزة التي تبيعها عدد من الشركات العالمية مثل أمازون وآزوري لجهات إنفاذ القانون.

وجوه اللاجئين

أغلب تلك الأنظمة تم اختبارها خلال أزمات نزوح السوريين إلى أوروبا، أو على الحدود المكسيكية- الأمريكية لتصبح هذه التقنيات هي التي "المدير الفعلي" لعمليات النزوح والهجرة الجماعية لملايين البشر.

المثال السابق رصدته الصحفية بيثان ستاتون في مخيم الأزرق للاجئين في الأردن، بعد استخدام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أجهزة تعتمد على تكنولوجيا "IRIS scans" أو الماسح الضوئي للأعين للتعرف على الأشخاص. 

الهدف المعلن، والطيب، من الوكالة: تمكين اللاجئين من الحصول على احتياجاتهم الأساسية من الغذاء. لكن ما أثار موجة انتقادات ضد المنظمة هو إمكانية استغلال هذه البيانات الضخمة من قِبَل الحكومات بغرض تقييد حركتهم.

    

 

ما خطورة تحدي العشر سنوات؟

بالعودة إلى ما طرحته الكاتبة كيت أونيل في سلسلة تغريداتها قبل جمعها في مقال وايرد؛ تظهر مجموعة من المخاوف المشروعة: دعنا نفترض أن شركة ما أو علماء تحليل البيانات يبحثون عن تغذية خوارزمية التعرف على الوجوه خلال فترات زمنية متباعدة، فما يقدمه هنا "تحدي العشر سنوات" المنتشر على السوشيال ميديا هو عبارة عن منجم ذهب من بيانات المستخدمين الضخمة لا يعرف أحد على وجه الدقة كيف سيتم استغلالها فيما بعد. بفضل هذا "الميم" أو التحدي ، هناك الآن مجموعة كبيرة من الصور المنسقة بعناية للأشخاص منذ 10 سنوات.  ولكن هل تدريب خوارزميات التعرف على الوجوه أمر سيئ على إطلاقه؟ الإجابة: لا.

الوجه الطيب للتقنية

هناك استخدامات عدة مفيدة لتدريب الخوارزميات على هذا النوع من المعلومات، فمثلًا يمكن الاستفادة منها في العثور على الأطفال المفقودين منذ سنوات. وهو ما ذكرته أونيل في سلسلة تغريداتها عن إمكانية أن تساعد تقنية التعرف على الوجوه ورصد التقدم في العمر للعثور على الأطفال المفقودين.

وأقرب مثال  على ذلك هو ما ذكرته الكاتبة عما حدث في الهند قبل عام، عندما تعقبت الشرطة في نيودلهي ما يقرب من 3 آلاف طفل مفقود في غضون أربعة أيام فقط باستخدام تقنية التعرف على الوجوه.

تقول الكاتبة "إذا كان الأطفال قد فقدوا منذ فترة؛ فمن المحتمل أنهم سيبدون مختلفين عن آخر صورة معروفة لهم، لذا يمكن أن تكون خوارزمية تقدم العمر الموثوقة مفيدة حقًا في هذه الحالة". 

وفي دراسة عن كيفية الاستفادة من خوارزمية التعرف على الوجوه؛ عكف باحثون على صناعة "بوت" عبر تطبيق فيسبوك ماسنجر للتعرف على الوجوه من أجل مساعدة الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر وذلك بحسب دراسة أجريت في يناير من العام الماضي بمركز فيسبوك للأبحاث.

صمم الباحثون في هذه الدراسة  نموذج لفيسبوك ماسنجر بوت يمكنه التعرف على الأصدقاء من الأشخاص الذين يعانون من إعاقات بصرية، وذلك عن طريق الاستفادة من خوارزميات التعرف على الوجوه عالية الدقة في فيسبوك. وهو ما يمكن اعتباره مثالًا جيدًا للترويج لهذا النوع من استخدام بيانات المستخدمين.

.. وماذا عن الوجه الشرير؟

لفتت أونيل في سلسلة تغريداتها كذلك إلى مثال سيئ لاستخدام هذه التقنية استنادًا إلى مقتطف من كتابها "أنسنة التكنولوجيا: كيف يمكن جعل التكنولوجيا أفضل" وذلك بعد أن طرحت شركة أمازون أجهزة التعرف على الوجوه للبيع في أواخر عام 2016، عقب استخدامها من قبل قوات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة في ولايات أورلاندو، وواشنطون، وأوريجون. وهو الأمر الذي أثار مخاوف  كبيرة آنذاك تتعلق بالخصوصية، إذ يمكن للشركة استخدام هذه التكنولوجيا ليس فقط في تعقب الأشخاص المشتبه في ارتكابهم للجرائم فحسب؛ ولكن يمكن استخدامها على أشخاص مسالمين كالمتظاهرين.

وقتها طلب اتحاد الحريات المدنية في أمريكا من شركة أمازون التوقف عن بيع تلك الأجهزة، وهو ما طلبه أيضًا مجموعة من المساهمين في الشركة بجانب عدد من العاملين.

 

أنا وأنت: ملايين من الدولارات  

في مركز أبحاث فيسبوك تستمر الدراسات البحثية والتجارب المعتمدة بشكل أكبر  على الخوارزميات الحسابية ضمن السياسة التي يتبعها مارك زوكربيرج بالاعتماد على التعلم الآلي في كافة منتجات الشركة الأشهر عالميًا، استنادًا على الكم الهائل من البيانات والتي يقوم ملايين المستخدمين حول العالم بالتبرع بها مجانًا عند رفع صورة شخصية أو فيديو، وهو الأمر الذي يجعل من فيسبوك أكبر مالك لبيانات البشر على وجه الأرض.

التقنيات الذي كشفتها هذه الدراسة من تدريب الخوارزميات وتطويرها بحيث تصبح أكثر دقة في التعرف على الوجوه؛ يطرح سؤالًا عن إمكانية استخدام تلك البيانات في الجانب المظلم من فيسبوك والذي يدر الأرباح: الإعلانات.

يستهدف المعلنون شرائح عمرية واجتماعية بعينها بعد تحليل ملايين البيانات من قِبَل فيسبوك. ليس بالمثال الصادم الذي كشفه تشارليز دهيج، الصحفي في نيويورك تايمز في مقال عام 2012 عن "كيف يمكن أن تتنبأ الشركات بحمل ابنتك قبل أن تعرف".

والمبرمجون يبحثون عن الذهب أيضًا

مجموعة من مطوري تطبيقات فيسبوك يتساءلون عن كيفية استخلاص الداتا المتداولة عبر هاشتاج

تزامنًا مع لفت الأنظار إلى إمكانية استخدام البيانات المتناثرة لملايين الصور عبر هاشتاج تحدي العشر سنوات؛ بدأ مطورو تطبيقات فيسبوك في البحث عن حلول أخرى لاستخلاص هذا الكم من البيانات المتداولة عبر الهاشتاج. يحاول هؤلاء إيجاد حلول في الجروبات المغلقة عليهم بعد حجب فيسبوك المجال أمامهم للحصول على بيانات تفصيلية للمستخدمين بعد فضيحة "كامبريدج أناليتيكا". فتح هذا التحدي الباب لملايين "الجوعى إلى البيانات" لتحويلها إلى أموال.